رواية حارة جهنم الفصل التاسع 9 بقلم داليا الكومي – تحميل الرواية pdf

رواية حارة جهنم الفصل التاسع 9 بقلم داليا الكومي
الفصل التاسع________________________شهر عسل
انتهى الحفل أخيرًا، كريم كان الوحيد المتلهف لانتهاء الحفل، وكلما اقترب الحفل من نهايته كلما ازداد قلقها، إحساس فظيع بالخوف احتلها على الرغم من كل طمأنتها السابقة لنفسها، سؤال فرض نفسه، ماذا لو علم كريم الحقيقة؟؟
فجأه تخيلت صورته أمام زملائه وأصدقائه الآن إذا ما علموا أن والد زوجته هو أحد نزلائهم وبسبب قتله لزوجته، أي نسب مشرف حظي به، هل سيعلن أحدٌ ما الخبر على الملأ الآن، انتظرت برعب أن يتحقق أسوأ كوابيسها، ياللشيطان اللعين، شيطانها أراد التأكد من إفساد ليلتها تمامًا بأفكار لعينة كادت تودي بها إلى الجنون ..
أيضًا أشقاؤها كان لديهم القلق نفسه، لأول مرة في حياته يتساءل سعد عمَّا إذا كان قد اتخذ القرار الصحيح أم لا، حسن وسالم كانا متحفظين منذ البداية بسبب عدم مصارحة كريم بالحقيقة، فهما أرادا تجنيب ليلى الكثير من الألم، وكأنهما أكيدان من النهاية.
أما سعد بعد أن عرف الحب المؤلم، أدرك أن الألم سيكون حاضرًا في كلتا الحالتين، سعد راهن على حب كريم لليلى، و الآن يتمنى أن يكون أصاب في تقديره ..
دموعه انهمرت للمرة الثانية لكنه سيخفيها جيدًا، شعر وكأن أحدًا انتزع روحه مع مغادرة كريم وليلى للقاعة، وتساءل مجددًا:
– هل فعلتُ الصواب؟
ماذا يربط القلوب سويًّا؟؟ حزنه وألمه شعرت بهما في قلبها هي .. بكل رقة اقتربت منه في محاولة منها لتخفيف حزنه: – لا تخشَ على ليلى، إنها ستكون بخير لأن كريم يحبها، أتمنى أن أجد من يحبني مثل حب كريم لليلى.
ريم اختارت أسوأ لحظاته، الآن هو ضعيف جدًّا، لم يكن يتمنى أن ترى انهياره الكامل وليس فقط هذا بل كانت تتحدث عن الحب بيأس، ألا تعلم إنه على استعداد الآن لخطفها ويريها كيف يحبها بل وربما بطريقة أعنف من حب كريم لليلى، كلماتها قتلته كيف أنها تبحث عن من يحبها وهو يذوب عشقًا فيها.. لكن..!!
حاول التماسك أمامها، لا يمكن أن يسمح لها باختراق درعه الواقي وهو يعلم النتيجة الحتمية، لو كانت الأمور بيده لكان نفَّذ ما يتمناه وحبسها بين ذراعيه للأبد لكن ملاكًا مثلها يستحق أفضل ما في الحياة .. رائعة في ثوبها الذهبي تمنى لو ..
– أنا أكيد من ذلك.
رده المقتضب أغلق جميع أبواب الأمل في وجهها، قاومت دموع الألم ولكن على الرغم منها سالت دمعة حزينة، لماذا يعاملها بذلك الجفاء؟ هل كانت تتخيل غيرته قبل قليل عندما اختطف ذلك الذي اعتقد أنه سوف يلمسها؟ لا لم تكن تتخيل تلك النظرة النارية التي حدجه بها والتي أوقفته عند حده معلنًا تملكه لها وأنه يعبر خطًا أحمر ويعتدي على ملكيته الخاصة.
لماذا تبدَّل الآن وأصبح باردًا هكذا بعد أن أحرقتها غيرته منذ قليل؟ إن لم يكن لها في قلبه مشاعر خاصة، فعلى الأقل هما أصبحا أقارب واللياقة تفرض عليه أن يكون لطيفًا معها على الأقل..
دمعتها قتلته، القشة التي قصمت ظهر البعير، همس بصوت يكاد يكون مسموعًا:
– ريم .. ثم رغمًا عنه امتدت أصابعه لمسح دمعتها ولكنها توقفت في منتصف الطريق وعادت إلى جواره، أين هو من ريم المتعلمة بنت العائلة الراقية؟
الأفضل أن يدوس على قلبه، من أجلها، هو شعر بمشاعرها نحوه ولكنه اعتاد التضحية لأجل من يحب وهي تحتل قلبه بالكامل ..
بدون إضافة أي كلمة، غادر القاعة تاركًا إياها في بؤس وشقاء.
**********
“كبرياؤه لا يسمح بذلك” وأصرعلى حجز جناح شهر العسل من ماله الخاص، ورفض جميع محاولات سعد للدفع، أولى لياليهما كزوج وزوجته لا بدَّ وأن تكون مدفوعة بالكامل من ماله الخاص، كبرياؤه أبى أن يبدأ حياته الزوجية بمال زوجته، إن كان قد قبل أن يدفع سعد تكاليف الفرح وشهرالعسل فذلك لأن سعد أصر قائلًا:
“اعتبرها أموال جهازها الذي لم تجهزه، أنتم ستأجلون فرش شقتكم ولهذا ليلى لن تشارك الآن بنصيب في فرش شقتها مثلها مثل أي عروس تساعد عريسها، ليلى شقيقتي الوحيدة فلا تحرمني من تلك المتعة”.
هكذا قال سعد وهو اضطر للموافقة أما بعد أن أصبحت ليلى زوجته فلن يقبل من سعد أي تدخل في حياتهما هو أكثر من قادرعلى الوفاء بمتطلبات زوجته، المضحك أنه اكتشف أنها ليس لديها أي متطلبات، حتى أنها أصرت على عدم تجديد غرفته في الفيلا، كانت قنوعة لأقصى درجة، كان بالطبع يريد أن تكون ليلة زفافهما في منزلهما بمفردهما تمامًا لكن كيف كان سيصبر لشهور حتى تجهز شقتهما، وقضاء الليلة في الفندق كان يوفر لهما بعض الخصوصية بعيدًاعن عائلته لكنه مهما بلغ من تحضر إلا أنه رجل شرقي بامتياز وتفكيره ألهمه لحفظ الخصوصية الكاملة لحبيبته.
أغلق باب الجناح في هدوء، وليلى جلست بتردد على طرف السرير الضخم، كانت متوترة ومشدودة كأنها لوح من الخشب، وجالت عيناها في المكان بحذر لتستكشفه.
فعلًا جناح شهر العسل اسم على مسمى، الجناح مضاء بالشموع، بتلات الورود الحمراء متناثرة في كل مكان، فراش مريح ضخم يحتل معظم غرفة النوم وعليه شرشف أبيض نقش على وسادته التي على شكل قلب حرفي اللام والكاف، كريم دبَّر أمر الشرشف بالتأكيد، هو أخبرها أمس أنه أصر على استعمال شرشف خاص به بكل مستلزماته لكنها لم تفهم المغزى حينها، والآن بمجرد أن أغلق الباب خلفهما وهي انتظرته على الفراش الضخم بدأت الأفكار تغزو خيالها لدرجة جعلتها ترتعد من فكرة مشاركتها له في فراش واحد.
وحدهما الآن وثالثهما الحب، تمنت تلك اللحظة منذ أن وقعت في حبه لكنها حينما أتت أصبحت ترتعد مثل عصفور مسكين وقع في الأسر..
جسده ينطق باللهفة.. لهفة ورغبة يصلان إلى حد الألم .. بدأ فورًا في خلع سترته، فك ربطة عنقه، فتح بعضًا من أزرار قميصه الأمامية، وألقاهم بإهمال على مقعد قريب ثم اتجه لليلى المضطربة وجلس بجوارها على الفراش، كم هو ضخم وهو قريب منها إلى تلك الدرجة، لم تدرك كم هو ضخم من قبل فهو يبتلع كل فراغ الغرفة بجسده .. وكان يتصرف بحرية وعدم خجل أخجلها هى بشدة ..
ماذا ينوي أن يفعل ؟؟ قلبها بدأ في الخفقان بعنف، وخصوصًا عندما مد يده ولمس وجنتها بحنان وخفضت عينيها بحياء عندما شعرت بنظراته الملتهبة، ورأسها رُفعت مجددًا بلطف لتواجه عينيه، كفه أحاطت وجهها بحنان مطلق:
– ليلى، أنا أعشقك جميلتي الغجرية، لا تخافي مني أبدًا، دائمًا أرى الحزن في عينيكِ، لماذا حبيبتي؟ شاركيني همومك دعيني أكسر الحاجز الأخير بيننا لتذوبي في حضني، لتنتمي إلى ولتصبحي جزءًا فعليًّا منِّي.
اقترب أكثر، فعليًّا أصبحت بين أحضانه، دفنت رأسها في صدره القوي، ويده حررت شعرها من ربطته، شعرت بطرحتها تطير بعيدًا:
– منذ أول يوم لمحتك فيه وأنا أتمنى لمس شعرك، الغجرية الساحرة سرقت قلبي وتركتني مسحورًا، اممممم رائحته جميلة، ياسمين أليس كذلك؟
كلماته الرقيقة خدرتها وصوته الهامس أفقدها أي سيطرة على نفسها، انتشت كأنها تحت تأثير المخدرات .. شعرت بيده تفتح سحاب فستانها وتتلكع على جلدها.. ارتعشت بشدة من لمسته على ظهرها العاري وتمسكت بفستانها بشدة وسط ضحكات كريم:
– حبيبتي اهدئي، هل تشعرين بالخوف مني؟
هزت رأسها بالإيجاب ..
فتناول يدها بلطف ويقول بهمس:
– ليلى، المسيني ..
تحت ضغطه المُلح يدها المترددة ارتاحت على صدره العضلي، أصابعها دفنت في شعر صدره الكثيف، عضلاته كانت مرسومة بشكل يدرس كما يوجد في الكتب تمامًا، ورائحته تدغدغ أنفها وتذكرها بالليمون، عيناه كانت مليئة بالرغبة لكن الأهم كانت تفيض بالحنان.
استمر بالضغط عليها، كان يحقق وعده لها بالتحرر، كان يحررها بين ذراعيه، أمرها بصوت منخفض:
– ليلى قولي أحبك.
أغمضت عينيها بقوة وقالت بهمس:
– أحبك.
أخيرًا بحركة مفاجئة أنهى عذابها وأخذها بين ذراعيه.
***
حركة خفيفة بالقرب منها أيقظتها من نومها العميق، حاولت فتح عينيها بصعوبة بالغة، سمعت صوت يناديها برقة متناهية:
– حبيبتي .. ليلى استيقظي ..
تذمرت وأغلقت عينيها مجددًا، جسدها المرهق بحاجة للنوم، لماذا يجب عليها أن تستيقظ؟ الفراش الوثير يغريها بقوة لاستكمال بضع ساعات من النوم، الذراعان اللتان أحاطتا بها بحنان شكلتا حماية مثالية، رائحة كريم التي ملأت أنفها خدرتها، لماذا يجب عليها التخلي عن كل تلك النعم:
– ليلى حبيبتي، انهضي نصلي الفجر سويًّا،صوته العذب كان يهمس بكل حنان.
ذكر الصلاة نبَّه عقلها فورًا فتحت عينيها فجأة، صدر كريم العاري ورأسها يرتاح عليه نبهها لحقيقة وضعها، تذكرت ما حدث منذ قليل، كريم أصبح زوجها وهي أصبحت تابعة له، تذكرت رقته وحنانه وصبره وتفهمه، وأيضًا وقاحته وجراءته .. احمرَّ وجهها بشدة من الخجل، عادت وأغلقت عينيها ولكن هذه المرة من الخجل، سألها برفق: – هل أنتِ بخير.. لم تقوَ على النطق فقط هزت رأسها بخجل. ابتسم بخبث وقال:
– حسنًا إذا لم تنهضي فورًا لن أكون مسؤولًا عمَّا سيحدث، وأيضًا لن أتركك لتنامي.
استغرقها الأمر لحظاتٍ حتى استوعبت التهديد الخفي في كلامه، في ثوانٍ قليلة كانت قد نهضت وتنبهت تمامًا، حملها بين ذراعيه كأنها ريشة واتجه بها إلى الحمام، ليضعها في المغطس برفق ..
كان يبدوعليه النشاط والقوة، فكرت بخجل، هو أخبرها سابقًا أنه لا يحتاج إلى ساعات نومٍ كثيرة، مهنته عوَّدته على النشاط، تدريباته الرياضية تشغل وقتًا كبيرًا من روتين يومه المعتاد.
سنعيش لمرة واحدة فقط وفرص السعادة محدودة وخصوصًا لها..أعطت لخوفها إجازة مفتوحة، قررت الاستمتاع باللحظة وتأجيل المحتوم، مازال إحساسها بالذنب لإخفائها الحقيقة عنه يؤلمها ولكنها قررت رشوة ضميرها كما اعتادت في الآونة الأخيرة، أرادت منه أن يمنحها بضعة أيام من السعادة ولكن في النهاية بصعوبة أرهقتها توصلت معه لاتفاق.
اتفاقهما نص على إعطائها مهلة للسعادة بدون أي حساب أو تأنيب لها في مقابل أن تخبر كريم بالحقيقة بنفسها في أقرب وقت، كم كانت صفقة عادلة، كلما أسرعت في إخباره، كلما كان أفضل، واجبها نحو كريم يجبرها على ذلك، تمنَّت من أعماق قلبها أن يشفع حبها له عنده ويسامحها على خداعها، راهنت على حبه لها عندما تخبره بالحقيقة، يستحيل أن تكِن له كل ذلك الحب ولا يبادلها هو حبها بمثله.
اذًا مازال أمامها بعض الوقت ولذلك قررت بدأ مهلتها فورًا، أزاحت أفكارها جانبًا، أنهت حمامها وخرجت لمواجهة كريم, بعد الصلاه احتواها بين ذراعيه، نظر إلى ساعته بخبث وقال:
– مازالت بضع ساعات متبقية حتى موعد الطائرة، تعالي لنرتاح قليلًا قبل الفطور..
وكأنها دمية لا وزن لها حملها مجددًا بقوة بين ذراعيه القويتين وأرقدها بلطف على الفراش، آخر شيء تتذكره كان لمعان رغبة شديدة في عينيه وصوته الهامس يقول:
– دعيني أحبك غجريتي البريئة

