رواية حبيسة قصر الوحش الفصل العاشر 10 بقلم رحاب عمر – تحميل الرواية pdf

بسم الله
الجزء العاشر
ظلت باقي الطريق تجادل نفسها عما يجب ان تفعله و في نهاية الأمر قررت ان تضغط علي حيائها و تصعد للاطمئنان علي حازم
لكن : ماذا ستحمل له معها و ماذا ستقول له , ظلت تحضر بعض العبارات العادية التي ستلقيها علي مسامعه و ايضا ماذا ستشتري له , وقبل ان يصلوا إلي المشفي قالت حسناء لنرمين : مفيش محل شيكولاته قريب
نرمين : فيه بعد المسشفي بخطوتين
حسناء : طيب عاوزة اشتري حاجه قبل ما ندخل المستشفي
لبت نرمين طلبها ثم اتجهتا للمشفي , كانت حسناء تصمم العبارات المناسبة التي ستقدمها لحازم بعد دقائق, لم يكن هناك متسع من الوقت لإقناء الألفاظ , ولم تكن هي الماهره في تقديم المجاملات و العبارات الأنيقة , ولكنها حاولت تجميع بعضها في اسرع وقت , وقبل ان تختار ما تقوله تذكرت شئ فالتفتت لنرمين وقالت: اوووه نرمين عاوزين نرجع المحل اللي بعنا فيه العبايات
نرمين بإندهاش: ليه؟ نسيتي حاجه؟
حسناء: المفروض كنت جبت عباية لمامتك معايا , والله فاتتني
نرمين : هههههه انتي خضتيني , متعوضة يا ستي في المره الجايه , مش مستاهله
حسناء : لا مينفعش , وبعدين لما تشوف عبايتك ممكن تزعل
نرمين : متخافيش ماما مش عقلها صغير كده , ومش هقولهم انك اللي مفصلاها و لا حاجه
حسناء: ياريت يا نرمين مش حابه حد يزعل مني
نرمين : مش للدرجه دي يا نونه
اكتفيتا حديثا ولم تكلملا كلمهما فقد أوصلتهم قدميهما إلي باب الغرفة التي يقيم بها حازم و والدته
دلفت نرمين للغرفة و من وراءها حسناء , لا تعرف لماذا تشعر بالأرتجاج في توزانها , مع ان الموقف عاديا كما ظنت في بداية الأمر و لكن لم يكن كذلك
وما ان دخلت حتي و قعت عينيها داخل عيني حازم الذي نظر لها متفاجأ,الدهشة تتوزع علي ك ل ملامح وجهه, شعرت بالقناع الاحمر خبأ وجهها , ليفضح حياءها الزائد و رهبتها من ذلك الموقف
أنجدها من أعصار خجلها وجود سناء و اقبالها نحوها , فالتفتت الأها و أقبلت عليها تتبادلان المصافحه و الاحضان و القبلات
اختطفت حسناء نظرة سريعه نحو حازم الجالس علي السرير فوجدته يوصب نحوها نظراته مبتسما , فهربت بنظرها بعيدا عنه علها تقلل من جنون الدماء في وجهها و لكن لم يحدث إلا العكس, يا لهذا الوجه السافر بكل ما يحدث بداخلها
وبعد ان انهت معركة الاستقبال الحافلة مع سناء الحنونه , نظرت للورود و الشيكولاته التي بيدها والتي احضرتها خصيصا لحازم , شعرت انها تحمل ذنبا ويجب علي ان تخفيه , ولكن هي الآن محتوم عليها تقديمها أمام الجميع لحازم الذي هرب هو الأخر غاضا بصره عنها, فلم يكن يختلف عنها كثيرا في معاملة الجنس الأخر في مثل هذه المواقف, هو فقط معتاد علي التعامل بروتينية مع اي فتاه غريبة , ولكن هاهو يجب ان يغير نمط التعامل في هذا الموقف
اقتربت منه بخطي مهتزة , وضعت مابيدها بجانبه علي الطاوله , ثم همت ان تنطق بالعبارات التي خزنتها بذاكرتها من دقائق و لكن….. ذابت كل الحروف في حلقها فجأه, وداهمها احساسها بالأمية والجهل و كأنها لم تتعلم قط أو تتدرب علي النطق في طفولتها
نظرت له نظره سريعه و كأنها تستمحه من عدم قدرتها عل الكلام فبدالها هو الأخر نظره ممزوجه بإبتسامة وايماءة صغيرة , فإبتسمت من دورها فنبتت تلك الغمازتين الصغيرتين علي وجنتيها فحولت وجهها للوحة من الفن الرباني الساحر التي تجبرك علي الأنبهار و الذهول من شدة رقي جمالها ,
ارتدت بظهرها وجلست بجوار سناء وهي تنظر بخجل تتفحص أرض الغرفة و
قالت لها سناء و هي تربت عليها بحنان : ازيك يا حببتي اخبارك ايه
حسناء بصوت يشبه هديل حمامة بيضاء: الحمد لله , اخبار حضرتك ايه
سناء: الحمد لله يا حببت يطول ما انتي و ولادي بخير يبقي انا اسعد واحدة في الدنيا
حسناء: ربنا يديم سعادة دايما يارب
سناء: ربنا مايحرمني منك يارب , بس انتي مالك كده باين عليكي الضعف, مش بتاكلي و لا ايه
حسناء بإبتسامة صغيرة : لا باكل
نرمين : بتاكلي؟ هو أكل العصافير اللي بتكليه ده اسمه أكل
حسناء: خلاص يانرمين بقي
سناء: لا خدي بالك من نفسك شوية , انتي كمان يا نرمين خلي بالك منها
نرمين : المشكلة دماغها حجر , لما تقول شبعت يبقي خلاص لا يمكن ترجع في كلامها ابدا , دي حتي بتسببلي الاحراج , بتخلص أكل و تقوم و انا افضل اكل بعدها يجي ساعه كاملة, بس بتغاضي عن احراجي انتوا عارفين العلاقة الوطيده بيني وبين الاكل
سناء بمزاح: ده انتي يا نرمين من رحمة ربنا انك طويلة و مش بيبان عليكي الاكل قوي والا كنتي بيقيتي مشكلة القرن الواحد و العشرين
نرمين : هههههههه خلاااااااص ياماما
وظلوا الثلاثه يتناول اطراف حديث مازح , وحازم يتابعهم بأذنيه صامتا و ينظر للجهه الاخري , لوجود حسناء معهم
وبعد ما يقرب من الربع ساعه قالت سناء لنرمين : انتي رحتي امبارح
نرمين بصوت منخفض و هي تنظر بطرف عين نحو حسناء كأنها تقول لأمها ليس أمام حسناء : أه
فهمت سناء ما تريد نريمن قوله بملامحها فقالت : عن اذنك يا حسناء خمس دقايق
حسناء بهدوء: اتفضلي
قامت سناء و أخذت بيدها نرمين و خرجوا متجهين نحو الاستراحه تاركين حسناء و حازم وحدهم تحت غيوم الصمت الرهيب
وما ان خرجتا من الغرفه حتي شعرت حسناء بأنها بموقف لا تحسد عليه, ظلت تتململ في جلستها وهي تتأمل أظافراها بتمعن شديد علها تشغل نفس بأي شئ حتي تقاوم معركة الخجل القائمة داخلها
اختطف حازم نظرة نحوها فوجدها في حاله يرثي لها , وقد كسي وجهها رداء الحمرة , فحاول تلطيف الجو فقال لها: أحم أحم ازيك
تفاجأت من كلامه و لكنها قاومت خجلها بضراوه وقالت بصوت منخفض: الحمد لله
يبدو ان صوتها كان منخفظا اكثر من اللازم فلم يصل إلي اذنيه فنظر اليها مستفهما عن عدم ردها
فردت ثانية محاوله رفع صوتها وهي تنظر له: الحمد لله
اصطدمت عيني حازم بتلك العيون التي سكنها لون السماء فنظر للجه الاخري مباشرة غاضا بصره عنها وأكمل كلامه : اخبارك ايه و اخبار الشغل ايه و نرمين عامله معاكي ايه؟
حسناء : الحمد لله بخير و نرمين ربنا يبارك فيها و الله ما قصرت قامت بالواجب و زيادة
حازم : لو في اي حاجه نقصاكي اطلبيها من نرمين انا بوصيها عليكي كل يوم علي ما ربنا يسهل و اطلع من المستشفي اخر الاسبوع
تلك الكلمات حولت عالم حسناء بالكامل , فمع انها اصبحت مصابة بفوبيا الرجال إلا انها ما ان سمعت تلك الكلمات حتي شعرت بأن سيتوج بإكليل الأمان قريبا , شعرت و كأن الجزء الناقص بحياتها سيكمل بخروجه ووجوده في حياتها , وكأنه منبع الأمان لها في الحياة , ولما لا و هي مذ يوم ان بعدت عن اهلها لفقدانها الأمان معهم و هي تعيش في كنفه بأمان حتي في حاله وجوده بالمشفي , فما بالك عندما يخرج ليكون معها , منذ دخوله المشفي و هي تشعر بحاجتها الشديدة لوجودة وكأنها بدونه عادت يتيمة دون العاشرة مرة اخري و يتمت للمرة الثانية , رغم وجود نرمين معها خطوة بخطوة و رغم تفلتها من سجنه الذي كبتها داخله شهور , لكن لم تنكر داخلها لحظة انه كان سفينة النجاه و الامان وسبقي كذلك
قالت بصوت متحمس يبرز كمية الاطمئنان التي سرت بعروقها فجأة: بجد , طيب الحمد لله الحمد لله
نظر نحوها بتعجب علي تلك النبرة فوجد جميع ملامحها تنطق بنفس الشئ , حتي طريقة جلستها تغيرت و كأنها اكتسبت الثقه بنفسها و في امكانها بإثبات وجودها في الحياه و حقها ف العيش بوجوده معها في العالم
تعجب كثيرا أمن المعقول ما استنتجه من ملامحها للتو , لهذه الدرجه يمثل لها شئ مهم في حياتها, أحقا هي بحاجه لوجوده بجانبها , ولكنه حاول ايجاد تفسير منطقي لذلك فأكمل بدوره: انتي لسه معاكي فلوس في الفيزا و لا أجيبك من معايا , ونرمين قبضتك ولا لسه
فقامت من مكانها و هي تفتش في حقيبتها عن شئ ما وتتحدث اليه : صحيح شكرا قوي قوي علي وقوفك جنبي واتفضل الفيزا و ده المبلغ اللي كنت سحبته منها
تلك الكلمات كانت كفيله لتحوله من هودءه لثورته الغير محموده لولا دخول تلك المشاكسه نور
فأشار حازم لحسناء بيده و ملامح محذره بأن تنهي الحديث و ألا تفصح بشئ أمام نور فلزمت نور هدوءها و قامت تستقبل نور
———————
وعلي بعد أمتار من الغرفة التي بها نور و حازم كانت نرمين و سناء يتحاوران في بقية الحديث الذي بدءوه في الغرفة
سناء: طمنيني رحتي للدكتوره امبارح , قلقانه من امبارح ومفيش شبكه في المستشفي و مش عارفه اوصلكم
نرمين بملامح واجمه: اه رحت
سناء: وقالتلك ايه
نرمين : طلبت أشعات و تحاليل وقالتلي ان في مشكله في الرحم بس مش كبيره ومش هتقدر تعمل اي حاجه الا بعد التحاليل
سناء: سيبيها علي الله يا نرمين اللي ليكي نصيب فيه هتشوفيه انتي لسه مكملتيش سنه جواز
نرمين : اهم حاجه ادعيلي في كل صلاه , نفسي ابقي أم
سناء: من غير ما تقولي يا نرمين بدعي و الله
نرمين : يلا الحمد لله
سناء:وحسناء عامله معاكي ايه
نرمين : والله يا ماما شكلها بنت حلال و مظهرش منها اي حاجه تقلق لحد دلوقتي ولا عمرها اتدخلت في اللي ميخصهاش و لا سألت علي ملهاش فيه
سناء بلغة التحذير: أيا كان يا نرمين احنا منعرفهاش احنا اه نعاملها كويس ونقدملها كل اللي نقدر عليه و خليها في عنيكي و شوفي طلبتها كلها بس مينفعش نكشفلها اي سر من اسرارنا وخليكي زي ما انتي ماشيه , خليها تراجع الفواتير وخلاص لحد ما حازم يخرج و هو حر في شغله بقي و في شركته وموظفينه يشغلها في المكان اللي يشوفه مناسب ليها
نرمين : متقلقيش ياماما هي اساسا معترضتش علي حكاية مراجعه الفواتير و أهو اي حاجه تشغل نفسها بيها ياماما حرام علينا نخليها محبوسه بين اربع جدران لوحدها
سناء: هو انا قلت متشغليهاش يا بنتي , انا بقول لا ضرر ولا ضرار, لحد ما نتأكد منها وبرضه علشان ده شركة اخوكي ومش شركتك فمينفعش نتصرف براحتنا فيها خاصة انتي عارفاه لما بيتعصب
نرمين : الله يكون في عونه ده انا حاسة ان ال3 شهور كانهم سنين المسؤلية مش ساهله
سناء برجاء: يارب يعينه و يباركله و يشفيه و يرضيه ببنت الحلال عن قريب و يكرمه و يكرمك يا نرمين بالذريه الصالحه
نرمين وهي تنهض : ماشي ياماما , اتفضلي الفلوس اللي طلبتيها اهي, انا همشي بقي علشان متأخرش علي الشركه و متنسيش تدعيلي في كل ساجده ربنا يرزقني بالذرية الصالحة
سناء و هي ترفع يدها للسماء: يارب يرضيكي يا نرمين بأحلي ذرية صالحه عن قريب يارب
ثم نهضتا من جلستهما واتجهتا نحو الغرفة لتصطحب حسناء معها و عندما دخلوا وجدوا نور تتحدث مع حازم متجاهله وجود حسناء بالغرفة و حسناء ما زالت منشغله بتأمل اناملها الرقيقة بصمت
نرمين علي عجلة: يلا يا نونه علشان منتأخرش
نهضت حسناء من فورها و هي توجه كلامها للجميع : مش عاوزين حاجه يا جماعه احنا هنستأذن بقي
سناء: سلامتك يا حببتي , خلي بالك منها يا نرمين
نرمين : متقلقيش يا ماما , مش عاوز حاجه يا حازم
حازم : لو تقدري تعدي عليا بالليل ضروري
نرمين متسائلة: خير في حاجه؟
حازم : لا مفيش بس عاوزك
نرمين : هحاول
حازم : لا متحاوليش , تعالي عاوزك ضروري
نرمين : حاضر
ثم انصرفت برفقة حسناء للذهاب لعملهم بعجله , وبعد ان غادروا بدأ الحوار بين الجالسين في الغرفة بداية من قول حازم : هي نرمين عامله مع حسناء ايه
سناء بتعجب: خير ؟ هي حسناء اشتكت من حاجه؟
حازم : لا ابداً , دي بتشكر فيها جدا , بس حابب اطمن و اعرف الدنيا ماشيه ازاي , يعني شغاله ايه في الشركة و هتقبض كام و كده
سناء: كويس انك جبت سيرة الشغل , انا عاوزة افهمك حاجه يا حازم علشان متجبش لوم علي نرمين, انا قايله لنرمين من أول ما حسناء جات , ولسه مكرره ليها الكلام ده دلوقتي , احنا منعرفهاش احنا يا ابني, ولا نعرف اصلها و لا فصلها و لا اخلقها , اه نعاملها كويس ونقدملها كل اللي نقدر عليه ون خليها في عنينا و بس مينفعش نكشفلها اي سر من اسرارنا وخليناها تراجع الفواتير وخلاص لحد ما انت تخرج و انت حر في شغلك , وانت لما تخرج ابقي برضه اتأكد منها و من سمعتها مينفعش ندخلها بيتنا كده
نور : واحنا ندخلها بيتنا ليه , كفايه انك توفرلها وظيفه عندك يا حازم و ابقي شفلها شقه ايجار صغيرة و خلاص , ميكنش خلفتها و نسيتها
حازم بغضب: بصي ياماما اللي انتوا متعرفهوش ان كل اللي انا فيه ده و الحادثه دي و قعدتي في المستشفي 3 شهور بسبب حسناء
صوبت نحوه سناء و نور نظرات التعجب مستفهمين عما يقول و قبل ان يسألوا أكمل حازم حديثه يروي فضولهم : انا كنت بجيبلها أكل كل اسبوع و هي قاعدة في البيت و بسبب كده ربنا وفقني في الشركة الجديدة و لما شكيت تكون مش كويسة و قلت هطردها دخلت في الحادثة دي و انا في طريقي ليها
نور: واحنا مقلناش تطردها بنقول نقدملها الخير في الحدود يعني كفايه قوي توفرلها وظيفه بمرتب كويس
سناء: لو مش محتاج البيت بتاع الضيوف اللي هي فيه خلاص سيبها فيه عادي و اعطيلها مرتب كويس علشان نقدر ناخد بالنا منها و نبقي مطمنين انها ساكنه في مكان آمن وبرضه نزورها و نعزمها عندنا لكن منطلعهاش علي اسرارنا , وقصدي من كلامي مع نرمين انها متعرفها مكان اي اوراق للشركه او ختم الشركة او الخزينه و كده مش قصدي نطردها او نعاملها وحش
حازم : ماشي يا ماما بس انا مش عاوز احس اني مقصر في حقها في يوم و ربنا يعاقبني تاني بسببها انا مليت من المستشفي
نور باستنكار: تقصر في حقها , ليه هي ليها حق ايه عندك
حازم : انا واخد عهد علي نفسي بيني و بين ربنا انني هوفرها الأمن و كل اللي تحتاجه طول ما انا عايش و لما نقضت العهد شوفت الموت بعنيا
سناء: متقلقش يا حازم احنا معاك في اللي تقوله , بس تخرج من المستشفي و احنا معاك من ايدك دي لإيدك دي
حازم بقلق: بس انا عاوز نرمين تيجي بالليل علشان اقولها علي شوية حاجات
نور : انا ماشيه احسن تجيلي نقطه, بدل ما تصرف علي الغريبه القريب أولي
ثم انصرفت تاركة حازم ينظر مكان فراغها مطولا بحنق مكبوت من كلامها الذي لن يتغير ابدا
سناء بقلق ان يتعصب حازم من كلام نور : كبر دماغك يا حازم هو انت تايه عن نور طول عمرها غيورة
حازم : يعني ايه القريب أولي هو انا عمري قصرت في حق نور ولا أخرتلها طلب
سناء : معلش اختك الصغيرة و بتدلع عليك
……………………………….
طل القمر بإبتسامتة الصافية في السماء يبعث بتلك الأشعة الفضيه لتحي ليلة رائعة الاجواء, كانت نرمين تجلس خلف عجلة القيادة في طريقها للمشفي بعد ان أوصت حسناء لمنزلها , كان مندمجه في تخمين الاسباب التي طلبها حازم من اجلها , مباشرة جاء بعقلها خوف حسناء من الرجال فإبتسمت وهي تقول لنفسها: هتلاقيها لما سبناها مع حازم لوحدهم جالها تشنجات عصبيه من الخوف ههههه
وبعد قليل كانت في الغرفة مع والدتها و اخيها تستفسر عن جواب لحيرتها التي تملكتها منذ الصباح
وبعد ان سلمت عليهم و اتخذت مقعد لتريح جسدها المنهك قالت لحازم : خير يا زوز عاوزني ليه
حازم : عاوز اطمن بس علي حسناء
نرمين وقد ظنت ان ظنها بمحله: هههههههههه ليه جالها صرع لما سبناها معاك في الأوضة , متدقش هي عندها فوبيا رجاله , بس حالتها متأخره قوي , لدرجة كانت خايفة من عطية اللي في الشركة علشان كان بيحط المكتب في الاوضه و هي قاعده لوحدها في الاوضه, علشان كده مش بسيبها خالص والله بروح اجيبها بالعربيه و برجعها بيتها أخر النهار و كل اسبوعين بروح معاها و هي بتجيب طلباتها من المول
كان حازم و سناء ينظرون اليها بعيون متعجبه وهم حازم بأن يتحدث ولكن سناء سبقته وقالت: طيب ايه اللي عرفك و بسبب ايه
نرمين بلهجه مازحه: دي اول ما بتشوف راجل بيكلمها او قرب منها تلاقي وشها أصفر و ايديها تترعش و برقت عنيها ههههههههه, ولما سألتها قالتلي بسبب يوم ما كانت راجعه متأخر و في شابين طلعوا عليها و كانوا عاوزين يغتصبوها , وبيتقولي من يومها بتخاف من كل الرجاله و بتترعب منهم و معدتش عارفه تتعامل مع اي راجل
سناء: لا حول ولا قوة الا بالله , يارب احفظلنا بناتنا يارب
اعتدل حازم في جلسته و كأن تلك الجمل جعلت عينيه تبث نارا من الغضب: علشان كده قلت اوصل نور للجامعه و ارجعها و علشان كده قلتلها تلبس اسدال , وكنت بسمعها و هي قاعدة تتخانق معاكي و تقولك اني بتحكم فيها , بس للاسف طول عمرها تفكيرها غبي , انا شفت الموقف بتاع حسناء بعنيا و فعلا انقذتقها بالعافيه و كانت يومها ميته من الرعب وتهون علي الكافر من صعوبة منظرها و بعدها كانت بتنتحر ورمت نفسها في الماية ونزلت جيبتها من البحر في عز البرد بس مكنتش اعرف ان برضه اسرتها مش لاقيه امان في وسطهم
نرمين : لا حول ولا قوة الا بالله دي غلبانه قوي
حازم برجاء: ارجوكي يا نرمين خلي بالك منها و اتأكدي انها بتجيب كل طلبتها معاكي لحد ما اقوم بالسلامه و هعفيكي من كل ده و هجيبلها انا زي الاول طلبتها
نرمين : بس متحبسهاش تاني يا حازم حرام علينا , خليها تكمل شغل في الشركة علشان متزهقش و برضه خليها هي اللي تجيب طلبتها بنفسها وهي اساسا طلبتها قليلة
حازم : ماشي هخليها تشتغل بس اهم حاجه اتأكد اني مش مقصر معاها واه صحيح انتي قبضتيها؟
نرمين : عمرك أطول من عمري , كنت لسه هكلمك علي قبضها دلوقتي , فضلت احاول معاها النهاردة كتير قوي رفضت تماما انها تاخد جنيه و قالتلي كفايه انك موفرلها سكن
شرد حاززم قليلا فأكملت نرمين و كأنها تبرر موقفها : والله حاولت معاها كتيييييير بس هي رافضه تماما
حازم : ماشي مش مهم , حاولي معاها بكرة لو موافقتش خلاص سيبيها براحتها بس اتأكدي انها معاها فلوس و بتجيب طلبتها
نرمين : متقلقش هي تقريبا مش بتشتري غير جبنه و عيش و شاي و سكر
حازم باستنكار: بس؟ طيب و انتي ليه مش بتجيبلها باقي طلبتها
نرمين : متقلقش احنا بننتغدي مع بعض في الشركة
حازم : عامة كتر خيرك يا نرمين و معلش اني تعبك معايا سواء في الشركة او مع حسناء وخدي مرتبك بقي متنسيش زي ما اتفقنا
نرمين : عيب يا حازم اخد مرتب من شركتك انت خيرك مغرقنا سنين
حازم بصرامة : نرمين لو مأخدتش مرتب يبقي اقفلي الشركة لحد ما اطلع
نرمين : ماشي ماشي هاخد بس كفاية ألفين جنيه
حازم : خمسة آلاف يا نرمين يا تقفليها من بكرة
سناء: خلاص يا نرمين انتي برضه بتتعبي و كفاية انك انتي و ابراهيم سايبين شقتكم و فاتحين البيت
نرمين : ماشي , وربنا ما يحرمنا منك يا حازم
حازم : علي ايه يا نرمين
نرمين : صحيح كنت هنسي, الاستاذ شوقي اتصل علي حسناء النهاردة و بيسلم عليك و هيجي يزورك يوم الجمعه
حازم : ومقلتيلوش اني هخرج يوم الخميس ليه
نرمين: انا قلتله وقالي خلاص هيجيلك الفيلا
حازم : وكان عاوز ايه من حسناء
نرمين : قالها انه كلم مامتها تاني بس مامتها مش راضية تسمعله و طبعا بعدها حسناء قعدت تعيط و كلمني بعدها و قعد يوصيني عليها ولو احتجت اي حاجه أطلب منه و كان عاوز يعطي حسناء فلوس بس هي رافضت تماما
سناء: ليه مامتها مش عاوزة تسمع لشوقي, هو ايه الموضوع اساس؟
نرمين : هحكيلكم ولا هي بصراحه قالتلي مش اقول لحد
حازم : لا قولي يا نرمين من حقنا نعرف و مش هنقولها
نرمين : هو انت متعرفش
حازم : انا عمري ما كلمت حسناء اساسا كنت بضرب الجرس و بفتح البوابه احط الحاجه و امشي و لا عمري كلمتها و لا حتي شوفتها ولا عرفت شكلها الا لما جبتيها انتي و ابراهيم
نرمين بهيام مصطنع:شكلها ااااااااااااه علي شكلها , انا حاسه اني شويه و عقلي هيطير من جمالها, انا لما ربنا يرزقني و أحمل هفضل قاعده معاها 24 ساعه علشان اجيب بنوته شكلها
حازم : انتي دماغك فاضيه يا نرمين , كل الستات دماغهم فاضية , حلوة و لا وحشة كله سيان , ممكن تكون الواحده حلوه و تكون شيطان بتصرفتها
نرمين : دماغنا فاضية ؟ انت اللي دماغك غريب يا حازم , كل الرجاله بتدور علي الواحدة الحلوة الا حازم اخويا عاوز سيدة اعمال
سناء: ما علينا لأحسن تقلب القعدة زعل زي نور الصبح
نرمين : انا بهرج يا ماما , حياه حازم فعلا بتجبرة يختار واحدة قد المسؤليه
حازم : ارجعي للموضوع الأصلي و احكي علي كلام شوقي لحسناء
نرمين : حاضر
………………………………………….. ………………..
كانت تجلس علي سريرها بقلق وتضع الهاتف علي اذنها منتظرة الرد حتي أتاها بعد دقائق
نسرين : ألوا ايوا يا نور
نور : هه كلمتي اسامة زي ما اتفقنا الصبح
نسرين : والله يا نور رنيت اكتر من 50 مره تليفونه مغلق
نور و هي تبرم شفتيها بيأس: و بعدين؟
نسرين : متقلقيش يا نور هكلمهولك بكره في الجامعه
نور : ما هو مش بيجي الا نادر جدا
نسرين : هحاول اكلمه فيس يانور بس لما يفتح
نور: ارجوكي يا نسرين خليكي وراه لحد ما توصليله
نسرين : ماشي يا نور , ربنا يهديهولك و يلين قلبه عليكي
نور: يااارب يا نسريين
……………………………………
كوبا من الشاي مقيدا بين كفهيا الرقيقين, يشاهد معها أحد البرامج الدينية التي تعرض مساء كل يوم في احدي القنوات الاسلامية , ولكن من الممكن ان نقول ان الكوب كانت اكثر منها انتباها لما يعرض علي الشاشة , فمع انها كانت تحدق بتركيز شديد و لكن عقلها كا يدور في مكان أخر , و يعرض مشهدا أخر , مشهد حدث في ظهر اليوم عندما كانت بالمشفي في غرفته, تذكرت نظرته للجهة الاخري غاضا عنها بصره بأدب و هو يتحدث اليها , يا له من انسان لن يوجد مثله إلا القليل في هذا الزمن
ظلت تسرد كلامه بعقلها و تحلل كل كلمة و تستنتج إثرها اشياء و اشياء , تستنتج سخائة و شهامته و رجولته و كيف كان يسألها عن حالها ويطمأن علي حياتها و هو رهن جدران المشفي , كان من الأجدر ان تسأله هي و تطمأن علي حاله و لكنه كان اكرم منها و سألها هو
وتلك الكلمات التي كانت بالنسبة لها درع الأمان الواقي من شرور الحياة , تلك الكلمات التي جعلت الطمئنينة تسري في كل عروقها و تسكن كل قطرة دم بداخلها
تلك الكلمات التي قالها” هخرج من المستشفي أخر الاسبوع” ليملأ الصمت الذي يلف جلستهما و لكن في الحقيقة قد ملأت فراغ كبير بحياة حسناء فالبرغم من مزاولتها لحياتها برفقة نرمين الا انها كانت تشعر بوحشة و خوف بدون و جوده بجانبها و توليه مسؤلية احضار احتياجاتها و الاطمئنان علي امنها, لا تعلم لماذا هذا الرجل دون كل الرجال لم و لن تخشاه يوم او تخاف منه مثل البقية بل هي تنسي الخوف بوجوده
وجدت لسانها يتحرك و يردد له الدعاء بالشفاء و التوفيق في حياته
رفعت كوب الشاي حتي لامس شفتيها , رشفت منه بعض القطرات الدافئة , ثم ارتدت بظهرها للخلف قليلا و انفرجت شفتيها بابتسامة عذبة حتي ظهرت اسنانها عندما تذكرت توفيق الله لها بمشروعها الجديد و تذكرت شجاعة نرمين و موقفا الحسن معها
ظلت تحاول تحديد ما ستفعله في الخطوة القادمة في مشروعها هذا , فقد بثت كلمات نرمين المشجعه جرعات كبيرة من الأمل و الحماسه و ستعمل بنصيحتها هذه
………………………………………….. …………………………………………
كانت نرمين تجلس علي المكتب مقابل حسناء , تدقق النظر بإنتباه شديد في احدي الاوراق عندما ارتفع صوت هاتفها
نظرت للشاشة فوجدت اسم والدتها ففتحت المكالمة و رفعت الهاتف لأذنها و هي تقول بابتسامة: اخيرا الشبكة جمعت في المستشفي
سناء بفرح يحسه السامع: لا مجمعتش في المستشفي ولا حاجه
قفزت نرمين واقفه و هي تقول بهتاف الفرحه : بجد خرجتوا من المستشفي
سناء : وبقالنا نص ساعه في البيت
نرمين بفرحه : بجد , بس مش الخروج كان بكرة
سناء: فرقت كام ساعه يعني
نرمين : طيب مسافه السكة و هكون عندك
سناء: ماشي مستنينك
أغلقت نرمين الخط و همت تلملم اوراقها المبعثرة و هي تقول بعجله لحسناء: بسسسسسسرعه يا نونه اقفلي اللي في ايدك دلوقتي و يلا نروح نشوف حازم , رجع البيت
وقفت حسناء بفرحه ولكن وجدت نفسها في نفس الموقف المحير الذي وقعت به منذ ايام, اتذهب مع نرمين , ام تبقي في الشركه؟
وفرت عليها نرمين كثرة التفكير و اخرجتها من حيرتها قائلة: يلا يا حسناء , هنقفل الشركة و تعالي معايا الفيلا و أخر السهر هبقي ارجعك بيتك



