رواية اكرهك الفصل الثلاثون 30 بقلم ميريام عريفه – تحميل الرواية pdf

رواية اكرهك الفصل الثلاثون 30 بقلم ميريام عريفه
الحلقة 30
لم تظن يوما انها تمتلك الشجاعة لترفع يديها و تحتضنه ” عايزه انسى خوفي وانسى ضعفي “
تردد أولا ، مالذي عليه فعله، لكن لم يتردد مطولا فجسده يفهم مايطلب منه ويُحسّ قربها منه . قرّبها أكثر منه يعتصرها داخل حضنه.
” عايز احس ، عايز اكون انسان طبيعي “
” حنساعد بعض “
” قصدك ايه؟”
” حنساعد بعض اننا نرجع طبيعيين ، بنحس و بنعيش ، مبسوطين بالدنيا “
” الكلام سهل قوي “
حضنته بكامل قوتها ، ” حنحاول نبيل، خلينا نساعد بعض “
” رشا .. انا مافياش امل ، انا الفراغ ماليني وماخلاش مطرح لحاجه تانيه “
” بس انت قلتلي انك بتحس .. معايا “
” بس اللي بحسو ممكن يأذيكي من غير ماقصد. “
” شفت انك مهتم ؟ “
” ماعرفش، ماتتأمليش كتير ، انا بتكلم وساعات كتير ببقى مش فاهم الكلام اللي بقولو “
رفعت رأسها لتنظر له
” قويني بيك “
” مش عارف ، انا مش ضامن نفسي، “
” وانا ماطلبتش المستحيل ، ساعدني اعيش وحساعدك تحس تاني “
تسمّر في مكانه وعادت فجأة نظرة البرود في عينيه ودفعها عنه .
” عارفه انت بتتتكلمي عن ايه ؟”
” حنساعد بعض “
” عارفه معناتو ايه انك تساعديني ؟”
” قصدك ايه “
توجه نحوها وقربها اليه. ” انت مش قد اللي بتعرضيه “
” نبيل سيبني ، انت بتوجعني “
” شفتي؟ الطريقه الوحيده انك تساعديني ، هي انك تقربيلي ، واحس بيكي . بس انت .. انا لما ” وقرب شفتاه الى وجنتها ” لما اقربلك ماعدشي عارف اتصرف ازاي ، و بخلي الاحساس اللي جوا ده ياخدني .” قبّل وجنتها برغبة عارمة ، ” وماقدرشي اسيطر عليه. وعارف اني حأذيكي. ” أصبح يتنفس بصعوبة ، عليه ان يتحكم بنفسه قبل ان يسيطر عليه هذا الاحساس الغريب .
” نبيل .. أرجوك نبيل .. مش حقدر.. ” دفعته عنها . ودموعها تزيّن وجنتيها اللتان تضرجتا بحمرة .
ابتعد عنها وتوجّه نحو النافذة لينظر الى النجوم، تعيده دائما الى بروده . بينما ارتمت هي على فراشه تلعن حظها. مساعدته لها مشروطة بمساعدتها له. لكن مساعدته تتطلب منها شجاعة لا تملكها.. ولن تسمح له بأخذ ماتبقى لها من احساس بالأمان . معه لا تخاف من اي شيء ، الاطمئنان والأمان ، نبيل يوفّر لها شعورين افتقدتهما لمدّة طويلة لكنه أيضا يستحق المساعدة. فهو .. مسكين كم عانى سابقا. فهمت الان كل شيء ، لما كانت نظراته وتصرفاته ترعبها. لما كان يتصرف مع مراد بيه وحسام بتلك الطريقة. لم يتعمد هذا . هو ضحية مثلها . هو ضحية شيء ما. هو مثلها. بينما كانت هي طوال الوقت تندب حظها و تبكي لانها الضحية ، كان هو ضحيةً لا تستطيع التعبير عن سخطها من هذا الواقع الغير عادل.
بكت حتى هدأت وسكنت . أما هو فعندما لم يسمع صوت بكائها ، ظنها غادرت الغرفة فالتفت ليجدها نائمة على فراشه . تقدم بخطوات حذرة . و حملها لتستلقي براحة اكثر . غطاها جيدا .
دخل ليأخذ حماما باردا كالعاده.
” غيّرتي فيا حجات كتير. انا بحس بحاجات من غير حتى ماإلمسك. بس مش عايز اذيكي. لو قربتي مني السمّ اللي جوايا ده حيقتلك. انا مش الانسان الكويس اللي انت شايفاه وعايزه تساعديه. ” ضحك بسخرية ” انا .. خلاص رجعتيني ، اهتم بيكي، احس بيكي ، ” رفع يده لتسقرّ في المرآة أمامه. لتتكسّر لجزيئات صغيرة وتنزف يده وتملأ الحوض دماء . ” أنا بخاف عليكي، لأول مرّه وبخاف بس مش عليا انا. بخاف عليكي انت. ولاني بخاف عليكي، فانا بخاف عليكي مني. لاني … ” نظر مطولا في بقايا المرآة ” من جوا وحش كاسر . مابيعرفشي يحافظ عن حاجه. ولو قربتي حتنتدمي “
تذكّر فجأة كلام أخيه وتوصياته ، الان بات يفهمها. وعد أخاه أن يحميها وأن لا يطلب أو يجبرها على شيء ، هو موجود فقط لمساعدتها و حمايتها. كان الأمر سهلا حين كان لايهمّه أمرها أما الان فهو يهتم. وعليه أن يتحكّم في نفسه والا سيتهوّر معها. ولن يفعل هذا . أبدا! مهما كانت سيئاته ، لن يغصبها لفعل شيء ولن يفتكّ شيئا بالقوة.
سيتعامل معها بحذرٍ. يساعدها دون التورط أكثر فيها. لقد ساعدته دون ان تدرك. عاد له جزء من انسانيته.
خرج من الحمام ورمقها بنظرة عادية قبل ان يتوجه الى النافذة ليقف هناك ينظر الى النجوم. عليه ان يحافظ على وعده. أصبح الان يفهم مايعني الوعد. لذلك سيكمل مهمته بمساعدتها.
——————————————
تململت قليلا قبل ان تفتح عينيها لتفاجأ بالمنظر أمامها. نبيل أمام المرآة يربط ربطة عنقه . تعجبت أولا لتعود اليها ذكريات ليلة البارحة تباعا .
” صباح الخير ” أيقضها صوته من صدمتها .
” صباح النور ” و قد بدأ تنزل من السرير. ” انا نمت هنا ؟ ماصحتنيش اروح قضتي ليه ؟”
” كنت نايمه ومارضتشي ازعجك “
لن تجادله في هذا ، فهي لاول مرة منذ مدة تنام دون اللجوء الى حبوب النوم. نظرت له . أين نام؟ ومتى حظّر نفسه.
” أنا موافق” . التفتت له ترمقه بنظرة استغراب .
” قصدك ايه “
” موافق اساعدك “
” بس امبارح.. انت.. مش ..” تلعثمت في كلامها حين تذكرت ظروف طرح الموضوع البارحة، اقترابه وقُبلته النارية.
” خلاص، غيرت رأي. عايزه اساعدك والا لا “
” وانت ؟” تعجّب منها ، لما تهتم بحالته ، لقد عرض عليها للتو مساعدتها ، مابها ؟.
” أنا قلتلك امبارح ، حالتي ميؤوس منها ، وكمان حنساعدك وبعدين نشوف “
اقتنعت ولم تقتنع، أدركت انه لن يخوض هذا الاتفاق معها . ولكنها مستعدة لاي شيء من اجل تحقيق حلمها و العيش حياة طبيعية. لن تناقش اكثر.
” خلاص ، اتفقنا. “
” تمام، ” أخذ حقيبته وهمّ بالمغادرة . حين أوقفه صوتها ” مع السلامه “
” سلام ” ردّ ببرود تام. عليه ان يضع بعض النقاط على الحروف معها. عليه ان يفهمها ان عليها ان لا تتأمل شيئا منه. لن يقدم لها شيئا سوى مساعدتها.
——————————————-
غادر نبيل لتقف هي تنظر لنفسها في المرآة . لقد أتت البارحة لغرفته تطلب مساعدته. وقد وافق على طلبها. وتدرك انه لن يخذلها.
لكنها تعجّبت من تصرفاته، مزاجه يقلقها. ثم مالذي تحدث عنه بخصوص أذيّتها ؟ ومالذي يقصده بالفراغ الذي يعيشه. وجدت نفسها تتذكر حديثه كلمة كلمة. لقد أشفقت عليه . كلامه كان عذابا. نزلت دموعها غزيرة . لقد أحسّت بعذابه.
” هو كمان بيعاني، بيعاني ومالوش حدّ يشيل حملو وكمان عايز يبين قدام الناس انو كويس و تمام. لازم اتصرف ” تذكرت ماقاله ” اكيد في طريقه تانيه. يارب ، يارب ساعدني خليه انسان طبيعي . “
نظرت لنفسها في المرآة ليتكلّم صوت العقل فيها .
” بس انتي فاهمه خطورة قرارك ده. ! هو حيجاوز حدودو معاك. وأولا وآخرا عايزه تساعديه ليه ؟ وبتعيطي عشانو ليه ؟ هو عايز حاجه واحده منك ، ولو قرر ياخدها غصب؟ ها ؟ حتعملي ايه وقتها ؟ حترجعي لنقطة الصفر ومش مستبعد تنهي حياتك”
انتفظت للفكرة .” مستحيل . نبيل مش كده . “
” ماكنت قايله نفس الكلام عن حسام ، وشوفي جرالك ايه ،”
” لا، نبيل مش كده. نبيل مهما كانت تصرفاتو معايا مابحسش بالتهديد. هو فيه حاجه بتخليني احس بالامان “
تنهدت وخرجت من غرفته وذهبت الى غرفتها لتأخذ حماما يرجع لها عقلها الضائع ومشاعرها المبعثرة.
ماان دخلت الغرفة حتى سمعت هاتفها
” الو “
” صباح النور ، مدام رشا حسين ؟”
” ايوا ، مين معايا ؟”
” انا من طرف ادارة جامعة (…) ، “
” اهلين “
” عايزين نخبرك اننا خلاص بعتنا أوراق التربص على الايميل بتاعك .و فيها حتعرفي ميعاد المقابله في الشركه وكل المعلومات اللي انت عايزاها. “
” بتشكرك جدا، “
” العفو ، “
ستأخذ حمامها وتفتح بريدها الالكتروني . ستبدأ رحلة العمل الجديّ . ستثبت نفسها. ستثبت انها قادرة على تحقيق ذاتها.
——————————————-
كان في مكتبه يحضّر أوراق المناقصة القادمه ، حين دلفت السكريتيرة
” صباح الخير يا افندم. “
” صباح النور”
” بكره المنتفعين بالتربص حيلتحقو بالشركه. “
” امم تمام، وايه البرنامج”
” حيكون في اجتماع ليك معاهم ، وبعدين رئيس القسم القانوني حيكون معاكم عشان يبين ليهم المطلوب منهم و بعدين حيروحو على قسم الشؤون القانونية، يشوفو المكتب الي حيشتغلو فيه . “
” اوك تمام. والاجتماع امتى ؟”
” الساعه 9. “
” تمام، تقدري تشوفي شغلك “
غادرت السكرتيرة . ليلتفت الى حاسوبه يكمل عمله. من الغد ستلتحق رشا بالشركه. سيراها هنا وهناك.
” لازم اخلي الاحتكاك بنا منعدم. ” نظر الى يده المجروحة و ” خلاص ، لازم أحط النقاط على الحروف”
نظرة باردة قاتلة في عينيه، سيساعدها ، ولكن بشروطه هو.
الحادي والثلاثون من هنا



