رواية الم بدون صوت الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة احمد – تحميل الرواية pdf

مستنية كلمة واحدة تطمني، أو حتى تصدمني.
هو رفع عينه ليا، وشه كان شاحب، وصوته متقطع وهو بيقول:
“للأسف… طلع عندِك سكر فعلًا.”
ماحستش بنفسي…
دموعي نزلت قبل حتى ما أستوعب الكلمة.
حسّيت إن روحي اتفقعت…
فوق كل اللي بيحصلي، ييجيلي سكر كمان؟
سارة حاوطتني بحنان،
وقالت وهي صوتها بيترعش حزن:
“نور… دي مشيئة ربنا. احمدي ربنا على كل حال يا روحي.”
طلعت صوت متقطع وأنا ببكي وبشّهق:
__الحمدلله… الحمدلله على كل شيء يا رب… أنا مش معترضة.
يوسف كان واقف قدامي…
كان واضح إنه متأثر،
كأنه عايز يقول كلام كتير…
بس خايف يزيد عليا.
عدّى الوقت، وقدرت أخرج من المستشفى.
سارة ويوسف ماسابونيش لحظة،
وطنط – مامت سارة – جت وطمنت عليا.
حسّيت بدفا… بأمان… بحضن مش من حقي يمكن،
بس كان نفسي أعيش في المكان ده طول عمري.
وإحنا في العربية…
أنا قاعدة ورا، وسارة ويوسف قدّام،
بعد ما أصرّيت إن سارة ماتقعدش ورا معايا.
يوسف كان مصرّ إني ماارجعيش لبيت بابا،
وقال لي بصوت حاسم إنه لو روّحت…
هو هيتصرف، وهيعمل المحضر اللي هدّد بيه.
عارفة إنه خايف عليا…
بس هو مش فاهم.
مش فاهم إن قلبي… بالرغم من كل اللي حصلي،
لسه بيحب بابا.
بحبه رغم وجعي، ورغم إني عمري ماكنتش بنام من غير ما أحط مراهم على جسمي.
ده بابايا…
وليّه حق عليا حتى لو هو عمره ما أدّى حقّي.
وكفايه عندي… إني قدام ربنا،
أنا ما سيبتوش ولا يوم.
وصلنا تحت بيت ساره
بصيتلي نظره اخيره وابتسمتلي
بادلتها الابتسامه وطلعت
بعد وقت
وصلنا قدّام العمارة، يوسف ركن العربية ومسح على وشه كأنه بياخد نفس قبل ما يتكلم.
قال بنبرة فيها حذر:
__بُصي… أنا مش عايز أعقّد عليكي الموضوع. هنروح لباباكي زي ما هو عايز، وهقول إنّي جاهز أجيلكم رسمي… بس من غير ضغوط. أول ما ظروفك تتحسن أو الأمور تهدى… نبقى نشوف هنتصرف ازاي.
كلمته كانت مريحة، يمكن لأول مرة من فترة حسّيتي إن حد فاهم إني مش قادرة ادخل أي علاقة دلوقت.
قلت بهدوء وانا بحضر نفسي عشان انزل من العربيه:
__مش عايزه اكون ف ضغط.
هز راسه بسرعة وكأنه بيطمني:
__ولا حتى هفكّر أضغط عليكي. كل حاجة هتبقى تحت سيطرتك.
نزل وفتحلي باب العربيه
طلع معايه ، وقبل ما اقفل باب الشقه سمعته بيقول:
__ اتطمني.
كأنها كلمة صغيرة، بس ريّحتني أكتر من اللي كنت متوقعة.
دخلت وقررت أنام،
لكن قاطعني صوت الموبايل وهو بيرن.
بصّيت… رقم أول مرة أشوفه.
ترددت لحظة… وبعدين رديت.
وساعتها سمعت صوت ما تخيلتش يوم يرجعلي تاني.
صوت مازن!.
مازن اللي سافر من سنين… ورجع دلوقتي، فجأة، كأنه ولا يوم عدى!!
قعدت في الأوضة لوحدي، ومش قادرة أنام من كتر التفكير… فكرة إن ممكن يكون بين يوسف ونور حاجة كانت بتخنقني.
قعدت كتير، وعيطت أكتر…
مش عارفة حتى بعيط على إيه.
يمكن خايفة يروح مني.
يمكن خايفة أكون مش في باله زي ما هو في بالي.
قررت أتصل بيه… مش عارفة ليه ولا علشان إيه.
بس كنت محتاجة أسمع صوته… محتاجة أطمن.
اتصلت.
جه صوته هادي كالعادة.
قلتله بصوت مبحوح من أثر البُكا:
__أنا بحب نور على فكرة، وبتمنالها كل خير… أنا بس متعودة إن هي بترجع، وهو بيسيبها ترجع… محطتش في دماغي إنه يعمل فيها كده.
رد بهدوء:
__حصل خير يا نور.
اتصدمت.
كملت وأنا حاسة إنه مش عايز يتكلم:
__عايزة أقولك حاجة… بيني وبينك.
قال بتركيز:
__سامعِك.
تنفست بصعوبة ودموعي نازلة:
__لو أنا بحب حد… وهو مش شايفني… المفروض أعمل إيه؟
سكت ثواني، كأنه بيحاول يفهم القصد، وبعدين قال بهدوء:
__مفروض ما تعمليش حاجة. ده نصيب يا نور… ولو هو من نصيبك هيجيلِك من غير أي مجهود.
الغصة زادت.
هو بيقول نور بدل سارة.
لحد دلوقتي هي شاغلة باله لدرجة إنه يتلغبط في اسمي؟
سألت وأنا بحاول أثبت نفسي:
__يعني… ماعترفش إني بحبه؟.
قال بحزم هادي:
__أوعي. ساعتها هتقلّلي من نفسك… وهترخصيها.
سارة… أنا واثق فيك. وعارف إنك عمرك ما هتعملي حاجة غلط.
ردّيت بضعف:
__أكيد يا يوسف… شكراً إنك
سمعتني.
ضحك بخفة وقال:
__أنا هنا دايمًا لو احتاجتيني.
قفلت معاه…
وحسّه لسه في وداني.
في إحساس دفا بيغطي جزء من خوفي…
بس وجعي لسه موجود.
ولسه بفكر…
هل ممكن في يوم… يبقى ليّ؟
ولا هافضل خايفة إنه يبعد… أو يخسرني وأنا أصلاً مش ملكاه؟
_____________
فريد صاحبي كلّمني لما ملاقانيش روحت الشغل.
ردّيت وأنا باخد نفس طويل:
__كان عندي ظرف… ومعرفتش أجي.
قاللي بسرعة وبنبرة استفزاز معروفه عنه:
__ظرف؟ قولّي بقى… ظرف إيه دا؟.
قلتله بنفس الضيق الهادي:
__يا فريد… بقولك ظرف. لو كنت عايز أقولك حصل إيه، كنت حكيتلك من غير ما تسأل.
سكت لحظة وبعدين ردّ مستغرب:
__يعني… مش هتقولي؟
اتسمت غصب عني، وطلعت النبرة السِمجة اللي دايمًا بتطلّع منه الشر:
__لا يا خفيف.
قال بضيق مصطنع:
__حلو أوي… تمام يا يوسف.
ضحكت وأنا بحاول أقفل المكالمة:
__سلام بقى… عايز أنام. وبكرة في الشغل هحكيلك كل حاجة.
ردّ وهو واضح إنه راضي إنه اضطر يستنى:
__اشطا عليك.
قفلت.
فريد…
أقرب صاحب ليا، رغم إنه رخم وفضولي وبيتدخل في كل كبيرة وصغيرة…
بس والله على قلبي زي العسل.
صحيت تاني يوم، جهّزت ولبست بدلتي،
وقررت أخبط على نور… أتأكد إنها في الشقة.
خبطت… لكن محدش فتح.
الدم غلي في عروقي، قلبي خفق بسرعة.
اتصلت كالعاده بسارة… يمكن راحوا الجامعة سوا.
بس سارة مردتش.
اتعصبت أكتر… كنت هاين عليا لما أشوفها… أكلها علقه من اللي هي بتعمله.
قررت أروح لباباها… يمكن تكون هناك.
وبدعي ربنا إنه ميكونش عمل فيها حاجة.
________________
خرجت بدري، قلبي بيترن من التوتر… مازن قال إنه عايز يقابلني.
كنت مصدومة… إيه اللي رجعه من تاني؟
وطبعًا، لما يعرف إني سيبت البيت هيبهدل الدنيا… دا لو مكنش عرف لحد دلوقتي.
كل خطوة وأنا داخل الكافيه كانت تقيلة على قلبي، وحاسة إن الدنيا ضاقت حواليّا.
لقيته قاعد بعيد على طرابيزه لوحده، ماسك الفون.
قربت بهدوء، نفسي بيترعش من التوتر، وقعدت.
ولأول ما قعدت قال باستغراب، بنظرة فيها شك:
— مين حضرتك؟
رديت بصوت متردد، قلبي بيخفق بسرعة:
__أنا نور… يا مازن.
اتعدل في قعدته، وعينيه ركزت في ملامحي. كان فيه دهشة :
— اتغيرتي أوي.
رديت بسخرية خفية:
— يمكن من الهم.
كمل وكأن ذكرياته رجعت فجأة، صوته صار أثقل:
— سيبتي البيت ليه؟
تنفست ببطء وحاولت أمسك أعصابي، ورجعت أتني شويه على الكرسي:
— واللي قالك إني سيبت البيت، ما قالكش سيبته ليه؟
مازن رد بحزم، عيناه فيها صرامة ونبرة صوته تقطع الهواء:
— عايز أسمع منك أنتي.
رجعت أقرب شويه، قلبي بيرتعش من التوتر والغضب والمرارة كلها، وقولت:
— معنديش كلام أقوله غير إنكم ظلمتوني… وبدفع تمن سفركم.
رد وهو زهقان، وعينيه فيها إحباط:
— هو كل شويه هتقولي نفس الأسطوانه؟
قولت بصوت مخنوق:
__مازن… أنا مش جايه أعيد نفس الكلام، أنا بس محتاجة تفهم إني اتأذت بجد. مش عايزة أصنع مشاكل، بس اللي حصل أثر عليا جامد. كل اللي أنا عايزاه دلوقتي إنك تسمعني وتفهم شعوري مش تحكم عليا.
تفتكروا مين مازن دا؟

