Uncategorized

رواية خيوط القدر الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf


رواية خيوط القدر الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم سارة المصري

الفصل التاسع والعشرون
أخذ ادهم بذراعها الى المرآة واوقفها قائلا ” انتى اجمل ست شوفتها فى حياتى ” واضاف وهو يزيح الشال عن كتفيها ويتركه يسقط ارضا ” جميلة بشكل مش معقول ..صعب ان الواحد يقدر يسيطر على نفسه قدامه او يتنازل عنه بسهولة ” تركها تقف امام المرآة وعاد ليجلس على طرف الفراش مستندا بكفيه اليه وهو يقول ” وبصراحة دى الحاجة الوحيدة اللى كانت مخليانى من الاول هتجنن واتجوزك ”
حدقت ندى فى المرآة فى ذهول وهى لاتصدق ما تسمعه وقالت وهى تراقب نظراته الجريئة لجسدها ” مستحيل ”
ابتسم فى سخرية قائلا ” هو ايه اللى مستحيل …طلبتى اجابة وادى انا برد عليكى ..مطلقتكيش عشان لسة مازهقتش منك ويوم ما ازهق اوعدك انى هفكر ” التفتت اليه وهى تهز رأسها فى الم ، لهجته الواثقة ، نظراته ، كل شىء يوحى بأنه محق فى ادعائه فقالت وهى تحتضن نفسها ” كنت فاكرة انك انت الوحيد اللى شوفتنى بشكل مختلف ومحبتنيش عشان شكلى ”
اطلق ضحكة ساخرة وهو يقول ” هو انتى عندك حاجة غيره اصلا تتحب ” واخترقتها نظراته الجريئة من جديد ، نظرات لم تعهدها من قبل ، او ربما رأتها وتجاهلتها ، هكذا يخبرها بالسبب ويخبرها فى الوقت ذاته انها ليست اهلا لحبه ابدا ، انحنت فى انكسار لتلتقط شالها وغطت جسدها وهى ترتعد من برودة كلماته وقسوتها ، غادرت غرفته وبمجرد ان خرجت وضع هو وجهه بين كفيه ، ما كل هذه القسوة التى يعاملها بها ؟؟، كيف استطاع ان ينسى انها حبيبته ، نعم حبيبته فمهما اشتعلت نيران غضبه فلن تقدر ان تذيب مشاعره تجاهها ابدا ، ولكن تلك النيران كانت وقودها حبه الجارف لها من البداية ، فبمقدار حبه كان بمقدار جرحه كان بمقدار رغبته فى الانتقام ، حتى حينما استشعر يوما بحبها له وندمها قرر ان يعذبها بمشاعرها ويطبق عليها انتقامه بشكل كامل ، اما اجابة سؤالها فقد احتفظ بها لنفسه فقط وان رفض الاعتراف بها بينه وبين نفسه ، انه لازال يحبها رغم غضبه وايذائه الا انه لا يحتمل ان تبتعد عن عينيه لحظة ، يحبها وهو يعرف انها ليست جديرة بنبضة واحدة من قلبه ، يحبها ويتألم بانتقامه منها كما تتالم هى واكثر ولكن كرامته لازالت تابى عليه ان يغفر لها .
*******************************************************************
تنفست سلمى فى عمق وهى تستند على احدى جدران المشفى محاولة طرد صورته من خيالها ولو للحظات ، مر شهر منذ ان راته فى حفل زفاف أخيه ورات ايضا زوجته الجميلة ، وشعرت فى قرارة نفسها بالوضاعة ، واخذت تكرر على نفسها للمرة الالف انه متزوج ، ولا يجب ان تنجرف بمشاعرها تجاهه اكثر من ذلك ، يبالى بها اولا يبالى ، يبادلها شعورها او لا يبادلها هو ليس من حقها ابدا ، ولهذا فقد اتخذت قرارها بترك المشفى العسكرى التى تعمل به والانتقال الى مشفى اخر ، ارادت ان تضحى بفرصة عمل وتعليم مميزة فى هذا المكان حتى تبتعد عن اى فرصة بامكانها ان تجمعهما فربما استطاعت ان تسيطر على مشاعرها اكثر حين تبتعد عنه ولكن طلبها قوبل بالرفض ، ولا تدرى هل كانت سعيدة بهذا ام حزينة ، سعيدة لانها حاولت وستقف امام نفسها وتخبرها انها حاولت ومحاولتها باءت بالفشل ، سعيدة لسبب يختفى فى اعماقها فهى لازالت تشتاق لرؤيته وان رفضت الاعتراف ، وحزينة لان محاولتها فشلت وستظل تحت رحمة ضميرها الذى يؤلمها فى كل لحظة ان تحمل مشاعر لشخص متزوج حتى وان كان من طرفها هى فقط ، وبينما تسترسل فى افكارها ، وجدت سريرنقال يجذبه الاسعاف بسرعة الى الداخل وعليه مصاب بطلق نارى ، نظرت للحظة فى هدوء فقد اعتادت على تلك الاصابات بشكل يومى ، ولكن ما ان اقتربت حتى تلاشى كل هدوئها وهتفت فى فزع ” ادهم ”
كان فاقدا للوعى ، فحصته بسرعة لتدرك ان اصابته هذه المرة كانت اخطر من اصابته فى المرة السابقة ، شعرت وكانها طفلة صغيرة تواجه هذا الموقف لاول مرة ، نسيت كل قواعد الطب فجاة وامسكت بكفه ودموعها تنهمر كالسيل غير مبالية بنظرة من حولها اليها .
***************************************************************
اندفعت ندى تركض فى ردهة المشفى كالمجنونة فمنذ ان اخبرها ايمن باصابة ادهم وقد نسيت كل شىء ، نسيت اهانته لها وعذابه بل نسيت انه زوجها من الاصل ، هرعت بكل ذعر الى حبيبها التى لم تحتمل ان يخبروها بان حياته فى خطر ،انها تحتمل اى شىء الاالايكون موجودا فى هذا العالم ، أخبروها انه الان يخضع لعملية جراحية دقيقة فهرعت الى غرفة العمليات لتجد ايمن وعمر هناك ، وما ان وجدت عمر حتى ارتمت بين ذراعيه وهو يربت على ظهرها فى حنان قائلا ” اهدى يا ندى ”
سالته وهى ترتجف ” ادهم هيبقا كويس يا عمر مش كدة ؟؟“
أخذها الى كرسى قريب وهو يجلسها ويربت على كتفها قائلا ” ان شاء الله ياندى ” .
وبداخل غرفة العمليات لاحظ دكتور عادل ارتعاد كفى سلمى بشدة فرفع بصره اليها فوجدها تحبس دموعها فى قوة ، سلمى كانت تلميذته التى يقدرها ويقدر حبها لمهنتها ولذا كان يحعلها تشاركه اغلب عملياته وتعجب ان يلحظ منها هذا لاول مرة فقال فى لهجة حاسمة ” سلمى اطلعى برة ”
نظرت له فى توسل وهمت ان تعترض فقاطعها فى حزم ” قولتى اطلعى برة ياسلمى ..دى حياة مريض ”
تراجعت سلمى فى استسلام وهى تخلع قفازيها وتلقى نظرة على ادهم الذى يرقد امامها فى ضعف وعلمت ان دكتور عادل على حق فلن تحتمل رؤيته هكذا ابدا ، خرجت من غرفة العمليات وما ان رآها ايمن حتى اندفع اليها قائلا ” طمنينا ادهم عامل ايه ؟؟“
كانت سلمى فى حالة يرثى لها ويحتاج الى من يطمانها هى فقالت دون ان تنظر اليه ” العملية لسة مخلصتش ”
رفع حاجبيه قائلا ” اومال انتى خرجتى ليه ”
لم ترد سلمى او بالاحرى لم تسمعه من الاصل واندفعت الى كرسى قريب تجر قدميها وجلست دون حتى ان تخلع زى التعقيم الخاص بالعمليات وغطت وجهها بكفيها ، لم تبالى ندى بها كما لم تراها سلمى من الاساس فحياة ادهم الان هى كل ما تفكر فيه اى منهما .
وقف ايمن وعمر يحاول كل منهما طمانه الاخر طيلة ساعات كاملة ، صمت اطبق على المكان حتى خرج دكتور عادل فاندفع الجميع اليه فقال وهو يزفر فى راحة ” الحمد لله ..الاصابة كانت خطيرة بس العملية نجحت وهننقله حالا العناية المركزة ..الحمد لله ”
تنفس الجميع الصعداء واحتضنت ندى اخاها فى سعادة حتى خرجت ممرضة من خلف دكتور عادل وهى تقول“ دكتور عادل مش لاقية اكياس دم بالفصيلة اللى حضرتك طلبتها ..فصيلته من اندر فصايل الدم ومش دايما بتكون موجودة ”
قالت ندى بسرعة ودون تفكير ” خدو منى انا ”
نظر لها دكتور عادل قائلا ” فصيلتك ايه يا مدام ”
ردت فى ترقب ” ب بوستيف ”
للاسف فصيلته نادرة جدا دى او نجاتيف
وقبل ان يكمل قاطعته سلمى“ دى نفس فصيلتى يا دكتور“
وقبل ان تعطى فرصة لاحد فى الكلام اصطحبت الممرضة قائلة ” يلا بسرعة ” الم شعرت به ندى ولم تستطع التغلب عليه لكون سلمى بالذات من ستفعل هذا ، لكون دمائها ستسرى فى عروقه ، تمنت لو اعطته دمائها كلها فهى اولى من سلمى ومن غيرها ان تفعل ولكن هذا هو القدر الغريب .
*********************************************************************
فتحت ولاء الباب لتجد الممرضة على وشك القيام بعملها بأخذ دم من سلمى للمرة الرابعة ، فوقفت ولاء الى جوارها وهى تقول لممرضة فى حزم ” اطلعى برة انتى دلوقتى ”
رفعت سلمى نظرها الى ولاء قائلة ” فى ايه يا ولاء ؟؟“
انتظرت ولاء الممرضة حتى اغلقت الباب وقالت من بين اسنانها فى غضب ” انتى اتجننتى مش كدة ؟؟؟….بتتبرعى بدمك لرابع مرة وانتى اصلا عندك انيميا..ورفضتى تعملى التخاليل على اساس انك دكتورة ومش هتاذى نفسك …انتى بتنتحرى يا سلمى ”
قالت سلمى فى صوت واهن بدا عليه التعب بالفعل ” يعنى عايزانى اعمل ايه اسيبه يموت ؟؟“
ردت ولاء فى استنكار ” لا تموتى انتى ..مش كدة ”
تسارعت انفاس سلمى وقالت ” لو حياتى قصاد حياته صدقينى هختار حياته هوا ”
شهقت ولاء قائلة ” للدرجادى ” وهزت رأسها قائلة ” فوقى يا سلمى ..ادهم ده متجوز متجوز ”
ردت سلمى والوهن يزداد فى نبراتها ” عارفة …ورغم كدة مش قادرة اتحكم فى مشاعرى ناحيته ..ولحد ما يفوق هفضل اديله لاخر نقطة فى د…“ ولم تكمل عبارتها اذا انها فقدت الوعى فجاة فصرخت ولاء فى فزع ” سلمى ”
**********************************************************
وقفت ندى امام النافذة الزجاجة فى غرفة العناية المركزة وهى تتامله بقلب مممزق ، شعرت بذراع ياسمين يطوق كتفيها وهى تربت عليها فى حنان قائلة ” وقفتك كدة ملهاش لزمة يا ندى ..بقالك يومين على وضعك ده ..بالشكل ده هتقعى من طولك ”
افلتت دمعة من عينها وقالت ” مش هتحرك من هنا غير لما يفوق واطمن عليه ” وصمتت للحظات قبل ان تاخذ نفساعميقا وهى تواصل ” مش كفاية مش عايزنى ادخله ”
قالت ياسمين بسرعة ” مينفعش يا ندى الزيارة ممنوعة تماما ”
قالت ندى وهى تلمس الزجاج بيدها كانها تمرره على جسده ” واشمعنى هيا كانت بتدخله وتفضل معاه طول الوقت ”
عقدت ياسمين حاجبيها قائلة ” هيا مين ؟؟؟“
اغمضت ندى عينيها فى الم وهى تتذكر سلمى التى كانت تدلف الى حجرته بن الحين والاخر وكأن عملها فى المشفى قد اقتصر عليه ، تذكرت نظراتها له وعنايتها ورعايتها الفائقة به ، تمنت لو كانت طبيبة لتكون الى جواره مثلها ، تمنت لو اعطته روحها كما اعطته سلمى دمائها ولكن الظروف منحت سلمى ما ضنت عليها به .
اقترب عمر منها قائلا ” ندى حبيتى وجودك هنا مش هيعمله حاجة ”
التفتت له ندى قالت فى بكاء ” هوا ليه مفاقش لحد دلوقتى ..انتو مش قولتو العملية نجحت ”
تنهد عمر قائلا ” اه العملية نجحت ..بس دى مكانتش عملية عادية ..اللى حصل كان تقريبا معجزة …المسافة اللى كانت بين الرصاصة وقلبه كانت …“ قاطعته ندى بصوت حمل كل خوف الدنيا قائلة“ بس انتو قلتو انه هيبقى كويس ” وقربت رأسها من صدره فبادل عمر نظرة عطف عليها مع ياسمين قبل ان يربت على كتفها قائلا ” ايوة يا ندى ان شاء الله ه…“ وقطع جمتله فجاة وهو يحدق فى ادهم فى ذهول .
******************************************************************
رفع دكتور عادل التحاليل الخاصة بسلمى امام عينه والقى نظرة عليها وهى ترقد فى فراشها قائلا لولاء التى وقفت الى جوارها ” ايه اللى بيحصل ده بقا ان شاء الله ”
تنحنحت ولاء وحاولت النطق الا ان دكتور عادل واصل فى غضب ” هيا كدكتورة مش عارفة ان ده شبه انتحار ..لولا ان احنا لحقناها بجهاز الصدمات اول ما قلبها وقف كان زمانها ” وتنهد دون ان يكمل وهو يطالع كيس الدم الممتد ليصل الى عروقها قائلا ” من حسن حظها ان اكياس الدم اللى مش لاقينها بقالنا يومين وصلت فى الو قت المناسب ”
تمتمت ولاء قائلة ” الحمد لله ”
دقق دكتور عادل فى وجه ولاء للحظات قبل ان يقول ” بس اه اللى يخلى سلمى تجازف بحياتها للدرجادى عشان خاطر الظابط ده ”
ازدردت ولاء ريقها وقالت فى تلعثم ” اصله ..قريبها ”
قلب دكتور عادل شفتيه فى عدم تصديق قائلا ” قربيها ..طيب ”
واضاف وهو يضع يده فى جيبه قائلا وهو يهم بالانصراف ” تابعيها كويس وخدى بالك منها ..هتاخد وقت لسة على ماتفوق ..كل نص ساعة ت..“ قطعت ممرضة جملته وهى تدخل الى الغرفة بسرعة قائلة ” دكتور عادل الظابط اللى فى العناية فاق ”
ابتسم عادل وهو بنظر الى سلمى من جديد قائلا ” كويس حمد لله على سلامته …انا جاى حالا ..يلا ”
غادر عادل غرفة سلمى وبقيت ولاء التى وضعت يدها على جبهتها وانحنت تهمس ” اهو فاق اهو وانتى اللى رقدتى مكانه يا مجنونة ”
***********************************************************************
تنفس احمد فى عمق وهو يمرر يده على ساقيه ويتامل كرسيه المتحرك فى الم هكذا قدر له ان يعيش سجينا له ما تبقى له من عمر بعد ان خسر كل شىء ، اضاع فى لحظة انتقامه اموال زوجته التى كان يديرها لها والتى استغلها دون حق لينتقم من عائلة الالفى فوجه له ايمن ضربة قاضية انتهت باشهاره لافلاسه ، وبعدها بأيام اصابته ازمة وهو يقود سيارته ففقد سيطرته عليها واتقلبت به عدة مرات ونقل الى المشفى بين الحياة والموت واختاره القدر ان يحيا عاجزا على هذا الكرسى ما تبقى له من عمر ، لم يستطع ان يواجه مرام بعد ان ضاع كل شىء فعاد الى شقته القديمة ليحيا فيها بعيدا عن اى شىء وكأنه ينتظر الموت ليحصد روحه فى اى لحظة ، شعر باناملها تلامس كتفه فاستدار لها فى دهشة اتسعت لها عيناه فى ذهول وهو يقول ” مرام ”
جلست امامه وهى تقول ” ابوة مرام …انت عارف انا دورت عليك اد ايه ”
اخفص احمد عينيه فى انكسار قائلا ” مش قادر ابص فى وشك بعد ما ضيعت كل فلوسك وكل اللى ابوكى عمله ”
دمعت عيناها وهى تحتضن كفه بين راحتيها قائلة ” فداك كل حاجة يا سليم ”
هز راسه وهو يقول فى الم ” انا مستاهلكيش يا مرام مستحقش ذرة حب واحدة من مشاعرك ..انا ضيعت كل حاجة عشان انتقام انتى ملكيش دخل فيه ..انتى لو عرفتى الحقيقة هتقتلينى بايدك وحتى لو قدرتى تسامحى انا مش هقدر اسامح نفسى ”
تراجعت مرام وهى لازالت تقبض على كفه قائلة ” انا عارفة كل حاجة يا سليم ”
انتفض احمد وهو يسحب كفه من راحتيها قائلا فى دهشة ” عارفة ايه ؟؟“
نظرت الى النافذة خلفه وهى تقول“ كل حاجة من اول ما جينا القاهرة ودورت على ندى ..وعن محاولتك لتدمير كل حاجة بينها وبين جوزها ”
لم يستطع احمد ان يسيطر على انفعاله فاهتز فى كرسيه قائلا ” كنتى عارفة كل ده ؟؟….وليه مواجهتنيش ؟؟“
خفضت مرام عينها وقالت ” لانى كنت زيك عايزة انتفم من اللى خدت قلبك منى وفضلت عايشة بينى وبينك ” واضافت بضحكة ساخرة ” وانت قمت بالدور ده ”
فتح احمد ثغره محاولا الكلام الا ان الكلمات قد تاهت منه فواصلت مرام ” احنا الاتنين دمرنلها حياتها وعشان كدة مينفعش نستغرب بدا من انتقام ربنا ”
نظر احمد الى مرام نظرة طويلة ثم الى ساقيه وقال ” انتقامه كان صعب اوى ”
لاحت شبح ابتسامة على وجه مرام وربتت على كتقه قائلة ” بس رحمته اوسع بكتير ولسة بيدينا فرصة لبداية جديدة ”
رفع احمد راسه اليها فى حزن فواصلت ” من حسن الحظ ان لسا فيه مدخرات فى البنك باسمى ..ودى نقدر نبتدى بيها مشروعنا سوا ”
وركعت على ركبتيها امامه قائلة ” فاكر اول ما شتغلت فى الشركة خالص وكنت بتكلمنى عن حلمك اننا نبتى بمصنع صغير و…“
قاطعها فى الم وقال ” انتى لسة عندك ثقة فيا ..لسة عايزة تقفى جنبى ”
خفضت رأسها فى حزن وقالت ” مقدرش اعمل غير كدة انا وانت ملناش غير بعض وكمان …“ وانهمرت دموعها مواصلة ” وكمان بقى فيه اللى يربطنا ببعض اكتر من اى وقت تانى …انا حامل يا سليم ”
تسسللت الكلمة الى اذنيه ولم يستطع ان يحدد ماهية شعوره ولكنه احتوى مرام فى اللحظة التالية بين ذراعيه وهى تبكى ولحظات وشاركها البكاء وافرغ كل منهما مشاعره ، وادرك احمد بالفعل انه لم يعد له فى الحياة سواها ، لم يدر كم مر من الوقت وهما على هذا الوضع ولكنها افلتت نفسها من بين ذراعيه وهى تمسح دموعها قائلة ” خلينا نبدا من جديد ..حياة تانية كلها ثقة وحب..بس قبل كدة فى ديون لازم نسددها ”
**********************************************************************************
” خلينا نعترف ان اللى عملته ده مش عادى ابدا يا ادهم ”
قالها اللواء مختار وهو يربت على كتف ادهم فى رفق ، وقد انتقل الى غرفة عادية من الامس بعد ان استعاد وعيه ، ابتسم فى حياء وقال ” لسة برضه يا فندم موصلتش للى انا عاوزه ” واضاف وهو يشير بسبابته ” الراس الكبيرة ”
هنا تدخل ايمن وقال فى مزاح ” ما تتهد بقا يابنى ده انت كنت هتروح فيها ”
تبادل مختار نظرة مع ادهم لم يفهم محتواها غيرهما وبعدهاقال ادهم ” اول ما رجع الشغل هنكمل كلامنا ”
ابتسم اللواء مختار قائلا ” ان شاء لله ..اسيبك دلوقتى ترتاح ”
ابتسم له ادهم وراقبه ايمن حتى خرج واقترب من ادهم قائلا ” هوا احنا كل شوية هنعيش فيلم الرعب ده ولا ايه ..ما لو هتموت خلصنا يلا ”
ضحك ادهم قائلا ” مش بالساهل كدة انت عارفنى بسبع ارواح ”
والقى نظرة سريعة على ندى التى جلست فى احد اركان الغرفة صامته وهو لم يوجه اليها اى كلمة ، شعرت بالالم وهو يتبادل المزاح مع الجميع متجاهلا وجودها تماما ، وفجاة سمعته يقول ” ندى ..قومى روحى ”
رفعت عينيها اليه لترى عدم رغبته فى وجودها وحاولت ان تجد كلمة لتقولها حين فتح الباب ودخلت طبيبة لتتابع حالة ادهم ، وبعد ان انتهت وهمت لتخرج اوقفها ايمن قائلا ” لو سمحتى اخبار دكتورة سلمى ايه ”
سأل ادهم فى اهتمام ” مالها سلمى يا ايمن ؟؟“
ردت الطبيبة على ايمن قائلة ” مشوفتهاش النهاردة بس لحد امبارح مكنتش لسه فاقت ”
راقبت ندى وجه ادهم القلق وهو يعيد سؤاله على ايمن ” بقولك سلمى مالها ؟؟“ ، هز ايمن رأسه للطبيبة فى شكر قبل ان تذهب واقترب من ادهم قائلا ” لما عملت العملية واتنقلت العناية كان مطلوب يتنقلك دم وللاسف انت فصيلتك نادرة ومكنتش موجودة وسلمى بس اللى كانت تقدر تتبرعلك …عرفت من دكتور عادل بعدها انها اصلا عندها انيميا حادة واتبرعتلك تلات مرات فجسمها ما استحملش ووقعت من طولها ”
كانت ندى تتمزق من حديث ايمن المطول عن تضحية سلمى وتتساءل تراه يعقد مقارنة بينهما ؟؟، تألمت وهى ترى علامات الصدمة والقلق على وجه ادهم الذى حاول النهوض بصعوبة رغم منع ايمن له الا انه تمكن من النهوض قائلا ” لازم اروحلها واطمن عليها ”
حاول ايمن منعه من جديد الا انه قال فى صرامة ” هروحلها يا ايمن ولوحدى انا رجلى سليمة واقدر امشى عليها ” واخذ ينزع الانابيب المغذية من اوردته وايمن يصرخ به ” انت مجنون ؟؟“
لم يبال ادهم به وهو يغادر الغرفة وندى تراقبه فى صدمة ، وتراقب هذا النشاط الذى حل به بعد كل الالم الذى كان يعانيه ، شىء واحد باستطاعته ان يجعل الانسان يفعل ما فوق طاقته ، شىء ارادت الا تجد له تفسيرا ابدا ، وربما كان هو التفسير ذاته لعدم قدرته على مسامحتها انه الحب ، حب ينشا فى قلبه تجاه سلمى ، تبعته دون ان يشعر وراقبت وسمعت ورأت وتاكدت من كل شىء ، تاكدت انها لم يعد لها فى قلب ادهم اى وجود





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى