Uncategorized

رواية خيوط القدر الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf


رواية خيوط القدر الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سارة المصري

الفصل الرابع والعشرون
فتحت ندى عينيها لتجد زهرة امامها تبتسم قائلة ” صحى النوم ”
نظرت ندى حولها وهى تفتح عينيها فى بطء قائلة ” هوا انا نمت ؟؟“
قالتها وهى تتذكر سريعا ما قاله احمد عن عودتها فخشيت ان يكون مجرد حلم فقالت لزهرة فى ارهاق ” هو احمد فين ؟؟…مش المفروض انى همشى النهاردة ”
هزت زهرة راسها قائلة ” اه فعلا هوا قالى كدة الصبح ..بس انتى كنتى تعبانة جدا وكان لازم تاكلى الاول ..كلتى ويادوب فوقتى عشان تاخدى شاور اغمى عليكى ”
امسكت ندى رأسها تحاول التذكر فوجدت ان كلامها بالفعل صحيح فقد تناولت طعامها منذ ساعات ونهضت لتأخذ حمامها ولم تشعر بنفسها الا فى هذ اللحظة ، استندت بكفيها الى طرف الفراش وهى تقول محاولة النهوض ” تمام ..لو موجود قوليلو انى همشى دلوقتى ”
اتجهت زهرة الى خزانة الملابس قائلة وهى تخرج ثوبا انيقا ” الباشمهندس جابلك ده امبارح لو حابة تغيرى هدومك الاول ”
نظرت الى الثوب وطالعت ملابسها فى المرآة التى خلفها فوجدت شعرها منتفش بشكل مخيف وهيئتها مزرية فتنهدت وهى تنظر الى زهرة قائلة ” طيب هسرح شعرى واغير هدومى وانزل على طول ”
ابتسمت زهرة وهى تغادر الغرفة قائلة ” وانا هعدى عليكى بعد نص ساعة اشوفك جهزتى ولا لا ”
سعادة ندى بعودتها الى ادهم لم تمهلها فرصة للتفكير فى تغير ااحمد المفاجىء ، جعلتها تصدق كلماته الواهية تلك دون ان تشك فيه ، ستخرج من المكان لتعترف لادهم بكل شىء من البداية ، تأخر قرارها كثيرا ولكن لايهم ، ستخبره وتتحمل غضبه وتحاول ارضاءه بكل طريقة ، فقط تريد ان تعود اليه ، كم اشتاقت كل شىء فيه ، كم تحبه بكل ذرة من كيانها ، تنفست فى عمق وهى تبدل ثيابها بذلك الثوب الذى احضره احمد ، كانت تشعر بمقت وهى تفعل ذلك ولكن لن يمكنها ان تقابل ادهم على تلك الحالة المزرية ابدا ، وجهها كان يحتاج الى بعض الزينة لاخفاء الارهاق البادى عليه ولكنها لم تعبا بذلك والتقطت مشطا وبدات تمشط شعرها فى عناية وابتسامة حالمة على ثغرها كلما تذكرت انها فى طريقها للقياه بعد قليل ، شعرت بخطوات تقترب من غرفتها لابد وانها زهرة ، قالت دون ان تلتفت اليها ” زهرة قولى لاحمد انى خلاص خلصت و…“ وحين التفتت لتكمل حديثها وجدت من كانت تتحرق شوقا لرؤيته، ادهم وصل اليها كعادته وكما توقعت ، مشاعرها وحدها هى من تحركت فى تلك اللحظة لتلقى نفسها بين ذراعيه وهى تقول ” كنت عارفة انك ه..“ وقبل ان تكمل جملتها شعرت بصفعته تطيح بها ارضا ، تحسست وجنتها فى الم ورفعت نظرها اليه لترى ما اعمتها المفاجاة عن ملاحظته ، رأت وجهه الصارم وعينيه الغاضبتين التى تحملان كل مقت الدنيا ويده التى صفعها بها تقبض على مقبض الباب فى قوة تكاد تنزعه من محله وهو يحاول منع نفسه بصعوبة من الفتك بها ، فتحت ثغرها تحاول النطق الا انها تلعثمت وهى تقول ” ادهم انا ..خلينى افهمك ”
وفجاة سمعت شهقة زهرة حين رأت ادهم الذى جذبها من ذراعها بقوة وهو ينظر الى ندى الملقاة ارضا ويعتصر ذراعها بين قبضته فى غضب وهو يهتف ” انتى عارفة لو منطقتيش حالا وقولتى كل اللى تعرفيه اقسم بالله لخليكى تتمنى الموت ومتلاقيهوش ”
ارتعدت زهرة وهى تفلت ذراعها عبثا من يد ادهم قائلة ” انا مليش ذنب صدقنى ..هوا اللى جابها هنا وكان بيتفق معاها انهم ينتقمو منك ”
لم تستطع ندى ان تصدق واتسعت حدقتيها وصرخت فى ذعر ” كدابة يا ادهم ما تصدقهاش ”
القت زهرة نظرة على ندى وهى تتظاهر بالخوف او هكذا شعرت بالفعل وساعدها هذا على اتقان دورها للنهاية ” كانت خطة بينهم انها تلعب عليك وتخليك تصدق انك حبتها وبعدها تهرب قبل الفرح بايام وتطلب منك الطلاق عشان تتسببلك فى فضيحة وتدمر حياتك وتكسر قلبك ..هوا ده اللى اعرفه ..انا لولا الحوجة مكنتش وقفت معاهم فى خطتهم الحقيرة دى ” وزيادة فى اتقان الدور ركعت امامه وقالت بتوسل ” ارجوك يا باشا احمينى منهم“
كانت ندى تحملق فى زهرة بذهول ولا تستطيع التعليق على بشاعة ما سمعت ، اخذت تلوح بيدها فى عشوائية دون حتى ان تحاول النطق وكانها فقدت تلك الحاسة تماما ، اما ادهم فبرغم الصدمة التى كان فيها ، دفع زهرة بعيدا وانحنى ليواجه ندى فرفعت نظرها اليه وهى تقول بين دموعها ” كدابين يا ادهم دى مؤامرة صدقنى ”
لمحت فى عينيه كلمة ستصل بالفور الى لسانه ليتنهى كل ما بينهما ففتح ثغره قائلا ” انتى …“
وضعت يدها على فمه وهى تهز رأسها فى عنف قائلة ” لا يا ادهم متقولهاش والله كدابين ”نهض من مكانه وهو يرمقها بنظرة ازدارء احرقتها تماما وتركها بين دموعها وخوفها والمها وندمها حتى لا يفتك بها ، لقد كانت مؤامرة متقنة ادركت هى الحلقة الاخيرة منها فادهم ليس من السهل ان يصدق كلمات زهرة هكذا دون اى دليل قوى لديه ، لا بد ان احمد قد نفذ مؤامرته بكل حقارة وعلى اكمل وجه ، ولابد ان ادهم قد علم بعلاقتها السابقة به وهاهو يدخل المنزل ليجدها تمشط شعرها بسعادة وفى اريحية تامة كانها فى منزلها ، ساذجة كالعادة صدقته وهى اكثر من ذاق كذبه وخداعه ، صدقت ان مثله يتغير هكذا بين ليلة وضحاها او ان يعبا بعد كل ما فعله بحبها لادهم ، تاوهت فى مرارة ، ادهم الان يظن انها خانته ووضعته فى يد عدوه لينتقم منه ، لم يعد الامر مقتصرا على اخفاءها لامر تافه ولا يستحق ، لقد استغل احمد كل نقطة ضعف بداخلها وحول هذا الامر التافه الى زلزال سيصعب رأب صدعه ان لم يكن محالا ، بيدها تسببت لادهم فى جرح العمر ، كانت هى اداة الانتقام ، صرخت باسمه فى الم وحملت صرختها كل لوعتها وحيرتها وندمها .
**************************************************
انطلق ادهم بسيارته فى سرعة جنونية كاد ان يدهس به كل شىء امامه ، ندى خانته ، هذه الحقيقة التى اكتشفها بنفسه ، الحقيقة الذى ظل يكذبها طيلة الايام الماضية ، كان يلعن نفسه طيلة الطريق ، كيف استطاعت مثلها ان تخدعه بهذه السهولة ، كيف لعينه ولحواسه ان ترسم لها البراءة وهى بكل هذه الحقارة ، كيف اصبح بهذه البلاهة ، كيف سلمها عقله مع قلبه على طبق من ذهب لتعبث به كما يحلو لها ، بيدها قدمته الى عدوه ، بيدها !!!، خائنة خائنة خائنة ، ظل يرددها طيلة الطريق وهو يطرق على عجلة القيادة ويصل بسيارته لاقصى سرعة ، وشعر بجرح كتفه يؤلمه الا ان المه الحقيقى كان طاغيا وكافيا لاخراس اى الم آخر .
لم يكن من السهل ان يصدق ادهم ان ندى كذلك ابدا ، فبعد ان خرج من المشفى ، وتاكد ان ندى ليست عند والدتها ولا علم لاخيها بمكانها ، طمان الجميع عليها واخبرهم انها مشغولة للغاية فى الاعداد لزفافها وهاتفها قد فقد منها ، ، كان واثقا انه سيجدها قبل ان يمسها سوء فلم يشا ان يصنع اى بلبلة او فوضى ، وبعد ان ابلغ جميع المستشفيات والاقسام باوصافها دون جدوى لم يعد لديه شك ان ندى قد اختطفت ، ولكن من اختطفها ولماذا ؟؟؟، اول ما فكر فيه هو شقة اخيها ، وجد هاتفها ملقى على الفراش ولا اثر لاية مقاومة فى المكان ، كان الهاتف قد نفذت بطاريته ، فتحه على الفور بعد ان اوصله بالكهرباء ، فوجد رسالة تلقتها ندى مساء الليلة التى عقد فيها عمر قرانه محتواها ” خلاص يا حبيبتى …خطتنا زى ما هيا …انا مستنيكى تحت ”
كاد ادهم ان يحطم الهاتف ولكنه هدا وطرح كل الافكار جانبا وهو يستعيد ثقته بندى ويجزم ان هناك خطا ما ، الرقم لم يكن مسجل لديها باية جهة اتصال ، كان رقما خاصا ، حاول ادهم الوصول الى خيط جديد وحين ترك المكان وكاد يدلف الى سياارته ، لاحظ وجود كاميرتى مراقبة على المتجر المقابل ، كان ذلك كل ما يريده وكضابط شرطة لم يعترض صاحب المتجر على رؤية محتوى الكاميرات فى الايام السابقة ، ووجد مبتغاه وجد ندى فى ليلة اختفاءها تدلف الى سيارة بمنتهى الاريحية ودون اى ضغط وهى تجلس الى جوار قائدها الذى انطلق بعدها دون ان يتبين وجهه ، فجاة تدخل صاحب المتجر وهو يخبره انه يعرف ندى وانها ليست المرة الاولى التى تخرج فيها مع هذا الشخص بل سبقها مرت ومرات ، كاد ادهم ان يفقد اعصابه ولكنه تماسك بصعوبة ، محاولا ان يستجمع كل ذرة ثقة لديه بندى ، ليدفع كل تلك الشكوك التى تهاجمه وتلعب برأسه .
الخطوة التالية كانت عمل ندى عله يوصله لاى معلومة ، وهناك استقبلته سلوى وقامت بدورها مدفوعة بكل ما تحمل لندى من غيرة وحنق لتؤدى دورها فى دس السم فى العسل ، وقد ساعدتها حالة ادهم على ذلك ، لم تشنع على ندى ابدا بل اثنت على موهبتها وعملها وخلقها وسربت بمهارة من خلال ثغرات فى حديثها لا تجيدها الا افعى مثلها لتتحدث عن علاقتها باخر عميل وما كان بها من قوة ، كلمات قصيرة وموجزة كانت كافية تماما لتدحض كل قصائدها السابقة عن خلق ندى وجديتها ، والصاعقة الكبرى حين اخبرت ادهم ان اخر عميل لم يكن سوى احمد سليم ، لم يحتمل ادهم ذلك ، جلس فى سيارته يحاول ان يعتصر ذهنه عن اى علاقة من الممكن ان تربط بين احمد وندى ، طلب من احد زملائه فى المباحث ان يجمع كل المعلومات الممكنة عن احمد وبعد ساعات كان امامه ملفا كاملا به كل التفاصيل التى يحتاجها ، بدأ فى دراسة الملف فى دقة ، وتاكدت شكوكه السيارة التى رآها بالكاميرا كانت سيارته ، بل الادهى ان المنزل التى قامت ندى بالذهاب اليه معه واوصلها بنفسها اليه كان منزله ، تذكر توترها فى هذا اليوم ورغبتها فى الذهاب وحيدة ، تذكر الصور التى تحدث عنها خالها والتى ارسلها احدهم اليه عن طريق البربد الالكترونى ، وبمساعدة احد الاشخاص الذى يعرفهم بحكم عمله تمكن من اختراق بريد خالها الالكترونى والحصول على الصور ، احمد سليم من كان معها ، وبذرة امل متبقية اليه قام بفحص الصور عن طريق احد الخبراء فأكد له ان الصور حقيقية وليست مركبة ، الصور التى يظهر احدها احمد وهو يمسك بكف ندى ويركع على ركبتيه ، اذن الطريق اصبح واضح والحقيقة لا بد له ان يسلم بها، رسالة وفيها كلمة خطة ، وجودها فى سيارته وهى تركب فى هدوء ، ادعاء صاخب المتجر ، عملها معه ورؤيته له بعد ذلك دون ان تخبره بأنها تعرفه ، وذهابها الى بيته ، وتلك الصور ، ندى لم تختطف بل فرت منه ولكن لماذا ؟؟لماذا ؟؟؟، انتهت مشاعر القلق وحل محلها السخط والغضب واكتسح فى طريقه كل ما شعربها من حب تجاهها فى يوم وتذكر حقيقة وحيدة ندى خانته ؟؟، ندى التى احبها بكل حواسه وطاقته وعقله وروحه وسخر كل لحظة من عمره واحلام يقظته ونومه لها خانته ، لم يكن من العسير عليه بعد ذلك ان يعرف عنوان الفيلا التى كان يقطن بها احمد والتى عرف من سلوى انها اشرفت على تنفيذها بنفسها ، ذهب اليها وفتح الباب بطريقته الخاصة ، ودلف الى المنزل وهو يبحث فى حجراته عنها فى تردد تمنى لو كان كل ذلك مجرد كذبة ووهم او كابوس سيتيقظ منه ، تمنى لو اكتمل حلمه الجميل معها حتى النهاية ، ولكن الكابوس هو من استمر ، وجدها تقف امام المرآة تمشط شعرها فى عناية وسعادة راى امامه فتاة اخرى غير نداه التى احبها ، كلمات زهرة كانت نقطة النهاية لمؤامرتها السخيفة ، اخذ يضرب على عجلة قيادته فى عنف وهو يقسم ان يجعلها تدفع الثمن ، لم يهمه احمد من البداية فهو عدوه ويتوقع منه ما هو اكثر اما هى فلماذا حتى ان لم تكن تحبه ، لماذا تؤذيه على هذا النحو ؟؟، لا شىء فى الدنيا يعادل ما شعر به وقتها لاشىء .
************************************************
لم تستطع ندى ان تعرف كيف وصلت الى باب قصره ولا كيف خرجت من الاصل ، لم يمنعها احد من الخروج ، ولما يمنعها وقد تم مؤامرته على اكمل وجه ، ولو كانت فى مكان ادهم لما اكتفت بالصفعة فقط ، لقد فقدت كل شىء بسبب غبائها واصبحت فرصتها فى ان يصدق ادهم حرف واحد مما تقوله معدومة ، بل حتى ان حدث المحال وصدقها فقد اصبح هذا الامر لديها جريمة ، لقد سمحت لشخص مثل احمد ان يستخدمها كسلاح موجه الى قلب ادهم ، كانت على استعداد ان تواجه منه اى عقاب بل حتى لو قتلها ستكون هى الراحة التى تنشدها ، ولكن لو يعطها مجرد فرصة لتتحدث اليه ، لو يصدقها ، عبثا ظنت هذا ، كيف سيصدقها بعد كل ما راى بعينه انها تحبه ، فلقتلها اذن فليعاقبها كما يحلو له ، طرقت باب غرفته فى تردد قبل ان تدخل وهو يقف فى النافذة يعطيها ظهره ، تمنت لو القت نفسها بين ذراعيه الان ، كم اشتاقت اليه ، تالمت بشدة وهى تذكر نفسها بانها لن تنعم بعد اليوم بلمساته وحنانه ، كل ما ستلقاه منه نظرة ازدراء ، سخط ، اى شىء غير الحب الذى قتلته بيدها ، استدار لها فى حدة قائلا ” ايه اللى جابك ؟؟“ قالت ودمعة تسربت الى وجنتها ” عاوزاك تسمعنى ”
نظر لها بازدراء فواصلت فى حرقة ” انا صحيح غلطانة انى خبيت عليك من الاول ..بس والله العظيم انا مخنتك ولا كنت متفقة مع الحيوان ده ابدا …والله هوا خطفنى و…“
مال ادهم اليها وقال وكانه لم يسمع حرفا مما قالته ” اخرسى ..مش عاوز اسمع منك ولا كلمة ”
اخفضت ندى عينيها فى انكسار فلم يعد لديها الجراة على مواجهته ، تقدم الى مكتبه واخرج هاتفا والقاه اليها وهو يقول ” خدى ده ..محدش عرف باللى حصل ..انا قولتلهم ان تليفونك كان بايظ ..ده اللى هتقوليه والفرح هيتأجل عشان اصابتى دى ”
نظرت ندى الى كتفه ولاحظت ما الجمها كل ما حدث عن ملاحظته ، ارادت ان تسأله عن اصابته تلك ولكن لهجته القاسية منعتها ، ولكن لم تستطع ان تمنع نفسها من الحيرة فيما يفكر فقالت وهى تطرق ارضا ” ناوى على ايه يا ادهم ”
كانت ترتعد فى هذه اللحظة خشية ان يطلقها ولكنه تابع فى غضب ” انتى ملكيش حق تسالى عن اى حاجة …واقسم بالله لو حد عرف حاجة من االلى حصل ايا كان مين لخليكى تندمى على اليوم اللى اتولدتى فيه ”
لم تتخيل ندى ان ياتى اليوم الذى يقف ادهم ليهددها هكذا وقد كان درع الامان الدائم لها حتى من قبل ان تعترف له باى مشاعر ، واصل فى صرامة ” دلوقتى هتروحى شقة اخوكى ..وما تخرجيش منها ابدا وهبعتلك مرات عم محمد تقعد معاكى ”
غمغمت ندى فى الم ” وشغلى ؟؟؟“
أمسك بذراعها فى قوة وهو يقول ” انتى سمعتى انا قولت ايه ولا لا ”
ضغطت ندى بأسنانها على شفتها تقاوم الالم الذى اصابها حتى لاتصرخ وفى الوقت ذاته ارادت ان تلمس يده هذه التى تقبض على ذراعها لتحتويها بين كفيها مستمدة منها الحب والحنان الذى طالما عاشته معه ، تنهدت فى مرارة والم وهى تعرف انها فقدت كل ذلك والى الابد ، كانت تعرف انه على الرغم من قسوته تلك الانه الان يتالم اكثر منها ، هزت رأسها فى استسلام فدفعها فى قسوة حتى ارتطمت بالباب وهو يصرخ بها ”يا لا برة …برة ”
لم تخشى من لهجته ولم تغضب من طرده ، كل ما حدث هو جزء صغير مما تستحقه ، وان كان خوفها الحقيقى ان يطردها من قلبه ، وهى تقف عاجزة هكذا عن الدفاع عن موقعها بداخله ، على استعداد هى لان يقتلها بيده على ان يخرجها من قلبه ولكن كل شىء يقول انها خسرته وخسرت حبه للابد .
****************************************************
لا يوجد انسان يستطيع ان يفهم طبيعة احمد الغريبة ، على الرغم من نجاح خطته وانتقامه الا انه لم يشعر باى سعادة ، ورغم حبه لندى الا انه لم يتورع ابدا عن ايذائها كانها الد اعدائه ، ولم يفكر فى الوقت ذاته فى ان يضحى بمرام من اجلها ، مرام التى يكن لها مشاعر لا يستطيع تحديد هويتها ، ورغم الندم الذى يداهمه مع كل لحظة الا انه لم يفكر فى التراجع مطلقا ، بل يفكر فى المزيد ، كانت خطته محكمة للغاية وساعدته كل الظروف عليها ، فبعد ان تأكد ان ندى نسيت هاتفها بالشقة ارسل رسالته كتعزيز لخطته ، كان على ثقة بانها ستكون اول شىء يقع فى يد ادهم فى رحلة بحثه عنها ، نعم كانت خطته تعتمد على ان يكتشف ادهم علاقتها به بنفسه ودون اى تدخل من اى شخص ، اتجه الى صاحب المتجر واخبره بما يجب ان يقول لو سأله ادهم عن ندى ولم يخطر بباله امر الكاميرات تماما ، والتى خدمته كثيرا فقد رآها ادهم بعينه وهى تركب سيارته ، وقام صاحب المتجر باتقان دوره ليزيد شكوكه بعد ان نفحه احمد مبلغا من المال ، كان متأكدا ان ادهم سيبحث فى عمل ندى ايضا وانه سيتوقف كثيرا حين يعرف انها عملت معه دون ان تخبره والدور الاخير كان لزهرة التى اجهزت على اى ذرة ثقة بداخله تجاه ندى ، لم يعد لديه ادنى شك ان علاقة ندى بادهم قد انتهت تماما ، فهو لايريد ان يلجأ لاكثر خطوات خطته بل حياته باكملها حقارة ، هو لا يريد ذلك ولكن حبه للانتقام سيدفعه دفعا اذا لم تسر الامور فى الاتجاه الذى يريده
*********************************************************
”سلمى مفاجأة ”
قالتها ولاء وهى تقتح باب استراحة الاطباء فى المشفى وتنظر الى سلمى التى جلست تطالع احد مراجعها ، رفعت سلمى عينها اليها وقالت فى برود ” فى ايه ؟؟“
هزت ولاء كتفيها وقالت ” حذرى ”
عادت سلمى الى مرجعها وهى تقول ” يا تتكلمى على طول يا تطلعى برة ..انا مش فاضيالك ”
قالت ولاء وهى تغمز بعينها فى خبث ” الظابط المز بتاعك ”
لمعت عينا سلمى ونهضت وهى تغلق مرجعها قائلة ” ادهم …ماله ؟؟“
أشارت ولاء برأسها وهى تقول ” برة …جاي يتابع جرحه ”
وتابعت وهى تبتسم ” قولت انتى اولى بيه ”
حالوت سلمى ان تتظاهر بعدم الاكتراث وعاودت النظر الى مرجعها ولكنها لم تفلح فانفعالها كان واضحا للغاية فحاولت ولاء اغاظتها اكثر فقالت ” ايه ..اروح انا ..عامة الواد حليوة …“ ومالت اليها وهى تضيف فى خفوت ” ومش لابس دبلة ”
ازرددت سلمى ريقها فى خجل وهى تقول واحمر وجهها فابتسمت ولاء وتابعت ” قومى شوفيه يا سلمى ”
لم تدر ما الذى فعلته جملة ولاء الاخيرة بها ، ربما اعطتها بعض الامل فنهضت لتذهب اليه وحين وصلت الى باب غرفة الكشف امسكت بمقبض الباب قائلة قى توتر لنفسها ” وبعدهالك يا سلمى انتى مش صغيرة عشان ما تعرفيش تتحكمى فى انفعالاتك كدة ..مش فاكرة اخر مرة كلمك ازاى ..اهدى شوية ومتبقيش عاملة زى العبيطة كدة ”
أخذت نفسا عميقا لتهدأ من توترها قبل ان تطرق الغرفة وتدخل ، كان يجلس على اشيزلونج حين دخلت فضيق عبنيه للحظات وهو ينظر اليها قائلا ” دكتورة سلمى ؟؟…غريبة ”
هزت سلمى كتفيها قائلة ” وهى تحاول بضراوة منع ابتسامتها من التسلل الى شفتيها الجميلتين وقالت ” ايه الغريب ؟؟“
رد بابتسامة بدت لها حزينة للغاية وقال“ كان فيه دكتورة هنا استأذنت وقالت هترجع ”
تنحنحت سلمى وقالت ” اه دى ولاء وعارفة ان انا اللى كنت متابعة حالتك من الاول وانا ادرى بيها ”
واقتربت منه وهى تقول ” ممكن اشوف جرحك ” ، فك ادهم ازرار قميصه وبدأت هى فى فك الضمادات التى تحيط الجرح والتفت لها فجاة فتوترت وقال ” على فاكرة انا آسف ع الطريقة اللى كلمتك بيها المرة اللى فاتت معلش كان فيه ظروف وقتها اضطرنى امشى ”
سرت سعادة بداخلها لاهتمامه واعتذاره وقالت ” ولا يهمك انا اصلا نسيت ” واضافت وهى تنظر الى الجرح وتقطب حاجبيها فى ضيق ” بس اللى يزعل انك تسيب جرحك يوصل للحالة دى …يعنى تسيب المستشفى ونقول ماشى …كمان متابعش اهو الجرح التهب جدا ”
ابتسم وقال فى شرود ” مادام بيتعالج مفيش مشكلة …الخوف كله من الجروح اللى ملهاش علاج ولا دوا ”
نظرت الى وجهه الشاحب وهى تحاول ان تفهم ما رمى اليه ودون ان تشعر ضغطت على جرحه بقوة فشعرت به يغمض عينيه فى الم فقالت بسرعة وهى ترفع كفها ” اسفة يا ادهم ” وتنحنحت قائلة ” قصدى سيادة الرائد ”
وضع جبينه بين سبابته وابهامه قائلا ” ادهم بس مش بحب الرسميات ”
ضحكت ضحكة قصيرة وقالت ” وانا كمان سلمى من غير دكتورة ” تمتم فى خفوت ” اتفقنا ”
انهت سلمى عملها وكتبت له وصفة تحتوى على بعض الادوية الازمة للعلاج التهاب الذى الم بجرحه وقالت وهى تعطيها له ” طبعا لو قلتلك انى محتاجة اشوف جرحك تانى بكرة وبعده برضه مش هتيجى ”
رفع حاجبه قائلا ” ليه بتقولى كدة ؟؟“
ابتسمت وهى تعقد ساعديها ” لان شكلك من النوع اللى بيكابر …وجع الجرح ده محدش يستحمله ومع ذلك انت مدورتش عليه غير دلوقتى ”
قال ادهم وهو يرتدى سترته ” ده حقيقى للاسف ”
قالت سلمى بسرعة حين رأته يهم بالانصراف ” طب هطمن عليك ازاى ؟؟“ التفت لها ادهم فتنحنحت فى خجل قائلة ” اقصد يعنى الجرح وكدة ”
مد ادهم يده اليها وقال ” هاتى تليفونك ” تفاجات سلمى بالطلب الا انها استجابت واعطته له بسرعة فسجل رقمه واتصل بهاتفه وحفظ رقمها لديه وهو يقول ” لو فيه اى مشكلة هكلمك” وقبل ام يمسك بمقبض الباب اضاف بابتسامة ” وانتى كمان لو احتجتى اى حاجة فى اى وقت كلمينى ..متشكر جدا على تعبك ”
خرج ادهم وتركها وهى تنظر الى هاتفها تطالع رقمه ، قبضت على الهاتف وقفزت فى سعادة ، اسعدتها جملته الاخيرة على الرغم من انها بدت روتيينة للغاية الا انها اشعرتها بامان غريب افتقدته منذ رحيل والدها وفى هذه اللحظة اعترفت امام نفسها بكل ثقة ان حبه تسلل الى قلبها واحتل عاصمته ورفع عليها رايته معلنا سيطرته الكاملة على كل نبضة فيه .
*********************************************************
تكورت ندى فى فراشها تحدق بالجدار المقابل وهى تضم ركبتيها الى صدرها فى استسلام تام لحزنها ومصيرها وضياع حبيبها ، شعرت بدقات على باب غرفتها فنظرت اليه دون ان ترد ففتح البا ب وسمعت صوت جعلها تنتفض من مكانها وتندفع بسرعة الى صدر اخيها الذى كانه طوق نجاتها الوحيد ، اندفعت اليه بكل الم وهى تحيط وسطه بذراعيها وتضع راسها على صدره وتبكى بشدة وتنتحب ، مسح عمر على رأسها وربت على كتفها فى حنان بالغ وهو يتبادل نظرة دهشة مع ياسمين ، التى وقفت الى جواره تطالع ندى فى حزن ومدت يدها تربت على كتفها ، رفع عمر رأس ندى من على صدره واحتواها بين كفيه وهو يقول فى قلق ” مالك يا ندى ”
نظرت اليه طويلا والدموع تغرق وجهها وقالت بصوت تقطعه شهقاتها ” وحشتنى اوى يا عمر ” واستدارت تنظر الى ياسمين وتواصل ” وحشتونى اوى ”
اندفعت الى ياسمين لتحتضنها بقوة فسالت دمعة تعاطف من عينى ياسمين وعمر يتابع حالة اخته الغريبة التى انتبهت هى اليها فافلتت نفسها من بين ذراعى ياسمين وهى تمسح دموعها وتتذكر ما وعدت به ادهم ، لم تخشى ابدا من تهديده فعلى الرغم من كل شىء لا تستطيع ان تحمل له مشاعر الخوف ابدا ، هى دوما تخشى عليه لا منه ، هى فقط تحاول ان تطيعه اوان تساعده فى افراغ غضبه كما يحلو له لتعاقب نفسها على ما فعلته بسذاجتها، اوربما كان هناك املا ضعيفا لا تراه الاهى ليعود اليها ، ” ندى انتى كويسة“““
قالها عمر فى قلق وهو يمسك بكتفيها ، قالت ندى وهى تجاهد لترسم ابتسامة على ثغرها ” ايوة يا عمر ..انا بخير انتو بس وحشتونى اوى ”
قالت ياسمين فى حنان ” انتى اللى اقترحتى اننا نروح ولو كل مرة هنسافر هتعملى كدة مش هنسافر خالص ”
ضحكت ندى من بين غيامة حزنها وقالت ” مش للدرجادى ..هو بس الايام اللى فاتت كانت …“ وقطعت جملتها وهى لا تعرف بما تواصلها وباى حجة تسوقها اليهما ، فمال عمر اليها فى تمعن وقال ” ايام ايه ..ايه اللى حصل ..مش المفروض فرحك بكرة ؟؟“
هزت ندى رأسها قائلة ” الفرح اتأجل ”
وقبل ان يسأل عمر قالت ندى ” ادهم اتصاب فى شغله وعشان كدة اجلنا الفرح شوية ”
شهق عمر فى ذعر وقال ” ادهم ..معقول ؟؟..طب ازاى وليه محدش قالنا …وحالته ايه دلوقتى ؟؟“
تألمت ندى من السؤال فهى حقا لا تعرف وليس من حقها ان تعرف ولم تجرؤ حتى على سؤاله ” احسن كتير ..موجود فى القصر دلوقتى ”
التفت عمر الى ياسمين قائلا ” مش قولتلك انى حاسس ان فى حاجة مش طبيعية ..وعشان كدة مكنتيس قادرة تكلمينى فى أل..“ وقطع عمر عبارته وقد تذكر شيئا فواصل بعده ” بس ادهم نفسه كلمنى وقالى انى مشغولة فى جهازك والتليفون اتكسر ” هنا شعرت ندى ان اخاها سيكشف كل شىء ، فبعيدا عن عدم براعتها فى الكذب ، هو عمر الذى يستطيع بنظرة ان يقرا كل ما بداخلها ، اعطته ظهرها وتنفست فى عمق وحاولت ترتيب الكلمات وتنميقها وقالت ” انا فعلا تليفونى اتكسر ومن قلقى عليه مفكرتش أعمل اى حاجة ولا حتى اجيب واحد غيره وادهم مكنش عايز يقلقكو فاتفقنا اهو نقولكو ان كل حاجة تمام لحد ما ترجعو ”
بدا عمر غير مقتنع تماما بما قالته ندى فهم ان يطرح سؤالا جديدا قبل ان تمنعه ياسمين قائلة ” كانت ايام صعبة فعلا …بس الحمد لله دلوقتى أحسن ” ادركت ياسمين ان هناك امرا خاصا بين ندى وادهم وندى تحاول اخفائه وغير قادرة على ذلك فحاولت مساعدتها ، اما عمر فتبادل نظرة مع الاثنين قبل ان يقول ” احنا لازم نروح نطمن عليه حالا ..غيرى هدومك يا ندى ”
التفتت له ندى وقالت بسرعة وهى تشير بسبابتها ” لا مش هروح ”
رمقها عمر بدهشة فواصلت محاولة اضفاء بعض المنطق على عبارتها ” انا اصلا لسة راجعة من عنده من شوية ” ، لم يشأ عمر ان يناقشها اكثر فقد بدت غريبة الاطوار كثيرا ، وما ان تركها مع ياسمين حتى ارتمت على فراشها فى تعب وكانها كانت فى حرب ، نعم حرب ، فكذبها على عمر ومحاولة اخفاء الحقيقة عنه يتطلب منها جهدا غير عاديا ، سمعت الباب يغلق وبعد لحظات فتحت ياسمين باب غرفتها فى رفق فطالعتها ندى للحظات قبل ان تقول ” عمر مشى ؟؟“ هزت ياسمين رأسها فقالت ندى وهى تضم ركبتيها الى صدرها ” وانتى ليه مروحتيش معاه ” ، قالت ياسمين وهى تمسك بمقبض الباب ” اروح معاه واسيبك كدة ”
لم تستطع ندى حبس دموعها فسالت على وجنتيها ، اقتربت منها ياسمين وجلست الى جوارها وضمتها قائلة ” انا مش عايزة اعرف ايه اللى بينك وبين ادهم ..بس عايزة اقولك ان الحب لو موجود بيحل اى مشكلة مهما كانت صعبة ”
تمتمت ندى فى خفوت وهى بين ذراعى ياسمين ” لو موجود ”
رفعت ياسمين رأس ندى من على صدرها قائلة ” ازاى ؟؟…انت وادهم مش بتحبو بعض …انتو بتعشقو بعض يا ندى وخصوصا ادهم محدش فى الدنيا ممكن يقدر يحبك قده ”
قالت ندى فى الم وهى تصرخ دون تفكير ” وانا ضيعته ضيعته ”
وضعت ندى يدها على ثغرها وانتبهت انها بدات تبوح بما هو غير مسموح لها ان تبوح به ، فأمسكت كف ياسمين وقالت فى توسل وقد فقدت سيطرتها على نفسها تماما ”ياسمين ارجوكى …لو فى شعرة ضعيفة باقية بنى وبين ادهم فالشعرة دى هتتقطع لو فى حد عرف اللى بينا …انسى انى قولتلك اى حاجة ارجوكى ..مش عاوزة حد يعرف حاجة وخصوصا عمر ” ، لم تجب ياسمين باكثر من ان ضمتها بقوة وهى تتالم عن حق لالمها ، اهذه هى ندى ؟؟، الابتسامة المنتقلة بين شفتى كل من يعرفها ، اهكذا اصبحت ؟؟؟





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى