رواية ملاذ السحاب الفصل الثاني 2 بقلم هاجر يونس – تحميل الرواية pdf

ملاذ السحاب
الفصـل الثـانـي .
——
– أغلق صُنبور المَاء الذي كان يتساقط علي جسده بـكثره كي يُزيل ارهاق اليوم ويتخلص من توتره ، رفع يده اتجاه شعره يعيد تلك الخصلات الثائرة إلي الخلف ، تنهد بإرهاق وهو ينظر إلي سقف المِرحاض يتذكر تلك اللحظات اللطيفة التي قضاها مع تلك الفتاة المتوترة ، ارتسمت بسمة راقيه علي شفتيه الغليظتين تلقائيًا عندما تذكر خوفها الممزوج بـ دهشتها عند استيعابها انها في مرحاض الرجال وليس النساء ..؟
– هز رأسه بـ ‘ لا ‘ و فتح باب غرفة الاستحمام و مِنه انتقل إلي غُرفته وهو يُجفف شعره بـالمنشفة ، فتح دلفه خزانة الملابس الخاصة به وانتقى أول ما وقعت عليه عيناه ثم ارتداه بسرعة ، و خرج مُسرعًا إلي مائدة الطعام حتي يتناول وجبته مع والدته … نظر إلي المائدة التي كان بها كل ما لذ وطاب من أطعمة مختلفة ، سحب المقعد إلي الخلف وجلس بجانب والدته ” نادية ” .. بدأ في تناول طعامه مع تبادل الاحاديث اللطيفة بينه وبين والدته :-
– ياسمين وجوزها عاملين ايه ..؟ و بسمـله مجـتـش بـقـالهـا كـتيـر يـعنـي ..!! .
– أجابته والدته وهي تربت علي يده بخفه :-
– الحمد لله يا حبيبي أختك وجوزها كويسين … بسملة كلمتني النهاردة وقالتلي أنها جاية بكرة ومعرفتش تيجي الاسبوع ده خالص عشان كان عندها دروس كتير ويدوبك خلصت من الدوشة دي النهاردة…
– ابتسم لها بهدوء ثم نهض عن المائدة بعد عدة دقائق ، امسك يداها ووضعها امام شفتيه يطبع عليها قبلة خفيفة ثم هتف بحب :-
– طيب ، هـقوم انا بـقـا أنـام عشـان اليوم كـان مُرهق جداً .
– ابتسمت له برقه ورتبت علي ظهره وهي تهتف بإمتنان :-
– ماشي يـا حبيبي .
– نهض من مجلسه و اسرع لـ أعلي لـ ينعم بـ قسطاً من الراحة بعـد يوم شـاق ، فـ هذا الوقت نادت ” ناديه ” علي الفتاه التي تُسـاعدها بـ اعمال المنزل بـ ان اصبحت متقدمة بـ السن قليلاً و زواج ابنتها ، فقالت :-
– سُعاد ، تعالي شيـلي الاطبـاق دي .
– أومأت لها الفتاة و فعلت كما طُلِب منها .
———
– دخلت بنايه منزلها بعد رحله طويله ، علي الرغم من استمتاعها بها الا انها شعرت بـ التعب كثيراً خاصةً لأنها لم تغفو سوي ساعات قليله لـ تنهض بـ الرحلة الأخرى و هكذا يسير يومها رحلات متتاليه حتي في وقت الراحة لا تستطيع النوم بسبب عدم اعتيادها علي النوم خارج فِراشها .
– وقفت امام باب شقتها لـ تُخرج المُفتاح من حقيبتها ، وضعته بـ الكالون ، فتحت الباب و دخلت لـ تجد زوجه اخيها تجلس علي الأريكة المقابلة لـ باب المنزل فقالت لها بـ سُخريه :-
– حمد لله علي السلامة ..
– تنهدت بـ ملل حتمًا ، سيحدث شجارًا حاد الآن فـ التفتت لها قائله بـ ابتسامه بارده :-
– الله يسلمك يـ هند..
– ثم انتقلت قاصده غُرفتها فـ استوقفها صوت زوجه اخيها الحاد قائله :-
– جرا ايه هي وكاله من غير بواب داخله كده تنامي علي طول مفيش مطبخ عايز يتنضف .
– رفعت حاجبها الايسر و ردت عليها بـ شموخ قائله :-
– و حضرتك لازمتك ايه فـ البيت ..!!
– ردت عليها ” هند ” بـ برود وقالت :-
– لا يـ حبيبتي ما هو انا مش الشغالة الفلبينية اللي اخوكِ جابهالك ، احنا عايشين فـ بيت واحد يبقي الشغل يتقسم علينا .
– ابتسمت ” جود ” و ردت عليها :-
– الكلام ده لو انتِ شيفاني طول اليوم نايمه يـ حبيبتي ، لكن انتِ واحده فاضيه مش وراكِ حاجه غير الصوت العالي و حقيقي يـ هند انا مشفقة علي احبالك الصوتية دي .
– نظرت لها بـ برود و دخلت غُرفتها قائله لها قبل ان تغلق الباب بـ وجهها :-
– عن اذنك ، و لما ياسر يجي سلميلي عليه لحد م اصحي و اسلم عليه انا يا هنود .
– و اغلقت الباب بـ وجهها فـ احترقت الأخرى من داخلها و دخلت غُرفتها تُتمتم بـ كلمات غير مرتبة من غيظها .
—-
فـي صباح يومٍ جديد ..
– وقف امام المِرآه يُعدل من هيئه خصلاته السوداء الكثيفة ، ارتدي ساعته و القي نظره اخيره علي حَالُه ، و التفت لـ يأخذ الكاب من علي الفِراش ، و لفت انتباهه صوت طرقات علي باب الغرفة ، و احدهم يُصنع منها نغمات عالية ، تحركت شفتيها تدندن مع طرقاتها بيداها :-
– أبويا طلق ياسمين وخطفني .. طلق يـاسمين و خطفني .. طلق يـاسمين و خطفني .. مـا تخلص يـا عز فـي ليلتك دي .
– فتح الباب ونظر إليها بضيق ثم هتف بهدوء :-
– روحي حضري الفطار بدل ما أفطر عليكِ ..
– تعجبت من هُدؤه الغير معتاد عليه اطلاقًا ، ضيقت عيناها باستشفاف و اومأت له بـ رقة ثم سارت اتجاه المطبخ تقوم بمساعدة جدتها
—-
بعد مرور فتره من الوقت ..
– جلست علي المقعد في منتصف المطار بارتياح وأخذت تلهث بقوة ، رتبت بيداها علي جبهتها بألم وآنت بصوت منخفض لتجد احدي الايادي توضع علي خصلاتها السوداء ، نظرت اتجاه اليد بتعجب لتجد فتاة يافعة جسدها ضئيل بعض الشيء وتبدو كأنها في السابعة عشر من عمرها فيما فوق ، قاطع تساؤلات جود همس الفتاة لها برقة :-
– دماغك وجعاكي؟
– اومأت لها جود بآلم فابتسمت لها بسملة بلطف ومدت يداها في حقيبتها واخرجت احدي كبسولات الخاصة بألآم الرأس ثم مدت يداها لجود بها فضحكت جود بخفة وقالت باستهزاء :-
– الصداع صديق الانسان !
– ضربت بسملة بيداها جبهتها في يأس ثم اردفت بتريث :-
– حصل .. بالمناسبة انا بسملة ..؟
– مدت يداها لمصافحة جود لتمد يداها وتقوم بمصافحتها وهي تهتف بترحيب :-
– جُود .. انتِ رحلة رقم كام ؟
– نفت بسملة قولها واخذت تشرح إليها بهدوء :-
– امم .. لا انا مش رحلة ده خالي يبقي طيار ونسي حاجة في البيت وانا جيت اديهاله مش اكتر ..
– ثم اشارت اتجاه عز القادم باتجاههم و اكملت حديثها :-
– اهو اللي هناك ده .. الطيار عز الدين الصاوي ..
– نظرت جود اتجاه عز بدهشة ثم نهضت عن المقعد بسرعة وهتفت إلي بسملة علي عجلة :-
– طب أنا مضطرة أمشي عشان عندي رحلة ..!
– هزت بسملة رأسها بلا ووقفت هي الأخرى تمسك بيد جود مع قولها بهمس :-
– استني سلمي عليه هو هيرحب جدا علي فكرة ..!
– لم تستطيع ان تحاول جود اقناعها فقد وجدت عز يقف امامهما في لمح البصر فعندما رأها تقف بلهفة علم انها كانت ستُغادر فـ أسرع خطواته حتي اصبح امامهما ، ابتسم بـ خُبث وهو يهتف لـ ابنه شقيقته :-
– مش تعرفينا يـا بوسي ..؟
– اومأت له بسملة بـ لُطف وهي تنظر إليه بتوقع انه يعرفها ؟.. قالت بـ احترام وهي تشير إلي. “جود ” وتعيد الاشارة إلي عز وتُكررها مرة اخري :-
– طبعا …. جُود ..عِز .. عِز .. جُود ..!
– ابتسم ” عِز الدين ” بـ ترحيب و مـد يده كي يصافحها ، رقص حاجبية إليها عندما طال انتظاره لـ مُصافحتها له لـ ترفع له حاجبها الأيسر بضيق وتمد يداها لـ مُصافحته بـرقة لـ يقبض بيده علي يداها بـ قوة ، و هتف بـ لُطف :-
– فُرصة سعيدة يـ جود..
– اومأت له بـ هدوء وحاولت سحب يداها من يده التي تمسك بها بقوة وقالت :-
– أنـا أسـعـد..
– رفعت يداها الأخرى تضعها علي كف يده وتفتح قبضته المحكمة علي كف يداها بقوة ودفعته قليلا ثم التفتت إلي بسملة التي كانت تنظر لهم بتعجب وقالت :-
– اتشرفت بيكِ يـا قمر .. و شُكراً علي الدوا .. عن اذنكم ..
—–
– ابتسمت جود برقة و رفعت انظارها الجهة الأخرى لتلتقي بعيناه الزيتونية البراقة التي كانت تحدجها بنظرات متفحصه ، اختفت ابتسامتها وحل محلها نظرات التساؤل فتلك كانت المرة الثانية التي تلتفت له وتجده ينظر إليها بتلك النظرات التي تثير تساؤلاتها الكثيرة .. ظلت تنظر له علي بعد عدة أمتار وكذلك هو ، مر عدة ثواني علي ذاك التواصل البصري الذي ليس له اي سبب حتي الآن لتجده يعطيها ظهره ويغادر بهدوء ، لم تستطع حدج نفسها عن الفرار ورائه لتركض خلفه وهي تهتف باسمه دون ادراك منها :
– عز.
– توقفت قدمه تلقائيا عندما استمع إلي اسمه الذي هتفت هي به ولأول مرة ، لم يلتفت لينظر إليها فقط اكتفي بالاستماع الي حروف اسمه ولكن وهي تنطق بها .. ظل معطيا ظهره إليها لتنتبه هي علي ذاتها ، ضغطت بطرف اسنانها علي شفتها السفلي بإحراج واردفت تصحح خطائها في الحديث :-
– قصدي .. كابتن عز ..!
– التفت عز إليها ورفع انظاره ليثبتها علي عيناها العسلية ذات البريق اللامع ببعض من الحزن … حقا ما يجذبه إليها هو تلك اللامعة الحزينة التي رأها بعيناها منذ الوهلة الاولي .. ابتسم إليها بلطف ورفع يده اليسرى ثم وضعها علي جبينها يشيح تلك الخصلة السوداء الساقطة علي عيناها حتي يستطيع رؤيتها بوضوح ، نظرت له بتعجب ومشاعر مختلطه ام تستطيع تحديدها ولكنها لم تروق لها علي الاطلاق ، رفعت يداها تلقائيا لتمسك بيده التي مازالت علي جبينها وابعدتها سريعا وبقوة ثم هتفت له برسميه :-
– عفوا ..؟
– ضحك باستخفاف وهز رأسه بلا ثم وضع يديه في جيب بنطاله القطني وقال بنفي :-
– لا أبدا حسيت انها مضايقاكي .!
– ابتسمت له باستهزاء واومأت له بخفه دون ادراك منها وسرعان ما هزت رأسها بلا ، رفعت يداها تحك مؤخرة رأسها بخجل ثم اجابت بعناد :-
– هي مش مضايقاني او حتي لو مضايقاني انا كنت هشيلها بنفسي انا مش مكسحه !!
– رفع احدي حاجبيه بتعجب وابتسم لوقوعها في الخطأ عند قولها بـ “او حتي لو مضايقاني انا كنت هشيلها” ، استغل تلك النقطة حتي يبقي علي صواب :-
– آه ..، يعني هي كانت مضايقاكي وكنتي هتشيليها بنفسك بس انا سبقتك ..!
– زاغت عيناها عن النظر إليه لتنظر بشكل دائري حولها حتي استمعت إلي صوت ضحكه العالي علي عنادها فتعيد النظر إليه بضيق ثم حاولت أن تبدل الحوار وتخبره بما أتت إليه حتي تخبره إياه.. هدرت برقة محاولة ان تظهر جادة في الحديث :-
– مش مهم .. انا كنت جيتلك عشان حاجة تانية ، كل اما ابص الاقيك بتبصلي ..! هو في حاجة يعني .. انت نظراتك بتوترني وبحس اني متراقبه.
– نفي حديثها كالمتوقع ورفع كتفيه بحيرة ، رسم علي وجهه ملامح التعجب والقي بكذبته في وجهها سريعا ودون تفكير ثم قلب الحديث حتي يضعها في موضع الخطأ كالمعتاد يصبح هو في وضع الصواب :-
– انا !! أبدا ده تلاقي بالصدفة بس.. وبعدين بتبصيلي ليه ..! مين اللي مراقب مين بقي كده .؟
– نظرت لـه برفعه حاجبها الايسر من تعاملاته الباردة معها .. و تلك الابتسامة التي تثير حنقها كلما رأتها بـ تلك النظرة ، فقالت له بـ ابتسامه من نفس نوعه :-
– محدش بيراقب حد يـ كابتن .. اكيد صُدفه .. عن اذنك
– اومأ لها بـ الموافقة لـ تلتفت هي و تسير بـ خطوات واثقه نوعاً ما لـ تذهب تلك الابتسامة الباردة و يحل محلها ملامح الغيظ من افعاله تلك و توترها الذي لا يوجد له مُبرر .. بينما هو تراقص بـ حاجبيه و علي ثغره ابتسامه لعوب ، حتماً سيوترها قدر المُستطاع ليري هيئتها التي تخطفه تلك كلما رأها ..
—–
– بعد مرور فتره من الوقت ..
– خرجت من غُرفتها تتثاوب من اثر النوم فـ قد جاءت من عملها بعد اذان العصر فـ كان لديها وقتاً كافياً لـ الاستراحة قليلاً من تعب اليوم .. فـ خرجت لـ تتناول معهم الطعام ، وجدت زوجه اخيها معها الفتاه التي تأتي مره فـ الاسبوع لـ تُساعدها بـ اعمال المنزل التي لا تكاد تكون موجوده من الاساس ، و رغم كُل ذلك هذا لا يُعجب ” هند ” .. فـ قالت بـ ابتسامه هادئة :-
– ازيك يـ ابتسام ..
– ابتسمت الفتاه علي بساطه ” جود ” وقالت :-
– الحمد لله يا انسه جود .. دقايق و الاكل يتحط على السفرة ..
– سمعت هذا الحديث ” هند ” فـ خرجت من غُرفتها قائله بـ رفعه حاجب :-
– ايه ده جُود .. نموسيتك كُحلي ..
– ردت عليها بـ ابتسامه بارده :-
– لون نموسيتي مش هيفرق معاكِ فـ حاجه يـ هند صح و لا ايه .. و خليكِ فـ حالك و عدي يومك علي خير كده ..
– ابتسمت هند لها .. و اومأت لها بـ الموافقة .. حتماً ستريها من يضحك بـ الاخير .
– دقايق و رن جرس المنزل يُعلن عن قدوم احدهم فـ ذهبت الفتاه الصغيرة لـ فتح الباب ، فـ رحبت بـ رب عملها و رافقته حتي وصل الي شقيقته و زوجته فـ قال بـ ابتسامه :-
– مسـاء الخيـر .
– ابتسما الاثنان له .. فـ ذهبوا لـ تناول الطعام .. جلس الثلاثة علي الطاولة و سط تبادل النظرات الخفية ، منها الخبيثة و الهادئة ..
حتي قالت ” هند ” بـ خُبث :-
…….
– يُتبـع



