Uncategorized

رواية حبيسة قصر الوحش الفصل الرابع والعشرين 24 بقلم رحاب عمر – تحميل الرواية pdf


رواية حبيسة قصر الوحش الفصل الرابع والعشرين 24 بقلم رحاب عمر 

 

انا بابا سابنا و احنا اطفال و اخد ورث ماما و اتجوز عليها و طبعا ماما عملت مشاكل كتير ومحاولتش تكسبه من تاني لحد ما مشي خالص و بقيت انا المسؤول عن اخواتي و امي و طلعت برضه اشتغلت جنب دراستي لأن وقتها مكنش لينا دخل تاني غيري وطبعا كانت مسؤلية كبيرة و لما اتخرجت صممت اني اكبر و اتحدي بابا و اكون أنا و اخواتي حالنا افضل من حاله و , طبعا حياتك اصعب بكتير لأن انتي بنت , بس اللي دايما بقوله ان لولا ظروف والدي دي كان زماني واحد عادي زي ملايين الناس اللي محدش يسمع عنهم , لكن انا في سن صغير كنت اكبر منافس في السوق و الحمد لله بقي عندي بدل الفيلا اتنين , فعسي ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم , و يكفي ان ده كان سبب اني جيتي هنا و اتتقابلنا و اتعرفنا , و بقيتي جزء من حياتي و و سر نجاحي في خطواتي اللي فاتت , ده انا المفروض اروح اكرم جوز امك دلوقتي

كانت الكلمات الاخيرة تلك كالضمادة التي سكنت ألم جرح قلبها المفطور بسبب الذكريات التي قلبتها علي سطح ذاكرتها من دقائق بالاضافه لموقفها مع نور و هاهي تضيف موقف ذهبي لمواقفها الاخيره مع حازم

انفرجت شفتيها قليلا رغم محالاولتها ألا يظهر عليها شئ يدل عما يحدث بداخلها بسبب كلماته

ورغم مراقبة حازم لملامحها بعد نطقه لتلك الكلمات حتي يستشف من ردة فعلها شئ ما يؤرق مضجعه و يرهق فكره في الأونه الاخيرة ولكنه لم يستطع ان يلحظ استبشار وجهها بسبب الظلام فسيطرت عليه خيبة الامل و اليأس ثانية

طأطأ رأسه للأسفل شاردا في كلامها , وبعد صمت طال دقائق تحدث ثانية متسائلاً: طيب ليه يا حسناء يوم ما أنا شفتك مرضتيش تروحي البيت ما دام وضعك ده بقاله سنين

كانت تلك الكلمات كالشعله التي اشعلت فتيل قنبلة دموعها , نظر له حازم بتعجب من شدة بكائها و نحيبها العالي , وهي مخبئة وجهها بين كفيها و جسدها يهتز بشدة

انتفض حازم واقفا و اقترب منها بحنان و ضع يده علي مسند الكرسي الذي تجلس عليه منحنية علي نفسها , انحني قليلا و قال لها بصوت دافئ ملئ بالرجاء : اهدي يا حسناء , ارجوكي يا بابا خلاص ,

ولم يستطع ان يكمل حرف اضافيا بسبب تحشرج صوته , ضرب قبضة يده بكفه الأخر بأسي وهو يزم شفتيه حزنا عليها , بدأ يزرع المنطقه حولها ذهابا و ايابا بحيرة و تشتت , كيف يتصرف معها , او يتعامل معها لكي يخفف عنها ما هي به

شعر برغبته الشديه بأن تنزعها من حزنها و يلقي علي صدره و يدخلها بين ضلوعه ليشعرها بالأمان في ذلك العالم القسي الذي ظلمت من ايامه كثيرا

بدأ صوت نحيبها يهدأ قليلا فأقترب منها و قال لها / قومي يا حسناء نتمشي شوية بالعربية

فهزت رأسها نافية فقال لها برجاء / طيب قومي نتمشي في الجنينه شوية

أخرجت وجهها المصبوع بالدموع و قامت بوهن و هي ما زالت لا تستطيع السيطرة علي تشنجاتها ودموعها تنساب ببطء علي وجنتيها

قال لها و هو يسير للأمام / تعالي

تبعته بحالها المؤسف فانتظرها حتي سارت بمحاذاته , و بعد ان سارا قليلا قال لها بصوت حنون / خلاص يا حسناء عاوزك تنسي كل اللي فات , مادام انا موجود اعتبري نفسك اتولدتي من جديد و كل اللي فات اعتبريه محصلش

قالت بأسي و دموعها تشاركها الكلام / مقدرش انسي , اخر خمس ايام في بيت بابا كانت اصعب ايام حياتي , كانت كابوس مزعج مقدرش انساه

لم يرد حازم حتي يسمح لها بإكمال كلامها فقالت / كانت ماما محجوزة في المستشفي و خالتي كانت معاها مرافق وطبعا كالعادة جوز ماما جاب اصحابه و بدأ يلعبوا قمار و وسجايرو شيشة و حشيش و الذي منه , مع ان الوضع ده من زمان بس انا كنت زهقت بقي فرحت قلت للأستاذ شوقي , فجه قاله ان ده مينفعش و اني هرفع دعوة ضدك و وهمه انه هيوديه في ستين داهيه و أخد عليه ورقه و مضاه فيها انه معدش يجيب حد الشقه , فالمجرم جوز ماما اتغاظ و قعد يزعق ويشتمني و بهدلني يومها بس انا قلت هستحمل مش مهم شوية شتيمة بس علي الاقل اعيش بأمان , وبعد ما هدي شوية لقيته بيزعق بصوت عالي وهو في الصاله و بيقولي / انا بقي هعيشك في كابوس وما ههنيكي علي لحظة في الشقه وهخليكي تندمي علي اليوم ده و هخليكي تسيبي الشقه و تتشردي في الطرق زي الكلاب الضاله ولقيته داخلي الأوضه بتاعتي ….

لم تستطع بعدها نطق حرف واحد بسبب بكائها الذي اشتد بحده حتي انها لم تستطع الوقوف فجلست علي سياج السلم الخاص بفيلا حازم التي ما زالت تحت الانشاء

شعر حازم و كأن سكين حاد وضع علي رقبته , اشتعل غضبه و تفجرت اعصابه غيظا , جلس أمامها مباشرة و قال لها بحده وذعر / عمل فيكي ايه ؟؟؟ اعتدي عليكي ؟؟؟

قالت من بين نحيبها / لا ربنا ستر , وبقيت باخد حذري بس كنت عايشه في رعب

خبط حازم بقبضة يده بعنف علي السياج وقال بلهجه صارمة / هاتيلي عنوان بيتكم و جوز مامتك ده والله لأخليه يندم علي اليوم اللي اتولد فيه

حسناء بإندفاع / لا يا حازم ده بلطجي , وكل اصحابه بلطجيه

حازم وهو ينهض بعصبيه / اللي زي ده مينفعش يعيش , هاتي بس عنوانكم والله والله والله لأكون واخد حقك (قال كلماته الاخيره وهو يصيح غضبا و كأنه ثور هائج)

نهضت حسناء بذعر و اقترب منه و قالت برجاء و حروفها تبث خوفا / لا أرجوك يا حازم , ربنا كفيل ينتقم منه أشر انتقام , ربنا مش غافل عن اللي هو عمله

حازم / لاااازم اخد حقك من المجرم ده , يكون عايش في بيتك و يعتدي عليكي ازااااااااااي

حسناء و صوت رجاءها يعلو ويعلو/ حازم بالله عليك بالله عليك يا حازم الموقف عدي و ربنا نجاني علي خير , ارجوك خلاص بكره هنشوف فيه ايات ربنا بس انت ابعد عنه ليأذك هو البلطجيه بتوعه ( ثم امتزجت دموعها بصوتها ) ارجوك يا حازم , احسن يحصلك حاجه , مقدرش استحمل الدنيا من غيرك , انا مستعده اخسر اي حاجه الا انت , ابعد عنه احسن تروح مني واموت بعدها

تبخر غضب حازم بمفعول تلك الكلمات السحريه , شعر بأحاسيسه هائجه بصدره , مشاعره مضطربه بداخله, دمائه تندفع بعروقه بسرعه خلاياه تتذبذب بعنف , نظر لها بتعجب , دنا منها ببطء و عينيه معلقتين بصفحة وجهها حتي اصبح امامها مباشرة صوب عينه داخل عينيها وقال لها بتساؤل و صوته مهتز ضعيف و لهجته مليئه بالأمل و الرجاء / حسناء انتي بتحبيني؟

بخر سؤاله دموعها من مقلتيها و جمدت الدماء بعروقها ربما قلبها هو الأخر توقف عن النبض للحظات , وقفت متيبسة لا تفعل شئ سوي التحديق داخل عينه بصمت و صدرها يعلوو يهبط و انفاسها تتسارع

كان حازم هو الأخر لا يختلف حاله عن حالها , صامتا , متيبسا , يلهث بعنف , ينظر بعينيها منتظر الجواب , وبالرغم من اجابه حسناء أكثر من مره عبر عينيها ب “نعم” إلا انه كان ينتظر سماع صوتها بلهفه

اصابته خيبة الأمل بعدما طال انتظاره لسماع لفظ “نعم ” وشعر بدموعه تتجمع بعينيه فاستدر و اتجه نحو منزلها و هو يقول بنبره تبدي ما بداخله / طيب يلا يا حسناء علشان تريحي و تنامي

رفعت حسناء يدها في الفراغ تحاول ان تمسك طيفه خلفه لتخبره بما لا تستطيع نطقه ولكن يبدو انها عاجزة ان تبدي شئ مما بداخله بسبب حيائها , هزت رأسها بحسرة شديده و سارت خلفه و دموعها تنساب بشدة علي وجنتيها حتي دخلت منزلها و هي لا تستطيع ان ترفع عينيها تجاهه , وانصرف بعدها حازم و صدره محتقن بالكثير بالأشياء الثقيلة التي لا يستطيع احد تحملها و ركب سيارته و اتجه لمنزله

…………………………………

دخلت نور حجرتها و صفعت باب غرفتها بغضب , وظلت تنزع فستانها بعنف و هي تسب و تلعن حسناء التي سببت لها الفضيحة امام الجميع بتلك الحفلة (المرقعه ) من وجهة نظرها

سمعت صوت هاتفها يعلو ثانية , اقتربت منه فوجدت اسم خطيبها محمد

وضعت الفستان جانبا و امسك بالهاتف و ردت عليه : ألو

محمد / وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته

قطبت نور جبينها بسبب رده وقالت / ايوا يا محمد

محمد / ازيك يا نور

نور / الحمد لله

محمد / انتي هتنامي دلوقتي و لا ممكن اتكلم معاكي شوية

نور/ لا انا مش بنام دلوقتي

محمد / اهم حاجه صلاة الفجر مترحش عليكي بسبب سهرك

زاد تجاعيد جبهتها و قالت بنفسها ( هو ده كلام مخطوبين بينها هتبقي خطوبه شؤم من أولها ) ثم ردت / حاضر

محمد / وصحيح شكرا علي الخطوبه يا نور رفعتوا راسي قدام ضيوفي و كل الحريم مبسوطين جدا منك وبيقوليلي زين ما اخترت

رطبت تلك الكلمات صدر نور و فرجت اساريرها وزالت تقاسيم وجهها العابس وقالت / ربنا يخليك

محمد / انتي اصلا ما شاء الله عليكي يا نور ذوقك رقيق , فستانك و مكياجك , مع اني مش بفهم قوي في مواضيع الستات دي بس ماشاء الله عليكي النهارده

ابتسمت نور بخيلاء وقالت / ده من ذوقك

قال لها ممازحا / انا كده اتأكدت ان شقتي هتبقي حلوه

نور / ان شاء الله , النقطه دي بالذات متقلقش انا في الديكور مستوايا راقي جدا

محمد / بس ان شاء الله عاوزين نبني بتنا صح في كل حاجه مش علي قد شوية ديكور وبس , يعني في الالتزام و الدين , انا اساسا اخترتك علشان كده من اول مره شفتك باسدالك الفضفاض و انا قلت لا يمكن اسيبك و فضلت اتابعك التيرم كامل لقيتك ماشاء الله ملتزمة في تصرفاتك و ملكيش دعوه بشباب و صحبتك ملتزمين و كل يوم كل ما كنتي بتزيدي في نظري اكتر و اكتر لحد ما تأكدت ان انتي الانسانه اللي انا بدور عليها و اخدت قراري و انا مطمن بنسبة مية بالميه , وومع ان اهلي كانوا عاوزني اخطب دكتور او استاذه جامعيه بس انتي عندي افضل من اي دكتوره

صمت قليلا منظر ردها ولكنها كانت تحت صدمة ما تسمعه فأكمل هو / انا الحمد لله اخدت كل اللي كنت بتمناه و افضل كمان

اتسعت عيني نور اكثر و اكثر مما تسمعه ولم تستطع الرد بسبب دموع الفرحة التي بدأت تزرف من عينيها

وعندما وجدها محمد صامتة فقال لها / خلاص يلا يا نور ريحي النهردة كان يوم مرهق و هبقي أرن عليكي علشان تقومي تصلي الفجر

ردت نور بهدوء / حاضر

أغلق محمد المكالمة و ترك نور وحدها للأفكار تعصف بعقلها

ظلت تعيد احداث الفصل الدراسي الثاني و كيف كان اصرار حازم علي لبسها الحجاب سر سعادتها اليوم و اكرام الله لها بهذا الشخص النادر الصالح مقارنة بالفاشل الفاسد اسامة

ظلت تقارن بينه و بين اسامة ومدي التزامه و اقتناعه بها بشكل كامل و تشجيعها علي الصلاح و الالتزام عكس ذلك الذي كان كثيرا ما يسخر من شكلها و شخصيتها الهشة و مدي ارتباطها به و أخيرا هجرها لأنها اختارت حجاب الذي امرها الله به

ظلت تردد الحمد و الشكر لله بكل ما تملك من اخلاص

قالت لنفسها / سبحان الله لولا ان اسامة خاصمني كان زمان محمد شافني معاه و نزلت من نظره و مجاش يخطبني , وانا اللي كنت بموت من كتر الحزن عليه

والحمد لله ان ربنا عوضني عن الدنيء ده بمحمد , شوفي اسامة كان دايما يقولي انتي قدري وعمره ما قالي انه معجب بأي حاجه فيا و يقولي اني شبه جدته من غير ميك أب انما محمد بيقولي ذوقي رقيق و انه ربنا اكرمه بكل اللي بتمناه فيا و اني رفعت راسه

شردت قليلا ثم قالت بأسي/ ياه انا ظلمت حسناء قوي , انا لازم اتأسفلها بكره , فعلا الكلمة ممكن تبني انسان و ممكن تهدم انا اكتر واحده مجربه كده

………………….

وصل حازم للفيلا بدم قلبه النازف , وروحه الجريحة , وموقف حسناء و كلماته تعاد مرات ومرات بذهنه فتدمر خلاياه و تحرق فؤاده و تشعره بدمائه وكأنها تغلي داخل عروقه بعدما تأكد من عدم حب حسناء له و تركها لخيبة الأمل و اليأس يأكل بقلبه

نزل من سيارته و اتجه للداخل بفتور , بجسد منزوع الروح , غصة تقف بحلقه , رئتيه تكاد تختنق من قلة الاكسجين الواصل اليها , لا يشعر بشئ حوله ولا يري شئ أمامه

صعد الدرج المؤدي لغرفة نومه و هو يستند علي السياج من كثرة ارهاقه جسده و روحه

وجد نور تقف عند رأس الدرج تنظر أرضا بخجل

وعندما وصل اليها قالت له / حازم انا اسفه و هتأسف بكره لحسناء

لم يلتفت اليها او يعيرها اي اهتمام وكأنه لم يرها من الاساس و تخطاها و هو ينظر ارضا حتي دخل غرفته و اغلق الباب خلفه

انتزع جاكت سترته و ارتمي علي السرير , ورغم حاجته الماسه للنوم الا ان عقله رفض الاستسلام ابدا للراحه و يترك قلبه النازف يؤاسي وحده

ظل نظره معلق بالسقف فوقه , بحده و ألم , يعيد سرد موقف حسناء و ردها علي سؤاله لها بالصمت النافي , فيزيد من جرحه و يسمح لمزيد من الدماء تنزف لتذيد جرحه عمقا

قال لنفسه / انا كنت معشم نفسي في الفاضي و سيبت قلبي يحبها مع اني كنت متأكد انها مش بتحبني بس بحاول اكدب نفسي و اعيش الوهم و اخد شوية مواقف انسانية بتعملها كدليل انها بتحبني لحد ما بقيت هي كل حياتي , هي اللي محتليه تفكيري ليل و نهار¸وهي اللي بتمني اكون معاها ليل و نهار , هي اللي علشانها بكمل مستقبلي علي أمل مني انها تكون شريكتي فيه , هي ملهمتي هي مدعمتي هي جزء لا يتجزء مني و من حياتي , ام عيالي و سكني و حضي الدافي في الحياه مكان راحتي و مصدر الحنان اللي استمد منه القوه علشان استمر في الحياه

لكن

في الاخر

طلعت

وهم

…………………………….

كانت حسنا ء ملقاه بوهن علي سريرها , تبكي من ساعات لا تفعل شئ سوي زرف المزيد من الدموع المتحسرة المتألمة قالت بحرقه ورجاء شديد / حازم انا بحبك , حازم انت سر بقائي في الحياه انت الهوا اللي بتنفسه , حازم انت ليه مش حاسس بيا ليه , ليه مش قادر تفهم عيني , اسفه اني مقدرتش انطقها بس ارجوك حسها , حسها زي ما انا حساها , عيشها معايا

ظل تناجي نفسها حتي غلبها النعاس و سبحت في احلامها و دموعها مازالت معلقه علي وجنتيها

…………………………

ودعت نرمين زوجها عند باب شقتها لذهابه للعمل و ما ان اغلقت الباب حتي هرولت كالمجانين الي هاتفها واتصلت علي والدتها

سناء / السلام عليكم

نرمن / وعليكم السلام كويس انك صاحية احسن في كلمتين محشروين في زوري من امبارح و لو مخلصتش منهم دلوقتي و حكيتهم لحد هتخنق و اموت

ابتسمت سناء و هي تقول / قولي يا اختي هو انا تايهة عنك

نرمين / عاوزة احكيلك عن اللي حازم عمله امبارح مع حسناء

سناء بتعجب / عمل ايه

نرمين / ابنك حازم بيحب حسناء و احنا غفلانين , مرات خالي سألتني عن حسناء و قالتلي اجيبها تسلم عليها و هتنادي لكريم يشوفها و تشوفه قبل ما يسافر بما انه موجود في الشبكه, لقيت حازم واقف من بعيد و عينيه هتتقلع علينا و احنا وقافين

المهم رحت ناديت حسناء و ووقفت في المكان اللي مرات خالي كلمتني فيه لقيت حازم جاي علينا بعصبيه و عينه بتطلع شرر وقال لحسناء بزعيق / ادخلي جوه

حسناء بصلته باستغراب فقالها تاني بعصبيه / قلت ادخلي جوه دلوقتي يا حسناء

قامت حسناء داخله جوه وبعد ما مشيت حازم سألني / مرات خالك عاوزاها ليه فقلتله عاوزة كريم يشوفها و تشوفه , لقيته كأنه عاوز يقتلني و قالي بغيظ / وانتي بتنادي لحسناء ليه

فلقينا كريم و مامته جاين علينا فقام قايلي قوللها مشت , وسابني ودخل عند حسناء

طبعا قلت لمرات خالي انها روحت وقمت داخله جري جوة استطلع الاخبار فملقتش حسناء و لقيت حازم نازل من فوق فقلتله بهزار / انت خبتها فين

فضحك بإحراج وقال / وانتي مالك

فضحكت جامد و قلتله / متخفش مش هقول لحد مكانها

ضحك بخجل وقالي / فوق في اوضة نور

فقلتله و انا بغمزله بعيني/ طيب وبتخبيها ليه؟ ها ؟

ضحك وقالي / اسكتي يا رخمة

شديته من ايده ناحيتك الانتريه و قلتله / لااااااااااا ده الموضوع في إن و انا لازم اعرف الإن دلوقتي حالا

سحب نفسه مني وقالي / بعدين يا متطفله مش وقته الناس بره

قلتله بعناد / لو مقلتليش والله هروح اقول لمرات خالك انها فوق

قالي / عادي يا نرمين , هي انسانه كويسه و محترمه بس وتشد اي حد ليها

فقلتله / معقوله القلب الحجر اتحرك لولولولوي

حط ايده علي بقي وقالي / بس يا عبيطه هتفضحينا

قلتله / هيكون عندنا كمان فرح قريب يا ناس

قالي/ لا يا نرمين مينفعش اطلب منها الا لمااتأكد انها هتوافق عليا

قولتله / طيب اتقدم لها بس يا حازم

قالي/ لا يا نرمين , هي هتتحرج ترفض و هتوافق حتي لو مش متقبلاني و ابقي ظلمتها ويبقي حرام عليا

لقينا خالي داخل فقالي بصوت واطي خلاص خلاص يا نرمين بعدين

سناء بحسرة / علشان كده , انتي متعرفيش اللي نور عملته معاها بعد ما مشيتي

نرمين بتعجب/ عملت ايه

بدات سناء تسرد عليها الاحداث العصيبة التي حدثت ليلة امس و كيف وقف حازم امام حسناء يحميها من تجريح نور و كيف جري خلفها يلاحقها وعودته متأخرا من عندها و خروجه باكرا للعمل دون طعام و عدم رده عليها او علي نور وتجاهاه لهم

بعدما انهت سناء سردها قالت نرمين بأسف / ماما نور دي غبية و متخلفة , احنا لازم نروح نتأسف لحسناء و ناخد نور معانا

سناء / ياريت يا نرمين , احسن و الله ضميري بيأنبني اني زعقتلها بس كان لازم اعمل كده علشان حازم ياخدها ويمشي والا كان هيضرب نور

نرمين بعتاب شديد / تعرفي يا ماما انا شفت في بيت حسناء فاتورة بيع حلق بتاريخ من 3 اسابيع , انا متأكده انها بعيته علشان تجيب فستان نورو اكيد من غير ما تعرف حازم

سناء / لازم نتأكد ولو كده لازم نشتريلها واحد

نرمين / لا سيبك من ده احنا نتأكد انها ممكن توافق علي حازم ونشتريلها الشبكه

سناء بفرحه ممزوجه بالرجاء / يارب يا نرمين ده يبقي اجمل يوم في حياتي

نرمين / طيب انا هلبس و اجيلك دلوقتي و اطلعي اقنعي نور انها تيجي تتأسفلها علي ما اجي

……………………

فتحت حسناء عينيها وووجدت نفسها تنام علي طرف السرير بإسدالها وبدون غطاء

قالت بوهن و هي تشعر بدوار و ألم بكل جسدها و اعتدلت علي وسادتها, نظرت للساعة علي الحائط فوجدتها التاسعه صباحا فقالت / هنام كمان شويه احسن تعبانة جدا

سحبت الغطاء علي جسدها النحيل لكي تكمل نومها و لكن يبدو ان الذكريات بدأت تطوف حول رأسها

وكان اول ما زراها في هذا اليوم ذلك الموقف الذي الذي حدث صباح أمس

بعد ان كانت تحيك مع حازم في الحديقه و تحدثت معه و اخبرته انها تخشي ان يتخلي عنها و قد شعرت به تغير بشدة

كان يلازمها بشكل شبه يومي في الفتره الاخيره اثناء تجهيزها لخطوبة نور , كانت تلاحظ بعينه طيف حزن دفين , نظرته شارده , كان كثير ما يشرد بوجهها دون تركيز , كأنه يحاول ان يبعث له عبر نظراتها شئ ما , كان لا يتحدث الا قليلا في الاشياء المهمة فقط , مغيب التركيز , وكأن هما يلف قلبه وحزن يسكن صدره , حرج بقلبه يقلق مضجعه و يرهق تفكيره

وفي يوم خطبة نور صباحا , كانوا وحدهما اثناء ما كانت تشوي اللحم و سناء و نرمين ينظفون المنزل و يعدونه للحفله

كان كعاده صامتا جامدا يقوم بما تطلب منه بشكل ألي , حزنه يبث من عينيه نظرت له بأسي و كأنها تشعر به و قالت له بعد تردد / مالك؟

انتبه من غيبوبته علي صوتها و قال و هو ينفض رأسه : اه؟ مفيش

فقالت له ثانية / لا فيه , انت ايه مزعلك

قال و هو ينظر للجهه الاخري/ لا مش زعلان ولا حاجة

قامت من مكانها و اتجهت نحوه حتي اصبحت قريبه منه و قالت بإصرار/ لا زعلان , وزعلان جامد كمان , وعارفه كمان زعلان من ايه , بس انت اللي فهمتني غلط

نظر لها بعمق و اعجاب وقال لها / تعرفي انك الوحيده اللي بتفهميني في الدنيا دي , حتي ماما نفسها مسألتنيش اني زعلان ليه

طأطأت حسناء رأسها بخجل و توردت وجنتيها , وبعد لحظات نظرت له ثانية عندما وجدته لا يتحدث فوجدته يصوب تجاهها نظرات عميقه و بسمة اعجاب مرسومة علي شفتيه فأعادت تختبأ بنظرها أرضا فقال لها / انا دلوقتي معدتش زعلان

فإبتسمت بحياء و قالت بصوته يتخلله اهتزاز / كويس ده اللي احنا عاوزينه

ظل مصوب تجاهها نظره ثوان ثم قال لها بلهجه حانية / حسناء ممكن اتكلم معاكي بصراحه بس ياريت كلامي ميأثرش علي علاقتنا حتي لو الكلام مش عجبك , وتفضلي زي ما انتي متتغيريش

وقبل ان ترد عليه سمعوا بوق سيارة نرمين يعلن وصولهم وينذرهم لينهوا حوار تمنته حسناء بشدة

قالت حسناء و هي تهز رأسها بأسي و صوتها ينذر بقدوم فوج من الدموع / اليوم بدأ حلو وانتهي بأصعب موقف و بعد ما حازم بدأ يفهمني و يحس بحبي ليه و قد ايه مشغوله بيه فكرني اني مش بحبه

بدأ اللؤلؤتين الزرقوتين تتلألأ خلف جدار الدموع و بعدها بدأ وجنتيها تتشرب بدموعها المتسارعه خلف بعضها

مسكت طرف لسانها و ضغطت عليه و قالت / مش عارف تنطق , اهو انا ممكن اخسر حازم و كل احلام تروح في الفاضي

شردت قليلا و دموعها ما زالت تستمر في الانسياب , ظلت تعيد الموقفين بعقلها ثم ابتسمت وقالت / بس انا كده اتأكدت ان حازم بيحبني

تنهدت بحرقه وقالت / وطبعا هو فاكرني مش بحبه , بس للدرجة دي مش حاسس بيا

خرجت من شرودها علي صوت هاتفها , قفزت مسرعه نحوه و هي تتوقع ان المتصل حازم , أمسكت به بلهفه تنظر لشاشته فوجدت نرمين فقالت بخيبة أمل ” نرمين”

ردت و هي تحول ان تجعل صوتها طبيعيا / السلام عليكم

نرمين / وعليكم السلام , يلا يا نونه انزلي افتحيلي البوابه , جايه اقعد معاكي شوية

حسناء / انتي واقفه تحت

نرمين / عشر دقائق علي ما تجهزي وهكون عندك

حسناء / ماشي يا نرمين تشرفيني

أغلقت حسناء الهاتف و اسرعت تغسل وجهها لتزيل اثار الدموع و ارتدت اسدالها و نزلت تستقبل نرمين

سمعت بوق سيارتها ففتحت البوابه فدلفت سيارة نرمين و أغلقت حسناء البوابه خلفها

فوجئت بنور وسناء يرتجلون من السيارة مع نرمين , فشعرت بغصة تتشبث بحلقها و دموعها تتدفق نحو عينيها ولكنها حاولت ان تتماسك و رحبت بهم و صافحتهم و اصطحبتهم للداخل

وبعد ان جلسوا استأذنت لتجلب لهم واجب الضيافة وبعد دقائق عادت , تنحنت سناء ثم قالت لها / احنا جايين يا حسناء علشان نعتذرلك عن اللي حصل امبارح معلشي يا حببتي ساعة شيطان

نور / معلش يا حسناء انا اسفه

لم ترد حسناء فقد اختنق صوتها بالببكاء و ملامحها تنقبض و عينيها تلمعان

فقامت نرمين وجلست جوارها و ظلت تربت علي ظهرها و بدأ ت هي في بكاء صامت

برمت سناء شفتيها و نظرت لنور نظرة عتاب ثم تابعت كلامها و هي تنهض تجاه حسناء / خلاص يا حسناء , والله انا زعقتلك علشان كنت خايفه حازم يضرب نور و عارفه انك عاقله و هتستحملي , واالله يعز عليا زعلك سامحيني , والله ربنا يعلم اني بعزك و احبك زي بناتي بالظبط

ثم جلست بجوارها من الجهه الاخري و احتضنتها لصدرها بحنان

فاستسلمت لها حسناء و ارتمت بين احضانها فهي كانت في اشد الحاجه لصدر حنون تفرغ به كثير مما يختلج داخل صدرها

وبعد هدأ نسبيا ابتعد عن صدر سناء فقبلتها سناء في وجنتيها و قالت لها / خلاص يا حببتي

فقامت نور بخجل و اقبلت نحوها ثم انحنت عليها و قبلت رأسها دون ان تنطق شفتيها بكلمة ,

رن هاتف نرمين فقالت و هي تخرجه من الحقيبة / ده رنة حازم

ردت عليه تحت صمت الجميع

نرمن / ازيك يا حازم

حازم / الله يسلمك , ابراهيم عندك و لا راح الشغل احسن برن عليه تليفونه غير متاح

نرمنين و هي تبتسم / لا انا مش في البيت انا عند حسناء

حازم بإنزعاج / ليه

نرمين / مفيش انا وماما و نور جايين نقعد معاها شويه

حازم بعصبيه / نرمين خدي التلفون و ابعد ي عنها

قامت نرمين بتعجب و خرجت للحديقة و قالت له / انا خرجت بره خير في ايه

حازم بغضب / الكلام اللي قولتهولك امبارح انسيه واياكي تتكلمي معاها في اي حاجه

نرمين / ليه

حازم / بعدين هقولك انا واقف في الشارع , وبعدين نور وماما رايحين عندها ليه ؟

نرمين / جايين يتأسفولها علي موقف امبارح

حازم بعد ان اطلق تنهيده حارة / بعد ايه , خربوها و جايين يصلحوا دلوقتي

نرمين / خلاص يا حازم و ياما الواحد بيغلط و هي حسناء خلاص سامحتهم وبقيت تمام

حازم بعد صمت دقائق / طيب قوليلهم هنسافر بكره يومين المصيف نغير جو مكافئة ليهم و هتصل علي محمد يجي معانا و انتي و ابراهيم هتيجوا معانا

نرمين / والله ابن حلال , ربنا يفتحها في وشك ويكرمك

حازم / طيب يلا عرفيهم و الكل يكون جاهز بكرة من بدري

أغلقت نرمين الهاتف و اسرعت للداخل تبشرهم بذلك الخبر

فوجدتهم بدأوا يتناولون اطراف حديث فقالت لهم / احلي خبر في الدنيا هنروح بكره المصيف و حازم بيقول بكره من بدري يكون كله جاهز

………………………………………

مع أول زقزقة لعصفور صغير كان حازم يخرج من فيلته , سمع صوت سناء تقول له , لسه بدري قوي يا حازم

حازم / لسه هروح اجيب حسناء و امول العربية و هاجي اخدكم و نروح نجيب محمد هتكون الساعه 8 علشان نلحق ناخد راحتنا في اليومين

سناء / ماشي يا حازم

قاد سيارته و اتجه نحو منزل حسناء , اتصل عليها ليتأكد انها ستكون متاهبة للرحيل عند وصوله

وبعد لحظات آتاه صوتها / السلام عليكم

حازم و قلبه يهتز بعد سماعه لصوتها و لكنه حافظ علي لهجته الجادة/ وعليكم السلام , يلا اجهزي علشان جاي اخدك

شعرت حسناء بالقهر يخيم علي قلبها بسبب لهجته البارده الجافه و ردت / حاضر

اغلق حازم الهاتف بعدها و وضعه بجانبه , قبض كفه بشدة علي عجلة القيادة ليفرغ بعض ما يضمر في صدره من نيران بعدما ايقظها صوتها

قال لنفسه يهدئها / انا لازم اهدي اكتر من كده , علشان ده ميأثرش علي علاقتي بيها و اقصر في حقها و ربنا يعاقبني وعادي دي حسناء بتاعة زمان يا حازم , حسناء اللي معرفش عنها حاجه و بقدم لها المساعدة ابتغاء رضا ربنا

صمت قليلا ليترك المجال لعقلة ليستوعب كلماته الكاذبه و لكن عقله كان افطن من ان يصدق كلمات عابسه ليس لها اي صله بالواقع و دوي صوته مع صرخات قلبه المستمره / لا لا لال لا دي مش حسناء القديمة ابدا , لا دي روحي , روحي اللي لو حسيت اني هفقدها يبقي هبفقد حياتي بالتأكيد اااااااااااااه , انا اللي طول عمري مش شايف قدامي غير شغلي دلوقتي مش شايف قدامي غيرها , ليل و نهار صورتها قدام عيني , بتعذبني و تقتلني في اللحظة ميت مره و باعترافها انها مش بتحبني بتأكدلي اني مش هقدر اكمل حياتي معاها و هعيش طول عمري بسكين مغروس في قلبي

تنهد بحرقه ثم قال بنفسه / بس انا مش هقدر يا حسناء اتخيل واحده غيرك تعيش معايا و هي اللي تسكن معايا الفيلا و ارجع الاقيها مستناني, لا يمكن اقدر اتخيل غيرك هتسهر معايا ليالي وتكمل طريقي معايا و يكون بينا اولاد مشتركين , اعذريني يا ماما مش هقدر اتجوز , لأن اللي سكنت قلبي مليش مكان في قلبها , اااااااااه ياربي عمري ما حسيت بألم زي ده في حياتي

صمت قليلا بملامح مشدوده يقاول نزول قطرات الدمع , ولكن الشيطان دس داخل عقله خاطر أسود فقال بصوت مصدوم و عينيه متسعتين ( ممكن حسناء تتجوز غيري…. تخيل صورتها التي كثيرا ما رسمها بعقله و هي ترتدي الفستان الابيض و تقف بصورتها الفاتنه تبتسم بخجل لتضئ غمازاتها بوجنتيها , تنتظره ليصطحبها معه , ولكن تلك المره وجدها تبتسم لغيره و تنظر لغيره تنتظر غيره…. حسناء ستكون لغيره ……. قلبه سيذهب لرجل اخر و يتركه يعاني الموت حيا ) شعر بشلل مفاجأ يسير عبر اطرافه , لم تستطع قدمه الضغط علي بنزين السياره فقلت سرعتها وبقي دقائق معدوم التفكير و التركيز , يلهث بشده , عينيه تحدق أمامه لكنه لا يري شئ , اذنية تلتقط الاصوات القليلة حوله و لكنها لا تستطيع ترجمتها , لا يشعر بأي شئ حوله…. أفاق علي صوت شاحنه , فانتفض ذعرا و مال بالسياره سريعا علي جانب الطريق واوقفها عن السير

أمسك جبهته العريضه بكفه و ظل يضغط عليها بشدة , وكأنه يحاول الضغط عليها لتستوعب أصعب شئ يمكن استيعابه و أكثر خاطر مراره يمكن تحمله , حقا ( الحب يستأذن قلب المرأة , لكنه يقتحم قلب الرجل )

, قلب حازم الطاهر الذي لم تمس شغافه امرأة قط , جاءت حسناء و اخترقته فجأة وسكنت كل خلاياه و سار حبها عبر عروقه بكل دمائة , عاش ايام و ليالي لا يفكر الا بها و لا يتمني شئ سواها , يعيش علي أمل ان تكون من نصيبه , يترقب اي ردة فعل منها تخبره بأمل يسير علي دربه يسرع في ان يطلب منها الارتباط به , لتكون ملكه , تكون معه , وتبقي معه , للأبد , كل شئ يتقاسمانه , يعيشان حياه واحده , يندمجا معا بكل كيانهم , ولكن تأتي هي و تكسر كل ذلك بصمتها و ردها النافي بدون كلمات….. حقا لقد بتر صمتها كل بريق الأمل من قلبه , كل ضوء ضعيف يبقيه علي قد الحياه , لقد انتزع كل الوان الدنيا من عينه و طعم الحياه من قلبه)

لأول مره في حياته يشعر بمدي ضعفه , بل عجزه التام , شعر انه سيموت قبل ان يولد , سيدفن قبل ان يحيا , ليته يموت أفضل من ان يبقي حيا يتذوق طعم الموت علي شكل جرعات

ارتد للخلف بظهره و مسح بعض دمعات التي سارت رغما عنه علها تطفئ من بعض نيران صدره , مسح عنقه بيده و كأنه يحاول مساعدة الهواء في المرور لرئتيه المختنقتين

قال بصوت مذبذب لشدة تكدث الدموع المحتبسه داخل عينيه و ألام المحتبسه داخل قلبه / صحيح يا حسناء انا اللي هسلمك لجوزك بأيدي و انا اللي هجزلك بيتك بتعبي وفلوسي , بس هعتذر اني احضر لحظة زفافك و اتجاهك في طريق بيتك لأن ساعتها هكون مشغول بدفن نفسي او مصارعه امواج بحر تلتهمني , علي الاقل هترحمني من عذاب طويل مش هقدر استحمله , اذا كان مش قادر اتخيله , هستحمله ازاي , جاوبيني , جاوبيني يا حسناء

دقائق وشعر بمدي تأخره , حمل زجاجه مياه من جانبه و ارتشفه بعض قطراتها علها تطفأ من نيران صدره و تلطف بعض من حرقته الداخليه

ثم مسح وجهه ببعض المياه و جففها بمنديل , وبدأ قيادة سيارته تجاه حبيبته القاتله حسناء و هو يتنهد بألم و مراره

…………………..

كانت حسناء تقف بجوار بوابه الفيلا من الداخل , قلبها يستعر حماسا و شوقا , لأول مره تخرج مع حبيبها في رحلة ترفيهيه , بعيد عن العمل لا شئ يشغل بالهما , لا العمل و لا اي أمور خاصه بغيرهما , بالأضافه لذلك كله انه أول لقاء لهما بعد معرفتها لحبه لها , وان لم ينطق بذلك صراحتنا ولكن يكفيها ما صدر منه لتعيش روحها حفلات مستمره و يبقي قلبها يتلذذ طعم الحياه , وتستكين روحها بعدما عاشت أيام طويله مليئه بالعذاب بسبب حبها له و هو لا يشعر بها , أيام تذوقت بها أصعب ألوان العذاب , وآست لحظات ظلماء قاسية , كان تناجي طيفه و تعيش بين صوره , تترجي بعض الرسومات و تتحدث اليها , وهاهو الآن فتح لها باب عالما جديد و أغلق عنها باب العذاب و الوحدة و الضياع بين ادغال الحب و التيه في أرض الشوق

كانت تعلم انه غاضبا منها , ولكن ليس بالأمر الصعب اعادة رضاه , فهي اصبحت متأكده من حبه لها بشكل كبير , بالتأكيد سيسامحها و تصفو روحه لها بسهوله ككما تفعل هي دائما , كان تتوق لرؤيته بشدة , تتخيله يقبل نحوها , تحاول تخمين ما سيحدث بينهم اليوم من حوارات و بعض المةاقف التي لن تنساها طوال حياتها , وكيف تنساها و عقلها لا يعمل الا من اجل , ليل و نهار يستعيد كل لحظة مرت بوجودة , كل دقيقه تزينها كلماته

سمعت صوت سيارته تقف امام البوابه , ثم صوته وهو يقبل نحوها ليفتحها

تزايد نبضات قلبها المشتاق و اقبلت نحوه بسرعه , كي تنقذ كل لحظة تجمع بينهما من الضياع

تفاجأ منها وهي واقفه خلف البوابه , ما ان رأته حتي ابتسمت له و رمت له بعض نظرات الشوق , ولكن مظهره و نظرته لها اربكتها بشده , بخرت كل ما ظلت تحلم به في ذلك اليوم , شعرت الأرض تهتز تحتها و قدميها تتجمد , حتي يديها لم تستطع التماسك و سقطت منها حقيبة كبيرة كانت تحملها

همت بأن تحملها ثانية الا صوت حازم أتاه بنبره جافه و هو لا يلتفت تجاهها / اركبي انتيو انا هحطها في الشنطه

نظرت نحوه فوجدته مازال عابس الملامح , يظهر الغضب من نظرته , همت بأن تركبت فسمعته ثانية يقول / اركبي ورا علشان ماما هتركب قدام

اذن الأمر اكبر بكثير من ان يكون غاضبا بشئ بسيط

ركبت و هي محتفظة بصمتها و لكن قلبها بدأ يأن خوفا و قلقا , حقا لهجته هذه لم تعهدها منها سابقا , حتي لهجته معها قبل ان يتعرف عليها لم تكن غليظة بنفس المقدار هذا

رغم انه لم يصيح بها او ينهرها و لكن نبرته جافه حارقه بشكل اصغب من العصبية و الصراخ بها او حتي السب

ركبت في المقعد الخلفي و ركبت هو خلف عجلة القيادة , بدأ في تحريكها بصمت و عبوس

فقد جددت رؤيته لحسناء كل أحزانه و جروح قلبه و سواد خاطرة زواجها لغيره

ظلت تحدق برأه من الخلف , كان مظهره مخيف , قالت بالتأكيد تشاجر مع نور او مشكلة بعمله فهو اهم شئ بحياته , ولكن شئ داخلها اخبرها ان الأمر ليس بذلك , الأمر أكبر من مجرد مشاجره عابرة مع اخته او مشكله في عمله , شعرت بأن الأمر بأن الأمر يخصها ولكن ما داعي كل ذلك ,

جلست صامته سابحة بخوف في أفكارها المرعبه , توقف حازم عند محطة تمويل بوقود السيارات

ترجل من السياره مما اتيح لحسناء النظر لملامحه علها تستشف منها ما يطمئنها قليلا و لكن للأسف ملامحه و مظهره زادها قلقا و خوفا

ركبت ثانية للسياره بنفس الصمت المميت , كانت حسناء تراقبه بأستمرار , تنتظر منه اي كلمة , ولو كلمه غضب , صمته يحرقها و لكنه زاد به

لم تستطع الصمود اكثر فقالت / حازم لو مضايق اني جايه معاكم روحني البيت , مش لازم اجي

التفت لها و نظر لها نظره كومتها حول نفسها , بل ربما جعلت خلاياه تنكمش بشكل جعلها اصغر حجما , فقدت قدرتها علي النطق , خافت من ان تفتح فمها بككلمة , بل كانت خائفه من صوت انفاسها المضطربه من ان تزيد من غضبه فتكون نهايتها علي يده في تلك اللحظة

التفت ثانية للأمام يتابع القيادة دون ان ينطق بكلمة , كانت نظرته كافية عما يريد قوله

ظل الصمت رفيقهما حتي وصلوا للفيلا , وجدوا سناء و نور بإنتظارهم

ركبت سناء بالأمام و نور بجوار حسناء , القوا التحيه علي حسناء فجاوبتهم بشرود , ربما لم تدرك ما ردت به بالأساس , كانت ما زالت تحت هول صدمة نظرة حازم

وجدت حازم يتعامل معهم بشكل شبة طبيعيا , يتحدث معهم و يتناول معهم بعض الآراك في كيفية قضاء يوميهم بشكل عاديا , ليس غاضبا و لا يهجم علي احدهم بنظرة قاتله او يعبث له بملامحة بشكل مخيف مرعب

لحظتها

تيقنت انها سبب غضبه , يا ولها في ذلك اليوم

مروا علي احد الاحياء متوسطة المستوي , وقفوا امام منزل يتكون من طابقين , ثم اتصل حاز م علي محمد

لحظات و ظهر من بوابة المنزل الصغيرة

عادت سناء تجلس بجوار نور و ركب محمد جوار حازم

انطلقت السيارة بهم , الجميع فرح , مستعد بحماس لقضاء افضل يومين مليئين بالمرح و الترفيه يقضون اجمل الاوقات الممتعه

كان حازم يتناول معهم اطراف الحديث بنبره يحاول جعلها بنفس درجة حماستهم و لكن كان هناك صو ت حزين دفين علي جانب صوته

لم تلحظه الا حسناء التي تتابع حديثهم بصمت تام

صمت تحت وطئة خوف و قلق و عدم اهتمام بما يتحدثون فيه , تحاول ان تشغل نفسها بمشاهدة الطريق و المزارع المليئة بالنخيل المحمل بالكثير من البلح

حقا منظر يشرح الأرواح الا انه لم يؤثر في حسناء بشئ , فقد كان همها الذي تحمل اكبر بكثير من ان يخففه بعض المناظر الخلابه

اختطفت نظره سريعه علي حازم الذي كانت يمزح مع محمد و الجميع بدعابة , رمقته بحنق بنظره سريعه وهي تقارن بين معاملته لها و طريقته في الحديث المتنافية ماما

ثم ارتد برأسها للخلف و تظاهرت بالنوم خاصة بعد محاولة سناء و نور في اشراكها بالحديث

وصلوا للمدينة الساحلية المقصودة , و استأجروا شاليه مقابل للبحر , وبعد ان دخلوا حدد كل منهم الغرفة التي سيحتلها في ذلك اليومين , جلسوا يتناولون وجبة الافطار , ولكن حسناء اعتذرت بشدة و تظاهرت بالشبع و فرت هاربة من اعينهم في غرفتها , كانت في امس الحاجه بالاختلاء بنفسها لتفرغ بعض دموعها المحتقنه داخلها حتي كادت تخنقها و تودي بها لمفارقة الحياه, الحياه التي ازعنت ان تذيقها طعم الراحة او طعم هدوء النفس , واقسمت ان تستمر في اذاقتها جرعات الألم بشكل مستمر

ما ان دخلت و اغلقت علي نفسها الباب حتي ارتمت في احضان الفراش ودست وجهها في الوسادة , ثم اطلقت دفعات دموعها و آهاتها داخل حشوة الوسادة و هي تضغط علي الفراش بأطراف أناملها كا،ها تريد ان يحتضنها السرير داخله و يحميها من ذلك العالم القاسي عديم الرحمة منزوع الاحساس , والذي يبدو انها كثيرا ما تتوهم ان هناك أمل به ولكن تصدم بذلك الامل و تفيق من وهمها ثانية لتعيش مرارة الواقع

ظلت تبكي وتبكي , حتي اشتكت الوسادة من كثرة دموعها , وبكت معها تواسيها جرحها , هدأت نسبيا , فأخرجت وجهها من داخل الفراش و ظلت نائمة علي بطنها , وتركت العنان لدموعها الصامته تمل مسيرها بهدوء و هي تتذكر احلامها و استعداداتها منذ ليلة امس و كيف كانت تتمني ان يكون اليوم من افضل ايام حياتها و تحاول استرضاء حازم ولكن خشونه موقفه معها اخافها من التحدث معه او التفكير في الكلام معه

ثم بدأت تسرد علي عقلها كيفية معاملته الطبيعيه مع افراد اسرته مما يؤكد له انه يخصها هي بتلك الفظاظة و ذلك الغضب

وبعد ما يقرب من الساعه خرجت من بين افكارها المتراطمة بعنف , سمعت طرقا علي الباب فمسحت دموعها بسرعه وردت بصوت تحاول جعله عاديا/ ايوا

جاءها صوت سناء من الخارج و هي تقول / يلا يا حسناء علشان تروحوا البحر

فردت / حاضر دقائق و هجهز

قامت بوهن , نظرت لصورتها في المرآه امامها , رأفت لحالها الضعيف و علامات البؤس تطل من ملامحها الباكية قالت و هي تقاوم بدء نوبة بكاء جديده و صوتها يخرج ضعيفا مبحوحا / حرام عليك يا حازم , يعني اما تجاهل او عنف , انا تعبت , الله تعبت , هفضل لحد امتي اعيش في عذاب و حرام عليا اعيش في راحة زي كل الناس

دخلت الحمام الملحق بالغررفة وأخذب حماما باردا عله يقلل من وضعها االفوضوي الكئيب

ثم ارتدت اسدالا منزليا من القطن لونه فاتحا و اتجهت للخارج , كان حازم يجلس علي احد الكراسي ينتظرها و ما ان رأها ترتدي هذا اللباس حتي اشتغل غيظا و قال لها بلهجة صلبه : ادخلي غيري الاسدال ده , البسي الاسود

وقفت حسناء ترميه بنظرات غاضبه و لكنه اعاد ككككلامه ثانية وبنفس اللهجه / ادخلي البسي الاسدال الاسود

ورغم ضيقها من طريقته في الحديث الا انها انصاعت لأمره و دخلت غرفتها و بدلت ملابسها وهي فرحة , فعلي الأقل مازال يخاف عليها مما يترك لها بصيص أمل ولو ضعيف في بقاء حبه لها علي قيد الحياه

خرجت ثانية , نظر لهيئتها نظرة مختطفه و من ثم نهض من كرسه و سبقها للخارج فقالت / فين الباقي

جاوب دون ان يلتفت لها / ماما تعبانه هتنام لها ساعتين و تخرج بعد العصر و نور وخطيبها سبقونا و نرمين اعتذرت و مش هتقدر تيجي

همت ان تعاود ادراجها , فهي ليس لديها طاقه لتبقي معه و حده و هو بهذا المزاج و لكنها خمنت ان نور تنتظرها بالخارج فتبعته حتي لا تضيع علي نفسها فرصة العانغماس في مياه البحر الشافية لألام الروح

كان حازم يسير و بيده حقيبة صغيره , وعلامات الضيق تكسو وجهه , حتي خطواته تبدو بها شئ من العصبية و العنف

وصلا للبحر , لم تكن نور وخطيبها بالخارج , التفتت تبحث عنهم , فرأتهم يسيران مع بعضهما بعيد علي مد البصر

ايقنت انه لا مفر من الجلوس مع ذلك المخيف الغاضب الذي يهجم عليها بنظراته المرعبه و صوته الوحشي من وقت لآخر دون سبب

جلس علي الكرسي و بقي الكرسي المجاور له

بقيت واقفه بالخلف دقائق , لا تقدر علي الاقتراب منه , فهي لا تعلم اي ردة فعل سيقدمها لها

قال لها وهو محتفظ بوجهة نظر للبحر الواسع / اقعدي واقفه ليه

اقتربت بخوف و جلست علي طرف الكرسي مصلبه ظهرها دون استرخاء

فتح حازم الحقيبه ووضعها امامه علي المنضدة , وضع امامها علبة بها بعض الشطائر و قال لها / خدي فطارككككككك

ثم اخرج كيسا به بعض المكسرات و بدأ في تناولها و هو سابحا بنظره في أمواج البحر المتلاعبه بهدوء و مياهه الصافيه الزرقاء , متجاهلا وجودها تماما

كانت تيران قلب حسناء تأكل في جسدها من الداخل , فالتفتت قليلا بجسدها ووجهها بعيدا عنه و بقيت صامته

أعاد كلامه ثانية و هو ينهض / افطري انتي ملتيش حاجه من الصبح

ثم ولاها ظهره و ابتعد عنها , سار نحو البحر , يحتضن نسيمه البارد المنعش بصدره العريض , حتي لامست المياه قدميه , توقف عندها , دائما ما يحب البحر و شكل , يحب ان يراقبه من بعيد ,لكنه لا يحب الغوص فيه , او ربما يخشاه

ظل يسحب جرعات كبيره من الهواء النقي ليعبأ بها رئتيه المختنقتين , ثم يفرغهما ببطء , شعر بقدوم حسناء من خلفه , لم يلتفت , بالـتأكيد هي آتيه لتسأله عن سبب عبوسه , ليتها لم تفعل , لانه لن يستطيع كبح غضبه و التحم في انفعلاته في هذا اليوم , الذي اقتحمت اسوأ افكاره رأسها لتعكر صوفها و تقضي علي بقايا خلاياه الحسية التي لم تميتها حسناء ليله ما قبل أمس بردها الصامت علي سؤاله

شعر بها تقترب اكككككككككثر و اكثر , أغمض عينيه بشدة , انتظرها تبدأ الحديث ولكنه فوجئ بها تتخطاه داخل المياه , دون ان تتحدث معه

فتح عينيه و ظل يراقبها

بدأت تدخل داخل أعماق المياه أكثر فأكثر ,ورغم شدة حنقه منها في هذااليوم , الا انها انت تسحب قلبه معها داخل المياه

وكلما ازادات انغماسا في الامواج كلما شعر بقلبه يختنق حتي كاد يلفظ اخر انفاسه

مد يده في الفارغ يحاول ايقافها و لكنها كانت تزداد بعدا عنه

ظل يراقبها و هي تبتعد اكثر , وكأنها تصر ان تقتله قلقا , حتي وصلت للعلامة التي لا يجب لأحد أن يتخطاها ولكنها فعلت

خيل لحازم انها تريد الانتحار , شعر بدوران يباغت رأسه وكأنه سيفقد الوعيو يتخلي عنها و يتركها تغرق وحدها

ولنه تمناسك و هدا عندما وجدها تتوقف بعد العلامة بعدة خطوات قليله

وقف بقلب مشدود و بفكر مشلول و اعصابا متوتره ومشاعر مضطربه قلقه , يراقبها برعب , عينه مثبته علي تلك النقطه التي تقف بها , لا يري لها ملامح واضحه بسبب بعدها الشديد ,

كانت هي تقف وسط المياه تترك للأمواج كامل الحريه تتقاذفها كيفما تشاء , عل مياه البحر تذيب ما بها من أحزان متراكمه علي قلبها منذ سنين , دائما ما تشعر بأن البحر به طاقه جاذبيه تسحب الهموم , كانت تحب شكل البحر ولو في رسمة طفوليه , يشعرها دائما ببعض الراحة

ولذلك غمست نفسها به كليا لتشعر ببعض الراحة

ولكن

دون جدوي

كان نيرانها تزداد وكأنها منغمسه في بحر من البترول وليس المياه الصافيه

ولما لا تستعر نيرانيها وهي تترك ذكرياتها تعصف بفكرها , قالت من بين آهاتها / المفروض ان النهارده يوم ترفيهي للضحك و اللعب و الفرفشه و انا همي مش راضي يسبني حتي في اليوم ده

ربنا يسمحك يا حازم , من يوم ما حبيتكو انا عايشة في ناروجحيم و عذاب و مووووت

متقلب المزاج ,ومش بتفرق بين الموقف اللي يستاهل العصبيه و الموقف اللي ممكن نتغاضي عنه

دايما متعصب و تجرح اللي قدامك

طيب انا ذنبي ايه علشان تعاملني كده

كل ما اقول حازم حبني او يبقي عندي امل انه خلاص قدرت اوصل لقلبه , اتحرم من فرحتي في لحظةو ينتهي املي قبل ما يكمل و ينطفي نور قلبي قبل ما يكمل ,و يتقتل حبي قبل ما يتولد بجد حرام

مريت بتجارب كتير صعبه في حياتي و اصعب تجربه هي تجربه حبك يا حازم ,تجربه مريرة مميته , شفت فيها كل انواع العذاب و كل الوان الجحيم

الناس بتحب علشان تفرح و انا بحب علشان اتعذب و اتحرق انا وقلبي بالقهر و الحزن كل لحظة

انت ظالم ظالم ظالم

قالت كلماتها بحرقه و لا تعلم انه هو الاخر وقع عليه الظلم كما وقع عليها تماما , يتالأم مثلما تألم , يحترق من الداخل كما تحترق , يتمزق بسهام ذلك الحب الوليد و يتجرع كؤوس مرارته

كان كلاهما مظلوم بسبب اندفاعه في تفسي الامور و اتخاذ قراراته و عدم التفكير و التريس في معالجة المواقف و عصبيته التي تودي علي الاخضر و اليابس أمامه

…………..

كان حازم يقف بقلب منتزع من مكانه يراقبها بشغف , لولا رهبته من البحر و امواجه لذهب لها و جرها للخارج

كان يظن انه من السهل تجاهل حبهاالنامي داخل قلبه و لكن يبدو ان الامر ليس بالسهل , يبدو ان نبته حبها كبرت سريعا حتي اصبحت مثل الشجرة المتشعبه بفروعها المتشابكة داخل قلبه

يبدو انه يتمتع بقدر كبير من الاخلاص , فكما هو مخلص بعمله متقن له يمنحه كل مجهوده و ووقته و تفكيره و يخلص لأهله في الرعايه و الانفاق و يعطيهم كل ما يستطيع تقديمه من مال و رعايه و ترفيه , ايضا اكتشف انه مخلص في حبه المباغت المفاجي , يبدو انه في لحظة ما اقتحمت حسناء فجأها أحبها بإخلاص و فدم لها كل قلبه و احساسه و روحه , وهاهو الآن حاول ان يستردهم ولكن لم يستطع

ظل علي وضعه يراقبها بهلع حتي رأي شابنا يتجهان نحوها من بعيد , ربما من غير قصد منهم ولكنه شعر بان دماءه تسربت عبر قديمه المنغمستان في المياه و ذابت داخل مياه البحر

ظل يتجه داخل المياه ببطء نحوه و هو يناديها بكل قوته وبشكل متتابع “حسناء يا حسناء يا حسناء …”

كانت تسمعه وهي تبكي , ولكنها لم تلتفت حتي نحوه و ولم تعير نادائته اي اهتمام , وكأنها تريد الانتقام لقلبها المنفطر من معاملته السيئة ,ولكن

فجأه

سمعت ما هزت كيان , وسبب في انزلاق قلبها من بين ضلوعها ليسقط في قدميها ,

سمعت صوت الشابان خلفها , علي بعد قريب جدا منها

احدهم ساخرا/ يا حسناء , ردي الراجل نفسه اتقطع

التفتت حسناء بذعر نحوهم , فكشفت لهم مدي جمال ما يخبئه اسدالها

قال احدهم / يخرب بيت جمالك ,وليه عين يزعلك ويخليكي تعيطي

قال الآخر / يا عم ملكش دعوه بيها , ده شكل البودي جارد بتاعها , اعمل معروف وخلي اليوم يعدي علي خير

لم تكن حسناء تعي شئ مما يقولانه و ظلت تقاوم المياه امامها تصنع لنفسها درب بين الامواج في اتجاه البر

وصلت لحازم الذي كان يتابع سيره داخل المياه حتي اصبحت عمن منتصف جسده , يمد لها يدهو عينيه تسبقانه بالخوف والقلق نحوها

ولكنها عندما وصلت له , تختطه ثانية و لم تهتم لنظراته القلقه و عيونه المتلهفه بخوف

نظر لوجهها فرأي انف احمر وعينين منتفختين دمويتين و دربنان مطبوعان علي وجنتيها اثر الدموع , يبدو انها كانت غارقه في بحر دموعها ايضا مع البحر

تبعها بعينه حتي خرجت من المياه و انتجهت لمسكنهم وتوارت عن عينيه داخل البوابه الحديديه

شعر بقلبه يتفتت لشظايا متناثره , لا يعرف من شدة قلقه عليها , ام من تجاهلها له , ام بسبب تلك الملامح التي تصرخ فيه بالظلم و القهر و الضعف و الوحده

زم شفتيه بأسي عليها , شعر وقتها بمدي حبه المتضاعف لها , وايقن انه لا يستطيع ان يمنع نفسه من التوقف عن حبها لحظة و لا التفكير بها والقلق عليها , ليس لأنه عاهد الله ذلك ولكن لنداءات قلبه من اجلها بشكل دائم مستمر

هرول يلاحقها , دخل الشاليه فوجدها ملقاه بين احضان سناء تبكي بحرقه , وسناء تربت علي ظهرها بحنان و علامات الذعر تملأ وجهها

ما ان رآها حتي تصلب واقفا مكانه و كأنه اذنب ذنبا و وجد رجال الشرطة أمامه

قالت سناء لحسناء بحنان / مالك يا حببتي اهدي

ولكنها لم تهدأ بل كانت تتزايد في البكاء بشدة

جلس حازم علي الكرسي مقابلهم و غلف رأسه بكفيه هو مطأطأها ا{ضا , يحاول التغلب علي مشاعره الهائجة المتخبطة لرؤيته لها بهذا المظهر

حولت سناء نظرها لأبنها تسأله / مالها يا حازم , زعلتها في حاجه

رد حازم بتلعثم / لا , انا مكلمتهاش اساسا

فعاودت تسألها / مالك يا حسناء , بسم الله الرحمن الرحيم , حد زعلك يا ماما

عندما سمعت حسناء صوت حازم و علمت بوجوده بدأت تتوقف عن البكاء نسبيا , فهي لا تريد ان يراها تبكي , يكفي ازلالا له , فقالت لتتهرب من موقفها امامه بصوتها الذي يكاد يفهم حروفه من شدة تشنجاتها / ماما وحشتني

آتاها صوته الغليظ المشبع بالحزن و الأسي مع اختناق بسيط / تعالي يا حسناء نركب و أوديكي ليها

أخرجت حسناء وجهها من بين احضان سناء وصفعت بنظرة معاتبه حزينه , ألجمته في الحال و اصابته بالخرس الفوري , ليس من رعبها كما الحال معه و لكن لكميه العتابالتي تدفعها عبرها و كثرة الحزن الذي تحملها

فنظر ارضا خجلا و حزنا علي حال حبيبته التي ظلمها بمعاملته القاسيه و لكن يبدو انه لا يستطيع التحكم بأعصابه نهائيا وقت غضبه

قالت سناء بحنان / يا حببتي , طيب اتصلوا علي الاستاذ شوقي يا حازم و نتصرف و نخليها تشوفها و لا علي الاقل تكلمها

قال حازم وهو مازال ينظر أرضا و لا يقوي علي اعادة النظر لحسناء / حاضر

انتظرت سناء ان يفعل مثلما طلبت و لكنه أجابها فقط , فأعادة طلبها ثانية , فاضطر حازم بأن يتصل علي شوقي , كان متوتر للغايه و هو ينتظر اجابه شوقي , ماذا سيقول له , وماالذي ستطلبه حسناء منه , وكيف سيكون ردة فعله معها بعدما يسمع صوت بكائها عبر الهاتف

بالتأكيد سيكون موقفه غير جيد بالمره , ولكن لحسن حظه لم يرد شوقي

قال حازم / مش بيرد

وقبل ان تطلب سناء منه اعادة الاتصال همت حسناء واقفه بوهن للتهرب من الموقف و قالت / طيب انا هدخل انام شويه

سناء / مش هتيجي البحر

حسناء / لا انا تعبانه عاوزة اريح شويه

سناء / ماشي يا حببتي , والاكل في المطبخ لو جعتي ابقي اغرفي و كلي

حسناء / لا انا مش جعانه

حازم / لا انتي……

لم يستطع ان يكمل حرفا اضافيا بسبب نظرة حسناء المخيفه له و تحذيرها له عبر عينييها

ثم تركته و صعدت للأعلي

واتجهوا هم للخارج يستمتعون بوقتهم

…………………………..

كانت مياه البحر تتلألأ بنعومه تحت ضي القمر النصف مكتمل , تعكس صورة النحوم الفضية البراقه , لا أحد يجلس علي شاطيء البحر سوي تلك القنادل الصغيره

كانت اسرة حازم مجتمعه في غرفة المعيشة تتابع مشاهدة احد البرامج الوثائقيه ما عدا حسناء و التي صممت الانفراد بوحدتها داخل غرفتها , وايضا حازم الذي جلس معهم لبعض الوقت ثم خرج للشرفه يراقب صورة القمر فوق سطح الماء

كانت حسناء تحتل تفكيره بالطبع

جال بخاطره مظهرها عصر اليوم , وبكائها الشديد داخل احضان والدته و نظرته المعاتبه لها

استنشق الهواء الرطب بشدة

ثم قال معاتبا نفسه

” حقا انني انسان لا يعرف للرحمة معني , اي ذنب ارتكبت تلك المسكينة لكي تعاقب عليه , اتظن ان عدم حبها لك ذنب تعاقب عليه , ام جرما ارتكبته لتعاملها بهذا الشكل ايها القاسي…… ان كان هناك مذنمب في الامر فهو قلبك , قلبك الذ تعلق ها دون وجه حق ,وفسر تعاملها الادبي انه من اجل حبها لك , وان كان من الصواب ان انتزع حبها من قلبك و معاملتها كالسابق دون اي احساس فيجب ان يكون بلطف بأدب لا بالعنف “

و اثناء شروده لمح بوابة الشاليه تتحرك بهدوء

دقق النظر فلمح شبحا اسود تطل منه وجهها االابيض وتتجه بخطي مترنحه تجاه البحر

لم يدع لنفسه فرصه ليفكر و حلق نحوها بأقصي سرعه , حاول ان يبدو طبيعيا امام الجميع و قال لهم / هطلع بره شويه يا جماع و جاي

و بعد ان اغلق البوابه حتي جري نحوها مهرولا

كاد يتعثر بها بسبب الظلام و ردائها الاسود الذي لا يظهر وهي جالسه علي طرف البحر , تمد ساقيها أمامها لتداعبها امواج البحر الهادرة

وقف عندها دقائق , فنظرت له ثم ولت بوجهها للجهة الاخري

لم يتحدث , بل جلس بجوارها , بصمت وتوتر , حاول تجميع بعض الكلمات ليبدأ اي حديث معها و بعد ان عثر علي بعض منها سمعها تطلق تنهيده حاره بعثرت كل الحروف والكلمات التي تعب في الحصول عليها من داخل عقل المشتت المرتبك

ضغط علي اسنانه , ثم بدأ بالحديث بنبره هادئة / انت قاعده هنا ليه

ردت بفتور / عاوزة اقعد هنا شوية

حازم / بس مش المفروض تعرفيني

ردت بجفاء / لا مش مفروض

تمالك فوران غضبه وقال / بس مش ممكن حد يضايقك و لا يأذيكي

ردت / مش مهم

فتابع / ده حتي البحر منظره مرعب

ردت بصوت مختنق / مظنش انه مرعب اكتر من الدنيا اللي عيشنها

اخترقت كلماتها جدار قلبه وقطعت في خلاياه لتفجر دماءه , قال بأسي / ليه يا حسناء

قالت بصوت شبيه بالصراخ / ليه ؟ مش عارف ليه ؟ علشان متشرده في بيت ناس غريبه , قاعدة ملطشه للكل , اللي تشتمني علشان حاولت افرحها , وللي تطردني من بيتها علشان خايفه علي بنتها و اللي كل شويه متعصب عليا من غير سبب و في الاخر يعاملني بالشكل ده علشان ….

لم تستطع متابعه سردها لما يؤلم صدرها و انخرطت في بكائها ثانية

صمت حازم قليلا ثم قال لها بأسف / معلشي يا حسناء انا كنت متعصب شويه , معلش غصب عني

صرخت بأسي / لا انت مش متعصب ولا حاجه , انت بتتعامل معاهم كلهم كويس ما عدا انا

ظل صامتا يستمع لبكائها و انينها الذي يحطمه , حتي خرجت كلماته متلعثمة , / يا حسناء انا بس ,والله , مش عارف , كنت عاوزك تردي علي سؤالي مش اكتر , انا.كنت محتاج ردك قوي , محتاج…

بترت استرساله في كلامه عديم النفع , غير المفهوم و هي تنهض و تقول له بحرقه و صراخ / انت اعمي يا حازم , اعمـــــي

و تركته و هرولت للداخل , وتركته وحده تائه في تلك الكلمة التي بعثرت تركيزه و فتت ما بقي من عقله

……………………………………….

كانت أمواج البحر المتلاطمه تبتلع قرص الشمس تدريجيا في الافق

كانت اسرة حازم تجلس تراقب البحر و جماله , تستمتع بنسيمه المنعش و تحاول اللحاق بأخر ما تبقي من وقت لديهم في هذاالمكان قبل مغادرته بعد ساعتين فقط

كان الجميع يجلس باستمتاع يتناولون اطراف الحديث و يتلذذون ببعض التسالي والمشوبات , كانت حسناء تجلس بينهم ولكن بروح فاقدة للذة الحياه و قلب زاهد للعيش والبقاء خاصة بعدما تأكدت من عدم فقهم حازم لكلمتها الاخيره ليلة أمس

(حقيقه علميه / الرجل لا يفهم التلميحات , مثلا / لو قالت زوجه لزوجها / أرأيت الخاتم الذي اهداه فلان لزوجته في عيد زواجهما ,سيرد بالنفي بالطيع , هي تريد ان تسترعي انتباهه للموقف وليس للخاتم حتي يكرر هو الموقف ذاته ولكنه لن يفهمها)

لاحظت حسناء طفله صغير تتهجي المشي حديثا تقبل نحوهم , فتحت لها ذراعيها كي تقبل نحوها , ففعلت الصغيره , حملتها حسناء برفقه , ثم اشارت لوالدتها التي تجلس بالقرب منهم بابتسامة , اجلست الطفله بين احضانها , ظلت تضمها بحنان بالغ , تمرر يدها بين شعيراتها المتناثره علي رأسها و تقبلها من بين الفنيه و الاخري

كان حازم يراقبها بتركيز , دارت الدنيا بأكملها حوله , حقا لحظات و سيهوي ارضا , شعر بأن حلمه الذي طالما حلمه به مجسد امامه علي ارضالواقع , حسناء محبوبته ستكون يوم زوجته تحمل بين ذراعيها طفلا يجمع بنهم , ولكن حلمه هذا محال تماما , انه ليس حلم , بل سراب سيفاجي بعدم وجوده اذا اقترب قليلا منه و دقق النظر

بينما حسناء شعرت برغبتها في الامومه تسير عبر عروقها لتزيد من جرحها ألما و من عذابها وجعها , لا تعلم لماذا وجدت عينيها ترفع بتلقائه لتصدم بعني حازم الذي يراقبها

كانت عينيها تحمل الكثير من الاحاسيس و الكلمات , نظرت أرضا سريعا بخجل كي لا يقرأ حازم ما هو بداخل عينيها ويفتضح أمرها

واثناء انهماك حسناء بمداعبة الصغيره سمعت صوت هاتف حازم يعلو

قام حازم ليرد عليالمتصل , يبدو ان الأمر مهما , دقائق وعاد حازمو هو يحمل علي وجهه علامات استبشار و فرحة

قال لهم بلهجه تبرز مدي سعادته / طيب يلا يا جماعه علشان نلحق نروح قبل ما الضلمة

قالت نور معترضة / احنا كده كده هنروح في الضلمه

لكن سناء قالت / خلاص يا نور , مش هتفرق في نصف ساعه

واثناء حديث سناء ونور كان حازم ينظر لحسناء نظره تحمل كم هائل من فرحه لا تسعها عينيه

تعجبت حسناء من ذلك و لكنها قامت و اعطت الطفله لوالدتها لتستعد للرحيل معهم

………………………………………

وبعد ساعات وصلوا للقاهرة , مروا أولا علي منزل محمد ثم فيلا حازم وبقيت حسناء وحدها مع حازم بالسيارة

عاد حازم من الداخل بعدما وضع الحقائب , ركب السياره فوجد حسناء تجلس بالخلف , التفت لها و بسمة عريضه تزين وجهه الفرح / تعالي اقعدي قدام

كادت تعترض ولكنه اعاد كلامه فانصاعت لأمره دون اعتراض

تعجبت حسناء و هي تراه يتجه عكس اتجاه منزلها ولكنها فضلت الصمت , حتي وصلوا للشركة التي كانت حسناء صاحبة فكرتهاو لها نصيبا بها

بدت صرحا عظيما , برجا من خمسة عشر طابقا , وهاته زجاجيه براقه

نزل حازم و فتح لها الباب وقال لها / يا حسناء انزلي

نسيت حسناء كل ما كان يحزنها و نزلت تحت انباهرها الشديد لما تحول في هذا المكان

وقفت تنظر للمبني باعجاب و اندهاش و حازم يراقب وجهها و تعابيرها بفرحه

وفي الحال تحول حازم الي طفل صغير فرح بفرحتها

قال لها و هو يتجه بفرحه للداخل / تعالي يا حسناء

تبعته للداخل , وبعد ان دخل ضغط علي زر أنار جميع المبني , بدي كلؤلؤة براقه

اصطحبها حازم للأعلي وظل يشرح لها ما تم انجازه

قال لها بفرحة / كده المبني تمام ,ومن بكره هتبدأ الشركات في فرش البضاعة و بالكتير اسبوعو و هنفتتح الشركة , عاوزك تكوني جاهزة

أجابت حسناء بايمائه و ابتسامة بسيطة

قال لها حازم / انتي طبعا ليكي نصيب في الشركة علي الاقل 40 في الميه , ان شاء الله اول ما انتهي بس من الاجراءات و الافتتاح هنروح للمحامي , معلشي اعذريني الفتره الجايه هكون مشغول جدا

اجابت ثانية بنفسالرد السابق

وبعد ان انتهوا عادوا ادراجهم لمنزلها و هو يشتعل حماسه و فرحة , نسي كل ما بينهم من صراعات عاطفيه و عاد لحازم القديم الذي لا يشغله شئ بالدنيا سوي العمل

وصلولا لمنزلها , ترجلت من السياره واتجهت لمنزلها , فتبعها حازم و حمل عنها حقيبتها قبل ان تدخل قال لها / حسناء سيبك من الزعل و الكلام الفاضي ده و عاوزين نركز الفتره الجايه دي مرحله من اخطر مراحل حياتنا لازم نكون مركزين و مصحصحين , ان شاء الله هاجي بكره اخدك تعملي شوبينج و تجيبي حاجتك

تعجبت حسناء بشدة من كلامه بل صعقت و لكنها تذكرت انها تتحدث مع حازم , حازم الذي عرفته سابقا , عاد ثانية

دخلت و قلبها محتقن بالألأم , ارتمت علي سريرها من شدة الارهاق و قالت بحزن / بتسمي الحب و المشاعر كلام فاضي, ماشي يا حازم

…………………..

مرت الايام ببطء علي حسناء ,تتجرع ألام اضافيه كل يوم بسبب انشغال حازم التم عنها و تجاهله لها قبل ان يداوي حرجها الذي سببه لها , وعلي الرغم من اتصاله بها بشكل يومي ليخبرها عن ما تم انجازه في الشركه و يبشرها باقتراب موعد افتتاحها و بدء عملها و تغير حياتها و لكن ذلك كان يزيد ايامها مراره و يضاعف جرحها

حتي مر الاسبوع بايامه الثقيله و أتي موعد الافتتاح

ومر يوم الافتتاح ايضا , وبعد ان انهي حازم يومه توجه لفيلته لكي يسلم علي اهله و يباركون له الافتتاح

وجد نرمين بإنتظاره ,وبعد ان جلس معهم , انفردت به نرمين وسألته / حازم عملت ايه في موضوع حسناء

حازم وعلامات الحزن ملأت وجهه فجأ / خلاص قفلته

نرمين بتعجب / ازاي

حازم بتوتر / مفيش , هي مش بتحبني , فمينفعش اطلب منها الارتباط علشان موقفها ميبقاش محرج

ظلت حسناء تبحلق في وجهه بتعجب مبالغ فأكمل كلامه / سألتها مباشرة ان كانت بتحبني مردتش تجاوب عليا

تحولت ملامح نرمين فجأ لعلامات استفهام و تعجب وكل شئ وقالت لها و هي تقواوم ضحكاتها الساخره / وهي كده مش بتحبك , انت غبي و لا عبيط , مسمعتش قبل كده عن مقوله اسمها الصمت علامة الرضا

انكمشت ملامح حازم وتاهت افكاره داخل رأسه فتابعت نرمين كلامها / حسناء بتحبك يا حازم واناعارفه من زمان , وبعدين كل اللي بتعمله ده ملفتش انتباهك انها بتحبك

حازم ببلادة / انا قلت جايز رد جميل

قال نرمين باستهزاء / رد جميل ؟ انت اعمي

قال لها بحزن فجرته تلك الكلمة / هي فعلا قالتلي الكلمة دي

نرمين بغيظ / تستحقها

زم حازم شفتيه بأسي و هو يقول / اللي مزعلني اني من يومها و انا بعاملها بعنف

نرمين / حازم علشان انت حابس نفسك في الغل و متعرفش حاجه الدنيا غيره معدتش عارف حاجه في الدنيا خلاص , بص يا حاز , قسما بربي لو معرفتهاش انك بتحبها في خلال يومين و طلبت منها كمان ترتبطوا بخطوبه انا هروحلها واقولها انك بحبهلا و بتموت فيها

قال حازم / لا خلاص هعرفها انا علشان اراضيها , بس ازاي

نرمين / هقولك ازاي, هاتلها بوكيه ورد علي مكتبها و اكتبلها في الكارت

………………….

كانت حسناء قلقه بشدة من عملها مع حازم بالشركة , لا تعلم لماذا و لكن شعورها بالخوف تملك قلبها بشدة , نامت باكرا لتستعد لغد جديد , ولكنها استيقظت في منتصف الليل علي كابوسا مرعبا , لقد رأت في منامها حازم يقبل نحوها و عينيه يتطاير منه الشري\رر و يرتدي ملابس زوج والدتها

اعتدلت جالسه بذعر , ظلت تلهث بشدة , وكأنها كانت في سباق جري, استعاذت بالله من الشيطان ,وعادت للنوم ,ولكن ذلك الحلم حال بينها و بين العوده له ثانية

ظلت تفكر في تفسير ذلك الحلم الغريب , قالت بخوف / ممكن معاملو حازم هتتحول زي معاملة جوز مامماما لو معترفتش بحبي ليه

ظلت في حيرة بين افكارها المتضاربها , حتي سمعت اذان الفجر وتلته الشمس بالشروق

وقبل ان تتأهب للذهاب مع حازم

صلت ركعتي استخاره بأن يخرجها الله من حيرتها في ان تعترف له ام لا لكي تستطيع اكمال حياتها بشكل عادي

سمعت صوت سيارة حاز بالخارج

خرجت له و بعينيها حيره خوف و وقلبها مغذي بالقلق و التوتر , وجسدها المنهك من كثرة التفكير و قلة النوم و الارهاق يسير بترنح

رأته ينتظرهااو يينظر لها بابتسامة عريضه

اربكتها نظرته اكثر و اكثر, حتي كات تسقط ارضا من شدة دوار رأسها

ركب تبجانبه السيارة

كان حازم مختلفا تماما اليوم , عينيه تشعان فرحه و نظاته تبثان حب , حتي طريقة كلامه و لهجته و نبرة صوته كلها تبدي بمدي حبه لها

وقتهاايقنت ان حلمها هذا به سر

شعرت بخوف يكاد يقتلها و اختناق شديد برئتيها

وصلوا للشركة , صعدت معه للطابق الأعلي

كانت مختلفه عما رأتها سابقا , بها الكثير من ازينه و الورود , جلست علي مكتبها بتوتر

استند حازن بكفيه علي المكتب مقابلها و قال لها بابتسامة عذبه / مبورك يا حسناء

ردت بخوف / الله يبارك فيك

قال و هو يتجه للخارج / هروح اجيب الاوراق هوريكي اللي المفروض تعمليه علشان الشغل ميتكركبش

سألته / هراجع برضه الفواتير

قال لها و هو يبتسم / لا , انتي صاحبة الشركة , يعني المديره , يعني كل الشركة فوق دماغك

ثم خرج

لم يعير حسناء اي شئ من حولها اهتمام , فقد كانت متعبه للغايه , رأسها يكاد ينفجر من الألم , استند برأسها علي ذراعيها علي المكتب

وماهي الا لحظات حتي غابت في عالم الاحلام

ولكن فجأه قامت علي ذلك الحلم ذاته يعاد للمره الثانيه في نفس اليوم ولكن كان بيده سكينا و يقب نحوها بوحشيه

ارتدت حسناء للخلف بزعر و هي تطلق صرخه مدويه

فتحت عينيها فوجدت حازم يقف امامها ويحمل بيده اوراق وليس سكينا

قال لها بقلق/ مالك يا حسناء

ردت بتوتر و هي تلهث بذعر / مفيش , حلم وحش

سمع حازم احد الموظفين يناديه , يبدو ان امر ما ضروري بالطابق الخامس

قال حازم لحسناء / طيب دقايق وهجيلك

التقطت حسناء الاوراق التي تركها حازم علي المكتب قبل ان ينصرف

مررت عينيها بسرعه علي الصفحه الاولي

وقفت عند اخر سطر بها

كانت جمله باللغه الانجليزيه

كان اسم حازم

(حازم بيومي عفيف المغاوري)

وقفت فجأه و هي تحدق بأسمه ثانية وتعيده قرائته بصوت متقطع

بعدها , لم تشعر بقديمها تحتها و, وهوت أرضا , وهي تقول بصوت مبحوح / حازم ابن عمو بيومي جوز ماما

الخامس والعشرين من هنا 





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى