Uncategorized

رواية مجنونة الاسمر اسمر وجنان كاملة جميع الفصول – روايات سعودية جريئة pdf


شهقت بصدمة وتجمعت دموعها قائله : خدت علي كلامي يا إياد خدت علي كلامي الغلط قصدي كده لآنس وآيه لأن اخوك مش عارف اللي جواه انما أنت وهي بتعشقوا بعض في الحاله دي البعض ذي الخندق بيعمل فجوه كبيره يا إياد

نظر لها وتمردت دموعه قائلا : ليه بتقولي كده انا ميت مره بدونها مش ناقص خنادق

أسيا وهي تهز رأسها بيأس : غلطت يا إياد وهتعرف نتيجه غلطك وهتبقي صعبه اوي يا ابني

إياد بمراره : وهو في اصعب من كده يا أمي

سمع صوت طرق الباب فجلس ومسح دموعه بينما اتجهت أسيا وفتحت الباب لتجد هارون أمامها فأشارت له بالدخول بترحاب

أسيا : اهلا يا دكتور هارون اتفضل

هارون بجمود ودموع مترقرقه : إياد موجود ؟

إياد بخجل من نفسه : اتفضل يا عمي

هارون بحدة : متفضلش انا وميشرفنيش انا جاي هنا لسبب واحد وبعده خلاص كل حاجه هتنقطع مع قطع السبب ده

كل كلمه خرجت منه كانت تطعنه يعلم ما سيحدث فقال إياد بعدم فهم : مش فاهم

هارون : هات ابنك وتعالي معايا روز عايزه تشوفك لآخر مره ولولا ما دا اخر طلب ليها وربي ما كنت خلتك تلمحها

إياد بقلق : ليه هي راحه فين هتسيب البلد ؟

هارون وتمردت دمعه : بنتي يا تصح يا تخيب وعايزة تشوفك ومفيش مني غير أحققلها طلبها .. بنتي بسببك بقيت أحسن إنها معتش ليها في الدنيا كتير

إياد : بتعمل كده عشان اجي اصالحها صح ؟

هارون بإشمئزاز : تصدق بالله ما قرفت ولا ندمت علي قرار في حياتي غير اني جوزتك لبنتي

واكمل بصراخ : ههزر وبنتي علي فراش الله أعلم موت ولا حياة بتحارب لحظات مستنياك

2

وتركه وذهب اما إياد كان في حالة صدمه زهول سرعان ما نزل جريا وبسرعه ودموعه تجري علي وجهه يتبع سيارة هارون

******************

في مكان ما امام منزل ناني

نزل من سيارته وهي من سيارتها فهو لم يتركها وظل بسيارته أمامه حتى تأكد أنها وصلت لمنزلها سالمة لم يقطع أحد طريقها مرة أخرى

ناني بإبتسامة : ميرسي يا دكتور

يوسف بهدوء : لا علي ايه دا واجبي

ناني وهي تشير للداخل : طب اتفضل

يوسف : مره تانيه

ناني بإصرار : لا مينفعش يرضيك ناناه تعرف وتزعل مني اتفضل لو سمحت اشرب قهوه وبعدين لو عايز امشي عشان خاطري

كاد يرفض مرة أخرى لكنها حين قالت ” عشان خاطري ” ضحك وهو يتجه معها ثم صعد لمنزلهم ودخل، منزل جميل راقي حيوي يشبهها .. نادت ناني على جدتها ووالدتها

ناني : ناناه مامي ناناه

جميله : تعالي يا نونه أحنا في المطبخ

ناني بصوت عالي : معايا ضيف يا ناناه

خرجت شيرين مبتسمه قائله : اهلا وسهلا اتفضل اهلا

جلس مبتسم فقدمته ناني : دا دكتور يوسف الدكتور بتاعي ودي مامي ودي ناناه

يوسف وهو يهز رأسه : اهلا وسهلا

جميلة بمرح : حماتك بتحبك .. هتتغدي معانا النهارده ماشي

يوسف بإبتسامه : لا احنا متفقين علي قهوة كده كتير مرة تانية إن شاء الله

جميله بإبتسامة : يعني ينفع يقولوا علينا قلالات ذوق لا هتتغدي معانا

يوسف : مينفعش والله أصل

ناني مقاطعة إياه : لا أصل ولا فصل أساسا يا ناناه آسمر وجنان جايين انا رنيت عليهم بقولك اهو

شيرين : طيب اقنعي الدكتور واحنا هندخل نكمل تمام

ناني : تمام

وذهب الاثنان فوقف يوسف امام الصور وابتسم قائلا : حلوه الصور دي فنان اللي عمل نسخه كده تحسيهم اتنين

ناني بضحكة بسيطة : احنا فعلا اتنين دي توأمي جنان

رغما عنه ابتسم لكن لمح صوره رومانسيه لشخصين يتنفسوا انفاس بعض

يوسف : دا طليقك ؟ أنتِ مطلقة صح ؟

هزت راسها بتأكيد لتردف : ايوه بس مش أنا دي أختي جنان

يوسف : ازاي هي اختك ؟

ناني وبدأت تقص له ما حدث باختصار : اختي كانت بتحب طليقي قبلي وهو بيحبها بس اللي حصل انا اتجوزته بعدين اتطلقنا واتجوز اختي والوقتي بيحبوا بعض اوي وكويسين

يوسف بتساؤل : كنتي بتحبيه ؟

ناني بتنهيد : أيوه بس الوقتي عادي جوز اختي مش اكتر

رن جرس الباب فذهبت وفتحت ليدخل آسمر قائلاً : ملحقتش اكل ينفع كده يا ست ناني

ناني : معلش كل هنا .. فين جيني ؟

جنان بهدوء : مع آيه

هزت رأسها بحزن لتردف : اهلا وسهلا في ضيوف ؟

ناني : دا دكتور يوسف ودي جنان اختي وجوزها آسمر

آسمر بإبتسامة : اهلا وسهلا

يوسف : اهلا بيك

جميله : آسمر انت جيت

آسمر : لا لسه هاجي في السكه يا حجوج

جنان بضحك : حجوج يا آسمر

آسمر : طب يا ناناه تعالي نسلم ونرجع

وجذب يدها متجه للمطبخ يسلموا على الاثنين دقائق واستمعوا لصوت ضحكات عالي فضحكت ناني وهي تهز رأسها

يوسف بهدوء : مرح اوي

ناني بضحك : أيوه بس اما بيقلب استغفر الله

آسمر بصوت مرتفع : سمعتك يا ناني

ناني بهمس ليوسف : مبخافش

نظرت بإتجاه المطبخ لتجده يقف على الباب ممسك بخيارة وحين قالت هذا رماها بها فالتقطتها : تسلم يا صديقي

آسمر بغيظ : جزمة

ناني : زيك

آسمر بغمزة : الله يسلمك يا حبيبي

ضحكت عليه وهو يدخل ثم نظرت ليوسف قائلة : هو طيب قوي وبيحب كل الناس وعند جنان وبيتخلي عن كل حاجه عنده وكبريائه .. جايز ده اللي مخليني بحترمة جدا

هز رأسه بتنهيد فأكملت : مش معنى كدة إني بحبه .. هو أنا بحبه بس حب أخوات فاهمني

يوسف بإبتسامة : فاهم

خرج آسمر من المطبخ وفي يده طبق يحتوي على بعض قطع البانية ويأكلها بينما خلفه جنان تتجه وتضع الطعام على السفرة، وقف آسمر بجانب ناني أمام يوسف ينظر لها بأعين ضيقه لتضربه بكوعها

ناني : بطل غلاسه

آسمر : بموت فيها

ناني باستغراب : هي أيه دي ؟

آسمر بمرح : الغلاسه .. كملوا كلامكم اعتبروني هوا مِحرم

التقطت ناني قطعة بانية لتردف : طيب هات يا طفس مِحرم بيه

ضرب يدها لتصرخ بخفة وأعادت له الضربة فنظر ليوسف قائلاً : قليلة الأدب سقطها بقى

ناني : الله أكبر في عينك يا أبو قلب أسود

يوسف بضحك : بس أيه ناقر ونقير

ضحك آسمر وكذلك ناني ثم نظر آسمر ليوسف قليلاً ليردف : أنا حاسس إني عارفك

يوسف : لا متحسش أتأكد لأنك فعلاً عارفني .. يوسف الصياد والدتي تبقى …

آسمر مقاطعاً إياه : استني عرفتك مامتك بنت بنت خالة بابايا صح ؟ مش أنت بتاع قضية يمنى

يوسف بإبتسامة هادئة : أيوة أنا والدك ساعدنا كتير أيامها

آسمر : أيوة أيوة منسكاش أبداً

ناني بفضول : مين يمنى دي ؟ قتل ولا اغت*صاب ولا سرقة ولا ….

آسمر بغيظ : بس يا بت متتحشريش يا حشورة هانم دي أسرار شغل

استمعت ناني لصوت جدتها تنادي فذهبت وآسمر خلفها لتلتفت له أمام الباب الخاص بالمطبخ فعقد حاجبيه لتردف بصوت منخفض : جيني

آسمر : من قبل ما تكملي عارف وهبعتهالك واللهِ تقعدي معاها براحتك .. ناني أنا مش حمل كلمة من بنتي لما تكبر تقولي فيها حرمتني من أمي

ناني : عارفة وعارفة إنك لو فعلاً مجبتهاش ليا معاك حق بس …

آسمر بإبتسامة : في الأول والأخر بنتك وأكيد من جواكي محتاجاها تكبر معاكي كل لحظة بلحظتها وأنا مش هبعدها عنك يا ناني

ابتسمت ناني لتردف : شكراً يا آسمر

داعب وجنتها قائلاً : أنتِ أختي يا نونة

اتجهت للمطبخ وبدأت تضع الطعام مع أختها واتجهت ليوسف تناديه ليتجمع الكل وكالعادة مؤخراً جنان تعبث في الطعام ولا تتناوله فأشار بعينه أن تأكل

جنان بهدوء : مليش نفس

آسمر بجدية : وربي إن ما خلصتي طبقك لهبوسك قدامهم الوقتي

جنان بحدة وضيق : آسمر مينفعش كده

وأشارت بعيناها على الكل ليردف ببرود : ليه أول مره يشوفوني ببوسك يا قلب آسمر

ضيقت عيناها بغيظ منه فضحك ليضع الشوكة في يدها فبدأت تتناول طعامها ليأتي عيناه على ناني وتذكر أنه طلبت منه أن يحضر لأمر ضروري

آسمر باستغراب : ناني صحيح يا بنتي رنيتي عليا ليه ؟ قلقتيني وقتها

ناني وهي تترك الشوكه : رأفت

آسمر بعصبية وإندفاع : طلعلك تاني عمل ايه وعايز ايه ؟

ناني بهدوء : ممكن تهدي وهحكيلك كل حاجة

وبدأت تقص له ما حدث فارتخت ملامحه ليبتسم قائلاً : لو فعلا اتغير معنديش مانع أبيض صفحته لو حتي هياخد بتار اخوه مني

جنان بصدمة : بتهزر صح ؟

آسمر وهو يقرص وجنتها : ودي فيها هزار يا قلب آسمر

جنان وهي تبعد يده : مش وقت زفت هزار هو … اتكلم جد يعني أيه منك

آسمر بهدوء : جنان اهدي

جنان بعصبيه وهي تقف : متقولش أهدي أهدى ازاي فهمني وحضرتك بتتكلم بكل برود كأنه موضوع عادي

آسمر بحده : اترزعي وكملي اكلك نتكلم بعدين فاهمه

جلست رغما عنها بعصبيه فترك هو الشوكة قائلا : كلي يلا لوحدك

بدأت تأكل كالطفله وناني تمنع ضحكتها ففلتت من جميلة : فينك من زمان .. اللي أهلكم معملهوش آسمر هيعمله

جنان بغيظ : بتضحكي يا ناناه طب مش هروح معاه هفضل هنا

آسمر بخبث وهو يقف : أنتِ حره أنا كدة كدة ماشي

جنان بصدمة : هتمشي من غيري بجد

آسمر ببرود : مش أنتِ عايزه كده تمام وانا همشي لما تعقلي ابقي رني عليا

تركها ثم اتجه للباب واختفى من أمامها وهي تنظر خلفه بزهول سرعان ما انفجرت باكيه حين اختفى

ناني بصدمة : جنان اهدي أكيد بيهزر

جنان ببكاء : دا مشي يا ناني وسابني معتش بيحبني خلاص اكيد عشان بقيت وحشه من الحمل

آسمر مربعا يداه : امممم اومال وانفك كبر اوي دا بقى أكثر من بيتنا

زاد بكائها وهي تتلمس أنفها باستيعاب اما هو فكان يتابع بغيظ حتى أتت رساله له انقلب وجهه وتحول لآخر فاتجه لها يجذب يدها

آسمر : عن اذنكم

جنان ببكاء : في ايه سبني .. آسمر

آسمر وهو شبه يجري : يلا مش وقته بسرعه

تحدثت جميلة بقلق : ربنا يجيب العواقب سليمة

*******************

في المستشفي

مازالت تفترش الفراش كالموتى تجد صعوبة في رفع يدها كأنها مشلولة أو سيدة في أواخر عمرها تملك منها العجز والتعب، رفعت يدها بصعوبة تتلمس وجهها لتنهمر بعض الدموع فقد تملكت منها النحافة الشديدة بالتأكيد الآن لا تمس لروز القوية الجميلة بصلة

روز بحزن : أنا ليه عملت في نفسي كدة .. مين يستاهل ؟ محدش يا روز وابنك يا ترى فين ووضعه ايه من غيرك

لتردف : اللي باعك في أمس الحاجة ليه ميستاهلش .. هو هيجي وأنتِ انهيه وابدأي يا روز

وقبل أن تكمل حديثها رأته يدخل بلهفة وأتى يمسك يدها فبعدته عنها

إياد : روز

روز بتعب : اقعد عايزه أكلمك

جلس علي كرسي ينظر لها، هو من أوصلها لهذه المرحلة هو فقط، تملك منها ومن قلبها وفي لحظة تركها وسلب منها قوتها وجمالها وكل شيء

روز بأنفاس ضعيفه : جيت اكيد مجتش الا اما عرفت إني في أسوأ مرحلة من الضعف قولت لو هتموت ميبقاش ذنبي صح ؟

تجمعت دموعه وجعد ذقنه قائلاً : مكنتش متوقع إن .. أكيد أنتِ مش دي فكرتك عني يا روز صح ؟

روز بسخرية : هو بعد رميتك ليا هيبقى في فكرة يا إياد .. تعرف أنا كان أهون عندي أتجوز أمجد برغم شربه وقرفه ولا أتسمى ليك ست

كاد أن يتحدث لكنها قاطعته : هششش سبني انا اتكلم واسمع خليني اخلص انا حاسه معتش قدامي اما اقول واتنجد او هتروح عليا

إياد بحزن : متقوليش كده

روز بهدوء : هقولك انا فرحانه اوي يا إياد اني هقولك الكلام ده بس انا اتعالجت ايوه اتعالجت تعرف يا إياد انا معتش بحبك انا بقيت بكرهك انا خلاص وعيت الدوا كان مر اوي بس جاب مفعول

كلمات من يقرأها يقول انها بسيطه الا انها كالسهام كانت تقولها بهدوء للتأكد انه يقتل اكملت : انا في حياتي ما ندمت علي حاجه ذي ما ندمت علي حبي ليك يا إياد انا كويسه بقيت كويسه بدونك واقدر اقولك لو انت اخر راجل علي وش الأرض هفضل مستحيل ارجع احبك تاني…… الكره اللي اتزرع الوقتي زيه زي الحب المجنون اللي حبيته ليك بالظبط يا إياد…… طلقني يا إياد تصدق لو الموت جالي الوقتي هبقى نفسي اموت وانا مش علي ذمتك الخاين ارحم منك طلقني بقى أنا في حياتي ما قرفت من حد زيك ولا كرهت ولا هكره قدك

إياد بتوهان : بتكرهيني أنا .. بتكرهيني صح ؟

روز بغل وغضب : بكرهك وتخطيت الكره بمراحل حاسه الوقتي إني بقوى بضعفك .. بره اطلع بره واتأكد انك لو بتموت مستحيل اسامحك وهفضل اكرهك اطلع بره

وبلا اي مقاومه وقف والتفت وخرج التقى بهارون في الخارج

رولا : إياد

إياد بتوهان ودموع تنساب : بتكرهني حبيبتي بتكرهني خلاص بتكرهني

تركهم وذهب فدخلت رولا لروز وجدتها تبدو انها تستعيد نفسها خطوه خطوه وتقوى تبدأ تخرج من حالة الخمول والتعب النفسي والجسدي والحزن القوي، نادت على أباها ليقترب ويسندها ثم دفنت نفسها في حضنه ليزيد من ضمها

روز بتعب : خدوني علي البيت

رولا بصدمة : أيه أنتِ …

روز بتأكيد : بقول خدوني علي البيت وهاتيلي ابني عندي عايزه أيان

قبل هارون جبينها ليردف بإبتسامة : حاضر

اندفع آسمر للداخل ليفتح الباب قائلاً : روز

تحدثت بمرح : البقاء لله

اردفت بصوت صارخ درامي : لا متقوليهاااااش رووووز

روز بضحك : نععععم

آسمر وهو ينظر لهارون : فين بنتك اللي ماتت دا أنا كنت رايح اشتري بدلة سودة ألبسها قبل ما أجي يلا الحمد لله مصرفتش فلوسي على الفاضي

روز بغيظ : بتفول عليا يا آسمر

آسمر : العفو يا روزه

وبعد جو من المرح حمل هارون ابنته وخرج بها ليعود للمنزل بينما عاد آسمر لمنزله مع جنان ليجد أخاه يجلس على الأريكة شارد الذهن يفكر في اللاشيء

آسمر بقلق : إياد

رفع وجهه لأخاه ليحرك رأسه بألم وحزن قائلاً : مش عايز أخسرها .. هي روحي يا آسمر

آسمر : اللي بيغلط لازم يتعاقب استحمل بقى يا أخويا .. قلبك محذركش

وضع إياد وجهه بين يديه وتنهد بحزن وألم ليقرر بداخله أنه لن يستسلم للأمر الواقع بلى سوف يقوم بعمل شيء ولن يتركها، رفع رأسه واتجه لأعلى يفكر ما عليه فعله بينه وبين نفسه

*********************

قبلت روز كل إنش بوجه ابنها فحقاً تشعر أنه ظلت لسنوات لا تراه وازداد الألم بداخلها فور تذكرها أنها أخطأت بحقه لأجل إياد، ولأول مرة تشعر روز أن إياد لا يستحق قدر بسيط من حبها

رولا : حبيبتي باباكي جابلك معاد المحاضرات بس مش حاسه أنك مستعجلة على الخطوة دي .. ارتاحي فترة

فتحت روز ذراعيها لتردف بنشاط : ارتاحت كتير يا مامي وأن الأوان بقى أعرف مصلحتي واللي حواليا

رولا : مش حاسه إنك لازم ت …

روز بتنهيد : مامي أيه مسألتش عليا الفترة اللي فاتت ولا أنا غلطانة ؟

رولا بهدوء : رنت كذا مرة و …

همهمت روز وهي تقبل جبين ابنها لتجلس به على طرف السرير

وعجباً على صديق اعتبرته حياة وفي عز شدتي له كان أول الغادرين، وعجباً على خير فعلته وارتد لي على هيئة سكين قسمت ظهري نصفين، وعجباً على تربية لم تصح

رولا وهي تجلس بجانبها : روز لكل واحد مشاغله وحياته مش الكل فاضي لبعضه

روز بهدوء : دا لما أكون بتكلم عن قريبة زميله صاحبه عادية إنما مش كل حاجة .. ولا عمري أثرت في حق حد لا هي ولا إياد وكانوا رقم واحد في حياتي دايما

لتردف بحزن : شوفتي جزاتي يا مامي .. بس تعرفي أستاهل وفعلاً أتقي شر من أحسنت إليه

رولا بحزن : يا روز

قاطعتها قائلة بحدة : مامي لو سمحتي .. أنتم كفاية عليا

حضنتها رولا وقبلت جبينها بحزن تدعي ربنا بعودة السعادة لقلب ابنتها والطمأنينة، أما هارون فكان يتابع وهو في الخارج لقد أذوا صغيرته لكن مهلاً هي قوية وسوف تظل هكذا وهو لن يتركها أبداً سيكون لها الأب والأخ والحبيب والصديق يتعهد بهذا

**************

وبعد مرور عدة أيام

نزلت ناني من منزلهم لتتفاجىء بسيارة مزينة أحدث موديل وتقف أمامها جنان فشهقت بصدمة لتضحك جنان فهي أتفقت مع أمها وآسمر وأحضروا لها سيارة لترى أنهم يحبوها وتسعد قليلاً

ناني : جبتي عربية جديدة مبروك عليكي يا توأمي

جنان بصدمة : عربية أيه ؟

ناني باستغراب : مش دي عربيتك أنتِ ؟ صح ؟

خرج آسمر من خلفها قائلاً وهو يحمل جيني : لا يا ستي دي هدية من مامتك وجيني عشان عيد الأم عدى ف جيني قالتلي يا بابا عايزة أفرح ماما ناني وأجبلها هدية

ناني وهي تضيق عيناها : يا سلام

آسمر بضحك : يا سلام

اتجهت له وحملت جيني لتقبل كلتا وجنتيها بمرح وحب ثم اردفت بدموع : أنا بجد فرحانة أوي وبشكركم جداً .. ربنا يخليكم ليا

آسمر : ويخليكي لينا يا نونه .. يلا طير يا حمام على الكلية

ابتسمت له ليكمل : استني في مقابل لازم تدفعيه

ناني باستغراب : ادفع أيه ؟

همس لها ببعض الكلمات فانفجرت ضاحكة لتتجه للسيارة وتركب بينما قالت جنان : جيني

آسمر وهو يحاوط كتفها : راحه مع مامتها الكلية .. تعاليلي أنتِ يا بطة بقى نروح مع ولادنا عشنا

جنان : هتسيب جيني عادي

آسمر بهدوء : عمر مشاكل الدنيا كلها ما تنفي إن جيني بنت ناني قبلي وقبلك .. أنا مش عايز بنتي في يوم تأنبني يا جنان أو تشيل مني عشان بعدتها عن أمها

تنهدت قائلة : بحبك

جذبها لحضنه لتحاوط خصره ونظرت لناني التي أشارت لهما واتجهت إلى كليتها لتصل إلى المدرج وهي تحمل جيني لتفكر قليلاً كيف ستدخل بالصغيرة، لم تفكر في هذه اللحظة أبداً خاصة بعد عدم حديث الأمن معها

“برة” شهقت بخفة حين استمعت لصوت المعيد يقول هكذا لطالب وانفتح الباب لتظهر أمامه وتصفق جيني وهي تطلق ضحكات صغيرة وصرخت حين كاد الباب ينغلق

ناني بخوف : اسكتي .. جيني والنبي هتفصل

نظر الطلاب بإتجاه الباب وكذلك يوسف الذي منع ابتسامته واتجه للباب فهو يعشق الأطفال، كادت تمشي ليفتح الباب فضحكت الصغيرة

يوسف : يا حبيبتي

التفتت ناني وعضت على شفاها ليفتح يديه فاندفعت جيني له ليضمها ويضحك : دا أيه الجمال ده كله .. مبتدخليش ليه ؟

ناني بتوتر : خوفت حضرتك تطردني

يوسف بإبتسامة : معاكي اللي يعفيكي من أي حاجة .. يلا أدخلي احضري محاضرتك

ناني : طب وجيني

يوسف : ادخلي يا ناني جوه يلا

دخلت ناني وخلفها يوسف لتشير جيني لهم بمعنى “باي” فهمس يوسف : الله أكبر عليكي

قبل جبينها وبدأ يشرح وهو يداعب الصغيرة بينما تبحث جيني عن ناني وحين وجدتها ضحكت وصفقت لتنظر ليوسف وتشير عليها

يوسف بهمس : أمك دي مجنناني .. هاا يا شباب حد مش فاهم حاجة .. طب حد فاهم حاجة ؟

ليوجه كلامه لجيني : أنتِ فاهمة حاجة ؟

عقدت الصغيرة حاجبيها ليقرص وجنتها وقام بتوديع الطلاب وذهب بجيني المكتب يجلس معها ويتحدث ليجد طرق بسيط ودخلت ناني له

ناني : أسفة يا دكتور

يوسف باستغراب : على أيه ؟

ناني : يعني طول المحاضرة شايل جيني وكمان خدتها المكتب والطلاب …

يوسف : اسكتي يا ناني ربنا يهديكي، روحي كملي محاضراتك وسبيها معايا أنا قاعدلها النهاردة

نظرت للأرض بخجل لتردف : لا أنا هاخدها ..

يوسف باستغراب : في حاجة ولا أيه ؟ عايزة تقعدي معاها صح ؟

ناني بصدمة : عرفت منين ؟

ابتسم ليقف ويعطيها جيني ووقف أمامها فحملتها وضمتها لحضنها تقبل جبينها فاردف بهدوء : يا بختها

ناني بصدمة : نعم ؟!

يوسف بضحك : مفيش اقعدي ارتاحي معاها واعتبري نفسك حضور .. يلا متبلميش

جلست على الكرسي تنظر له ثم بدأت تداعب ابنتها وهو يجلس يتأملها ليرن هاتفه فوقف يتحدث مع زوجته جنبا وهو ينظر لها ليشعر بألم فتاك يسيطر على قلبه ما بدأ به خطأ وهو يعلم ويجب أن يتوقف عنه لكن ناني قريبة منه

***********************

أحضر هارون الجدول لابنته وكذلك الملزمات اللازمة والمحاضرات التي اضاعتها، بدأت تدرس وأتت دادة تساعدها

اتجهت لسيارتها مقررة الذهاب إلى الجامعة لتتفاجيء بإياد يقف أمام السيارة فتجاهلته وهي تضغط على الزر

إياد بلهفة وهو يمسك ذراعها : روز

بعدت يدها عنه لتردف : لو سمحت مش حابه اندهلك الأمن لأن قبل كل حاجة أنت ابو ابني

إياد بهدوء : بس

روز بحدة : لو مفكر أنك عندي أكتر من كدة ففوق يا إياد يا سلحدار .. لو سمحت تجنبني عشان تعاملي بعد كدة هيزيل أي عشرة بينا

فتحت الباب ليعيد غلقه واحنى رأسه قائلاً : افهميني

روز وهي تدفعه : كنت فهمتي يا إياد ؟ لا يبقى مش من حقك تقولهالي

ركبت سيارتها وقادتها متجاهلاه لتنظر في المرأة فتجده يقف محله وينظر لها بألم وحزن لتجده يقع فجأة أرضا فدهست على قبلها وأكملت قيادة، الدرس مر لكنها تعلمته جيداً ولم تكن يوما تلك الضعيفة التي تتردد في اي قرار أخذته، حتى الآن لن تعود مقدار خطوة ولا تفكر في هذا

بينما هو ظل يستوعب ما حدث ويعض أصابعه ندم يعلم أنه أخطأ في حقها لكن لم يتوقع رد الفعل، القوي يأتي من هو أقوى منه ويضعفه، والضعيف ذات يوماً سوف يزداد قوة ويتخلى عن ضعفه .

ذات يوماً كانت روز لا تتمنى سوا بقائه وهو تركها في عز حاجتها ليأتي اليوم العكس وهو من يريدها في كل نفس يتنفسه لكنها لا تبالي، ونعود ونقول من يتخلى عنك مرة يتخلى ألف مرة فلا يستحق البقاء .

كان يمشي ويشعر بالضعف والتوهان سهام اخترقته كلاماتها كالسهام واخترقت قلبه وجسده

إياد : روز بتكرهني روز بتكرهني خلاص

ووقف في منتصف الطريق لا يتحرك واغمض عينه يبكي كالطفل الذي تاه من والديه وفجأه سمع اصوات كثيرا شعر بألم وسائل يحتويه صوت صراخ إسعاف ليس واحد بل كثير فكان شخصين غيره فعلوا حادث في نفس الوقت

“يا ليتني اقدر علي العيش لحظة بدون حبك

حبك الداء والدواء الذي يشبه الهواء

واذا توقف حبك توقفت انفاسي

عشقتك بقدر ثواني عمرك

وحتي الموت لا يقدر علي جعل حبي يقف

اعشقك يا من سلبتي انفاسي “

إياد بهمس قبل ان يستلم للظلام : روز

وهنا توقفت انفاسه وحياته التي شعر وانها بدأت مع حبها والآن انتهت لمجرد انتهاء حبها

10

*****************

وصلت ناني سيارتها لتشكر يوسف على وجوده معها طوال اليوم ثم أخذت منه جيني النائمة، وعادت تشكره أنه قام بمساعدتها على النوم فيبدو أنه ذو خبرة في ذلك

ناني : شكلك خبرة في الأطفال .. طبيعي عندك بيبي حسب ما اعتقد

يوسف : أيوة أساساً أنا بعشق حاجة اسمها أطفال

وداعب وجنة جيني ليردف : كان نفسي ربنا يبعتلي بنت

ناني بهدوء : إن شاء الله يرزقك .. معاك ولد يعني

يوسف بهدوء مماثل : ولدين .. سفيان ويوسف المولود من فترة

ناني بهمهمة : يوسف أممم إما نرجسية أو حب زايد من …

يوسف بهدوء وهو يتابع ملامحها : سالي

عادت بعض خصلاتها خلف أذنها لتردف : ربنا يسعدكم .. يلا هستأذن أنا عشان متأخرش

اتجهت لسيارتها وبدأت بالقيادة وهي ثبت ابنتها النائمة في سريرها الصغيرة الذي سبق ووضعه آسمر في سيارتها، عادت للمنزل بابنتها ولم يطاوعها قلبها أن تأخذها لآسمر بعيد عنها

شيرين باستغراب : جبتيها ليه ؟

ناني وهي تبتلع ريقها : هرن على آسمر وهاخدها ليهم لو في البيت

كادت تتجه للغرفة لتمنعها شيرين قائلة : مالك يا ناني ؟ مش عايزة ترجعيها صح ؟ مترجعهاش

ناني بتوتر : لا مش حقي لازم أرجعها يعني مينفعش أبقى …

كورت شيرين وجهها لتردف : أنتِ مش وحشة يا ناني دا فطرة في الإنسان بيبقى دايماً عايز اللي يخصه ليه لوحده

ناني وهي تقبل يدها : جايز بس مش عايزة أبقى الشريرة في الحكاية كفاية اللي عملته .. كتر خير آسمر وجنان بيخلوني أشوفها من غير ما أطلب وكمان عملولي مفاجأة النهاردة وهاجي بعد دا كله اقول بنتي، بنتي يا مامي اللي مقدرتش أتحملها تسع شهور في بطني لا مليش عين أتكلم

لتردف بدموع : بس أنا بيعز عليا نفسي وفطرة الأمومة بتظهر غصب كل أما أشوف جيني دا غير إني محلتيش غيرها ومش هيبقى عندي غيرها ودا في حد ذاته وجع .. بس والله مش زعلانة ولا معترضة بكفاية أنها لما تكبر هتعرف إني مامتها ذي جنان

عاد آسمر خطوة للخلف ونزل لأسفل ببطء حتى لا يشعر به أحد وطلب من البواب عدم إخبارهم بقدومه ليرن على ناني، اخرجت هاتفها ومسحت دموعها لتجيب

ناني : أيوة يا آسمر أنا كنت هرن عشان …

آسمر : بقولك يا نونة ما تخلي جيني عندك النهاردة

ناني بفرحة : بجد ! أقصد ليه ؟

آسمر بمرح : من غير ليه خليها بس وكلك مفهومية

ناني بلهفة : طيب وصدقني هخلي بالي منها ومش هخليها تعيط و …

آسمر مقاطعاً إياها : أنتِ أمها يا ناني وتقدري تعملي اللي مبنعرفش نعمله

ناني بسعادة : أة منا عارفة أيوة أنا …

ولم تقدر على السيطرة على مشاعرها لتطلق صرخة قوية وهي تقفز ثم احتضنت أمها لتعلو ضحكات آسمر السعيدة لرسم السعادة في حياة ناني

********************

عاد آسمر للمنزل واتجه لشقة أبوية ليدخل ويتمدد على الأريكة واضعاً رأسه على فخذي والدته، داعبت شعره وتقريباً فهمت ما حدث دون سؤاله

أسيا بهدوء : مرتاح للي بتعمله

آسمر بإبتسامة : جداً .. عايز ربنا يجبر بخاطري في اللي جاي وفي نفس الوقت مزعلش بنتي مني في يوم أو أخلي حد نايم معيط بسببي

أسيا بإبتسامة : في نقاءك مشوفتش يا آسمر

آسمر بمرح : ولا هتشوفي يا ست الكل

خرجت جنان من المطبخ لتجلس بتعب بجانب حماتها قائلة : هي جيني نايمة ولا أيه

آسمر : لا سبتها تبات مع ناني النهاردة

جنان بتلقائية : ليه ؟ مش هتعرف يا آسمر أنت بتهزر قوم روح هاتها ومتسبهاش …

آسمر بحدة : جنان ناني مامتها ومينفعش أقولها هاتي بنتك

جنان : هو على بنتك ولا بنتها يا آسمر .. جيني مبتعرفش تنام من غيرنا

جلس قائلاً باستنكار : يا سلام يعني أحنا ايه وناني ايه ؟ ناني مامتها يا جنان ذيها ذيك ولما أقول هتبات مع ناني مش عايزة نص كلمة مفهوم

جنان بحدة : أنت شايف كدة يا آسمر

قلب عيناه بملل لتكمل : ناقص تقول إنها مش بنتي يا آسمر

آسمر : أنا مقولتش كدة ومش هقول أنا مقتنع إن ليكي حق فيها ذي ناني

جنان بعصبية : تمام سبتها هناك ليه بقى ؟

آسمر بهدوء : عشان ناني أحق فيها منك يا جنان

جنان بصراخ وغضب : قصدك انها امها مش أنا

آسمر : متعليش صوتك أولاً ثانياً أنتم الاتنين أمهاتها بس لو كان ليكي فيها قيراط فناني اربعة وعشرين وأنا مش هحنن قلبك على أختك وافتكري ربنا مديكي نعمة كبيرة في بطنك وجايه في السكة ناني معدتش هتشوف ريحتها ومعندهاش غير جيني .. متستكتريش على أختك النعمة يا جنان

تجمعت دموع جنان لتردف : مش بستكتر بس …

آسمر : مبسش وبعد كدة أتعودي إن ناني ليها في جيني الكوم الأكبر

1

جنان ببكاء : أنت بتعمل معايا كدة ليه

آسمر بضيق : يوووه عن اذنك يا أمي

اتجه لأعلى وصعد حيث شقة أخاه أنس ليدق الجرس عدة مرات متتالية حتى فتح ليدخل والأخر خلفه ثم جلس بجانبه

آسمر : خير

أنس : خير أيه ؟ مين اللي جاي ؟

آسمر بهدوء : أنا اللي جاي وبقولك خير في حاجة ؟

أنس بضحك : لا .. تشرب قهوة

آسمر بتأكيد : تمام

وقف أنس وكاد يتجه للمطبخ ليجد آسمر ينادي عليه : نانوسه

أنس : هممم

آسمر بمرح : خليها نسكافيه

هز رأسه وكاد يسير ليجد آسمر ينادي مرة أخرى : خوي أبو الأنانيس

أنس بنفاذ صبر : عايز أيه ؟

آسمر بمرح : بلاك

كاد يدخل مرة أخرى لكن آسمر ناد عليه ليتجاهله تماما ويتجه للداخل يحضر ما يريد بينما جلس آسمر يعبث في هاتفه ليتذكر أخاه إياد فرن عليه

آسمر : فينك يا ابني … إياد

إياد بهدوء : في مشوار

آسمر بهدوء : إياد قبل ما تعمل الغلط افتكر اللي خالقك

هتف إياد بحدة : أنت بتراقبني يا آسمر

علت ضحكات آسمر الذي قال : ليه متقولش عشان فاهم دماغك أكتر منك شخصياً .. يلا مستنيك في شقة أخوك

أغلق إياد الخط وخرج أنس ليجلس بجانب آسمر ويعيطيه الكوب ثم اردف : أتفضل نتمنى يعجب سيادتك

آسمر : هيعجبني بس قول يا رب

أنس : يا رب يا سيدي

آسمر بغمزة : يطلعلك ضب

أنس بضحك : شكلك رايق وفايق

آسمر : ايوة لسه متشاكل مع جنان ومخليها تعيط بس أهم حاجة صحتي ومزاجي

أنس : لا بتفهم يا أخويا .. أنا بجد زهقت يعني أنت لو مكاني كنت عملت ايه ومتقولش مكنتش بصيت …

آسمر بهدوء : هو عدا عن كل حاجة بس فعلاً الحب مش في إيدينا أنا بس اللي كنت هعمله مكنتش هظهر نفسي .. خلاص ظهرت أبدأ بقى أتعامل معاها …. استني والله فكرة

أنس باستغراب : فكرة أيه ؟

آسمر : هنسافر كم يوم اي مكان الساحل الجونة الغردقه جمصه

انفجر أنس ضاحكاً ليردف : أصلنا فاضيين بعدين ما أحنا في إسكندرية

نظر آسمر حوله لينحني لأخاه ويهمس بمرح : هنا الناس عارفانا هناك هبص للبنات ومحدش هيعرفني وهبقى براحتي

أنس : جنان تعرف بالكلام ده

آسمر بفخر : جنان عارفة كل قذوراتي وواخداني وهي عارفة إني ….

وقف أنس قائلاً : جناااان .. جنااااان

واتجه لأسفل وخلفه آسمر يحاول منعه حتى وصل أنس وناد على جنان لتأتي له وخلفها أيه وأمه ليغلق آسمر فمه قائلاً : بيجرب صوته يلا روحوا

جنان بحدة : طيب سيب بوقه يا آسمر

أنس باستفزاز وهو يبعد يد آسمر : لا مش بجرب .. آسمر عايزنا نروح يومين الساحل الجونة أي حاجة غير هنا

جنان بتلقائية وغضب : عشان يبص على البنات براحته

آسمر بهمس لأنس : مش قولتلك عارفة كل قذوراتي

لينظر باتجاه جنان قائلاً : انا وش ذلك

جنان : أنت وش ذلك كله

آسمر : تدروا يا عيال الستر دا نعمة ومن أهم صفاتي بستر نفسي

ضحكت أسيا لتردف : هي فكرة حلوة بعيد عن قلة أدبك بس تعالي معايا عايزاك في حاجة

آسمر : حاضر يا ست الكل

اتجه مع أمه للغرفة في نفس وقت دخول إياد الذي جلس في صمت تام ولم يتحدث مع أحد بينما في الداخل بدأت أسيا تمهد لآسمر الذي يعرف ما ستقوله

آسمر : يا أمي ما بدل وإياد وأخوك وزعلان ومقموص قوليلي هات روز وخلاص أنتِ كمان

أسيا : ولد يا آسمر

آسمر بضحك : يا قلب الولد

أسيا وهي تحضنه : عشان خاطر ماما بقى .. يلا

قبل جبينها ويدها قائلاً : عشان خاطرك بس حاضر

*************************

جلست ناني تربع أرجلها وهي تهز جيني وتبكي لبكائها فهي لا تعرف ما عليها فعله وتخشى ان ترن على جنان فترسل آسمر يأخذها منها، فكرت ان تنادي لأمها أو جدتها لكنها تذكرت أنهما خرجا لزيارة أحد الأقارب

انفجرت باكية وهي تبحث عن رقم جنان فلا محال سوف تأخذها منها، لكن قبل أن ترن تذكرت يوسف فوقفت بجيني واتجهت لهاتف المنزل ترن على صديقتها أولاً تأخذ منها رقمه ثم رنت عليه .. ثواني واستمعت لصوته يجيب

يوسف : ألو

ناني بتوتر : أسفه إني برن بس جيني بتعيط كتير وخايفة أرن على جنان وناناه ومامي مش هنا أعمل أيه ؟

يوسف : أكلتيها طيب

ناني بسرعة : أكلتها والله وغيرتيلها وكانت قاعدة بتضحك بعدين نامت وقامت تعيط

لتردف ببكاء : مش عارفة أسكت بنتي زمانها عايزة جنان صح ؟

يوسف بإبتسامة : لا مش صح عشان أنتِ مامتها .. بصي طالما نامت وقامت أكليها تاني واقعدي قدامها اعملي دوشة بحاجة أو عيطي بصوت ذيها اتصرفي يا ناني

ناني بتوتر : طيب بس خليك معايا والنبي

يوسف بضحك : يا رب

ناني باستغراب : أيه ؟

يوسف : ولا حاجة يلا

اتجهت للمطبخ تحضر لها الحليب ثم قامت بإطعامها وبدأت تسير بها لتسكت، فقبلت وجنتها وضحكت بسعادة

ناني : سكتت يا دكتور ميرسي أوي

وقبل أن يتحدث استمعت لصوت زوجته تقول : يوسف شيل يوسف عمال بيعيط وأنا تعبت

يوسف : هاتيه

سالي باستغراب : أنت بتكلم حد .. خلاص

يوسف بإبتسامة : لا هاتيه وروحي ارتاحي أنتِ

حمل ابنه الذي في خلال ثواني صمت ليردف : مزعل ماما ليه يا چو

ناني : طيب أنا هقفل

يوسف : تمام بس لما تنامي خليها في حضنك .. ما تخليكي معايا لو هتفضلي صاحيه

ناني : لا عشان يعني مراتك متضايقش

يوسف بإبتسامة : لا متقلقيش سالي مش هتضايق

جلست وبدأت تتحدث معها في أشياء كثيرة كذلك هو حتى توقف عن الاستماع لصوتها ليعلم أنها نامت فأغلق الخط وتنهد بتعب ليتجه وينام بجانب زوجته وفي حضنه ابنه، نظر لسالي واقترب قبل جبينها ثم هز رأسه بحزن مما يفعل ويأس مما يحدث معه

********************

في صباح يوم جديد

وصلت روز بسيارتها للجامعة ونزلت لتتجه حيث المدرج المفروض التواجد به، بدأت تبحث عنه حتى وجدته فدخلت وجلس في جانب وحدها تقلب في هاتفها

أتت فتاة لها لتردف : قاعدة لوحدك ليه يا قمر .. ممكن نتعرف

وقبل أن تجيب تفاجأت بأنها أيه فسخرت بنظرتها قائلة : لا مش ممكن

أيه بهدوء : ليه ؟

روز بسخرية : أصل بعيد عنك أنا اتعقدت أصلي اتعرفت على واحدة خسيسة وفي عز حاجتي ليها ملقتهاش فخلاص بقى مش هعيد التجربة

أيه وهي تشير على نفسها : بتقولي عليا صح ؟

قلبت روز عيناها بملل واشاحت بوجهها عنها تقلب في هاتفها، ظلت ايه تنادي عليها لكنها لم تجيب

وصل آسمر المدرج ودخل ليتفاجيء بالجميع يصمت وينظر له بعدما اعتدلوا في جلستهم، خلع نظارته ووقف على الاستيدج ينظر لهم فحقاً هم يقاربوا على الثلاثمئة طالب وأكثر

مسك المايك وفتحه ليردف : صباح الخير

نظرت روز له بصدمة وكذلك أيه لكن لم تجرؤ واحدة على الوقوف فاردف : ما شاء الله كل دول عايزين عرسان

علت ضحكات الكل ليكمل : فين الشباب أكيد راحوا يقابلوا من كلية تانية بقى مش عارفين تسيطروا على الوضع .. يلا اتمسكوا بالكام واحد اللي هنا

تحدثت واحدة في الوسط : أيه الدكتور العسل ده

آسمر بمرح : دا أنتِ اللي عسل بس تعرفوا أنا لو دكتور كنت سقطكم كلكم عشان متطلعوش من الكلية دي لأن لو طلعتوا هتشوفوا الذل .. يلا قبل ما الأمن يطردني فين روز ؟ بت يا روووز

أحد الفتيات : حبيبتك دي

آسمر : مرات أخويا للأسف .. لو مراتي كنت قعدتها من التعليم

روز بسخرية وهي تقف : يا بخت مراتك يا دكتور

آسمر : أيوة تعاليلي هنا .. خدي يا بت لو حد شم خبر إني واقف الواقفة دي هينقلوني الصعيد انجزي

اتجهت له لتقف أمامه فاردف : تيجي نروح الساحل يومين

اتسعت عيناها ليكمل : أحنا والعيلة متفكروش جو العشق الممنوع ده بينا دي أختي الله يخربيت الشيطان

علت ضحكاتهم لتتجه أيه له وتقف بجانبهم ليكمل : دي مرات أخويا التاني مش زيطة

روز بصدمة وضحك : أنت بتعمل ايه ؟

آسمر : مني لله فضحت نفسي بنفسي .. المهم هتيجي

اغلق المايك لتردف : لا

آسمر : ايوة عارفة إنك موقفك هزوء وهتتراجعي في ثواني وتقولي بحبه يا آسمر ومقدرش على بعده

روز بسخرية : يا سلام

آسمر : بصراحة عايز ارفه عن الكل وقولت عنك تعالي وأثبتيلي إنك على موقفك لو بنت دكتور هارون

روز بحدة : آسمر انا مبجيش بكدة

آسمر : أنا بقى مبجبش غير بكدة .. بجد أنتِ مش مضطرة تختلطي بإياد بس تعالي عشان أيان وتروقي شوية

نظرت بإتجاه أيه لتردف : ممكن نتكلم في الموضوع بعدين عشان معتش حد يستاهل بجد يتفتحله قلبي .. يلا روح لأن ورايا محاضرات والدكتور زمانه جاي

آسمر : هستناكي برة لما تخلصي

هزت رأسها ومسحت أسفل عيناها لتعود في مكانها وبجانبها ايه لكنها لم تعبء لوجودها في الأساس ولم تهتم، حضرت المحاضرة في وسط تفكير في طلب آسمر وأيضا رغبة في التحدث عما في قلبها

انتهت المحاضرة وتجاهلت أيه لتخرج وتبحث عن آسمر حتى وجدته وجلست معه في المقهى

آسمر : أنا سامعك

روز : وأنا عايزة احكي بس معتش عندي ثقة في حد

آسمر بهدوء : روز قبل اي حاجة أنتِ أختي الصغيرة وانتِ عارفة كدة كويس .. انا عارف إنك مش مش عايزة إياد بس أنتِ مش عايزة أي حد في حياتك شاف ضعفك بعينه .. عايزة تزيلي الفترة دي من حياتك وبتكرهي نفسك بسبب ده

روز بدموع : أنت صح يا آسمر .. بس أنا اللي عملت في نفسي كدة من البداية

آسمر : مش بإيدك يا روز أحيانا مش بيبقى في إيدنا تصرفاتنا .. فاكرة لما جنان وناني اتبدلوا أنا كنت في أسوأ لحظات ضعفي بس لما رجعت أنا رجعت وكنت أقوى لدرجة يعني محدش بيفتكر اللي حصلي ولا أنا بحاول أفكر لأن الإنسان في الوقت ده مش هو نفسه اللي اي وقت طبيعي تاني

ليردف بتشجيع : كل اللي شافك في الوضع ده قابليه وخليه يشوف لحظات فيكي يخليه ينسى اللي فات .. أنتِ وبس اللي تقدري يا روز تنسي اللي حواليكي

ليكمل : إياد أخويا وأنتِ والله العظيم عندي أحسن منه وربنا يعلم بده .. تعالي يا روز وأنا هكلم باباكي استأذنه

ظلت تنظر لآسمر لوقت وبدأت تفكر أنها في حاجة للعودة لحياتهم بقوة حتى ينسوا ذاك الضعف، وايضا تريد ان يصل لإياد فكرة أنها أكملت بدونه واقوى من غيره ووجوده في حياتها بعد الآن لا يعني شيء، وبرغم هذا شيء يقول لها ألا تعود حتى لا يخيب أملها أكثر وتضعف وحينها لن يروها سوا الضعيفة روز وهذا ما لا تتمناه .. لا تعلم ما عليها فعله فقط تنظر لآسمر

تنهدت بتطويل لتردف : أنا خايفة أضعف او استسلم

آسمر بهدوء : متبقيش روز انا واثق إنك قوية وتقدري تقاومي إياد نفسه

نظرت له وابتسمت قائلة : دا أنت واثق فيا عني شخصيا

ضحك قائلاً : أنا عندي نظرة لقدرات كل الناس إلا نفسي

روز بمرح : فخر السلحدار قاعد قدامي .

*************

نزلت روز من سيارتها واتجهت للداخل ترد على السلام الملقى عليها فالجميع يعرفها، وصلت روز لمكتب أباها ودخلت على أطراف أصابعها ثم ضمته من الخلف فكان يقف عند النافذة الكبيرة

هارون : حمدلله على السلامة يا أميرتي .. فطرتي ؟

روز : أحم أيوة مع آسمر

التفت له وهز رأسه بهدوء ليردف : في حاجة ولا أيه

روز بتوتر : هو فيه بس …

هارون وهو يضيق عيناه : أيوة بس أيه بقى ؟

قصت له الحديث الذي حدث بينها وبين آسمر وقبل أن يجيب طرق احدهم على الباب ليسمح له بالدخول فأخبره بوجود حالة حرجة ودخلت للعمليات

هارون : تمام أنا جاي .. حبيبتي استنيني هنا

روز : عايزة أجي معاك

لم يتناقش معها ليردف : تمام يا حبيبتي يلا

جذب يدها واتجه لغرفة التعقيم يجهز هو وروز ليدخل العمليات ويبدأ بإجرائها بحرافية شديد وملامح مسترحية فيبدو أنه تحمل الأصعب فبات هذا بالنسبة له طبيعي، تأملته وهي تتمنى في يوم من الأيام أن تكون مثله وتتعامل هكذا مع الشدائد في العمل وفي الحياة

وبعد عدة ساعات

خرجت مع أباها ليتجه لغرفته المخصصة يعود كما كان ثم دخل المكتب الخاص به والمتصل بها، جلس على الأريكة التي تجلس عليها روز وبدأ يمسد على شعرها

روز : أنا مستعدة اسمع منك أي زعيق

هارون : وأنا من أمته بتعامل بالطريقة دي معاكي يا روز .. روز أنا مش ناسي إن المفروض الخطوة الجاية طلاقك من إياد بس أنا أخر شخص يجي عليكي في الدنيا دي

ليردف بحنية : جايز قولت لإياد إنك معتيش راجعه ليه بس اللحظة اللي هتقوليله عايزاه أنا مش هقف في طريقك … مش أنا الأب اللي تفتكريله ولو ذكرى واحدة وحشه، لو قولتيلي افرض سبتني لدماغي ودماغي أذتني ..

روز بإبتسامة : أكيد عارف إنك لو قولتلي نص كلمة هسمعها يا بابي

ابتسم بخفة لتردف : أنا محتاجة أروح معاهم عشان اللي آسمر قاله

هارون : روحي يا حبيبتي مش همنعك

روز وهي تضمه : أنا بحبك أوي

هارون : أنا اللي بحبك يا كل ما أملك وهدية ربنا ليا

فتحت رولا الباب لتردف : يعني قاعدين هنا وسايبني لوحدي .. وكمان حاضنين بعض يعني خيانة بالثلث

روز : النار وصلت

رولا بصدمة : أنا نار يا جزمة

روز بضحك : حشى لله يا أماه

جذبت رولا شعرها بغيظ فتأوهت روز وصرخت ليضحك هارون وهو يبعدهما عن بعضهما وعلت ضحكاتهم في ذاك المكتب لتفكر روز ما الذي جعلها وسط الاثنان تتركهم وتتزوج لكن يظل النصيب يا سادة

***************************

وصل آسمر أمام منزل أهل ناني ونزل يتجه لأعلى ثم حمل آسمر جيني عن ناني وقبل جبينها، دخل يجلس قليلاً معهم ثم أخذ جيني وذهب

شيرين : فرحانة الوقتي

ناني بسعادة : جداً أخيراً فضلت يوم كامل مع بنتي يا مامي

عاد آسمر يطرق على الباب فاردفت شيرين : أدخل يا آسمر

آسمر : نسيت أقولكم أحنا هنسافر يومين الساحل ايه رأيك يا نونة تيجي

ناني بإبتسامة : لا ميرسي يا آسمر مرة تانية إن شاء الله

آسمر بسخرية : ميرسي يا آسمر .. رايحين كلنا مش هتبقي مِحرم يعني يلا قوليلها يا شيري

شيرين : روحي معاهم يا ناني ومنه تغيري جو

تنهدت لتظل تفكر قليلاً ثم هزت رأسها موافقة ليردف : هبقى أبلغك هنتحرك امته بس غالبا بكرة يعني

ناني : تمام

كاد يذهب لكن رن هاتفه برقم جنان فأجاب : الو

جنان باستغراب : فينك يا آسمر اتأخرت

آسمر : كنت بجيب جيني .. عايزة حاجة وأنا جاي

جنان : لسه هناك ؟

آسمر بتأكيد : أيوة

جنان بلهفة : طيب قبل ما تمشي قول لناني تيجي معانا كدة واقنعها يا آسمر أنا بجد زعلانة من نفسي وعايزة أ … أحم ممكن تقولها

آسمر بإبتسامة : خدي قوليلها أنتِ

أعطى الهاتف لناني التي تحدثت مع أختها لتجدها تطلب منها أن تذهب معهم فابتسمت قائلة : حاضر يا حبيبتي هاجي .. خدي آسمر معاكي أهو

آسمر : يلا سلام يا حبيبي عايزة حاجة وأنا جاي

جنان : لا ميرسي

آسمر بسخرية : الله يمرسسك أنتِ وأختك .. سلام

أغلق الخط واستأذن ليذهب من أمامهم، وصل آسمر إلى المنزل ودخل يجلس بجانب أخاه ثم أخبره انه اقنع روز بالذهاب معهم

لم يسعد إياد كما هو مطلوب فهو يعلم روز جيداً ويعلم أن هذا ليس من فراغ فيبدو أن هناك شيئاً برأسها جعلها توافق

2

تجمع الكل كالعادة على الطعام ليخبرهم آسمر بذهابهم للساحل مكملاً : الكل يجهز شنطه عشان هنتحرك بكرة الصبح .. ديل يا شباب

أكد الكل عليه ولم يسهر الجميع معاً كالعادة بل ذهب كل واحد لشقته ليتجهز لذاك اليوم المميز، جلس آسمر على الأريكة وفي حضنه ابنته يرن على باص كبير فهو لا يريد ذهاب كل واحد بسيارته وهذا من الأشياء المميزة بالنسبة له في طقوس الصيف، جلست جنان بجانبه ومسكت ذراعه لينظر لها باستغراب

آسمر : مالك يا حبيبتي في حاجة ؟ .. صحيح بالنسبة للي حصل أمبارح فبجد أنا أسف مش قصدي اللي بتفهميه

جنان بإبتسامة : عارفة يا آسمر إنك مش قصدك اللي بهبل بيه ده وشكلي فعلاً بدأت أغير من ناني

آسمر بهدوء : تغيري منها ليه يا جنان ؟ جنان أنتِ ربنا مديكي حاجات كتيرة أوي مش عند حد المفروض تحمديه ومتستكتريش على حد حاجة بتاعته

تجمعت دموعها لتردف : عارفة والله بس دا طبع مش في الإيد .. خايفة جيني تحبها عني

آسمر : خليني معاكي للأخر تخيلي مثلاً اللي في بطنك ده حب ناني عنك أيه شعورك ؟

جنان برفض قاطع : لا طبعاً أنا اللي مامته

فك عقدة حاجبيه ليشير على جيني وهز رأسه ليكمل : ناني لو رفعت علينا قضية هتكسبها بسهولة يا جنان

جنان بحدة : هي ليها عين

آسمر : مبدئياً أنا بقول فرض ثانياً أي ام في الدنيا مهما عملت لو هدت الدنيا وبنتها تاني عند ولادها يحق ليها ده .. دي أم وأنا أيوة متعلق بجيني بس صدقيني مش هيبقى أكتر من ناني يعني سبحان مين مصبرها

نظرت جنان لأسفل لتهز رأسها وهي تحاول استيعاب كل ما يُقال وتحاول تفهم وضع أختها في كل هذا لتتنهد بتطويل

جنان : خلاص بص أنا بعد كدة مش هعترض إن جيني تروح لناني وهحبها ذي الأول وخلاص عشان الحوارات دي كبيرة عليا أوي

علت ضحكاته ليردف : يخربيت شيطانك يا جنان .. قومي يلا كملي تجهيز حاجاتنا وسيبي حبيبة بابي معاه

جنان وهي تقف : حاضر

*************************

في شقة أنس

دخل الغرفة ليجدها تغلق الحقيبة بعدما جمعت كل ما يلزمهم فيها، كادت تحملها لكن أنس التقطها منها ووضعها جنباً فأشاحت بوجهها عنه وكادت تذهب لكنه أوقفها

أنس : أيه استني

أيه بضيق : عايز ايه ؟ 

أنس بهدوء : ممكن ندي بعض فرصة في المكان ده جايز نـ …

أيه بحدة : انسى يا أنس

وبعدته عن مرمى طريقها لتتجه للخارج فاردف بحدة : على فكرة أنتِ في منتهى الأنانية

أيه بهدوء : على فكرة كل الناس في منتهى الأنانية مش أنا بس

أنس : تمام .. تمام أوي بس يعني أنا مستغرب أزاي عايزة روز تسامحك وأنتِ مش قادرة تتجاوزي مش حتى تسامحي

ايه باستنكار : تسامحني ؟!

أنس بسخرية : يعني أنتِ مفكرة إني أهبل ومش ملاحظ أنك مروحتيش ليها ولا مرة بعدين بدأتي تروحي الجامعة .. اظن دا مش حلاوة روح منك بس افتكري أنتِ عملتي فيها أيه وهي وأهلها ردوه ليكي أزاي ولما احتاجتك ملقتكيش مع إن أكتر من مرة أقولك شوفيها وأنتِ تقوليلي .. ما هو الحب للدرجة دي قلقان عليها

ليردف بحدة : ذي ما أنتِ حبتيني وأنا بأذيكي أنا قلبي اتفتح لروز يا أيه وكان مجرد أنجذاب إنما الوقتي هي محرمة عليا ذي أختي بالظبط قبل مرات أخويا .. أنا اتغيرت وأنتِ ولا الهوا بدليل لو روز وقعت وقعة تانية أنتِ هتكملي عادي ولا كأن في حاجة ولا كأنها في يوم كانت قريبة عشان أنتِ اتعودتي تبقى جنبك بس أنتِ لا حقيقي حاجة في منتهى القرف

أيه بسخرية : يا سلام وأما أنا في منتهى الأنانية والقرف لسه فاضل معايا ليه ؟ لسه شاغل دماغك بيا ليه يا أنس

أنس : مش عايز اهدم بيتي

أيه بقوة وغضب : وأنا مش عايزاك أساساً بطل بقى شغل التلزيق ده وخليك في نفسك

أنس بصدمة : تلزيق ؟! تلزيق يا محور الكون مش بقول منتهى القرف

تركها هو وكاد يغادر لكنها اردف قائلاً : شوفتي بقى الفرق بينك وبين روز وليه هي محبوبة أكتر

أيه بسخرية ومرار : قصدك ليه لسه بتحبها صح ؟

أنس بحدة : اللي تفهميه افهميه وأخبطي راسك في الحيطة

تركها واتجه للصالون يفتح الشاشة على أحد الأفلام وحاول تناسي ذاك النقاش الذي بالتأكيد ترك أثر سيء في نفس كلاهما من ناحية بعضهما أما هي فجلست على السرير تبكي وتفكر فيما قاله لتحاول الرنين على روز عدة مرات لكنها لم تجيب فرنت على رولا

رولا : الو ازيك يا أيه

أيه وهي تمسح دموعها : الحمد لله أزيك يا ماما اخبارك ايه

رولا : الحمد لله .. آشقر وأنس عاملين أيه ؟

أيه بتنهيد : كله تمام هي فين روز برن عليها مبتردش في حاجة ولا أيه ؟

رولا بهدوء : أيه عدا عن إنها حالياً مع ابنها بس هي تلاقيها واخدة على خاطرها شوية وهترجعوا ذي الأول

أيه ببكاء : أنا واللهِ …

رولا مقاطعة إياه : من غير حلفان يا أيه مفيش أي مبرر يمنعك عن صاحبتك في شدتها أي كان هو يعني أنا مستغربة أزاي تهون عليكي .. كنتِ هتفرحي لو لا قدر الله بنتي راحت مننا وأنتِ أساساً مسألتيش عليها

مسحت دموعها لتهتف : بعيد الشر عنها ومعاكي حق انا فعلاً غلطانة

رولا : يلا حصل خير

أيه بهدوء : طب أنتِ وبابا زعلانين مني

رولا بهدوء مماثل : نزعل ليه .. ربنا ما يجيب زعل الحمد لله عدت الفترة دي وفي كل الحالات اللي كانت محتاجاكي روز مش أحنا

أيه بحزن : أنا بجد عمري ما هنسى اللي عملتوه عشاني

رولا بتنهيد : ولا أحنا هننسى اللي عملتيه يا أيه .. يلا راحة أحط الأكل عايزة حاجة

أيه : أنا …

رولا : سلام

انفجرت أيه باكية وهي تضع الهاتف بجانبها لتتمدد على السرير ومبررات العالم كله لا تكفيها مقدار لحظة بعدتها عن صديقتها

************************

نظرت رولا بإتجاه هارون وهزت رأسها ليزفر بهدوء وهو يغلق ذاك الكتاب فجلست بجانبه ومسدت على يده

رولا : متضايق مني ؟

هارون بهدوء : جداً

أتت روز في تلك اللحظة لتستمع لوالدتها تسأل أباها : طيب هو سؤال أنت بتكرم أيه ليه ؟

هارون بتنهيد : عشان خاطر روز انا مكرمش أيه بس دا أنا أكرم العالم كله بس دا مش معناه نزعل البنت

رولا بحزن : كل أما افتكر شكل بنتي يا هارون نفسيتي تتعب وأحس بخنقة .. أزاي دي لما لجأت لينا كنا ..

قاطعها هارون قائلاً بهدوء : عمرك يا حبيبتي متقولي عملت ولا معملتش اللي فات مات وكمان عايز اقول لروز كدة .. أحنا عايشين عشان يتعمل فينا وفي نفس الوقت ننسى ونكمل عادي لأن لو فضلت في اللحظة نفسها عمرنا ما نعيش

روز وهي تدخل : معاك حق يا بابي

هارون بإبتسامة : تعالي لحضني

اتجهت وجلست تحضنه وكذلك رولا فحقاً هو محق ما دام الإنسان واقف عند تلك اللحظة لن يكمل بسلام، يجب أن نتخطى ونتجاوز ما مر وكما يُقال “كل مر سيمر ” ونضيف أنه لو لم يمر لن نكمل

******************************

في صباح يوم جديد

تجمع الكل أسفل المنزل ينتظر قدوم آسمر حتى يخرجا السيارة لكنهم تفاجأوا بباص كبير يقف أمام المنزل، ضحكت أسيا فهي تعلم ان آسمر سوف يقوم بهذه الحركة فهذه من أول التقاليد الخاصة به

وصل آسمر مع ناني وروز لينزل وكذلك هما ليسلموا على الكل وبالتأكيد عرفت روز أن إياد ليس هنا، ترى أين هو ؟

آسمر وهو يرمي مفتاح سيارته لأحد الرجال : اتفضل معاك اسم الأوتيل صح ؟

أكد الرجل وركب سيارة آسمر لينطلق متجه للمكان المراد قبلهم

أنس بسخرية : ما شاء الله ناس غريبة تسافر بعربيتنا وأحنا شخصياً في باص .. آسمر وعمايله

آسمر : اللي عنده اعتراض يروح مواصلات محدش بيدفع حاجة من جيبه

أنس بغيظ : أنت هتزلنا ياض بعدين ما بفلوس الباص كنا روحنا بعربياتنا أكرم

آسمر بعناد وسماجة : لا .. فين إياد ؟

نزل إياد من أعلى ويبدو أنه استيقظ من النوم لتوه لينظر للكل وارتكز نظره على روز الواقفه ثم قال : جيت يلا بقى

آسمر : أنت غسلت وشك ياض

إياد بسخرية : لا مستني حضرتك تغسله ليا

آسمر بسخرية مماثلة : مش عايزني أحميك كمان

إياد : اللي تشوفه أنت أدرى

بدأ الكل يصعد لأعلى كل واحد بجانب زوجته وصعد إياد ليجد روز تجلس في الأخر وحدها كالعادة والكرسي الذي بجانبها فارغ فاتجه وجلس بجانبها، نظرت له وكادت تتحدث لكنها صمتت ونظر للخارج لتتنهد بهدوء

اعاد إياد رأسه للخلف بتعب واضح فنظرت له لتردف : أنت كويس ؟

هز رأسه بهدوء وأغمض عيناه ليعيد فتحها وأنحنى لها قائلاً : جيتي ليه ؟

روز بحدة : أفندم ؟!

ابتسم بخفة لتكمل : مش عشان اللي في بالك

إياد وهو يخترق عيناها : وأيه اللي في بالي يا ست روز

عضت على شفاها ولم تتحدث لينحني لها قائلاً : أنا حافظك وعارف .. أنتِ وحشتيني أوي

روز بحدة : إياد لو سمحت عديني .. مش عايزة أقعد جنبك

إياد ببرود : خايفة متقدريش تقاوميني

روز بسخرية : يا سلام

اقترب منها حتى اختلطت انفاسهم فكادت تدفعه لكنه مسك يدها بيده واقترب منها لتردف : إياد

لم يعطي لها الفرصة أن تتحدث ورفع يدها لشعره ليجدها تقربه فهي اشتاقت له كما اشتاق لها، كالعادة كل عام يجلسا منفردين إما بالسيارة أو بالباص وهكذا هذا العام أيضاً

روز بحدة : دا مش معناه حاجة

إياد بغمزة ووقاحة : صح الحاجات دي عادي بين أي اتنين صحاب أو أغراب إنما لو …

روز بحدة : إياد لو سمحت

ضحك بخفة ليهز رأسه بتأكيد فعادت تنظر للخارج وتمنع ابتسامتها وكذلك هو ليرفع رأسه ويغمز لأخاه الذي ابتسم

جلس آشقر بجانب ناني التي تحمل جيني ينظر لها كل حين وأخر ويقف ينظر لجنان ثم يعيد النظر لها لتعلو ضحكاتها

ناني : في حاجة يا آشقر

آشقر بعبوس : هو أنا ليه مش عندي شخصية في حياتي شبهي كدة

ناني : مش كل الناس كدة أحنا حالة نادرة

آشقر باستغراب : نادرة مين ؟

ناني بضحك : أقصد يعني مش كل الناس كدة اللي زينا قليلين خالص فهمت

آشقر وهو يهز رأسه : فهمت .. أنتِ في سنة كام يا طنط ناني

ناني بإبتسامة : أولى جامعة بس كان المفروض ابقى في تانية

آشقر وهو يهز رأسه : الكل بيقول كدة عشان يغطي على فشله

اتسعت عيناها لتنفجر ضاحكة ثم قالت : أنت صح وأنت في سنة كام بقى

آشقر بعبوس : في سنة تالتة بس المفروض كنت أبقى في رابعة

ناني بضحك : اي حد فاشل بيقول كدة عشان يغطي على الفشل ده

آشقر بهدوء : معاك حق يا ليدي ناني بس في بعض الحالات النادرة اللي زيي مش بيبقى فشل

ناني : نادرة مين ؟

آشقر بجدية : ناردة تبقى أمي

انفجرت ضاحكة وكذلك هو لتداعب شعره فحقاً هذا الصغيرة يمتلك كم كبير من اللطافة اكتشفتها لتوها، وجدته يمد يده فمدت يدها تضعها بيده

آشقر : شكلك ظريفة يا ليدي ناني وبفكر نبقى صحاب هل عندك مانع

ناني بضحك : لا يا مسيو آشقر .. شرف ليا يا باشا

هز رأسه وعاد ينظر أمامه فضحكت ورفعت رأسها حين ناد آسمر على الجميع قائلاً : أيها النكدي والنكدية أتمنى تستمتعوا بالطريق ورحلة سعيدة والسلام عليكم ورحمة الله

1

جلس مكانه يستمع لضحكات الكل ونظر لجنان التي تنظر للخارج ليقرص وجنتيها فضحكت، قام السائق بتشغيل أغاني كما يرغب آسمر وعم جو لطيف طوال الطريق .

**************

وصل الجميع إلى الفندق المراد، اتجه آسمر للاستقبال بينما جلس الجميع يستريح، عاد آسمر ووزع كروت الغرف على الجميع في حين نظر لروز ليهز كتفه قائلاً : اللي يريحك هعمله

نظرت بإتجاه إياد الذي نظر لها واردف : نوفر حق أوضه آسمر اللي هيشيل الليلة حرام

آسمر بضحك : لا ملكش دعوة بيا حق أوضة مش هتعجزني

إياد بغيظ : أنت غلس ياض .. الفندق باين عليه مش لاحق أكيد مش هنلاقي أوض تانية

آسمر بغمزة وخبث : صحيح ناني هتقعد لوحدها تقدري تقعدي معاها

التقط إياد كوب الماء ودفعه بوجه آسمر الذي شهق وعلت ضحكات الكل دون توقف ليلتقط آسمر كوب عصير برتقال ويدفعه بوجه إياد

إياد بغيظ وهو يمسح وجهه : أنا هوريك

جرى خلف آسمر بكوب من عصير الفراولة بينما ينطلق آسمر جرياً أمامه ليلفتوا انتباه الكل من حولهم ويضحك البعض فلا يليق بسنهم ما يفعلوه

أحمد وهو يضرب كف بأخر : شايفة الفضايح يا أسيا

أسيا بضحك : دا المتوقع من الناضجين ولادنا .. قوم يا أنس اعمل حاجة

أنس : مش مستغني عن برستيجي

وقفت روز واتجهت خلفهم لتردف جنان : ناني والنبي روحي معاها

ناني بضحك : حاضر

اتجهت مع روز ووقفت روز حائل بين الاثنين تأخذ الكوب من إياد ثم وضعته جنبا لتردف بضيق : كفاية

إياد بحدة : يعني عجبك منظري ده

مسحت أسفل عيناه لتجد نفسها تلقائي تنفجر ضاحكة فضحك هو الأخر وكذلك ناني التي صمتت ما إن لمحت شيء يسير بعيداً، حوالت أن تضيق عيناها لترى أوضح لكنها لم تستطع لتفيق على صوت آسمر

آسمر : اللي واخد عقلك

ناني بهدوء : مفيش بس حسيت إني شوفت حد كدة

آسمر : مش سبت

نظرت له بغيظ لتلتقط كوب الفراولة ودفعته بوجهه ثم تركته وغادرت لينفجر إياد ضاحكاً وكذلك روز، جز آسمر على أسنانه متوعداً لناني بعقاب قوي ومسح وجهه ليعود لهم

إياد بتنهيد : هتعملي أيه ؟

روز ببرود : هدفعك التمن غالي

إياد بتعب : حقك يا روز .. هتقعدي معايا ولا خايفة تضعفي

روز بسخرية : أضعف ؟! هو في أضعف من اللي أنا كنت فيه يا إياد ؟ بس تمام

اتجهت حيث الكل وهو خلفها لتأخذ المفتاح من آسمر وتصعد للغرفة وكذلك اتجه كل شخص لغرفته ليصر آشقر على البقاء مع ناني التي سعدت بالفكرة كثيراً وبدأت تبني علاقة قوية معه

تمدد إياد على السرير وكاد يغفو ليفيق على يد ابنه وهو يجذب شعره ففتح عيناه وضحك

إياد : عايز أنام ؟ مامتك كل ده بتاخد شاور

روز وهي تخرج : أنت مش كنت نايم ولا هي قصة

إياد بهدوء : فعلاً قصة .. يلا تصبحوا على خير

روز بحدة : متنامش بقولك اتفضل اترزع لحد ما يرنوا وننزل لأني مش هنزل لوحدي يفكروني خلصت عليك ولا سمتك

علت ضحكاته ليردف : العفو يا ست روز مش للدرجة دي

حملت أيان الذي بدأ يغفو ليردف : اشمعنا أيان ينام عادي

روز بغيظ : أنت بتدلع يا إياد .. بتقارن نفسك بعيل صغير يا سبحان الله

وضعت الصغير جنبا وكادت تقف لعمل شعرها لكنه جذب يدها، كادت تدفعه لكنها تفاجأت به يتمدد ويضع رأسه في حضنها يضع يدها على وجهه

روز : إياد

إياد بحزن : احضنيني ذي أيان يا روز

كادت تبعده لكنها تراجعت وهي ترفع قدمها لتجعله يضع رأسه بأريحة فبدأت تمسد على شعره ووجهه قائلة : مالك

إياد بدموع : مش قادر أسامح نفسي .. أنا أسف يا روز بس حتى لو سامحتيني مش هقدر أكمل بعد اللي عملته

ليكمل وقد بدأت دموعه تنساب : أنا تعبان أوي

مسحت دموعه وجعلته يغمض عيناه لكنه عاد يفتحها ويضمها دافنا وجهه بحضنها، غفى في حضنها لكنها لم تبعده بل تركته وظلت تجلس وتضمه

رن الهاتف الخاص بهما ليفيق إياد على صوته وجدها تجيب آسمر وتخبره بقدومهم فابتعد وجلس يسند رأسه

روز : قوم يلا غير

إياد بهدوء : حاضر

***********************

تجمع الكل على طاولة كبيرة يتناولوا طعامهم، وبدأ كل واحد يتلو مخططاته في حين نظر أنس لأية وكذلك إياد لروز

أنس بمرح : والعة معاك يا آسمر

آسمر باستغراب : على أيه ؟

أشار بعينه على جنان ليردف آسمر بمرح : الله أكبر في عينك يا ابن السلحدار

أحمد وهو يقف : يلا يا أسيا أحنا

وقف أسيا وذهبت معه بينما اردف أشقر : يلا يا أنون

أنس باستغراب : رايحين فين ؟

ناني : هنتمشى على البحر واحتمال ننزل الماية

أيه برفض : لا بلاش سبيه يا ناني

نظرت لها باستغراب ثم لأشقر الذي مسك يدها قائلاً : ليه يا ماما ناني هتاخد بالها مني صح يا أنونة ؟

ناني : أيوة سبيه يا أيه

أيه برفض قاطع : لا معلش يا ناني سبيه

أنس بهدوء : خديه يا ناني متتعبهاش يا آشقر

آشقر بسعادة : حاضر

ذهبت ناني مع آشقر لتردف أيه بحدة : أنت مديها الأمان أوي كدة ليه ؟

أنس : تعرفي تسكتي

كادت تتحدث فوقفت جنان ودفعت الكرسي لتذهب من أمامهم فنظرت روز لها وحركت رأسها لتقف هي الأخرى، عضت أيه على شفاها

روز بضيق : بقيتي تخبطي في الحلل كتير أوي

غادرت هي وإياد وبقت أيه مع أنس الذي نظر لها قائلاً : أنتِ بجد معتيش مظبطة

أيه بحدة : أنا مغلطش في حاجة

أنس بحدة مماثلة : دا في حد ذاته غلط يا أيه وأنتِ كدة في طريقك لوحدك

أيه وهي تقف : عادي منا طول عمري لوحدي

سخر بنظرته ليردف : لو شايفة كدة فأنتِ صح وخسارة كل اللي اتعمل عشانك

أية بحدة : عملتلي ايه ؟ عملك أسود معايا يا أنس

وقف هو الأخر قائلاً : أنا معملتش وروز معملتش ومحدش عمل .. أنتِ بس يا محور الكون اللي عملتي

2

تجاهلها وتركها مغادراً لتنظر خلفه وزفرت بنفاذ صبر وضيق لتجد واحدة تقول : أنتِ مرات أنس

رفعت أيه رأسها قائلة : أيوة في حاجة ؟

نفت الفتاة برأسها لتردف : لا مفيش خدي بالك منه وقوليله سها بتسلم عليك .. عن أذنك

انطلق شرار الغيرة من أعين أيه لتندفع لأعلى وطرقت على الباب بقوة قائلة : افتح يا أنس .. مبتفتحش ليه أكيد معاك واحدة .. أنس

فتح الباب بهدوء والفوطة تحاوط عنقه فيبدو أنه خرج من الحمام لتوه لتنطلق للداخل قائلة : هي فين .. البت دي فين ؟

أنس باستغراب : هي مين ؟

أيه بسخرية : ست الحسن اللي شبه سها

أنس بعدم فهم : سها مين ؟

أيه بغيرة : في واحدة قابلتني بتقولي سلميلي على أنس واسمها سها .. سها مين يا أنس ؟ أة ما أكيد ساحراك بعنيها الخضرا

أنس باستيعاب : خضرا ؟ هي هنا ؟

اخرج هاتفه ورن على آسمر يعطيه رقم ناني ليرن عليها قائلاً : ناني والنبي خدي بالك من آشقر ومتديهوش لحد ولا تخليه يكلم حد

ناني بتوتر : لو في حاجة هرجعه

أنس : لا خليه معاكي بس ذي ما بقولك

ناني بهدوء : تمام

أغلق الخط مع ناني ونظر بإتجاه ايه التي اردفت : في حاجة ؟

أنس بهدوء : خالة آشقر

تركها واتجه للحمام فجلست على السرير تعض على شفاها ثم نظرت حولها بخجل من نفسها وضعت يداها على وجهها قائلة : بذكائي هو طايق اللي معاه عشان يحب واحدة أنا كمان

ضحكت بخفة رغماً عنها وعادت برأسها للخلف، رغماً عنها غمرها القلق على آشقر الصغير

****************************

جلست روز على الشط وبجانبها إياد ينظر للمياة المتلاطمة وكذلك هي، وقف ومد يده لها لتمسك يده ووقفت هي الأخرى ليجدوا موسيقى عالية والبعض يرقص

إياد بهدوء : ترقصي

روز بهدوء : معنديش مانع

حاوط خصرها ودفن وجهه بين خصلاتها ليبدأ بالتمايل ثم أدارها بين يديه ليستقر جبينه على جبينها وتنهد بتعب ليغمض عيناه

روز : أنت كويس ؟

نفى برأسه وابتعد يتجه للماء فذهبت معه وجذبت يده ليقف ثم اردفت : إياد لو سمحت أقف وكلمني .. مالك في أيه ؟

إياد بحزن : أنتِ قلقانة عليا ليه سبيني يا روز لو سمحتي أولع

روز بحدة : مش عشانك دا عشان أيان

هز رأسه وهو يعود خطوة للخلف لتردف بتفكير : عايزة أعوم تعالى معايا

هز رأسه وأخذ يدها ليدخل بها لعمق المياة وبدأت تسبح معه ليأخذها في أحضانه ويدخل معها أكثر

“إياااااد” رن اسمه في أذنه ليقف وينظر لها قائلاً : اخرجي يا روز وسبيني لوحدي ممكن

روز برفض قاطع : لا .. خليني معاك

نظر لها قليلاً وابتعد عنها لينطلق لعمق الماء اكثر فوجدها تأتي خلفه وأي انتقام هذا نوت عليه فهو لم يهون عليها كما هانت عليه، حين احتاجها وجدها وحين احتاجته كان أول المتخلين

كذلك كل من تقدم له خيراً يفعل بها نفس الشيء، تنهدت بتعب لتمسك يده قائلة : يلا يا إياد نخرج انا بردت

إياد بهدوء : اخرجي أنتِ لو سمحتي عايز اقعد لوحدي

تنهدت روز قائلة : مش هينفع أسيبك الوقتي .. شكلك مش كويس

إياد بتعب : أنا سيبتك سبيني

هزت رأسها بنفي لتردف بهدوء : أنا مش أنت يا إياد ولا أنا أيه ولا أنا أي حد

لتكمل بشرود : أنا مش اي حد ولا أنا أي حاجة

جذبت يده لتتجه به للخارج فاستسلم لها وخرج معها ليتجه للغرفة يأخذ شاور سريع وهي خلفه ثم بدلا ملابسهم ومر اليوم وهم في غرفتهم

************************

في المساء

وقفت ناني مع آشقر في منتصف الساحة ترقص معه والكل ينظر لهم ويبتسم، وقف آسمر واتجه لهم يرقص مع الاثنين بمرح لتعلو ضحكات الثلاثة

أشار آسمر لجنان أن تأتي فنفت وهي تنظر لهم وتضحك وفي هذه اللحظة خلى قلبها من كل ذرة غيرة تحملها ضد أختها فحقاً يبدو لطاف وكأصدقاء لا أكثر

دارت ناني حول نفسها لتجد طفل يقف ويصفق فمسكت يديه وبدأت ترقص معه، نظر الطفل لها كأنها فضائية سرعان ما انفجر ضاحكا

انتهت الأغنية لتشتعل أغنية رومانسية فعبست ناني والأطفال ليأخذ آسمر يدها ويرقص معها

ناني : جنان هتتقمص

آسمر بإبتسامة : لا متقلقيش .. هاا حاسه بتغير مود

ناني بسعادة : فعلاً الواحد كان محتاج التغيير ده .. راحة لا نهائية

آسمر بهدوء : بالمناسبة دكتور يوسف هنا مع عيلته

ناني بأعين متسعة : بتهزر ! يعني اللي شوفته هو نفسه صح ؟

أكد برأسه ليرفع حاجبه وينزله فضمت شفاها : عادي بسأل طبيعي يعني

آسمر بخبث : متكلمتش

ناني بغيظ : أنت غلس أوي

ادارها عدة مرات ليردف : يعني مقولكيش شوفته فين ؟

ناني بغيظ : لا واسكت

أشاحت بوجهها عنه لتحاول كبت إبتسامتها فاردف بضحك : اضحكي اضحكي

أطلقت ضحكة رنانة وكذلك هو ليديرها عدة مرات ثم ترك يدها لينزل من على المسرح الصغير فشهقت وهي تجد يوسف يمسك يدها

ناني : أنت

يوسف بهدوء : عسل آسمر بس للأسف الأغنية خلصت

عادت خطوة للخلف لتردف : اها مش مشكلة تتعوض عن أذنك

تركته ونزلت خلف آسمر لتلتقط كوب ماء وتجرى خلفه لتصطدم بإياد فضحكت قائلة : أسفة يا إياد كله من آسمر البارد

إياد : ولا يهمك .. عمل ايه تاني ؟

آسمر : ولا حاجة ما تيجوا ننزل الماية واللي يكسب ياخد عشرين جنية

إياد بضحك : ابغي أقولك شيء ولكني استحي

آسمر بضحك : عيب يا يويو معانا بنات

جنان : خد ناني متمكنة جدا في السباحة وبتحب تسبح بليل

جلست ناني بجانب جنان وقبلت وجنتها بتطويل ثم قالت : هاخد عشر الاف جنيه

آسمر : وأنا الف جنية كفاية عليكي

ناني بتحدي : تمام جهز فلوسك

تجمع إياد وجنان وآشقر وروز على الشاطيء ليعلن إياد البداية قائلاً : لحد العلامة الحمرا ونرجع … أحنا شايفين اهو لو حد غش يلا واحد اتنين تلاتة ابدأ

انطلقت ناني جرياً ليضحك الكل وسار آسمر بهدوء ليرسل قبلة لهم وبدأ كلاهما السباحة ليصفر إياد لكلاهما ويشجع ناني .. وصل آسمر في البداية نسبة لطوله ثم ناني

ناني لآسمر : يا رب يطلع عليك ناس ذي اللي في صعيدي في الجامعة الأمريكية

آسمر بسخرية : يا رب يا نونه

وقفت ناني فجأة تحاول الثبات على قدم واحدة فقد حدث لها شد عضلي جعلها تصرخ بوجع لكن آسمر لم يستمع لها، أتت موجة خفيفة لتجعل قدمها الأخرى ترتفع فوقعت على ظهرها وانكتم صوتها في الماء تخرج تأخذ أنفاسها وتعود أسفل الماء .. حاولت الصراخ عدة مرات لكنها لم تستطع وبات الماء يخنقها أكثر وقدمها لا تُفك أبدا

فجأة شعرت بمن يحاوط خصرها ويرفعها قائلاً : توقعت تحصل حاجة .. ناني

شهقت بقوة تلتقط انفاسها وتحاوط عنقه باكية ليزيد من رفعها قائلاً : أهدي عشان متغرقنيش .. خلاص

ناني وهي تشعر بالدماء تندفع لرأسها : أ.

تنفست وهي تشعر بثقل رأسها ليحاول فك قدمها قائلاً : لسه شده عليكي

اكدت برأسها ليظل يحاول لدقيقة حتى همست: بقيت كويسة

يوسف : أنا هطلعك شوية وهسيبك تخرجي ليهم تمام

ناني بتعب : ماشي

خرج بها قليلاً ثم تركها لتخرج وتتمدد على الرمال فاردفت جنان بقلق : ناني أنتِ كويسه

آسمر بمرح : دا تأثير الخسارة يعني

نظرت له واكدت بمرح مصطنع لتردف : حد يساعدني أطلع أوضتي .. دماغي صدعت

جنان بقلق : طيب يلا

*************************

تمدد إياد على السرير وأغمض عيناه يحاول النوم عدة مرات لكنه لم يستطع فوقف وقرر الاتجاه للبلكونة، وصل ليستمع لروز تتحدث مع والدها في الهاتف فوقف محله يسمع ما تقول

روز بحزن : هي محاولتش تكلمني مرة يا بابي .. يعني دا جزائي طيب المفروض أزعل صح ولا أنا مزوداها

هارون بهدوء : يا حبيبتي قولتلك قبل كدة عمرك ما تنتظري حاجة من حد

روز بألم : اكتشفت كل كلمة بتقولها قد ايه هي صح الوقتي يا بابي .. انا أسفة إني خذلتك وخذلت نفسي أنا قاعدة مع إياد وبساعده يتجاوز أنا معنديش كرامة صح ؟ أنا استاهل اللي بيحصلي يا بابي

انفجرت باكية لتردف : أنا تعبت من نفسي والله مش عارفة أنا عايزة ايه ولا المفروض أعمل ايه .. أنت متخيل إياد لسه مستكتر نفسه عليا حتى وانا وهو عارفين أنه محتاجني جنبه

هارون : روز اللي جواه طبع عمره ما يغيره واللي بيحب بجد عمره ما بيكره .. أنتِ عمرك ما كنتِ غلطانة لأن دي فطرة يا حبيبتي

ليكمل بهدوء : ريحي قلبك وارجعي

روز باستغراب : ارجع ؟ واسيبه ؟

إياد بهدوء : أيوة ارجعي يا روز

نظرت باتجاهه ليردف : مكانك مش هنا ولو بموت المفروض متفضليش جنبي لأن انا طبعي كدة يا روز ومش هتغير بسهولة

روز بعدم استيعاب : يعني أيه ؟

إياد : يعني العلاج اللي استخدمته معاكي رديه ليا وقتها بس هرتاح .. أنا تعبت من كل حاجة ومن نفسي لو سمحتي ريحيني وبطلي تحسسيني قد أيه انا وحش

روز بحدة : يعني المفروض أعمل أيه وأنا مش حساك طبيعي

إياد بهدوء : تخرجي من حياتي تسبيني أتعاقب على اللي بعمله

روز بصراخ : يعني أنا بتنازل وأنت كالعادة بتطردني من حياتك يا إياد .. أنت مصر كل مرة تخليني أندم ألف مرة إني رجعتلك

لتكمل بغضب : دا أنت مهانش عليك تعملي ذكرى واحدة حلوة بس تصدق لحد هنا وكفاية المرة دي أنا بجد هسيبك ومش هحلف ولا هقول بكرهك ولا هبل كل مرة .. خلاص إياد لو سمحت طلقني

هز رأسه بتأكيد قائلا : هعمل كدة لما نرجع

روز بعصبية : شوفت .. ماشي يا إياد وحياة ابني ما هتسمى ليك ست تاني ولا هخليك تشوف خلقتي طول منا عايشة

واتجهت للداخل تأخذ ابنها ثم أغلقت الباب بقوة وانهمرت دموعها دون توقف لتخبر والدها أن يرسل لها أحد يأخذها بينما جلس إياد لدقائق بتعب كأنه لا يستوعب ما حدث فقط يفكر أنه ربما هذه النهاية وربما خسرها أو بالفعل خسرها وخسر أخر فرصة تجمع كلاهما .. ما الذي أصابك يا إياد مؤخراً ! قرر ان ينزل خلفها ويشرح لها الوضع وبالفعل فتح الباب ونزل جريا .

****************

وقف إياد أمام روز قبل أن تستقر بالتاكسي ليمسك يديها ويحني رأسه بحزن ودموع تنهمر، انفجرت باكية هي الأخرى وهي تبعد يده عنها

إياد : روز أنا …

روز مقاطعة إياه : متقولش حاجة يا إياد

إياد : أنا في يوم هرجعلك بس لما اتعالج .. واللهِ مش قصدي يا روز بس أنا فعلاً تعبان

روز : أنا قولتلك بإيدك يا إياد مكنتش عايزاك تمر باللي خلتني أمر بيه

احنى رأسه قائلاً : أنا استحق وعشان أتعالج لازم أمر بكل ده لوحدي يا روز .. لازم أدمر عشان أتبنى من جديد

روز بهدوء : تمام أتبنى لنفسك يا إياد لأني أنا حلفت بحياة ابني ووجودك في حياتي مش أهم من روح ابني .. سلام

بعدته عن الباب وفتحته كادت تركب لكنه اردف : روز

أكمل حين نظرت له : مفيش حياة من غيرك .. هرجع وهننسى

هزت رأسها بيأس وأغلقت الباب ليقود السائق مبتعدا بينما نظر إياد خلفها حتى اختفت ثم رن على أخاه قائلاً : آسمر

آسمر : فينك يا ابني وروز كمان محدش شافها

إياد بدموع : كل حاجة أنتهت ومش عارف اشكي لمين بس أنا تعبت أوي .. والله تعبت

آسمر بهدوء : وعند الله منها المخرج بس أدي نفسك فرصة يا إياد وبطل اللي بتعمله في نفسك وفي اللي حواليك

إياد بحزن وألم : أنا تعبان يا آسمر .. أنا مش طبيعي وعايز أختفي لحد ما ارجع نفسي

آسمر بحدة : بطل خطرفة وهبل يا إياد

إياد بتوهان : مش بخطرف أنا … أنا عايز أبقى طبيعي بعد اللي عملته فيها أنا خسرت نفسي خالص يا آسمر

آسمر بحدة وقلق : إياد ممكن تيجي الفندق نتكلم

نظر إياد للهاتف ثم أغلق الخط ليترك الهاتف يقع في الشارع ثم بدأ يسير مبتعدا ولم يعد يشعر بشيء حوله ولا نبالغ حين نقول لا يشعر بنفسه حتى .. مسح دموعه ليرى كل ذكرى جميلة هدمها برأسه فهو لم يكن يوماً ذاك الشخص والآن وصل بقدمه لهذه المرحلة

ظل يسير ويسير حتى أنه لم يعد يعلم أين هو، وقف في منتصف الطريق حين لما يعد يرغب في السير لا يتحرك واغمض عينه يبكي كالطفل الذي تاه من والديه وفجأه سمع أصوات كثير عالية، شعر بألم قوي وسائل يحتويه من كل الجوانب .. صوت صراخ إسعاف ليس واحد بل كثير فكان شخصين غيره فعلوا حادث في نفس الوقت

زاغت عيناه وهو يتذكر كل لحظة أذاها فيها فهو لم يفضلها سوا القليل من المواقف الشديدة التي مروا بها، في حين أنها اختارته في كل موقف .. اراد أن يرفع رأسه ويقف ليذهب لها ويعتذر لكن ذاك الألم قاومه وفاز عليه

إياد بهمس قبل ان يستلم للظلام : روز

وهنا توقفت انفاسه وحياته التي شعر وانها بدأت مع حبها والآن انتهت لمجرد إنهائه لكل شيء يخصها ..

************************

جلس أحمد بتعب واضح فهو لا يعرف أين ابنه وكذلك روز فهي قد عادت للاسكندرية، تنهد آسمر وهو يمسح على وجهه بقوة

آسمر : يلا هنرجع إسكندرية ممكن يكون رجع .. انا هكلم ليكم الباص وهسبقهم

أنس : هاجي معاك

آسمر بصوت صارم : لا خليكم معاهم مينفعش .. سلام

جرى من أمامهم يجري إتصالاته وبدأ يقود بأقصى سرعته، عاد آسمر للإسكندرية وبدأ يبحث عن إياد في كل مكان لكنه لم يجد له آثر

مر يومان

الوضع كما هو عليه لا آثر لإياد ليعود آسمر إلى الساحل يبحث عن أخاه في المستشفيات والأقسام حتى أنه بدأ يسير في الشوارع وهو يحمل صورته

ساء وضعه كثيراً من قلة النوم والتفكير المستمر، منع الجميع أن يخبر روز عن إختفائه فهو استوعب أنها تريد بداية جديدة

تنهد وهو يرن عليها قائلاً : روز عاملة أيه

روز بهدوء : كويسه .. عامل أيه أنت

آسمر : الحمد لله .. روز هو إياد قالك أيه قبل ما تمشي ممكن تقوليلي

روز بتنهيد حزين : قالي أنه مش عايزني و …

بدأت تقص له ما قاله إياد بالتفصيل وحين انتهت اردف بهدوء : أنا كدة فهمت .. شكراً يا روز

روز بتوتر : في حاجة يا آسمر

آسمر : لا مفيش يا قمر متشغليش بالك

روز بتنهيد وغيظ من نفسها : إياد كويس يا آسمر ؟

آسمر : متشغليش بالك بيه يا روز وكملي صح .. يلا خدي بالك من نفسك ومن أيان

روز : تمام سلام

أغلق الخط وعاد متجه للإسكندرية وهو يخمن أن أخاه فعل هذا قصداً فهو في حاجة لقسط من الراحة والبعد، لم يبعد يده نهائي من أمر أخاه فإن فعل لن يكون آسمر .. طمئن الكل وداخله يريد من يطمئنه وكثيراً لكن مهلا عليه ألا يظهر هذا لأحد

بعدما كان المرح منتشر بين الجميع والسعادة فجأة عاد الحزن والصمت، عاد كل شيء يسير كسابقه كذلك عاد الجميع لحياته السابقة المملة

لم ترن أيه على روز وتجاهلتها كما روز فعلت فكانت ونعم الصديقة السيئة، لم يفرق الوضع بالنسبة لروز كثيراً فحين يكون لك صديق لا تتوقع منه الكثير ولا تفكر فيما قدمت

**************************

في أحد الأيام تحديداً منزل السلحدار

دخل أنس شقة والديه لم يجد أحد فصعد متجه لشقته فتح الباب والقى السلام فالسلام لله يا سادة، ثم اتجه لغرفته مباشر يأخذ شاور سريع وبدل ملابسه ليعود ويتمدد على سريرة يفكر في كل شيء يحدث حوله

“شعر في الأول بشيء ناحية آيه لكن حين تعرض للأذيه نفسياً وكذلك جسديا بسببها زال هذا الشيء ليكتشف أن ما يشعره ناحية آيه ليس حب ربما تعود لكنه لا يحمل لها اية ذره حب … لو قلوبنا بيدنا … وايضا تذكر انه لم يسعى كثيرا لتسامحه كأنه استسلم للأمر الواقع ما هذا لما لا يفعل كما يفعل العشاق يسعي ليكسب قلب معشوقته، لكنها ليست معشوقته “

رمى المخده علي الأرض ما هذا حقا لا يحبها لكنها تحبه والآن افضل شيء هو البعد فكر بها مرارا وتكرارا والآن اخذ قراره سيتركها، رفع الفون لأذنه وتحدث مع أحدهم

آنس بهدوء : أيوه ادخل مكتبي هتلاقي في اول درج علي اليمين ظرف خده وقدمه للواء وقوله دا طلب نقل المقدم آنس

اغلق الخط وخرج ليجدها تجلس مع ابنه وتحمل ابنة اخاه النائمه وهي شارده بشيء عاد لغرفته فرؤيته لها تشعره بذنب كبير ذنب لا يغفر، لكن مهلاً هو لم يعد يتحمل كلامها السام وأيضاً تصرفاتها التي تجعله يغضب، هو لا يحب العيش واللاعيش الذي فيه معها هو يعرف شيئين إما يميناً أو يساراً .. حسناً يا أنس ما قمت به هو أفضل شيء بالنسبة للوضع الراهن الذي يمروا به

1

*********************

جلست ناني مع نور كالعادة فهي حتى الأن أقرب شخص لها حتى أنها باتت أقرب من جنان لها، حقاً تغيرت حياتها كثيراً عن ذي قبل وكل يوم تتجه للأفضل

وكالعادة تسألها كثيراً عن حياتها فهي تشعر أن حياة ناني تشبه رواية أو مسلسل تركي ذو نهاية سعيدة، لكن مهلاً أي نهاية تختارها يا الله اتمنى ألا تمس ناني بسوء فهي الأقرب لي والأحب لي ولا أريد ان يصيبها شيء

نور بإستغراب : بردك مش فاهمه أيه نوع الحب ده في حب يتغلب علي الاخوه .. أنتِ وجنان ؟

ناني بهدوء : معظم الحب بيتغلب علي الاخوه يا نور حب جنان لآسمر كان ومازال حب امتلاك وجنون

نور باستفسار : طب حبك .. سابقاً

ناني بضحك : فضولية أوي .. حبي كان حب غريب بس كان فيه تملك ودا اللي خلاني احاول ا …. يلا اهو اللي حصل وكل شيء بدأ يرجع أو اوريدي كل شيء رجع

نور بمرح : بس تصدقي عسل أوي روز عجبتني في معاملتها كده بطل

ابتسمت بحزن قائله : روز دي حاله خاصه وجميله اكتشفتها متأخر اوي الصراحه ربنا يهديلها إياد ويرجعوا

نور بفضول : صحيح مين الأحلي آنس ولا آسمر ولا إياد

ناني بهمس : دكتور يوسف

نور بضحكة رنانة : سمعتك دك …

ناني بصدمة وهي تكتم فمها : هششش الله يخربيتك

نور بغمزة وهي تبعد يدها : عرفتها دي مراية الحب العاميه وقعتي ومحدش سمى عليكي يا ….

ناني : بس اخرسي يلا نقو …..

لمحت يوسف فتصنمت هل سمع لا مستحيل تتغزل برجل متزوج هل جنت ؟ ترى ما عليها فعله هل السير جرياً من أمامه أم تجميل ما قالت

يوسف بهدوء : ممكن نتكلم

ناني بتوتر : هااا أه قصدي لا يعني ليه في ….

يوسف بضحك : ورايا يا ناني علي المكتب

ذهب من أمامهم ففركت يداها بتوتر وهي تذهب خلفه ثم دخلت وهي تفكر ماذا سيقول ! تري هل فعلت شيء ؟ هل سمعها ؟

ظل يفترس ملامحها لثواني حتى زاد توترها فتحدث قائلاً : في مخيم للغردقه يا ناني اسبوع وانا بقولك كتبت اسمك وانا المشرف

ناني بصدمه : نعم دا اللي هو ازاي يعني مش هاجي طبعا

يوسف ببرود : انا ببلغك بس وهتيجي يا ناني روحي اجهزي هنطلع بكره مفهوم ؟!

ناني وهي تشير علي جانب جبهتها : هو بمزاجك يا عم

اتسعت عيناه وجز علي اسنانه ثم وقف وجذب كتفها ليفتح يدها ووضع ورقة، نظرت للورقة ثم له تتساءل ما هذا

يوسف بحده : بليل ترني تأكيد عليا وان محصلش هاا …. ومترنيش من رقم البيت تاني

ناني بلامباله : معيش رصيد

يوسف بغيظ وحدة : وحياة ماما معاكيش أيه ؟

ناني بخوف : خلاص هشحن هشحن بتبص كده ليه

واخذت الرقم وخرجت فنظر خلفها وضحك

يوسف : مجنونه وهتجنني معاها

1

وعاد يجلس ونظر لصورة ابنه الكبير علي الطاوله وقال : عارف ان اللي بيحصل غلط في حقك وحق اخوك ومامتكم بس اول مره يحصل لقلبي كده ربنا بعتلي الفرصه وانا مش هضيعها سامحني

واغمض عينه يتذكر ضحكتها وقلقها مرحها مع صحباتها شعر برائحتها حوله ففتح عينه ليجدها تعود للمكتب وتقف أمامها

يوسف باستغراب : خير

ناني بضيق وتوتر : متاخد رقمي وترن أنت

انفجر ضاحكا بقوة ووقف أمامها وفي لحظه كان يجذبها لأحضانه فشهقت بصدمة تستوعب ما فعل

ناني : يوسف

يوسف بتنهيد : دقايق تكفي لنحس بقلبنا واحيانا سنين مش بتكفي يا ناني

ناني بحزن : انا منفعش

يوسف بمراره : ولا انا انفع بس مش هسيبك

ناني بتوتر : قلبك انقى بكتير من انه يتلوث بيا

يوسف : لو تحسي بيه الوقتي وبفرحته مش هتقولي كده

ناني بتعب : عشان خاطري ابعد وروح لبيتك وعيالك

ابتعد قليلا ورفع ذقنها قائلا : يحل لي مثني وثلاثه ورباعا دا اولا ثانيا احلي ايام في عمري من يوم اما شوفتك ونجوم السما اقربلك اني احررك يا ناني

حركت عيناها بتوتر وقلق مما قادم فاعادها لأحضانه، حقاً ما يفعله غلط حتى لو يحبها فهو له حياته وهي إذا اخترقت هذه الحياة تكون من المخطئين .. أحياناً يسيطر القلب على العقل ويكون دافع الثمن الجميع

1

*******************

في منزل السلحدار

تنهد بغضب واضح وهو يسير يمينا ويسارا وتحدث مع الرجل في الهاتف بغضب وصراخ جنوني

آسمر بعصبية : يعني ايه مش لاقينه في مكان دوروا بصورته بلاش تتنيلوا تدوروا بأسمه بس

الرجل : يا آسمر بيه والله عملنا كده بس محدش شافه لا في المستشفيات ولا اقسام ولا الشوارع مختفي من الاسكندريه كلها وحتي الحادثتين اللي حصلوا قريب من المستشفي مكنش منهم

آسمر بحدة وصوت مرتفع : تدوروا تاني وتالت وعاشر اخويا نعرف فين في أقرب وقت فاهم

الرجل بتنهيد : امرك يا آسمر بيه

اغلق آسمر الخط فهو لا يكتفي بتخمينه فيجب عليه معرفة مكان أخاه ليطمئن غير هذا لن يطمئن أو يرتاح، اتجه للمطبخ ليزيل همومه بحضن منها وجدها تتحدث فيديو مع أحدهم

جنان بسعادة غامرة : انا بجد فرحانه انك هتستقري هنا حتي لو علي الأقل سنه

الدكتوره بهدوء وإبتسامة : طيب معاكي عنوان العياده تعالي أي وقت انا موجوده وهفضالك

جنان بمرح : حبيبتي أنتِ يا دكتوره بعدين في كتير اوي عايزه احكيه اخرته إني حامل في تلاته

الدكتوره بصدمه : ازاي يا جنان حامل وكمان تلاته بتهزري

جنان بإبتسامه حزينه : اهو اللي حصل أما اجي هبقي اقولك وربنا يعدي الفتره دي علي خير

عقد حاجبيه حقا عقله ممتليء لدرجه لن يفكر بهذا كثيرا حين انتهت ذهب واحتضنها ليزيل هموم الدنيا من علي كتفه

جنان : كل حاجه هتبقي كويسه متقلقش

آسمر بتنهيد : لعله خير إن شاء الله .. مش قلقان ربنا مبيجيبش حاجة وحشه

ابتسمت لتزيد من ضمه وهي تفكر ماذا سوف يحدث إن علم بالحقيقة ؟ مهلاً آسمر ناضج بما فيه الكفاية وسوف يتفهم مقصدها ووجهة نظرها .. لا تقلقي يا جنان ما سيحدث خير بالتأكيد

***********************

في شقة آنس

شد الغطاء علي رأسه يريد ان ينام هذه الفترة وكثيراً ينعم بدفء منزله الذي سوف يتركه وأيضاً هذا أفضل يتجنبها؛ حتى لا تكون أخر ذكرى بينهم بشعة ويزداد حجم الحاجز الذي بينهما، حسناً يوجد سبب أخر وهو إذا تعلق بها لن يستطيع اكمال ما بدأه وسوف يفضل البقاء هنا ويتراجع عن قراره

استمع لصوت ضحكتها المرتفع فرفع الغطاء عن وجهه وجلس يضحك على ضحكتها التي يحب سماعها فهي رنانة وطفولية كصاحبتها، حقاً تزوج طفلة فهو يكبرها بسنوات كثيرة ولم يراعي أنها هكذا فمنذ البداية هو أخطأ وكثيراً في حقها

تنهد بتعب وحزن من نفسه ليقف ويتجه للخارج، ليجدها تجلس أمام الشاشة تتابع أحد أفلام الكرتون المشهورة وتطلق ضحكات متتالية مع آشقر

آيه بإندفاع وضحكات متتالية : حاسب يا جيري  تستاهل يا توم من اعمالك ههههههه …. أيه يا حبيب ماما عجبك الفيلم ؟

قالت اخر كلامها وهي تلمس بطنها الظاهر عليها الحمل لتداعب وجنة آشقر الذي غفى لتوه

آنس بهدوء : تسمحيلي اقعد مع سيادتك

نظرت له ولوت فمها بطريقه مضحكه قائله : متقعد حد ماسكك يا أستاذ

جلس بجانبها باستغراب فهي لم ترفض اليوم، نظر للكرتون وهي عادت تتابع بسعاده وهو يتأملها وفجأه وبدون مقدمات جذبها لأحضانه

آيه بشهقه : آنس

لم يتحدث فنظرت له عن قرب، حقاً فات الكثير جداً عن آخر مره تأملته فيها أو جلست بجانبه، حتى حضنه هذا ظلت كثيراً لم تنعم به

آنس بهدوء : ذي ما أنتِ قولتي الحياة بينا بقت مستحيله وانا بأكدها يا آيه خدي بالك من آشقر والطفل الجديد

آيه بقلق وهدوء ظاهري : الحياة بينا مستحيله بس ولادنا بحاجتنا سوا

داعب شعرها وبعثره بيده قائلا : ولادنا بحاجة الاقرب ليهم فينا والأكيد مش أنا

كانت تتنفس بإضطراب وقالت : ذي ما الام مهمه الاب مهم و … وإيدك أنا …

آنس : هششش انا غبي وحمار ومبفهمش ومستحقيش لو كنت بفهم كنت حاولت وحاولت عشان تسامحيني يا آيه

ليكمل بحزن من نفسه : أنا كنت ما بصدق الموقف يعدي وابعد أكتر من الأول

تمردت دموعها لتردف : وأنا كنت ما بصدق تقرب وأجرح فيك .. أنا أسفة بس …

ظلت صامتة لوقت ثم اردفت قائله : ليه محسستنيش إني حاجه في حياتك يا آنس ليه محاولتش ذي كل اللي بيحاولوا ليه استسلمت للي بعمله استنيتك كتير تحاول بس انت خزلتني كل مره بتخزلني

آنس بحزن : أنا كده وعيشتي كده وحياتي كلها كده يا آيه

آيه بنفاذ صبر وبكاء : اتغير اتغير عشاني وعشان آشقر والبيبي

وقف قائلاً بتنهيد : صعب يا آيه صعب اتغير عشان كده أنا قررت هسافر .. نقلت شغلي خلاص

زاد بكائها لتضع وجهها بين يديها : ضعيف أنت ضعيف

آنس بتعب : يمكن بس مش هقدر اقعد أكتر من كده هنا

آيه بتعب : أنا عملت ايه

آنس وهو يهز رأسه : المشكله اني اللي بعمل انا يا آيه خدي بالك من آشقر ومن البيبي وانا هحاول اجي في ولادته ان شاء الله

نظرت له ووقفت ثم تجاوزته وعادت لغرفتها .. جلست تمسح دموعها ثم هزت رأسها بهدوء

آيه بجمود : انت أخترت وأنا كمان هختار .. بكفاية اللي حصل فينا يا أنس

بداية خاطئة واستمرار خطأ فحين تكون هكذا البداية من المتوقع أن النهاية تكون الفرق .. ترى هل سوف تنهي أيه كل شيء أو سوف تبدأ معه بداية جديدة .

****************

في منزل السلحدار

دخل آنس من العمل علي غرفته وجلس بهدوء بل وتمدد وهو يفكر كثيرا تداهمه الأفكار

“شعر في الأول بشئ ناحية آيه لكن حين تعرض للأذيه بسببها زال هذا الشيء ليكتشف ان ما يشعره ناحية آيه ليس حب ربما تعود لكنه لا يحمل لها اية ذره حب….. لو قلوبنا بيدنا…. وايضا تذكر انه لم يسعي كثيرا لتسامحه كأنه استسلم للأمر الواقع ما هذا لما لا يفعل كما يفعل العشاق يسعي ليكسب قلب معشوقته لكنها ليست معشوقته “

رمي المخده علي الآرض ما هذا حقا لا يحبها لكنها تحبه والآن افضل شيء هو البعد فكر بها مرارا وتكرارا والآن اخذ قراره سيتركها

رفع الفون لأذنه وتحدث مع احدهم

آنس : ايوه ادخل مكتبي هتلاقي في اول درج علي اليمين ظرف خده وقدمه للواء وقوله دا طلب نقل المقدم آنس

واغلق السكه وخرج ليجدها تجلس مع ابنه وتحمل ابنة اخاه النائمه وهي شارده بشئ عاد لغرفته فرؤيته لها تشعره بذنب كبير ذنب لا يغفر





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى