Uncategorized

رواية حارة جهنم الفصل الخامس 5 بقلم داليا الكومي – تحميل الرواية pdf


رواية حارة جهنم الفصل الخامس 5 بقلم داليا الكومي

الفصل الخامس____________________الغزو

” غزو ” .. الغزو هو تلخيصُ لوجودِ كريم في حياتها .. منذ لحظة لقائهما تسلل إلى أعماقِ قلبها .. نفذ إلى تحت جلدها ..
منذ أن ذهبت لمعاينة منزلهم .. وهو دخل بقوةٍ إلى حياتها .. شخصًا في مثل قوته لا يحتاج إلى الاستئذان .. فقط يأمر ..احتل أفكارها .. واحتل قلبها ولكن خوفها الدفين منعها من الاستسلام لمشاعرها .. كانت تستطيع إرسال مساعدها إلى منزلهم لكنها أرادت الذهاب بنفسها قوةٌ خفيةٌ سيطرت عليها وتركتها مسلوبة الإرادة ..
حالها كان كحالِ أشقائها، جميعهم أصبحوا يكرهون الزواج .. يخافون من الارتباط .. يخافون من الأسر .. يهابون الاستسلام لشخصٍ لدرجةٍ يُسيطر فيها على عقولهم .. عهدٌ غيرُ مكتوب تعاهدوا عليه .. لا للحب .. لا للزواج. اكتفوا بحبهم لبعضهم البعض .. حتى سعد أكبرهم .. عمرهُ تجاوز الثلاثين بسنواتٍ قليلة ومازال يتجنبُ الارتباط كتجنبه الطاعون .. فندوبُ الزواج مازلت موجودةً على أرواحهم ..
ولكن على الرغم من كل ذلك نجح كريم في التسلل إلى داخلها .. اخترق دروعها الواحد تلو الآخر .. وعلمت أنها ليس لديها أي اختيار ..
عادت بذاكراتها للوراء تذكرت يوم معاينتها لمنزلهم ..
“فيلا” بسيطة جدًّا في حيٍّ راقٍ، لم تصل حتى لربع حجم فيلا السناري ولا فخامتها، لكنها كانت راقية، وكانت ثاني صدماتها اسم الفيلا المكتوب على لوحة معدنية برَّاقة في الخارج .. (فيلا اللواء علم الدين) ..” آه يا ليلى ألا يكفي ضابطٌ واحد لتتعاملي معه؟ “
أما سعاد والدة كريم .. فهي سيدةٌ من سيداتِ الطبقةِ الراقية .. أرستقراطية بالولادة .. متعاليةٌ جدًّا، ولولا اسم ليلى السناري ما كانت لتتنازل وتقابلها .. ولكنها الآن ليلى السناري، شقيقةُ المليونير الشهير سعد السناري وصاحبةُ ماركة ليلى للأثاث ..
رحبت بها سعاد بحفاوةٍ بالغةٍ تليقُ باسمها الرنان ..
– أهلًا آنسة ليلى .. ذوقك الرائع سيجعلني أُسلمكِ المكان بدونِ أي تدخل مني .. أنا أعشقُ ألوان الأخضر والذهبي .. كما ترين .. أنا فقط جددت الديكور بالكامل منذ فترة قريبة لكن اسمك لم يكن موجودًا على التصميم .. لذلك قررتُ إعادة تجديده مع مكتبك ..
تلفتت حولها باهتمامٍ بالغ .. الاستقبال مساحته كبيرةٌ نسبيًّا .. يتسع لثلاثة مجالسٍ و”سفرة” وينتهي بـ “تراس” يُطل على الحديقةِ الصغيرة .. وفعلًا كان مصممًا بذوقٍ عالٍ بألوانِ الأخضر والذهبي كما قالت سعاد.
بعد عدة دقائق من التفكير قالت ببساطة:
– أظنُ أن ألوان “البيج” مع “التركواز” ستكون جيدة، وسيكونُ اختلافًا واضحًا عن الألوانِ الموجودةِ حاليًّا، بالإضافةِ إلى لمسةٍ من الفضي والأسود ستظهر الألوان .. أما هذا الجدار فسأزيلهُ بالكامل وأستبدلهُ بزجاجٍ من الأرض، وحتى السقف .. يكشفُ الحديقة ويُدخلُ ضوء النهار من خلاله و ..
استمعت سعاد بانبهارٍ تام لأفكارِها التي كانت تتدفق بسلاسةٍ تدلُّ على حرفيتها العالية، لكنها في النهايةِ سألتها بقلقٍ بالغ:
– والتكاليف؟
أجابتها بتردد فهي فهمت سبب قلقها:
– سأعد “جرافيك” بالشكلِ النهائي ولو أعجبكِ سأبلغكِ بتكلفته بعدما أحسبها تقريبيًّا.
فعليًّا جميع زبائنها كانوا ينتمون إلى طبقةِ رجالِ الأعمال أصحابِ الملايين وأغلبيتهم من الذين يتعاملون مع سعد ولديهم اعتماد مفتوح للتصميم ..
في الواقع استخدمت أثاث “ليلى” في جميع أعمالها .. وفي أعمالِ التشطيبات والبناء كانت تستعينُ بسالم الذي وفرَّ لها أفضل العمال وأمهرهُم على الإطلاق.
شركةٌ متكاملة .. تسليمٌ للعميل على المفتاحِ كما يقولون ..
أما بالنسبةِ لسعاد .. فالوضع مختلف .. أخبرها كريم أنها اضطرت لبيع قطعةِ أرضٍ كانت تملكها كي تتمكن من إعادة تصميم الاستقبال بتوقيعِ “ليلى” .. لكن في النهاية ميزانيتهم محدودة.
سعاد الارستقراطية المتكبرة .. تعيشُ على ذكرياتِ زمنِ سيادتهم للناس مازالت تعتبرُ نفسها في درجةٍ أعلى من البشرِ العاديين .. حفيدة “الباشاوات” الذين فقدوا أموالهم في التأميم .. وحاليًّا زوجةٌ للواء شرطة كبير… سعاد بدأت تخبر ليلى عن قصور أجدادها وحالهم في الماضي، والآن تريد استخدام اسم ليلى على أمل أن تتمكن من تدبير مبلغ الديكور، وفي النهايةِ تحظى بتوقيع ليلى السناري على ديكور منزلها ..
أنهت مقابلتها مع سعاد وخرجت في اتجاه سيارتها الـ “BMW” الكحلية الفخمة المنتظرة لأوامرها .. ضحكت بمرارة .. هل كانت سعاد ستتنازل وتكلمها فقط ناهيك عن مقابلتها بتلك الحفاوة إذا ما ظلت ليلى فرج البسيطة بنت حارة جهنم وأخت سالم وحسن أصحاب الحرف ورائحة العرق؟!
في طريق خروجها استوقفتها ريم أختُ كريم الصغرى، بنظرةٍ واحدةٍ إليها علمت أنها فتاةٌ رقيقةٌ جدًّا كأنها مصنوعةٌ من الزجاج ..
قصيرةُ القامة مقارنةً بها، وأيضًا نحيفةٌ نسبيًّا، لكنها كانت جذابةً بدرجةٍ كبيرة، وبريئةً جدًّا .. شعرُها البني الناعم يصل لكتفيها مع تموجاتٍ بسيطة، بشرتها صافية، وعيونها عسليةٌ واسعة كانت أشبه بالدمية وكانها ليست حقيقية حتى نبرة صوتها كانت رقيقةً مثلها ..
– مرحبًا .. أنتِ ليلى أليس كذلك؟ كريم حدثني عنكِ .. وبصراحة كنتُ أتعجبُ من اهتمامه بكِ .. لأولِ مرةٍ أراهُ مهتمًا بأنثى .. كريم متزنٌ جدًّا .. لكنّي أعطيتهُ العذرَ عندما رأيتكِ .. لم أكن أتوقع أنكِ جميلةٌ هكذا ..
أجابتها بخجلٍ حقيقي:
– أشكركِ .. أنتِ أجملُ مني بكثير.
نفت ريم بقوة:
– كيف ذلك فأنا صغيرةٌ كدمية، أما أنتِ مميزة “مانيكان” يحملُ وجه ملاك..
ابتسمت لريم بخجلٍ مجددًا:
– ليس إلى هذه الدرجة .. ستجعليننى أشعرُ بالغرور..
أجابها صوتٌ رجولي من خلفها .. الصوتُ كان قريبًا جدًّا من أذنها وشعرت بنفَسٍ على رقبتها من الخلف:
– بصراحةٍ أنتِ تستحقين الغرور.
ليلى استدارات بصدمة .. وجدت كريم يقفُ خلفها تمامًا، ويكادُ يلتصقُ بها لدرجةِ أنها حينما استدارات فجأةً وجدت نفسها وكأنها بين أحضانهِ وأنفها امتلأ برائحتهِ الرجولية الطاغية .. وامتدت يداهُ لإمساكها حينما اختل توازنها من الصدمة .. انتزعت نفسها من بين يديه بغضبٍ وتجاهلت وجودهُ تمامًا وأكملت حديثها مع ريم:
– تشرفتُ بالحديثِ معكِ يا ريم .. بعد إذنكِ ..
وبكل تصميم اتجهت لسيارتها .. وهرع هو وراءها محاولًا إيقافها ..
– ليلى .. أنا لم أقصد مُضايقتك، أنا فقط كنتُ أسندكِ لأنكِ كنتِ على وشك السقوطِ أرضًا .. أكمل بنبرةٍ جادة:
– أنا لستُ متحرشًا تافهًا يا ليلى، وعندما أقررُ شيئًا أسعى إليهِ مُباشرةً، ولقد قررت .. هل ترغبين في معرفة قراري؟
غضبُها وصل لذروته .. غضبُها الأكبر كان من مشاعرها تجاهه اللحظةُ القصيرةُ التي قضتها بقربهِ أشعلت النيران في جسدها .. كأنها صُعقت بالكهرباء .. ما حدث احتلالٌ كاملٌ لكل ذراتِ جسدها
قلبها الضعيف سوف يخذلها..
“عودى للواقعِ يا ليلى .. لا تغتري بأموالِ سعد .. المهم الأصل .. أين أنتِ من كريم .. مهما ارتفعتِ ستظلين ابنة فرج السجين .. أصلٌ مُنحَطٌّ .. وأبٌ سِكّيرٌ قتل زوجته ..”.
لا بدَّ لها من صدِّه فقلبها المسكين لم يعُد يتحملُ المزيد من الألم، حاولت السيطرة على مشاعرها وقالت بلهجةٍ رسمية:
– أرجوكَ يا سيادة الرائد التزِم بحدودِ التعامل الرسمى بيننا.
عاد فورًا لمرحه .. ورد بتحيه رسمية:
– أوامرك يا فندم.
لديه قدرةٌ عجيبةٌ على إضحاكها حتى وهي غاضبة .. يواصل تسلله لأعماقِ روحها .. مجرد رؤيته تسبب لها الفرحة .. ولكن .. استلزمها مجهودٌ كبير للتمكن من التظاهر بالجدية:
– أنا لا أمزحُ الآن .. أنا لا أمزجُ العمل بالأمور الشخصية.
أطال النظر لعينيها:
– إذن فلندعها خارج العمل.
وجهها اشتعل بحمرة الخجل .. لأول مرةٍ في حياتها تتعرض لمثل هذا الموقف، لم تكن لها أية علاقةٍ سابقةٍ بأي أحد .. حتى علاقات الصداقة العادية .. هي أبدًا لم تتعامل مع أي رجل بخلاف أشقائها ..
همست بضعف:
– أرجوك
ألحَّ بجراءة:
– أرجوكَ ماذا؟
ربما لو تعرضت لمثلِ هذا الموقف مع أي شخصٍ آخر لتصرف أفرادُ حراستها فورًا .. فتعليمات سعد واضحة .. حمايتها من أي غريب .. ولكن في فيلا اللواء علم الدين الوضعُ مختلف .. السلطةُ العليا لكريم.
أكمل بتردد:
– ليلى .. أنا ..
فكرت بنشوة طاغية تجعلها تطير فوق السحاب (كريم لم يكمل جملته .. ويناديها ليلى بدون أي ألقاب .. ليلى فقط).
الكلماتُ هربت منهما معًا .. والصمتُ كان سيد لحظتهما … تأثيرها العجيب عليه يفقده عقله ..فجأةً فتح لها باب سيارتها الفخمة، ودعاها للركوب..
وبدون تردد قبلت الدعوةَ فورًا وأغلقت باب السيارة خلفها تحت نظراته الحائرة .. يبدو أنه أيضًا لا يفهمُ ما يحدث فاكتفى بالحيرة..
.. . .. . ..
أغلقت حاسوبها المحمول بعنفٍ كاد يلقيهُ أرضًا.. لأولِ مرةٍ في حياتها تعجزُعن العمل .. مع كل محاولةٍ للعمل تحتل صورة كريم أفكارها .. حذرت نفسها مرارًا من عواقب تلك الأفكار لكنها لا تستطيعُ السيطرة على أفكارها الجامحة ..
سرها الدفين .. حبلُ المشنقةِ الملفوفُ حول رقبتها .. ويخنقها ببطء
فرج دائمًا مصدرُ الألم لديهم حتى بعد اختفائه من حياتهم مازالت لعنته تطاردهم .. تذكرت كلمات سعد لها منذ أيامٍ عندما سألتهُ عن سبب عدم زواجه حتى الآن .. حينها أجابها بمرارة:
– أشعرُ بالرعب من دمِ فرج الفاسد الذى يجري في عروقي .. ميراثه لي .. الابن الأكبر لا بدَّ وأن يحمل الجزء الأكبر.. أنا لا أريد أن أدمر فتاةً لا ذنب لها .. فما ذنبها كي تحمل وصمة اسمى وعنف جيناتى؟؟
الصدمةُ شلتها ونهرته بقوة:
– لا يا سعد أنت أطيب قلبٍ في الدنيا .. لا يمكن أن تكون مثله أبدًا الحمد لله لم يأخذ أيٌّ منَّا صفاته .. والدليل حبنا لبعضنا .. هو لم يكن يعرف معنى كلمة الحب .. هو لم يحبنا أو حتى يحب نفسه أما أنت فمحظوظةٌ تلك التي ستكون زوجتك .. ليتنى أجدُ زوجًا يُشبهك..

أرهقها التفكير .. فقررت قبول دعوةِ سعد للعشاءِ في الخارج .. منذ ساعاتٍ أخبرها سعد عن دعوتهما لحفلِ افتتاحٍ كبير لشركة مجوهراتٍ عالمية تفتتح فرعها الجديد في مصر .. الشركة عرضت الشراكة على سعد ليتوسعوا بأموالهِ ونفوذه وهو طلب وقتًا للتفكير ودراسةِ الأمر فهو لا يخوض أمرًا إلا بعد أن يتأكد من أنه سيكون مضمونًا .. بالتأكيد المجوهرات ستلمع اسمه ببريقها وتغطي على ماضيه .. كما اعتاد أن يفعل بأمواله يلمع نفسه ويلمع أشقاءه..
وعندما اختمر قرارها في رأسها .. رفعت هاتفها واتصلت به:
– سعد سأصحبك إلى الحفل.
الليلة على غيرِ العادة تأنقت في ثيابها .. اختارت فستانًا أسودَ ضيقًا بلون شعرها الحريري المُظلم .. بساطة الفستان كانت تحديًا صريحًا لمصممهِ المشهور، وجسدُها المُذهل أكمل التحدي بنجاح .. في لحظةِ تمرد قررت أن تترك شعرها الطويل حُرًّا طليقًا يتحركُ في تموجات عنيفة.عيناها اللوزيتان أظهرهما مكياج بألوانٍ ترابية مع لمحةٍ من البنفسجي .. طلت شفتيها بلونٍ طبيعي ناعم .. فستانها الضيق أظهر جسدها الطويل الرشيق وأكمامهُ القصيرة أظهرت بياض وصفاء بشرتها .. اختارت عطرًا هادئًا راقيًا من “غيرلان” وحملت حقيبة سهرتها الفضية المُماثلة لحذائها الفضى الرقيق ذو الكعب العالي، وتوجهت للصالون لمقابلة سعد.
وسعد أيضًا كان وسيمًا جدًّا في حلته السوداء المفصلة خصيصًا له .. شعيراتهُ البيضاء القليلة المنتشرة في شعرهِ الفاحم الناعم أعطتهُ المزيد من الهيبة والمكانة .. شعرُ لحيتهِ النامي قليلًا والمنمقُ بفنٍ أظهرَ ذقنهُ المُربع .. ببساطةٍ -أدهشتهم أنفسهم- تأقلموا مع وضعهم الجديد وكأنهم ولدوا من أبناء الطبقةِ الراقية وليسوا من أبناء حارة جهنم ..
لم يكونوا دخلاء على الوسط الراقي فأموال سعد أعطتهم هويةً جديدة، عندما ظهر المليونير سعد السناري من العدم خرست الألسنة واكتفى الجميعُ بمنافقته علّهم يستفيدون منه..
بقوةٍ -اكتسبها من أمواله- قادها سعد برفقٍ ودخلا إلى الحفل بخطوات ثابتة كرجل الأعمال سعد السناري وشقيقته الموهوبة ليلى السناري أشهر مصممة ديكور في مصر ..
الحفل المُقام في أفخر فنادق القاهرة والذى يُطل على النيل الساحرفاق كل توقعاتها .. شركةُ المجوهراتِ صرفت ببذخٍ على ذلك الحفلِ الضخم .. العارضات تحلينَ بالجواهرِ الباهظة فأضفن فخامةً لفخامةِ الحفل، وبالطبعِ أهم شخص في الحفل كان سعد السناري .. ضيف الشرف ومحط أنظار الجميع ليس فقط بسبب أمواله؛ ولكن أيضًا بسببِ وسامتهِ وغموضه ..
طاولتهم كانت تحظى باهتمام فائق .. سعد وليلى السناري علامة مميزة في عالم المال والأعمال .. وعلى الرغم من ذلك .. كانت تشعر دائمًا بحزنِ سعد الدفين .. مآسي الماضي مازلت تعذب روحه المسكينة .. ودموعهُ دائمًا معلقةٌ في مآقيه، حنانهُ يأبى أن يتركهُ بدونها، وقوتهُ لا تسمح لها بالنزول ..
الحفلُ كان وسيلةً للإلهاء لذلك شغلت نفسها بمراقبةِ المدعوّين .. أبناء المجتمع الراقي اللذين أصبحت تُحسب عليهم .. فجأةً تجمدت من الصدمة .. هناك على طاولةٍ مميزةٍ أخرى رأت كريم وريم علم الدين .. كريم كان يراقبها باهتمامٍ وغيرُ مدركٍ لأنظارِ العارضاتِ التي تأكلهُ بنهم. وسامته غير معقولة .. لا تتعجبُ من الحركاتِ المفضوحةِ التي يفعلنها أمامهُ لمجردِ جذب انتباهه .. سعد أيضًا كان وسيمًا، وبأمواله الطائلة كان أيضًا مصدر جذب للعارضات لكن نظرات الجدية والصرامة والهالة الرهيبة من الغموضِ التي يُحيطُ نفسه بها جعلت الجميع يهابه فحتى العارضات لم يجرؤن على استمالته .. للحظةٍ تلاقت أعينهما قبل أن تخفض عينيها بحياء
يا الله كريم هنا .. طلته في الحلة ساحرة .. تأخذ العقل ..
فكرت برعب ..
” أنا لا استطيعُ التحمل .. حضوري الحفل كان مجرد وسيلةٍ للهرب من تفكيري فيه فأجده هنا .. لا هذا ظلم”.
أفاقت من شرودها على صوت سعد:
– دعينا نشاهد المعروضات واختاري ما ترغبين.
بالطبع لم تكن تُريد أي قطعةِ مجوهراتٍ جديدة تُضافُ إلى رصيدها الضخم من جواهر لا تستعملها ..
لكنها وافقت على عرضِ سعد فربما تستطيعُ الهرب من كريم ..
لكن لسوءِ حظها أو ربما كان كريم متعمدًا اللحاق بها .. إلا أنها في النهايةِ وجدت كريم وريم عند العرض .. ريم كانت مذهلةً في فستانها الملائكي الأزرق رقيقةً مثل ملاكٍ صغير .. بادرتها ريم بابتسامةٍ عريضةٍ وترحاب حقيقي ..
– أهلًا ليلى.
يا ليتها تشعر بالصفاء مثل ريم.
– أهلًا ريم.
أمام ترحاب ريم ولطفها البالغ .. اضطرت ليلى لتحيتهما ولم تتمكن من الهرب .. ومدت يدًا مترددةً لكريم.. ألم تكن ترفض السلام باليد دائمًا؟ ارتعشت يدها بقوةٍ في حضن يده الذي طال أكثر من اللازم في المصافحة العادية:
– أهلًا سيادة الرائد .. أعرفكما بأخي .. سعد السناري أخي الكبير
“سعد” .. كريم وريم علم الدين .. عملائي الجدد.
بالطبع تجنبت ليلى ذكر مكانِ عملِ كريم .. ودعت الله أن تمر الليلةُ في سلامٍ وأن لا يذكر كريم مصلحة السجون في حديثه معهم فهي لا تُريد أن ترى انهيار سعد على الملأ ..
همَّت للمبادرة والكلام في محاولةٍ منها لتشتيت انتباه سعد بعيدًا عن كريم ولكنها لاحظت نظرات سعد لريم .. لأولِ مرةٍ في حياتها تشعر باهتمامِ سعد بأي فتاة .. من بعدِ عودتهِ لم يهتز مُطلقًا بالجميلات اللاتي كُنَّ يُلقين بأنفسهن عند قدميه .. لكن ريم الملائكية لها مفعول السحر .. لم تحتج ليلى إلى تشتيتِ انتباهه بعيدًا عن كريم فهو كان مشتتًا بالفعل .. سعد القوي تلعثم في الكلام لأولِ مرة في حياته:
– تشرفتُ بمعرفتكما..
آه من أبناء علم الدين .. أيُّ سحرٍ فعلوه لنا فها هو سعد العملاق .. أسدُها الجسور يشعر بالضآلةِ أمام ريم التي لا يتعدى حجمها نصف حجمه..
كريم وريم غزوا حياتيهما بقوة .. وللأسف ليلى وسعد سقطت دفاعاتهم وتركتهم بلا حمايةٍ في مواجهةِ أبناء علم الدين الفاتنين 





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى