رواية حبيسة قصر الوحش كامله وحصريه بقلم رحاب عمر – تحميل الرواية pdf

رواية حبيسة قصر الوحش كامله وحصريه بقلم رحاب عمر
لبارت الاول
في تلك الليلة العاصفة و ذلك الطقس شديد البرودة , كانت حبات المطر تتراقص بعنف في سماء القاهرة مصطحبة معها بعض موسيقي الرعد الصاخبة المخيفة و واضواء البرق المفزعه التي تضرب الأفق بلا رحمة تشاركها في تلك الحفلة المرعبة سيول شديدة تضرب الأرض من وقت لأخر وكأنها حفلة يقيمها بعض الوحوش الخيالية التي نراها في كرتون بن تن , كانت جميع الكائنات مختبئة داخل فرشها متكورة بكل ما تستطيع ان تستمد منه الدفء من أغطية و ملابس و المدفئات الكهربية , ولا يكاد يسمع في الاجواء سوي صوت تلك الحفلة الشتوية التي يقيمها شهر يناير في كل عام
كان هناك بصيص ضوء يظهر من تحت باب غرفة المدير بشركة تجارية متوسطة المستوي تختص بتجارة أجهزة الحاسوب , بداخل الحجرة كان هناك شخص في قمة غضبه وقلقه , يعقد كفيه خلف ظهره , مقطب جبينه بشدة محدق عينيه في تلك السجادة الفخمة أسفل قدمه , يزرع الغرفة ذهابا و اياباً في توتر بالغ , لا يشعر بأي شئ يجري بالخارج , حتي لم يشعر بالبرد الذي يضرب جسدة بقوة , كان منشغلا فقط بما يدور برأسه وتلك الرساله التي ينتظرها علي أحر من الجمر.
ذلك الشخص الذي تبدو هيئته كرجل من رجال الحراسه الخاصة” البودي جارد” , طويل القامة, عريض المنكبين , ذو بشرة خميرة تميل إلي السمار , وعيني واسعتين ثاقبتين وملامح جامدة صلبة , وشعر ناعم شديد السواد و لحية خفيفة , ونظرة نارية يذوب إثرها من ينظر إليه و صوت جوهري مخيف و اسلوب جاف يملأه الجدية و الرسمية ” بإختصار إنه الوحش يا سادة”
اتجه نحو جهازه الحاسوب وجلس علي الكرسي خلف المكتب الضخم, فتح صندوق الرسائل الواردة و بعد لحظات كست ملامحه خيبة الأمل, زفر بضيق شديد ثم اعاد تحميل الصفحه للمرة الألف فكان الجديد بالصفحه “لاشئ”
قال بغضب: هي الساعه كام
نظر بالساعه التي بالحاسوب فوجدها الثانية عشر و الربع بعد منصف الليل فقال: الوقت جري بسرعه كده ليه يستحسن اقوم اروح و بكرة اشوف هيردوا بإيه
ثم قام و ارتدي سترته السوداء و هم بغلق الحاسوب و لكنه قال: طيب اشوف كمان مره كده
ثم جلس ثانية علي المقعد و اعاد تحميل صفحة الرسائل الواردة و في تلك المرة لم يجد جديد أيضا
أرجع ظهره للخلف و ظل يعبث بعشوائيه في شعر لحيته القصيرة و ههو يتذكر أحداث مرت بصباحه الباكر في منزله وهو يتناول فطوره مع امه واخته
حازم: شوفتيلي الموضوع الي كلمتك فيه ده يا ماما
سناء: موضوع ايه يا حازم
حازم: العروسة
سناء بتوتر: لسه يا حازم مظهرش قدامي حد ربنا يسهل
حازم : ليه يعني ما البنات في كل حته
سناء: بس يا حازم المفروض ان يكون ليك مواصفات معينة عاوزها في الواحده علشان اقدر اشوفلك
حازم: ما انا قلتلك قبل كده
سناء: لا لا مش قصدي يعني مثلا حلوه طويله ولا قصيره معاها كلية ايه , متدينة ولا عادية, بنت ناس مستواهم ايه كده يعني
حازم: ماما اللي انتي بتتكلمي ده اسمه كلام فاضي , هو انا بدور علي بدلة ولا عروسة , انتي عارفة ان الشكل و الطول والكلام ده مش بإيد حد ده بتاع ربنا , انا عاوز واحدة تكون قد المسؤلية عارفة ان عليها التزامات لازم تقوم بيها علي اكمل وجه و لايمكن تقصر فيها و ان قدامنا مستقبل هنبنيه سوا تساعدني احقق احلامي واسمي يتكتب بالدهب في صفحات التاريخ و ان مسؤليتها الاساسية انها تربي أولادنا علي اساس انهم يكونوا عظماء مش ناس عاديين
كانت والدته سناء و اخته نور ينظرون اليه بدهشة بعينين مفتوحتين علي اخريهما
نور: ده مش جواز ده , الواحده عاوزة ترتبط علشان تحس بالامان و انها عايشة في جنتها اللي هو بيتها مش تحس انها داخله حرب و لازم تفوز فيه
نظرة لها حازم نظرته النارية المعتادة : انا مش عاوز واحده تقولي مامي و بابي والكلام الفاضي ده و لا كل شوية تقولي عاوزة تعمل شوبيج لا تغير موديل العربيه لااااااا مليش خلق للكلام الفارغ ده , انا قدامي مستقبل وكفاح
سناء لتنهي الحوار حتي لا يتحول إلي مناقشة حادة بين حازم و نور ككل مره: خلاص يا حازم ان شاء الله هدور و ربنا ييسرلك ويرضيك ببنت الحلال بس حاول ان تدور من ناحيتك برضه
حازم: هو انا فاضي؟ انتي عارفه ان الشركة واخده وقتي كله
سناء بنفاذ صبر: الشركة الشركة اومال لو رجل اعمال وعندك بدل الشركة عشرة و لا المصانع والxxxxات و الصفقات كنت عملت ايه يا حازم يا بني الحياه اسهل من كده بكتير متخدش كل حاجه علي اعصابك كده
استثار حازم وقال غاضبا: ما هو انا لو معملتش كده الشركة هتفضل شركه , انما اوعدك الشركة اللي بتستهزأي بيها دي بكرة تبقي اكبر سلسلة شركات في مصر كلها علشان كده عاوز واحدة تيجي تدفعني لقدام مش ترجعني ورا
ثم قام غاضبا و ترك الرغيف الذي كان بيده وقال: انا رايح الشغل
سناء: انا مش بستهزأ يا حازم انا بس خايفة عليك وعاوزة اشوفك بتريح و ترفه علي نفسك شويه زي الناس
حازم و هي متجه لباب الفيلا: الراحه و الترفيه ده زي الملح في الاكل لو زاد الاكل يبوظ
سنا و هي تهز رأسها بحزن علي ابنها: اهو انت قلت بنفسك زوي الملح يعني من غيره الاكل مينفعش
حازم: علشان كده ربنا خلق لنا ليل نريح و ننام فيه كفايه قوي
ثم تركهم وخرج نحو سيارته وهم أن يركب لكنه تذكر انه نسي هاتفه المحمول علي السفره فعاد ادرجه و عندما اقترب من باب حجرة السفرة سمع امه و اخته يتحاوران بإستهزاء
نور: لا يا حببتي حرام اظلم واحده من صحابي معاه وأشيل ذنبها في رقبتي طول عمري شوفيله انتي من معارفك ولا الجيران ولا قريبك
سناء: لا يا اختي انا مش مستعده اخسر حد ولا حد يدعي عليا باقي عمره هو حر يجيب واحده علي ذوقه هو ليه دماغ لواحده اذا كان حته شركة و محسسني انه بيحارب ليل ونهار
فانسحب حازم للخارج بهدوء و قد امتلأ صدره بنار الاصرار و العزيمة علي ان يحقق احلامه ولا يدع مساحه لأحد ان يستهزأ به لو قد انمله صغيرة وأن يملأ طريق حياته بإنجازات تلو انجازات وأن يصعد سلالم النجاح واحدا تلو الاخر
هز رأسه بعنف كأنه يحاول نثر تلك الأحداث من رأسه ثم مال بجسده نحو المكتب واستند بمرفقيه علي المكتب , نزع نظارته الطبية الصغيرة برفق بيده اليمني ثم أخذ يفرك عينيه بيده اليسري من كثرة الأرهاق , وضع النظاره جانبا و ظل يفرك جبهته بعنف عله يخفف شدة الألم الذي تملك رأسه
ثم قال : يعني مش مأخر لهم طلب و كله علي حساب صحتي و راحتي و برضه محسسني اني ما زلت فاشل و مصعب الحياه علي حته شركه
تنهد بضيق ثم تابع بتوسل : ياااارب يااارب يسرلي الصفقه دي و الشركه تقبل طلبي وحقق لي حلمي وانا هشوف واحد محتاج وهقدمله كل اللي اقدر عليه يارب والله أوعدك يارب لو محتاج ايه مش هتأخر عليه مدام في وسعي
ثم أغلق حاسوبه و أغلق مصباح الغرفه و خرج من الشركه وكله امل و يقين بالله بأن أول خطوه في تحقيق حلمه ستتحقق
وعندما خرج من بوابة العماره فوجئ بالمنظر الرهيب الذي صنعه المطر والرياح في كل مكان , الكثير من برك المياه التي ما زالت تنقش علي وجهها دوائر صغيره بسبب تساق المطر و جو ضبابي مخيف و اصوات الرياح الشديده
حازم وهو ينفخ بيديه يحاول تدفئتهما : اوووه دي الدنيا بايظة خالص , ربنا يستر و اعرف اروح بسلام
اتجه بحذر نحو سيارته و انطلق بسرعه متوسطه نحو الطريق الرئيسي المؤدي إلي فيلته, واثناء ركوبه ظل يردد بأن يستجيب الله له ويحقق حلمه وأن يجد رسالة الاستجابه عندما يصل إلي منزله و ظل يجدد وعده و عهده مع الله بأن يقدم لأحد المحتاجين كل ما يريده ويحتاجه
وأثناء سيره ومروره من تحت احدي الكباري لمح شئ مريب و لكنه لم يتأكد منه , ضغط علي مكابح السياره ثم عاد للخلف بهدوء وعندما اقترب مما رأي فتح زجاج السياره بحذر و نظر بدقة فوجد توكتك به شابان يعتديان علي فتاه شابه وهي تحاول الفرار منهم بكل طاقتها و هم يحاولون كتم صرخاتها ويضعون أيديهم علي فمهما و يضربونها بعنف
استشاط غضبه لما يري فأخرج مسدسه ثم ضرب طلقتين بالهواء لإخافة الشابين و بالفعل ولوا فرارا تاركين الفتاه التي لم تعد قادره علي تمالك اعصابها
نزل حازم من السياره بسرعه ثم أمسك الفتاه التي تشبه قطعه الاسفينج من ذراعها و أوقفها بعنف ثم سحبها بخطوات سريعه , فتح باب السيارة الخلفي و ألقي بها بالداخل بعنف و اغلق الباب وركب السيارة بخفة و انطلق بها بسرعة الصاروخ
كانت الفتاه تبكي بشدة و تنتحب بصوت عالي وهي مستلقيه علي وجهها بالمقعد الخلفي كقطعه قماش ملقاه بعشوائية علي الأرض
ظل حازم يسير بسيارته دون وجهه مقصوده ينتظر ان تهدأ تلك الفتاه حتي يسألها علي عنوان منزلها , وبعد ما يقرب من النصف ساعه كانت ما تزال تبكي بشدة
حازم بإشمئزاز: بيتك فين يا بنتي , خليني أروحك أنا مش فاضي
لم ترد الفتاه سوي بزيادة من البكاء و العويل, فأوقف حازم السياره علي جانب من الطريق حتي تهدأ الفتاه
وقال لها : خلصي مش فاضي هتفضلي تعيطي لحد أمتي و بعدين بتعطي ليه ما هو انتي اللي جبتيه لنفسك ,. مفيش بنت محترمة تطلع من بيتها في وقت زي ده , كنت تتوقعي ايه يحصل غير كده , يا إما بقي انتي خارجه اساسا عاوزة كده
كانت يتكلم وهو يميل شفتيه السفليه بإشمئزاز من تلك التي تجلس خلفه ولو يلحظ تلك الشقراء الجميلة ذات البشرة التي تشبة القشدة و العينين الزقاوتين التي تشبة السماء الصافية و تلك الملامح البريئة التي لا يمتلكها إلا الاطفال دون العاشرة التي لم تعبث الهموم بملامحهم بعد , كانت من تجلس خلفة فاتنه تمتلك من الجمال ما يجعلها مصدرة غيره لكل فتيات جنسها و مصدر طمع للجنس الأخر , لم تقع عين أحد عليها إلا وغبطها علي ذلك الوجه الملائكي وتلك الرقة الساحره و ذلك الصوت الموسيقي الرقيق و ذلك الجسم الفرنسي الممشوق , إنها يا سادة” الجميلة”
ما ان سمعت الفتاه تلك الكلمات من ذلك الرجل الذي انقذها للتو من بين يدي الذئاب البشريه و لكنه سلط نحوها تلك الخناجر القاتلة من الكلمات المسمومة حتي توقف عن البكاء بصعوبه و قالت من بين تشنجاتها الشديدة: وديني أقرب قسم
حازم بسخرية: هإ وانتي فاكره القسم هيعملك ايه يعني , واحدة خارجه في نص الليل , هياخدك يحبسك لحد ما اهلك يجوا ياخدوكي فتعالي من سكات أرجعك بيتك
حسناءبإصرار : وديني وخلاص
فانطلق حازم لأقرب قسم ولكن عند مروره علي أحد المولات التجاريه الكبيرة قالت حسناء: لو سمحت ممكن طلب
حازم: خير
حسناء : ممكن تشتريلي اسدال اسود
حازم: نعم وانتي فاكرة يعني هيفكروكي محترمة مدام لابسه اسدال , ده انتي ساذجه صحيح
حسناء بصراخ : خلاص اسكت ارجوك
عاد حازم بالسيارة و أوقفها أمام المول و نزل بسرعه و اشتري لها طلبها و هو في قمة ضيقه و أعطاها اياه وهو مشمئز منها و ينظر للجهه الاخري حتي لا تقع عينيه علي تلك القذرة فتتلوث
ارتدته بسرعه ودموعها لا تزال تساقط في صمت , مما حل بها و مما يفعله معها هذا الرجل الضخم و مما سوف ترمي نفسها فيه بعد دقائق ,
قاد حازم السيارة باتجاه مركز الشرطه و اثناء قيادته لاحظ أن أحد قد عبث بالدرج الذي بالسياره و لم يستطع اغلاقه جيدا
هدأ من سرعه السيارة و اضاء المصباح الذي امامه وفتح الدرج فلم يجد محفظته التي بها بطاقته الشخصية و ايضا فيزا كارد و بعض الوريقات المهمه وبعض نقود
ضغط علي مكابح السياره بعنف و استدار لها بعصبه , صوب تجاهها اسوأ نظراته الحارقه وقال لها: فين المحفظة بتاعتي
قالت بهدوء: استلمها من القسم
قال لها بغضب و عينيه اتسعت اكثر و اكثر: بتقول ايه ؟ فين المحفظة يا بت
قالت بهدوء اكثر: سرقتها و هسلم نفسي في القسم و حضرتك اعمل بلاغ وخدها تاني
كاد ان يجن بعدما سمع تلك الكلمات وقال بصوت يكات يفتت طبلة اذنها: انتي بتلعبي معايا يابت انتي
لكن ردها أدهشه كثير وقالت بتوسل يغلفه دموعها : ارجوووووك ساعدني اني ابقي في أمان بعيد عن العالم اللي كل ذئاب بتنهش فيا من غير ذرة رحمة بقلبها , ارجوووووك محفظتك هترجعلك زي ما هي بس انا عاوزة اتسجن واتعزل عن العالم ده وعن الغابة دي
رغم ان كلماتها هزت كيانه الا انه قال لها بعصبيه و هو يشير لها إلي مسدسه المثبت بخصره: هتجيبي المحفظه و لا افرغ المسدس ده في دماغك
ردت بهدوء: لو مش هتساعدني ادخل السجن يبقي فرغه و ابقي ارتحت خالص و كتر خيرك
استدار بجسده و نظر أمامه و قال بنفاذ صبر وهو يضع يديه علي رأسه : ياربييييييييي ايه البلوه اللي جات في طريقي دي انا ناقص مصايب ياربي , غبيه و لا متخلفة دي
ثم استدار جهتها ثانية و قال بجديه : هاتي المحفظة
فأعطته اياها بهدوء فأخذها بعصبيه و فتحها بسرعه و ظل يفتش بها فوجدها كما هي لم ينقص منها ذره فقال بنفسه : اومال وخداها ليه دي
أدار السيارة ثانية وقال: خلصيني ابوس ايدك انا مش شايف قدامي من التعب , مش هفضل طول الليل اترجاكي علشان تعرفيني بيتك فين و متحاوليش تثيري غضبي تاني بتخلفك ده
قالت بهدوء شديد:بيتي علي كورنيش النيل
حازم: طيب مش كنتي تقولي احنا لسه معدين من هناك حالا , فين بالضبط في كورنيش النيل
الفتاة: لما نوصل هقولك
انطلق حازم بسرعه نحو كورنيش النيل و عندما وصل قال لها: فين بالضبط , احنا وصلنا اهو
نظرت الفتاه حولها فوجدت الجو ساكن بسبب الوقت المتأخر و الطقس الصعب فقالت : هنا شكراً
فتوقف حازم بالسيارة وفتحت هي الباب و نزلت , ثم وقفت علي الرصيف حتي سار حازم بالسيارة , وبعد ان انطلق ظل وعده لربه يتكرر برأسه و كأنه ناقوس انذار ” هساعد حد محتاج بكل اللي عاوزه مدام اقدر اساعده”
شعر بأن شئ خفي يستحثه علي ان يعود ادراجه ثانية وانها الشخص الذي بعثه الله ليوفي بنذره معه و يقدم له المساعده , قال بنفسه : علي اخر الزمن اساعد فتاة ليل ؟ , ولكن شئ بداخله ارغمه علي التوقف فجأة ثم عاد للخلف بحذر حتي وصل المكان الذي توقفت به الفتاه المجهوله , نزل يبحث عنها , ظل يتلفت عله يلمحها من بين الضباب ولكنه لم يجدها و فجأة رنت بأذنه صوت ارتطام شئ بمياه النيل , صعق بشده عندما جال بخاطره ان تكون الفتاه انتحرت و القت بنفسها في المياه
أسرع بسرعه و قفز من فوق سور النيل و ظل يحدق بالمياه فلاحظ شئ اسود يتقلب بشدة داخل المياه فأسرع و نزل المياه بسرعه و أمسكه فكان ظنه في محله
حاولت ان تتفلت منه و لكنه أمسكها جيدا و سحبها نحو الشاطئ ثم جذبها من ذراعها بعنف و هي تبكي و تتشنج بشدة فقال لها : اتكتمي بدل ما اقتلك
قفز من فوق السور ثانية ثم ساعدها واتجه نحو السيارة , فتح الباب الامامي و قال لها : ادخلي
استدار وجلس بجوارها ارجع ظهر للخلف و أغمض عينيه يحاول استعادة أعصابه مره اخري و قال لها و قد فقد السيطرة علي انفعاله و اعصابه: انتي ايه اللي رماكي عليا في الليله السوده دي , انتي عاوزة توديني في داهيه , افرض حد شافك و خد رقم عربيتي يقولو انا اللي رميتك وتوديني في مصيبة
قالت بصراخ: انت عاوز مني ايه , سيبني في حالي, انتي لا راضي توديني القسم و لا راضي تسيبني اموت و ارتاح من الدنيا ليه , حرام عليك انت مش عارف اللي انا فيا يبقي ملكش دعوه بيا و ملكش دعوة اعمل في نفسي ايه
قال لها و هو يحاول تمالك اعصابه : ايا كان ايه اللي عندك تموتي كافرة؟
قالت بصراخ: ربنا عارف و عالم اني مضطره اعمل كده و مفيش قدامي خيار تاني علشان اختاره و ان الحياه قفلت كل ابوابها في وشي خلااااااااااااااااص , خلااااااااص العيشة معدتش نافعه لا فيه أمان في البيت ولا ليا اي ملجأ تاني
هدأت نسبيا و قالت له: ارجوك سيني سيبني ربنا هيغفرلي انتحاري لأنه عالم بحياتي
قال لها : انتي متخلفة عقليا مش صح؟
فعاودت الصراخ وقالت: لو مش هتسيبني يبقي تديني وعد قدام ربنا , وعد صادق توعد بيه ربنا انك هتساعدني و تخلين ي في امان بعيد عن البشر اللي زي الذئاب دي, لو هتحطني في اوضة من غير باب و لا شباك ولا عاوزه اكل و لا مايه و لا حتي هوا اهم حاجه اكون بأمان مش عاوزه احس بإحساس الخوف بعد النهارده
دخلت كلماتها برأسه فاصتطدمت بكلماته التي كان يوعد ربه بها , فشعر بقشعريره تسري بجسده , اغمض عينيه و قال بنفسه : يارب هساعدها بس بتوسل اليك اروح البيت الاقي الرساله وصلت
رد عليها: ماشي اوعدك قدام ربنا هخليكي بأمان
قالت له : احلف
قال: والله والله هوعدك انك هتكوني بأمان طول ما انا عايش
ثم اتجه بسيارته نحو مكان ما و اثناء سيره لاحظ ارتعاش جسدها و تخبط اسنانها ببعضهما بسبب البرد و ايضا ملابسها المبتلة فاتجه للمول الذي كان به من حوالي نصف ساعه وقال لها: دقايق و هككون هنا
ثم اغلق السيارة جيدا بالزر الذي بيده و صعد المول
توجه نحو قسم الملابس الحريمي ودخل المحل وقال للبائع: السلام عليكم
البائع: وعليكم السلام
حازم : عاوز خمس بيجامات حريمي شتوي و كل لاوازمها
البائع: نعم؟ يعني تقصد الاندر وير
حازم : اه و بلوفرات و شربات و تحجيبات وكله
البائع : مقاس كام
حازم: تقريبا مقاس واحده رفيعه
نظر له البائع بتعجب و لكنه احضر طلباته من دون ولا كلمة فمظهره يخيف بالاضافه الي اسلوبه الجاف
وبعد ان انهي شراء ما حتاجه توجه للسيارة مرة اخري ووضع ما بيده بالخلف ثم قاد بدون ولا كلمة
حتي وصل لبوابة ضخمة , نزل من السيارة وفتح البوابه المؤدية لفيلا تحت الإنشاء بجانبها مبني صغير من طابقين
ترجل من السيارة وقال لها باستحفار: انزلي
اتجه نحو بوابة ذلك المبني الصغير و هو يحمل بيده الحقيبة التي بها الملابس التي اشتراها للتو , و الفتاه تتبعه بجسدها النحيف المهتز من كثرة ارتعاشها من البرد
فتح البوابه ثم دلف للداخل و قال لها بعنف دون ان ينظر لها : ادخلي
شعرت بالرعب فأيا كان هو شخص يتحلي بالشهامة و الرجوله حيث انقذها من الهلاك و من بين يدي الذئاب البشريه و لكنها لا تعلمه و لا تعلم شئ عن اخلاقه و عن حياته و لا تعلم ما هذا المكان و إلي اين يأخذها
نظر لها بغضب لعدم تنفيذها لأوامره فرأي علي ملامحها القلق و الرعب فقال لها باستهزاء ممزوج بالعنف: خايفه من ايه , انا مش بتاع القرف و الكلام الفاضي اللي في دماغك ده يا بتاعه انتي, ثم ولاها ظهره و دلف للداخل
دخلت خلفه بتوجس و هي تقدم رجل و تؤخر الاخري و عندما حطت عينيها علي ما بداخل المبني انبهرت بشدة رغم عدم صفاء ذهنا, كان التصميم غاية في الفخامة , شعرت و كأنها دخلت قصر أحد رؤساء الدول العظمي, ديكور كلاسيك عالي الفخامة و التكلف , عبارة عن صاله بها ثلاث صالونات مدهبه من افخم ما رأت في حياتها وتفرش تحتهم سجاد باهظ الثمن فخمة التصميم و الكثير من كماليات الديكور التي تضيف للمكان جماله و فخامته
أخرجها من شرودها صوته الغليظ و هو يقول لها: خليكي هنا علي ما انزل
ثم صعد سلم من الرخام الغالي و له سور من الزخارف المصنوعه من الحديد المدهب
ثم قال لها بعنف: متقعديش علي حاجه احسن تبليها ادخلي الحمام وغيري هدومك الاول , الشنطه دي فيها هدوم
ثم أكمل طريقه للأعلي بينما هي اتجهت نحو الحقيبة التي أشار لها عليها و فتحتها بيديها المرتعشتين و بدأت تتفحص ما بها حتي تنتظر ماذا سينتهي الامر
صعد حازم للطابق العلوي وفتح باب احدي االغرف التي بها مكتب كبير خاصته و ايضا مكتبة مليئة بالاوراق و المستندات المهمة التي يتوقف عليها مستقبله العملي و العلمي
أغلق الباب خلفه بالمفتاح ثم اخرج حقيبة جلدية من أحد الادراج و ظل يجمع بها الكثير من الاوراق و المستندات المهمه حتي امتلأت , فأخرج دوسيها بلاستيكيا و ظل يضع الاوراق المتبقيه , واخرج الاخر ايضا و ملأه
ثم قام بتشغيل الجهاز الخاص بكاميرات المراقبة وأغلق التي تراقب ما بداخل المبني و لكنه شغل التي تراقب مداخل و مخارج المبني و ما يحيط به
ثم دخل الغرفة المجاوره و فتح خزانة الملابس و بدل ملابسه المبتله و جمع ملابسه بشكل عشوائي داخل ضلفة و احده واغلقها جيدا و أخذ المال الذي كان يضعه داخل الدولاب و أخذ بعض مستلزماته و خرج من الغرفة
ثم نزل وهو يحمل الحقائب التي بها أوراقه المهمة فوجدها ما زالت بملابسها المبتلة فقال لها وهو ينظر للجهه الاخري: محدش في البيت ده خالص , اساسا محدش لسة سكن فيه, فوق في اوضتين , اوضة نوم و أوضة تانية مقفولة, اياك و حذاري تقربي منها و الا بالله لأكون مقطعك حتت ودفنك في كل بلد حته وباقي الشقه خدي راحتك فيها والتلاجه فوق فيها اكل , كلي براحتك و اعتبري ده بيتك للأبد , أو اعتبريه سجنك للأبد , مدام خلتيني اوعد ربنا اني احافظ عليكي وفرضتي نفسك عليا خلاص ارضي بقي بالسجن ده متخافيش في كل وسائل الراحه بس مش هسيب معاكي مفتاح و هقفل عليكي ومتحلميش في يوم انك تخرجي بره لحد ما يظهرك اهل يجوا ياخدوكي
اندهش لردها عندما قالت له بثقه: انا عاوزة كده بس اتأكد انك قافل عليا كويس و ان محدش هيجي هنا و لا حد يعرف يدخلي من اي حته
قال لها باستنكار: متخافيس النمله نفسها مش هتعرف تدخل الا لو انا فتحتلها الباب
ثم خرج و أغلق عليها الباب المصفح الذي يحوي ستة كالونات كمبيوتر وانصرف وهو في قمة غضبه و اندهاشه مما يحدث له
عندما انصرف ظلت الفتاه تجول بتوجس داخل المبني الصغير لتتأكد انها بأمان و انه لا يوجد غيرها في هذا المكان
بالاسفل لا يوجد سوي ريسيبش به ثلاث الصالونات و جهاز تلفاز كبير و جهاز حاسوب محمول و وحدة ألعاب فديو وبأخر الصالة يوجد السلم المؤدي للدور العلوي و دورة مياة صغيرة
صعدت للأعلي و هي خائفة تشعر و كأنها ستصدم بشخص فتحت الأنوار فوجدت حجرتان احداهما مغلقة و الاخري بها غرفة نوم فخمة و بها ايضا تلفاز و مدفأة كبيرة و بالخارج سفرة صغيرة بالكاد تسع لفرد واحد و مطبخ مجهز بكل ما تحتاجه سيدة المطبخ من ادوات , و حمام واسع كبير به وحدة سونا و حوض استحمام كبير الكتروني و كل ما يتمناه شخص ليعيد نشاط و حيوية جسده
كانت الديكورات و التصميمات تبهرها بشدة و لكن يغلب عليها الذوق الرجولي البحت
تعجبت بشدة داخل نفسها و قالت: هو ايه المبني الغريب ده يادوب يكفي شخص واحد حتي مينفعش لأتنين متجوزين جديد وياتري مين الشخص ده اللي ربنا جعله في طريقي ينقذني من الليلة الصعبة دي
تذكرت قيامها بين يدي الله في الليله الماضية و تضرعها له و توسلها إليه ان يجعل لها مخرج من تلك الأزمات المريرة التي تمر بها
فأسرعت نحو الحقيبة التي بها الملابس و أخذت ما يدفئها و اتجهت نحو الحمام وأخذت دشا دافئا منعشا بأفضل انواع الشامبوهات العالمية و لكن الرجاليه و تدسرت جيدا بملاسها الثقيله و بدأت في قيام تلك الليله ايضا حمدا و شكرا لله علي استجابته لدعائها و توسلها له بأن يتم نعمه هذه علي خير و ان يكون هذا االانسان حسن الخلق صادق النيه مع الله و أن يحافظ عليها كما وعدها و الا يعيدها مره اخري لما كانت عليه
أما حازم فركب سيارته و انطلق بها بسرعه نحو منزل اسرته و هو يشعر بإرهاق شديد و ألم فظيع يكاد يفتك برأسه و يجعلها اشلاء
ظل يفكر بأحداث تلك الليلة الغريبه التي لم يستوعب احداثها بعد , يكاد يجزم انه مجرد حلم سئ في منامه و هيهات سيستيقظ منه
قال بحسرة: يعني لما اعمل لنفسي بيت صغير يبقي خاص بيا استجم فيه و افصل من متاعب الحياه و الضغوط دي , تيجي فتاة ليل حقيرة تاخده مني بسهوله كده , اياك بس متكنش واحده عامله فيلم عليا و اتفاجئ انها متفقه مع واحد و يجي يقضي معاها الليل جوة, عامة انا شغلت كاميرات المراقبة و هوظف حارس من بكرة عليالبوابه و هاجي اتابع العمال كل شوية و هم شغالين في الفيلا علشان اراقبها كويس ,لما اشوف اخرتها ايه , هتصل بكره علي المحامي اقوله و اشوف ابلغ عنها و لا نسأل عن اهلها و نرجعهلهم من غير دوشه
سمع أذان الفجر فنزل من سيارته و توجه لمسجد و أدي به فريضته ثم جلس يدعو الله بأن يقدر له الخير و يستجيب دعائه و ظل يردد وعد لله بأن يقدم المساعده لتلك الفتاه و يبحث عن اهلها و يرجعها لمنزلها سالمة
وبعد ما يقرب من ساعه رأي شعاع ضئيل يتسرب من بين الغيوم يعلن عن قرب وصول الشمس لسماء القاهره و اعلانه عن وصول يوم جديد فخرج من المسجد و انطلق بسيارته ثانية لمنزله و عندما دخل الفيلا التي تسكن بها اسرته , دخل بهدوء حتي لا يزعج أحد , ولكنه وجد امه بإنتظاره و دموعها علي خديها
عندما رأته لم تتمالك اعصابها و اندفعت به بعصبيه : انت بتستهبل و لا انت نفسك تخلص عليا, يعني في واحد يرجع من شغله تاني يوم الصبح و كمان مخدش موبيله معاه علشان نطمن عليه و لا حتي يتصل علينا و يعبرنا يعرفنا انه لسه عايش علشان نعرف نغمض عنينا , حرام عليك يا ابني انت بتبهدل فيا كده ليه مش كفايه اللي بيا و لا انت مش هترتاح الا لما تشوفني في تربتي
حازم و هو يتمالك نفسه فقد حل التعب به بشكل كاف: ماما ارجوكي انت عارفه اني في الشركة والموبيل نسيته
سناء بصوت عالي: شركة ايه يا اخي , انا خلاص فقدت اعصابي بسببك
حازم : ماما انتي عارفه ان طريق النجاح صعب فلو عاوزة ابنك يبقي ناجح استحملي
سناء بنفاذ صبر: انت متعرفس حاجه عن النجاح , النجاح الحقيقي انك تحافظ علي اسرتك و بيتك و تشوف راحتهم فين مش سايبهم بتقلوا علي نار و قاعدلي في الشركه ده انت لو بتخترع الذره مكنتش اتأخرت كده
حازم وقد نفذ صبره : اسرة ايه ونجاح ايه اللي بتتكلمي عنه, انت عملتي ايه بحفاظك علي اسرتك ., انت لولا سلبيتك كان زمانا دلوقتي حاجه تانيه , قعدتي تقولي اسرتي اسرتي و ميهمنيش فلوس و رحتي بخيبتك اعطيتي ميراثك لبابا علشان تحافظي علي اسرتك , حصل بعدها ايه غير انه سابك و سابنا و خد الفلوس و جري ورا شهوته و اتجوز غيرك
صعقت سناء من كلامه وقالت ببكاء:ده النجاح الحقيقي , يكفي اني حافظت عليكم
حازم بعصبيه : ده نجاح بالله عليكي من وجة نظرتك , لما نجوع وأضطر اشتغل جنب الكليه علششان نعرف ناكل و أخلص كليتي و احارب ليل و نهار علشان أجوز اخواتي و اعلمهم و اقدر اشتري فيلا و افتح شركه و احس اني بني أدم في وسط الناس و كان بإيدك تحافظي علينا بجد بإنك تحافظي علي فلوسك مش تتنازلي عنها بسهوله كده و تسيبيني اشرب المرار سنين
ثم تابع بعصبيه شديده: انا بقالي 15 سنه ياماما مدقتش فيهم طعم الراحه بشتغل بدل الشغله اتنين , انتوا مش حاسين بيا و كمان مش بتحاولوا تدفعوني لقدام و كل همكم انكم طلباتكم تبقي مجابه علشان انا مكان الأب هنا و كمان مش بترحموني من استهزأكم ليا كل شوية تقولولي حته شركة, انا عندي 31 سنه و اشرتلكم فيلا و فتحت شركة و عربية و ببني في فيلا تانيه و جوزت نرمين اختي و نور كل طلباتها مجابه و برضه لسه كل ما تتكلموا تقولوا حته شركه
ثم ضرب الكرسي بقدمه و اتجه للأعلي تاركا امه خلفه بعد ان قلب لها في كتاب ذكريتها ةأسوأ صفاحاته تركها تبكي بمراره علي حسرتها علي ما ذكرها به من أموالها و ميراثها الذي أخذه الوغد زوجها و تركها ليتزوج بغيرها التي تزيدها جمالا وعدم اكتراثه لأولاده الذين ما زالوا في اشد الحاجه لوجود أب في حياتهم
دخل حازم حجرته وألقي بما في يده علي المنضدة ثم رمي نفسه علي السرير, أغمض عينيه بألم نفسي و جسدي فقد ملأ جسده الالم و رأسه الصداع الفتاك
ظل يمرر كلام والدته برأسه و كلامها له و ما ينطوي ذلك الكلام علي ماضي قاسي مرير تسبب له في الكثير من المصاعب و الآلام
وأثناء انهماكه بذكرياته الصعبة تذكر تلك الرساله الت يينتظهرها من شركة ” أبل” أشهر شركات العالم في تصنيع الحاسوب المحمول و الهواتف الجواله , فقام مسرعا و فتح حاسوبه ثم صندوق الرسائل فوجد اعلان عن وصول رساله , فتتحها بلهفة شديد و ما ان رأها حتي أخذ يلتهم حروفها بسرعه ثم هبط للارض و سجد الله شاكرا علي تقبله


