رواية خيوط القدر الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf

رواية خيوط القدر الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سارة المصري
الفصل الثالث والعشرون
دلف ايمن الى حجرة ادهم والقلق قد بلغ ذروته منه ، استقبله ادهم بابتسامة هادئة ، زفر ايمن فى ارتياح وهو يقترب ليجلس على اول كرسى قابله قائلا ” خضتنى يا اخى ..انت كويس ؟؟“
ابتسم ادهم قائلا ” الحمد لله جت سليمة ”
تمتم ايمن فى خفوت ” الحمد لله ” ومال اليه قائلا ” هما مش عارفين ان فرحك بعد اسبوع كانو اجلو المهمة او ادوها لحد تانى ”
ضحك ادهم وهو يلوح بذراعيه قائلا ” شغالين فى طابونة احنا …على اساس تجار المخدرات هيستنو فرحى لما يعدى ..ما نعزمهم بالمرة ”
عقد ايمن ساعديه قائلا ” هرج يا ادهم ..هرج كمان يا حيبيى ..اهو فرحك هيتأجل عشان ت..“
قاطعه ادهم وهو يقول فى جدية ” فرح مين اللى هيتاجل .الفرح فى معاده ”
قطب ايمن حاجبيه فى ذهول والتفت يمينا ويسارا كأنه يعاين المكان وهو يقول ” افندم ..مش المفروص ان احنا فى مستشفى وانت متعور ولا ايه بالظبط ”
لوح ادهم بكفه فى لامبالاة قائلا ” انت هتسمى دى اصابة ..انا كويس جدا وهمشى من المستشفى بكرة الصبح ”
هم ايمن ان يرد عليه لولا ان جاءه اتصال ففتح المكالمة واخذ يستمع فى اهتمام حتى ابتسم فى سخرية وانهى المكالمة ، نظر له ادهم فى فضول وقال ” دى حاجة بخصوص الشغل مش كدة ؟؟“
عاد ايمن بظهره الى كرسيه قائلا ” يااااااه معقولة دى ..تخيل مين بيحاول يضربنا فى السوق ”
رفع ادهم حاجبيه وخفضهما دون ان يرد فواصل ايمن ” مجموعة جديدة اسمها المنسى جروب ..مملوكة لست ورثتها عن ابوها واللى بيديرها جوزها ..تخيل بقا مين هوا ”
صمت للحظات قبل ان يقول بابتسامة غريبة ” احمد سليم ”
شردت عينا ادهم للحظات وهو يتذكر يوم ان رآه قبل ان يعود الى ايمن قائلا ” معقول ده ..وناوى تعمل معاه ايه ”
شبكت ايمن اصابعه قائلا ” ولا حاجة …خليه يتسلى شوية زى غيره …سمكة صغيرة لسة داخلة البحر ومش عارف تشوف قوة الحيتان اللى فيه ..الالفى جروب بتتعرض كل يوم لمحاولات زى دى ” وتنهد مكملا ” بس انا مبحبش اضرب ضربتى كلها من الاول ..كفاية عليه قرصة ودن صغيرة ”
قال ادهم فى حذر ” ايمن …بلاش اساليب عصابات فى التعامل ”
ضحك امن فى غيظ وهو يقول ” انا مش عارف والله انت ظابط ازاى بقلبك الرهيف ده ..وبعدين شايفنى قتال قتلة يعنى ..انا بيزنس مان ..الضرب عندى بالبزنس وبس ..وبعدين انت ناسى انه لولاك كان زمانه فى السجن دلوقتى ..هوا فكر فى ده اصلا ..فكر يشيلك الجميلة دى ده حتى اول ما رجع اول حاجة فكر فيها ازاى ياذينا ”
قال ادهم فى الم ” مش عارف لحد امتى هيفضل مشيلنا ذنب ابوه اللى مات فدا ابونا ”
لوى ايمن فمه فى سخرية قائلا ” ده على اساس انه ابونا مردش الجميل ده ودخله هوا واخواته احسن مدارس وتكفل بيهم كلهم ”
قال ادهم وهو يفرك كفيه ببعضهما ” على كل حال الالفى جروب اكبر بكتير من ان حد يقدر يلعب بيها وخصوصا لو اللى بيديرها حد زيك يا ايمن ”
ابتسم ايمن وهو يربت على فخد اخيه فى حنان قبل ان تفتح الباب احدى الممرضات وهى تحمل بيدها بعض الاشياء قائلة ” دى كل الحاجات اللى كانت مع حضرتك اول ما دخلت ”
تناول ادهم الاشياء منها وهو يشكرها بايماءة من رأسه ، وما ان التقط هاتفه حتى قال ” لازم اكلم ندى دلوقتى مكلمتهاش من امبارح ”
هز ايمن رأسه قائلا ” هيا معرفتش ”
رد ادهم وهو يضع الهاتف على اذنه ” محبتش اقلقها …التليفون كان مقفول اكيد حاولت تتصل بيا كتير ”
اشاح ايمن بوجهه فى عدم رضا على حب شقيقه الجارف لندى ، ليس فى هذا العالم من يعرف مثله ان لذة العشق ان كانت تكمن فى عنفوانه فالمه ياتى من ذات العنفوان .
زفر ادهم فى ضيق وهو يقول ” غريبة تليفونها مقفول ليه ؟؟“
وما ان انتهى من جملته حتى جاءه اتصال من عمر ففتح المكالمة وهو يحاول ان يخفى قلقه فقال فى مرح مفتعل ” اهلا يا عريس ..اخبار اسكندرية ايه ؟؟…اه انا كويس ” وصمت قليلا وهو يخفض رأسه قائلا ” لا متقلقش ..هيا بس تليفونها فصل شحن اكيد او ممكن تكون كسرته ولا حاجة زى عوايدها ..انا لسة مكلمها من نص ساعة ..مش عايز اطول عليك ..روح شوف حالك بقا ”
قبض على الهاتف بين راحتيه قائلا وهو ينظر الى ايمن ” عمر بيقول انه بيرن عليها من الصبح وتلفونها مقفول ”
داعب ايمن ذقنه بسبابته قائلا ” عادى ممكن تكون خرجت ونسيته او باظ منها زى ما كنت بتقول ”
ضغط ادهم باسنانه على شفته السفلى قائلا ” لا ..مستحيل ندى تكون من الصبح مفكرتش تكلمنى مرة ..هوا فعلا كانت هتلاقى تلفونى مقفول بس بمجرد ما هفتحه هلاقى رسالة انها اتصلت ”
واشاح بوجهه للاتجاه الاخر وقال فى قلق ” مكنش لازم اطاوعها واسيبها تبات فى الشقة لوحدها ”
نهض اليه ايمن قائلا ” ايه يابنى كبرت الموضوع ليه ..خير ان شاء الله ..كبيره هتلاقى تليفونها باظ زى ما قولتلك ”
نهض ادهم وهو يزيح الغطاء قائلا ” لازم اروح اطمن عليها بنفسى ” وحاول ان ينتزع الانبوبة المغذية المتصلة بوريده فامسك ايمن بكفه قائلا ” انت اتجننت يا بنى ..انت مش هينفع تخرج دلوقتى خالص ”
نزع ادهم المحلول من يده وتحرك فى نشاط عجيب لا يناسب حالته اطلاقا وهو يقول فى اصرار ” لو كان جرالها حاجة مش هقدر اواجه نفسى ابدا…متنساش انى كدبت على اخوها وقلتله انى لسة مكلمها..مينفعش اطمنه بحاجة انا نفسى مش مرتحلها ”
فى تلك اللحظة دخلت سلمى الى غرفته وراته وهو يستعد للمغادرة فقالت فى توتر حاولت اخفاءه دون جدوى ” على فين يا سيادة الرائد ”
رفع ادهم كفه قائلا ” دكتورة لو سمحتى انا همشى حالا ”
اتسعت حدقتيها قائلة ” لا احنا اتفقنا انك ..“
قاطعها وهو يقول فى عصبية ” انا همضى على ورقة تقول ان خروجى من هنا على مسئوليتى ”
تضايقت من اسلوبه او ربما لانه ظن ان هذا ما يهمها ، منذ دقائق كان يتحدث برقة بالغة مالذى اصابه ؟؟، ازدردت ريقها وتحدثت بشكل مهنى وقالت ” بس اصابتك مش هتتحمل مجهود ومحتاجة رعاية ”
هنا زفر ادهم فى ضيق وهو يقول ” اديكى قولتى اصابتى انا ..يعنى انا اللى اتحمل المسئولية ولو سمحتى اتفضلى عشان عايز اغير هدومى ”
نظر له ايمن فى دهشة فهو لم يعتد ادهم غليظا وفظا هكذا والطبيبة لم تخطا ولكن قلقه على ندى اخرجه عن شعوره ، اما سلمى فقد احمرت وجنتيها وبالكاد تحكمت فى دموعها وقالت بايتسامة اخقت بها المها ” بعد اذنكو ”
وغادرت المكان بسرعة وانطلقت تركض كانها تسابق دموعها التى انطلقت بلا هوادة واثارت حنقها ودهشتها فى الوقت ذاته ، لماذا تبكى ؟؟، لقد تعرضت من الامور لما هو اكبر من ذلك فلماذا تبكى من مجرد انفعال منه ؟؟، هل تبكى من فظاظته ؟؟، ام تبكى لانه قرر اختصار الساعات التى سيقضيها ويرحل ، اما لانها ستفتقده ، ام لانها تلوم نفسها على تعلقها به ، وشيئا ما اثار سخطها وحنقها على نفسها أكثر اذا انه راته اكثر جاذبية وهو على عصبيته تلك ، سمعت كثيرا عنه من والدها ، وكان لقائها به اشبه بالخيال ، كان حلما لطالما تمنته ان تعيش مشهد اسطورى يأتى فيه اميرها ليخلصها ويخطفها على حصانه من بين الاشرار ، ظلت هذه المشاعر كامنة بداخلها منذ ان راته ، وأيقظها هو من جديد ، وثب بخفة على قلبها وعقلها الذى لم يعرف سوى الطب والمراجع والعمل والطموح .
فتحت باب غرفة الاطباء فاصطدمت بولاء صديقتها وهى على وشك الخروج ، مسحت دموعها واشاحت بوجهها عبثا لتخفيه ، أمسكت ولاء بكتفيها وهى تقول فى قلق ” سلمى ؟؟..مالك ”
اشاحت سلمى بكفها وهى تقول بصوت خافت ” مفيش ..عينيا اتطرفت بس ”
ادارت ولاء وجهها اليها لترغمها على النظر الي وجهها وقالت ” انتى بتعيطى يا سلمى …مش قادرة اصدق ..من اول ما عرفتك وعمرى ما شوفتك عيطتى ابدا ”
لم تستطع سلمى المقاومة اكثر فابتعدت عن ولاء وجلست على اول كرسى قابلها وهى توليها ظهرها ولم تعطها ولاء الفرصة فجلست بدورها على كرسى فى مواجهتها وبعد لحظات من الصمت قالت فى خبث ” هيا الحالة اللى فى 704 اتدهورت ولا ايه ”
اتسعت حدقتا سلمى فى دهشة كيف ومتى وبهذه السرعة تعرفت ولاء على ما بداخلها من قبل ان تعترف هى حتى لنفسها بتلك المشاعر فقالت فى تلعثم ” وانا مالى ومال الحالة الى فى 704“
مالت ولاء الى الامام قليلا وقالت ” توترك اول ما جه وهوا مصاب ولهفتك وكانك مش دكتورة بتشوفى المنظر ده مليون مرة فى اليوم بتقول انه ” وصمتت ولاء وابتسمت ابتسامة ذات مغزى
فازدردت سلمى ريقها فى توتر وقالت ” ده عشان اعرفه ..اقصد يعنى بابا الله يرحمه كان بيعزه ويعتبره زى ابنه ”
ابتسمت ولاء وقالت وهى تتمعن فى سلمى ” عينيكى فاضحاكى يا سلمى ..هوا انا لسة هعرفك النهاردة دى عشرة سنين وعلى كل حال الواد يستاهل برضه طول بعرض بحلاوة ب…“
قاطعتها سلمى وهى ترفع يدها فى اعتراض قائلة ” انتى كبرتى الموضوع على فكرة مفيش حاجة من اللى بتقول عليها دى مظبوطة ..كل الحكاية انه …“ ولا تدرى سلمى لماذا توقفت ولماذا بدات تقص لصديقتها عن كل ما بداخلها ، لاتدرى ربما اردت ان يشاركها احد بما يجول فى خاطرها من امور تتعرفها للمرة الاولى ، ربما ارادت لاحد ان يخبرها بكذب ما تشعر به ، لا تدرى لماذا فعلت هذا حقا ولكن بعد ان انتهت نهضت ولاء وقالت وهى تتنهد ” بالطريقة دى يا سلمى يبقى مشاعرك ماشية فى سكة واحدة ممكن تكون فيها سعادتك او عذابك ”
قطبت سلمى حاجبيها فواصت ولاء ” واحد زى ادهم بكل اللى حكتيه عنه مش معقول ميكونش فيه حد فى حياته وده لازم يا سلمى تعرفيه قبل ما تتورطى بمشاعرك معاه اكتر من كدة ..انتى لسة فى الاول وتقدرى تتحكمى فيها ”
اغمضت سلمى عينيها حين طرحت ولاء هذه الفكرة التى بدت مخيفة وموجعة بالنسبة اليها وخاصة حين تقرنها بمعاملته لها منذ دقائق ولكن هل هى حقا لم تتورط بمشاعرها معه ؟؟، هل حقا تستطيع ان تتحكم فى عواطفها تجاهه ، لم تحتج اكثر من تحسس تلك الدموع لتعرف الاجابة ، لقد تورطت بالفعل واكثر من اللازم ، مجرد جرعة صغيرة من فظاظته جعلتها تبكى على هذا النحو فماذا لو كانت هناك اخرى فى حياته ، كيف ستواجه الامر ؟؟
***************************************************************
كانت تركض بشدة وهى تلهث من التعب وسط غابات كثيفة مظلمة تدفع بذراعها فروعها وعيون مضيئة مخيفة بين الظلام تراقبها ، كانت تصرخ دون جدوى ولا تعرف الى اين تهرب والى اين يقودها طريقها ، وفجاة ظهرت بقعة منيرة ورأته واقفا ينتظرها ويمد يده اليها فهرعت اليه وارتمت بين ذراعيه وهو يحتويها فى حنان وفجاة ظهر وحش مخيف نشب مخالبه فى ظهره وابعده عنها ، واخذ يهاجمه فى قسوة وهى تصرخ وتحاول الوصول اليه ولكن قدماها قد قيدت فى الارض فجاة ، حاولت وحاولت دون جدوى وهى تمد يدها اليه وتصرخ وتصرخ وفجاة انتفضت وجبهتها تتصبب عرقا وهى تصرخ باسمه ، لقد كان كابوسا ، أخذت تلهث كانها كانت رحلة هروب حقيقية ، وانتحبت بصوت مسموع وهى تردد اسمه ، وبعد دقات خفيفة على الباب وجدت امامها امراة تبدو فى الثلاثينيات من العمر تطالعها فى تمعن قائلة ” انتى كويسة ”
ضمت ندى ركبتيها الى صدرها وهى لا زالت تنتفض من الخوف قائلة ” انتى مين ؟؟“
دخلت المراة الغرفة وقالت ” انا زهرة وهنا فى خدمتك ”
اتجهت الى صينيه طعام وضعت على مائدة صغيرة الى جوار ندى وقالت ” برضه مش عايزة تاكلى ”
نهضت ندى فجاة وهى تقاوم ارتعادها وضربت الطعام بيدها حتى سقط ارضا وهى تصرخ ” مش عايزة اكل ..خرجونى من هنا ..خرجونى من هنا …عايزة اروح لادهم حرام عليكو ”
مدت زهرة كفيها امامها لتهدئها قائلة ” اهدى بس ..اهدى ” دفعتها ندى فى عنف وهى تقول ” ابعدى عنى ..ابعدى ” والتقطت عيناها سكينا صغيرا مع الطعام فالتقطته وقالت وهى تضعه على رقبتها ” لو مخرجتنيش من هنا دلوقتى والله والله لموت نفسى ..فاهمة ”
تراجعت زهرة فى توتر الى الباب وقالت ” حاضر حاضر ..بس اهدى انا هخرجك ”
كانت ندى تبدو وكانها فقدت عقلها بالفعل عينيها احمرتا بشدة وشعرها انتفش وسارت زهرة بخطواتها الى الخلف وندى تتبعها وهى تقبض على السكين موجهة نصله الى رقبتها وبعد ان ابتعدت عن غرفتها بخطوات تفاجئت بمن يطوقها من الخلف ويقبض على معصمها بشدة وهو يدفع السكين بعيدا عنها ثم يمسك بخصرها وعبثا حاولت الفرار منه وهى تتلوى بين ذراعيه بشدة ، اخذها من جديد الى غرفتها واغلق الباب واستدار لها قائلا فى برود ” اللى بتعمليه ده مش هيفيدك فى حاجة ”
صرخت فى تحد وهى تقول ” هقتلك يا حقير ..هقتلك …الموت ارحم عليا من انى اشوفك قدامى ..بكرهك بكرهك ”
اغمض عينيه وقال وهو يعقد ساعديه ” وانا لسة بحبك …ومش هقدر اشوفك بتتجوزى راجل تانى خصوصا لو الراجل ده يبقا ادهم الالفى ..قولى عليا مجنون مريض اللى انتى عاوزاه بس مش هسمح بده انه يحصل ابدا ”
اتجهت اليه وهى تسدد لكمات من قبضتها الضعفة الى صدره وهى تقول ” انت فعلا مجنون ومريض ..انا بحب ادهم بعشقه ..حبه بيجرى فى دمى سامع ؟؟؟…انا ملكه هوا وبس لا انت ولا غيرك هيقدرو ياخدو منى حاجة تخصه هوا ..هفضل ليه هوا وبس حتى لو حبستنى هنا العمر كله ..بس انت مش هتقدر ..ادهم بيحبنى وهيعرف يوصلى وساعتها عمرى ما هخليه يرحمك ابدا ”
دفعها فى غيظ وقال ” تفتكرى لو وصلك الحدوته هتخلص على كدة هيخطفك على الحصان الابيض ويطير بيكى ” قالت فى تحد ” هكمل حياتى معاه غصب عنك ..ادهم بيحبنى وانا بحبه وهكمل معاه لاخر لحظة فى عمرى ”
تراجع ليغادر الغرفة قائلا فى سخرية لم تفهمها ” يمكن هوا يكون ليه راى تانى ”
لم تدر ندى مالذى قصده بهذه الجملة تابعته بنظرها الى ان وصل الى الباب وتوقف وهو ينظر الى الطعام الملقى ارضا ” هخلى زهرة تجيبلك اكل تانى ..انتى بقالك يومين مكلتيش ”
وتابع بابتسامة ساخرة ” مادام واثقة فيه اوى كدة يبقا حافظى على حياتك عشان لما ييجى يلاقيكى سليمة ” واكمل وهو يبسط ذراعيه ” خلينا نشوف مين هيكسب الرهان ”
اغلق الباب خلفه وهوت ارضا وهى تفكر فى تلك الكلمات السخيفة التى قالها وماذا تراه عنى بها ، هل يعنى اخفاءها عن ادهم حقيقة ما كان بينهما ، اغمضت عينيها فى ندم حقا كانت بلهاء كان عليها ان تخبره بكل شىء من البداية ولا تضع نفسها تحت تهديد هذا الخقير ، لن تحتمل ان تهتز ثقته فيها ابدا لن تحتمل .
***********************************************************************
كانت ياسمين تبدل ثيابها حين دلف عمر الى الغرفة فجاة وهو يبحث عن هاتفه ، انتفضت ياسمين وهى تحتضن نفسها بيدها فاشاح عمر بوجهه وهو يغلق الباب قائلا ” آسف ”
تنهد بقوة وجلس على اريكة وهو يضع وجهه بين سبابته وابهامه ، لحظات وتبعته ياسمين وهى ترتدى عباءة واسعة وقالت وهى تقف خلفه ” انت كمان بتعتذر ؟؟“
رد عمر دون ان ينظر اليها وكانه لا يسمعها ” كنت فاكرك فى الحمام ..ابقى اقفلى الباب عليكى من جوة بعد كدة وانتى بتغيرى ”
رفعت ياسمين حاجبيها وهتفت فى غضب ” انت بتتصرف كدة ليه لو فاكر ان صبرك عليا ده مممكن يغير حاجة تبقا غلطان يا عمر ” واضافت فى لهجة اقرب الى البكاء وهى تجلس امامه ” انا انسانة مش طبيعية ومش هقدر اكون طبيعية ابدا مش هقدر …صبرك عليا ده كل اللى بيعمله انه بيوجعنى اكتر لانى مش قادرة اكون زى ما انت عاوز ”
رفع عمر وجهه اليها وبنظرة حانية قال ” وانتى عارفة انا عاوز ايه ؟؟“
ردت وهى تزدرد ريقها لتقاوم تلك الغصة المؤلمة فى حلقها قئلة ” اللى عاوزه اى راجل من مراته يا عمر ..حقك الشرعى اللى انا مش قادرة ولا هقدر اديهولك ابدا ”
نهض عمر وامسك بكفها لتقف امامه قائلا ” ومين قالك ان انا عاوز ده ؟؟“
نظرت اليه ياسمين فى دهشة فواصل وهو يشير بسبابته ” بس ده مش معناه ان الوضع ده صح او انه هسيستمر …انتى عندك عقدة يا ياسمين ومش هتعيشى عمرك كله بيها ..الصح ان احنا نواجه ضعفنا وخوفنا مش نستسلمله …وانتى لوحدك اللى هتواجهى خوفك المرة دى وانتى اللى هتاخدى قراراك ”
اغمضت عينيها وهى تهز رأسها فى عنف قائلة ” مستحيل ..مش هقدر ”
قال عمر فى ثقة ” هتقدرى …زى ما قدرتى تتغلبى على ازمة الثقة اللى كانت عندك وبداتى تثقى فى الناس من جديد شوية شوية الخوف اللى عندك هينتهى …لازم تكملى للاخر مش عشانى ولا عشان حد ..عشان نفسك ”
وفى تردد التقط كفها بين راحتيه والمدهش انها لم تنزعه كعادتها او تنتفض ، فواصل بلهجة حملت كل عطف وحنان العالم ” وانا هفضل جنبك ومش هتخلى عنك ابدا حتى لو فضلنا العمر كله كدة ”
نظر الى يدها الساكنة بين كفيه دون اى ارتعاد ورآها مؤشرا جيدا فعلى الاقل قد بدات تعتاد على لمسات يده ، اما هى فقد بذلت مجهودا خرافيا ليستقر كفها على هذا النحو ، قاومت كل خوفها ومنعته من التسلل الى اناملها ، كان هذا فى البداية اما بعد لحظات شعرت بامان غريب ، شعرت بانه يبثه كل مشاعره وحبه بتلك اللمسة البسيطة ، شعرت بحبه الجارف لها، وحبه باكمله الذى كانه انتقل اليها من خلال تلك اللمسة الحانية وربت على مشاعرها فى رفق ، وامام هذا الحب قررت ان تفعل اى شىء من اجله ، حتى لو كان فيه نهايتها .
***************************************************************
مرت خمسة ايام على ندى فى ذلك السجن الخاص الذى اقامه لها احمد ، لم تتذوق الطعام وبدا الضعف يظهر على جسدها والدوار يداهمها ، تكورت فى فراشها وهى تتساءل لماذا تاخر ادهم فى انقاذها ، ليس لديها اى شك فى قدرته على بلوغ هذا المكان ، تمنت فقط لو جاء لتخبره بكل ما اخفته ، بكل ما ظنت انها باخفاؤه تقربه منها والان يتسبب فى كل ما هى فيه ، كم كانت غبية ، ادهم كان سيستوعب كل ذلك ، حبه وتفهمه لها لا يمكن ان يعرفه رجل قط سواه ، سمعت طرقا على الباب فلم تجب ، فتح الباب وشعرت بخطواته وهو يقترب منها ويجلس على كرسى امامها قائلا ” للدرجادى بتحبيه يا ندى ؟؟“
لم تجبه ندى ولم تنظر اليه واستسلمت فى ياس غريب لدموعها ، أشاح احمد بوجهه قائلا ” خلاص يا ندى انا مش هقدر اجبرك اكتر من كدة ”
نظرت ندى له فى تمعن فواصل ” انا الغضب والانتقام عمونى ..بس فى الاخر حبى ليكى غلبنى ومش هقدر اشوفك بتتعذبى اكتر من كدة ومش هستحمل اشوف حبه فى عينيكى من تانى ”
اعتدلت ندى لتجلس وتقول فى حذر ” لعبة جديدة دى مش كدة ؟؟“
ابتسم فى سخرية قائلا ” لا جديدة ولا قديمة ..انتى هترجعى لادهم وهتخرجى من هنا ”
هتفت فى سعادة ” بجد ؟؟؟“
هز رأسه قائلا ” وياريت تسامحينى على اللى عملته ”
تجاهلت ما قاله وحاولت ان تنهض قائلة ” طب لو مش بتكدب عليا خلينى امشى دلوقتى ” وداهمها الدوار فكادت ان تسقط لولا ان اسندها بيده ، تحررت من يده وهى تقول ” عايزة امشى ”
اجلسها على الفراش وهو يقول فى هدوء ” هتمشى بس مش بالمنظر ده انتى تعبانة وبقالك كام يوم م اكلتيش ..هتاكلى الاول وترتاحى وبعدين نمشى ”
حاولت ان تتكلم فقال فقاطعها قائلا ” صدقينى مش هتفرق ..انا جبتلك هدوم لو حابة تغيرى براحتك ”
تنفست ندى فى عمق وهى تحاول التوازن ربما كانت فى حاجة الى هذا بالفعل ، اعطاها احمد ظهره وهو يغادر الغرفة قائلا ” هخلى زهرة تجيب الاكل ”
وبعد ان اغلق الباب توجه الى زهرة التى وقفت على بعد خطوات منه وهى تستند الى سياج السلم وتطلع اليها للحظات قبل ان يقول ” عارفة هتعملى ايه مش كدة ”
هزت زهرة رأسها وقالت ” عارفة يا فندم بس ” وقالت فى تردد ” بس مفيش اى طريقة تانية ..احنا كدة بندمرها ”
قبض احمد على معصمها فى قوة وقال ” انتى تعملى اللى بقولك عليه وبس والا انتى عارفة كويس انا اقدر اعمل فيكى ايه ”
هزت زهرة رأسها فى خوف وقالت ” حاضر يا فندم ..تحت امرك ”
فأشار لها بيده ان تذهب وهو يتمتم بينما ينظر الى باب ندى المغلق ” آسف يا ندى انا فعلا حبيتك ..بس الانتقام جوايا اكبر من اى حاجة تانية …اكبر حتى من حبى ليكى ..لازم انتقم منك عشان فضلتيه عليا …ومنه عشان اخدك منى زى ما تعود ياخد كل حاجة ومن اخوه كمان اللى خسرنى ملايين فى كام يوم …“ واضاف بنظرة شر ” انتى هتكونى وسيلتى فى الانتقام ”
