Uncategorized
رواية عاشق قهر النساء الفصل الثالث عشر 13 بقلم صباح عبدالله فتحي – تحميل الرواية pdf

رواية عاشق قهر النساء الفصل الثالث عشر 13 بقلم صباح عبدالله فتحي
عَبَرت سيارة الإسعاف التي بداخلها جلال من البوابة الحديدية الخاصة بالمشفى. توقفت السيارة أمام المدخل الرئيسي، وانفتح الباب من الداخل، وتحرك طاقم الإسعاف بخطوات متسارعة لينقلوا جلال على سريرٍ متحرك إلى غرفة العمليات لإسعافه.
خرجت خلفهم ياري التي احمرّت عيناها من كثرة البكاء، ونيلي التي كانت مذعورة. هرولت ياري ونيلي إلى داخل المستشفى، وفي نفس اللحظة كان ساهر يغادر المستشفى وهو ينظر إلى شاشة هاتفه يبحث عن رقمٍ ما.
وبينما كانت نيلي تهرول للدخول دون أن تنتبه، تعثّرت وكادت تقع، لكن لحقها ساهر بحركةٍ لا إرادية ليأخذها إلى أحضانه دون قصد. غرق ساهر في دوامة من الصمت وهو يشعر بالدفء والحنين اتجاهه، أما نيلي فسكنت للحظة بين ذراعيه، عقدت حاجبيها باستغراب من شعورها الغريب؛ شعرت برابطٍ قوي يربطها بذلك الشخص. ابتعدت عنه خطوة لترى مَن أمامها. اتسعت عينا ساهر في دهشة وذهول عندما رآها وهتف قائلاً بدهشة:
– انتي… انتي إزاي؟ مش ممكن!
عقدت نيلي حاجبيها باستغراب قائلة:
– مش فاهمة… هو حضرتك تعرفني؟
أجاب ساهر بذهول وتعجب:
– انتي مش فاكرة؟ كنتي في المستشفى من يومين واختفيتي فجأة، بس… بس إزاي خفيتي بالسرعة دي؟ مش معقولة!
رمقته نيلي بذهول وغرقت في دوامة من الصمت تحاول الاستيعاب، وبعد لحظة تمتمت بصدمة:
– معقولة تكون لين لسه عايشة؟
ثم نظرت إلى ساهر وهي تقول بلهفة وعَجَلة، ودموعها تنهمر على خديها:
– لين… لين أختي! أكيد حضرتك تقصد لين أختي التوأم! هي فين؟ أبوس إيدك، أختي فين؟ كنت حاسة إنها لسه عايشة، كنت حاسة والله!
ساهر يحاول أن يفهم حديثها:
– طيب اهدي لو سمحتي، علشان أنا بجد مش فاهم… أنتم اتنين ولا واحدة؟
أجابته ببكاءٍ مرير:
– إحنا اتنين توأم، ومن حوالي خمس أيام عرفت إنها انتحرت وماتت… أكيد حضرتك مش بتهزر صح؟ أختي لسه عايشة بجد؟ صح؟
يتنهد بإحباط ثم يقول بهدوء:
– أيوه، لسه عايشة… بس للأسف اتخطفت من المستشفى من يومين، ولحد دلوقتي محدش عارف السبب. بلغنا، بس ماحدش قدر يوصل لحاجة.
تتسع عينا نيلي بصدمة وذهول وهي تتمتم:
– اتخطفت؟!
من خلفهم، توقفت سيارة كوثر الفاخرة أمام مدخل المستشفى. انفتح الباب وخرجت شوق وهي في حالة من الصمت، تتحرك لدخول المستشفى، شبه تائهة لا تعرف إلى أين تأخذها ساقاها.
ومن الجانب، خرجت كوثر وابتسامتها الخبيثة لا تفارق وجهها. فجأة تغيرت ملامحها لتمثل الحزن والقلق وهي تهرول لدخول المستشفى لتكمل لعبتها. لكن أبطأت خطواتها، واتسعت عيناها في خوف وقلق حقيقي عندما لاحظت نيلي تقف بصحبة ساهر داخل المستشفى.
تعَرّق جبينها من الخوف، رفعت يديها المرتجفتين لتمسح وجهها، وازدادت دهشتها. عندما رأت نيلي، وهرول شوق إليها بسعادة لتخبرها بما عرفته بفرحة ولهفة، وهي عانقتها بقوة قائلة:
– لين لسه عايشة يا شوق… لين ما متتش… لين لسه عايشة! أنا مش مصدقة…
فلتت منها ضحكة خفيفة، وهي تكرر جملتها وكأنها تحاول إقناع عقلها بأن شقيقتها لا تزال على قيد الحياة. أما شوق، فظلت على حالها، لم تظهر أي رد فعل سوى ابتسامة باهتة، كأنها تسخر مما يحدث حولها أو تستعد لما ستراه منذ قليل.
_لين لسه عايشه… لين متتش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث توجد لين، كانت نائمة على الفراش محاطة بالأجهزة الطبية في غرفة فاخرة. يقف بجانبها أكثر من طبيب يشرفون على حالتها. حاولت مرارًا وتكرارًا فتح عينيها، وبعد عدة محاولات فتحتها لترى الأضواء تتلألأ والراية غير واضحة… انتبه الأطباء إلى صوتها الضعيف، تقول بنبرة متقطعة بالكاد تُفهم:
– أ… نا… أن… ف… ين…
اقترب منها الطبيب الأمريكي ليفحصها، ثم نظر إلى الرجل الآخر الذي وكلته كوثر للاعتناء بها، وقال بهدوء:
– يبدو أنها بدأت تستعيد وعيها…
نظر الرجل إلى لين بحيرة للحظة، ثم سحب هاتفه من جيبه وطلب رقم كوثر. وبعد لحظات من الانتظار، هتف قائلاً:
– الفتاة بدأت تستعيد وعيها، مدام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المستشفى… هرول الجميع إلى قسم الطوارئ بعد ما عرفوا ما حدث لجلال. وعندما وصلوا علموا أن جلال ما زال داخل غرفة العمليات وحالته غير مستقرة. وقف الجميع أمام باب غرفة العمليات في حالة من الذعر والقلق، يترقبون بتوتر وخوف شديد. كانت كوثر تشهق بالبكاء بحزن وقلقٍ زائف وتقف بجانبها أسيل تتبادل المواساة.. بينما ملامح قاسم وحازم خليط بين الحزن والقلق.. وكان نيل يقف وهو يعانق شقيقته ياري التي تبكي بحرق. وقف ليل بجانبهم. أما عشق فبدت ملامحه كأنها على وشك الانفجار من شدة الغضب؛ يكور يديه بقوة في محاولة للتحكم في غضبه، وعلى يمينه يقف زين في حالة من الرعب وهو ينظر إلى عشق الذي برزت عروقه كدليل على غضبه وعاصفة قادمة.
انتبه الجميع إلى صوت خطوات شوق ونيلي تقتربان بصمت مريب، كل واحدة غارقة في مصيبته: نيلي تفكر في لين ومن خطفها، أما شوق فكان عقلها يصور لها ما سيجري معها. وقفت بصمت تراقب كيف ستجري الأمور، ونظرت إلى كوثر التي رمقتها بنظرة حادة… وبعد وقت من وصول شوق، أضاء مصباح باب غرفة العمليات باللون الأحمر لتتسع أعين الجميع دهشة وذهول.. ثم انفتح باب الغرفة ليخرج طبيب بملامح مرتبكة ينظر للجميع بأسف. رمق عشق الطبيب بغضب وصاح به قائلاً. انتفض الطبيب وشعرت شوق أن قلبها سقط بين قدميها من حالة الرعب التي سيطرت عليهما.
جدو فين؟ إيه اللي حصل؟
أجاب الطبيب بصوتٍ بالكاد يُسمع ونبرته متقطعة من الخوف:
البقاء لله وحده… جدك توفى. المفعول بتاع السم كان قوي جدًا وللأسف ما قدرناش نعمل حاجة…
نزلت كلمات الطبيب عليهم كالصاعقة، وحل الصمت للحظات وعجز الجميع عن النطق حتى عشق. ثم كسر حاجز الصمت صوت كوثر تصرخ بشكل هستيري وهي تقول:
باباااا… أنا عايزة بابا… باباااا!
هرولت نحو الطبيب وأمسكته من قميصه وهي تهزه بقوة قائلة:
أنت متأكد؟ بابا ما متش، أنت بتهزر! أكيد بابا عمل فينا مقلب… بابا ما متش! لا، بابا ما متش!
نظر الجميع إليها بتأثر ودموعهم تنهمر حزنًا.. هرول ليل إليها وأخذها في حضنه معانقًا إياها بقوة وهو يبكي. أما عشق ففي لمح البصر أمسك زين بقوة من عنقه ولصقه في الحائط وهو يهتف بغضب وبصوت هادئ مريب، بينما ارتجفت شوق خوفًا منه وهي تراه يعنّف زين الذي احتقن وجهه وانقطعت أنفاسه للحظات.
إزاي جدي يتسمم وإنتوا كلكم موجودين معاه؟ إزاي ده حصل؟
أجاب زين بأنفاس متقطعة:
ما… عرفش… مافيش… حاجة غريبة حصلت… كله كان طبيعي ومافيش حد دخل المطبخ غير الآنسة شوق والخدمة كلهم حضرتك عارفهم…
اتسعت عين شوق رعبًا وهي تبتلع ريقها بصعوبة وتراهم جميعًا ينظرون نحوها. فلتت يد عشق عنق زين الذي سقط على الأرض وهو يسعل بقوة، وابتعد وهو يمسك عنقه متألمًا. التفت عشق إلى شوق بصمت مريب، وتلاقت عيونهما: عين شوق مذعورة بينما كانت عين عشق حادة لا تعبر عن أي شعور سوى الغضب والشك. تلف الصمت للحظات حتى كسرته كوثر، التي هرولت بغضب نحو شوق وأمسكتها بقوة من عنقها وهي تقول بغضب، بينما حاولت نيلي إبعادها:
أنتِ قتلتي بابا يا مجرمة! أنا هقتلك بإيدي!
غضبت نيلي بشدة وهي ترى كوثر تعنّف شقيقتها قرة عينيها شوق، فدفعتها بقوة فأُسقطت أرضًا. وقفت أمام شوق رافعه ذراعيها كحامية وهي تصرخ بغضب شديد:
_إنتِ بأي حق ترفعي إيدك على أختي؟ وبأي حق تتهميها بقتل جلال بيه؟ فين الدليل على الكلام ده؟
رمقتها كوثر بغيظ وحقد شديد، بينما هرول ليل وأسِيل ليساعدا كوثر على النهوض. دفعت كوثر أسِيل بعيدًا عنها، وأمسكت بليل ونهضت، ونظراتها كسهم صوب نيلي… نظر ليل إلى نيلي بغضب شديد واقترب منها ورفع يديه ليصفعها، لكن شعر بشخص من خلفه يمسك يديه؛ نظر بدهشة ليجد نيل الذي وقف حاجزًا بينه وبين نيلي، وقال بهدوء مريب:
_ما تحلمش حتى يا ليل تفكر ترفع إيدك عليها مرة تانية.
ليل بغضب:
_ابعد عن طريقي يا نيل، أنت مش شايف عملت إيه؟
نيل بهدوء:
_هي معاها حق أمك بأي حق بتتهم شوق إنها سمّمت جدي. مش معنى إنها دخلت المطبخ تكون هي السبب، وانا واثق ومتاكد إن شوق مستحيل تعمل حاجة زي دي.
تقدم قاسم، وأخذ شوق تحت ذراعه، ونظر إلى كوثر بحزن وقال بهدوء:
_أنا فاهم ومقدر حزنك على بابا يا كوثر، بس ده ما يدقيش الحق إنك تتهمي شوق بنتي بحاجة زي دي.
نظرت شوق إلى ولدها بحزن ودموعها تنهمر على خديها بحسرة. لاحظت نظرات كوثر الحادّة كتهديد لها لتنفيذ ما قالته… نظرت شوق إلى عشق بحزن، فضاقت عينيه ولم يستطع تفسير نظراتها، حتى قالت بصوت مرتجف وبكاء:
_خلاص… انتهت اللعبة يا عشق بيه، إحنا اتفقنا لو انكشفت هقول على كل حاجة.
ابتسمت كوثر بخبث. بينما نظر عشق والجميع إلى شوق باستغراب، فقال قاسم بتعجّب:
_إنتِ بتقولي إيه يا شوق يا حبيبي؟ اتفاق إيه؟ مش فاهم.
نظرت شوق إليه والدموع تغرق عينيها:
_أنا مش شوق ومش بنتك.
اتسعت عين نيلي بصدمة وقالت:
_إنتِ بتخرفي؟ بتقولي إيه؟
شوق ببكاء:
_أنا مش شوق، أنا مش بنتهم… اسمي حنين. عشق بيه اللي طلب مني أمثل إني شوق أميرة عيلة الجوكر، ولما الكل يثق فيا أحط لهم السم — أنا اللي سمّمت جلال.
تفاجأ الجميع بصوت صفعة قوية تسقط على وجه شوق… نظرت شوق لتجد نيلي تصفعها مرة ثانية وهي تقول بغضب وصوت عال:
_سمعيني كده تاني؟ بتقولي إيه…
ثم عانقتها بحنان وهي تبكي بحرق قائلة:
_ليه بتقولي الكلام ده؟ ليه بتعملي كده وتوقعي نفسك في مشكلة زي دي؟ انطقي انا متأكدة إن في حد مهددك، قولي مين.
نظرت كوثر إلى عشق بغضب وقالت بصوت مرتفع لفتت انتباه الجميع:
_الكلام ده صحيح، إنت السبب في موت بابا.
نظر لها عشق بغموض، وقف بشموخ واضعًا يديه في جيبه؛ ولما يكلف نفسه عناء أن يجيبها، هتف قاسم بذهول قائلاً:
_إنت ساكت ليه؟ الكلام اللي بتقوله شوق ده صح؟
ابتسم عشق بسخرية وهو ينظر إلى شوق، وقال بهدوء مريب:
_بص في عيونها وهتعرف… صح ولا غلط.
تقدّم عشق بخطوات واثقة نحو كوثر التي ارتبكت. وقف أمامها ثم سحب شوق بقوة ليوقفها أمام كوثر، وهو يقول بغضب مكتوم:
_إنتِ شايفة عشق الجوكر ضعيف لدرجة دي؟ عشان يجيب بنت زي دي تنفذ له حاجة؟ أنا لو عاوز أعمل حاجة زي دي، كنتِ إنتِ أول واحدة زمانك ميته… وبعدين إنتِ بتتهميني بقتل مين!!
صرخ بغضب جامح أفزع الجميع… حتى كوثر تراجعت بخوف. أما شوق فارتج جسدها وشعرت أن عظامها تتحطم حيث ضغط عشق بقوة على ذراعها بحركة لا إرادية بدافع الغضب.
_إنتِ اتجننتِ! بتتهميني أنا بموت جدي؟ إنتِ عارفة جدي ده إيه بالنسبة ليا؟ أنا مش هيكفني موتك لو قلتي كلمة تانيه… وصدقيني، مين ما كان السبب هجيبه حتى لو تحت الأرض.
أنهى حديثه، وسحب شوق خلفه بغضب جامح وتوجه ليغادر بها. ركضت نيلي خلفه وهي تقول بخوف:
_شوق… إنتِ واخدها على فين…؟
أوقفها عشق بنظرة أرعبتها، وأشار لها أن تصمت، ثم أكمل طريقه وهو يسحب شوق التي كانت تتعثر وتبكي برعب، وهي تذهب خلفه في صمت مريب.
يتبع…
تفتكروا عشق هيعمل اي في شوق…
ويا تاري علاقة عشق بأهله بعد اللي حصل ده تكون ازاي… ولا عشق موقفه هيكون اي لما يعرف وصية جلال؟


