رواية خيوط القدر الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf

رواية خيوط القدر الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سارة المصري
الفصل الثامن والعشرون
دقائق مرت ولايدرى احدهما اطالت ام قصرت وهما يحدقان فى الفيديو فى ذهول ، فعلى الشاشة ظهرت ندى وهى تتراقص بجنون مرتدية ملابس مكشوفة للغاية تظهر اكثر مما تخفى هذا ان كانت تخفى شيئا من الاساس والى جوارها تتناثر عدة زجاجات خمر ، حدق ادهم اكثر ليتعرف المكان فوجدها نفس الغرفة التى أخذها منها فى فيلا احمد ، انتهى الفيديو ولحظات من الذهول والصدمة اطبقت عليهما تخلص منها ايمن بشكل اسرع وهو يحاول ان يقول مهدئا اخيه ” اهدى يا ادهم ..الحاجات دى ممكن تفبرك دلوقتى عادى جدا ” ، لم يكن مقتنعا بما قاله وظلت عينى ادهم متعلقة بالحاسوب فى صدمة حتى بعد ان انتهى الفيديو ، فاغلقه ايمن وهو يضيف محاولا اضفاء بعضا من المنطق ” حتى لو حقيقى ندى واضح انها مش فى وعيها ، لم يبدو على ادهم انه يسمع اى كلمة يقولها اخاه ، طيلة الفترة الماضية وهو يحاول اقناع نفسه ان خيانة ندى كانت مجرد مشاعر ولم تصل ابدا الى خيانة جسدية ،طيلة الفترة الماضية يحاول ان يصدق احساسه انها بريئة حتى دون دليل واحد وماذا بعد ؟؟؟، هل حبه لها سيجعله يتنازل عن شرفه ورجولته وكرامته التى دهستهم تحت قدميها ، فى تلك اللحظة دخلت مها قائلة ” الاجتماع جاهز يا فندم ”
نهض ايمن وهو يربت على كتف اخيه قائلا ” روحى انا جاية وراكى ” وما ان خرجت حتى مال الى ادهم قائلا ” فيه ورق مهم واقف على امضتى ..هخلصه واجل الاجتماع كله وارجعلك ” وفى اللحظة التى خرج فيها ايمن اشار الى مها قائلا فى صوت خافت ” عاوز حد من الحرس ورا ادهم ..لو خرج من هنا وانا جوة عايزة اعرف هيروح فين بالظبط ”
ولم ينتظر ردها ودلف الى حجرة الاجتماعات محاولا استعادة هدوءه ، اما ادهم فقد تخلص من ذهوله فجاة واحتل الغضب كل ذرة من كيانه ، خرج من مكتب ايمن مسرعا ولايرى امامه ولاشىء فى باله سوى القتل .
**************************************************
كان احمد فى مكتبه حين سمع جلبة وضجيج فى الخارج وكأن هناك شخص يحاول الدخول ويمنعه الطاقم بالخارج ، ثم مالبث ان وجد ادهم يركل الباب بقدمه وينقض عليه ينتزعه من مكتبه ويلكمه فى فكه بقوة طرحته ارضا وأسالت الدماء من شفتيه ، وحين هم ليوقفه وجد الامن الخاص بشركته يطبق على ذراعه بقوة وبكل طاقة غضبه لكم احدهما بكوعه فى معدته ثم لوى ذراع الثانى وحمله كطفل وهو يلقيه فى وجه الباقين الذين تساقطو ارضا وسط ذهول العاملين بالشركة ، استل ادهم بعدها مسدسه ووجهه للجميع قائلا ” برة كلكو والا قسما بالله اى حد هيقرب لقتله ” نهض احمد فى ثبات غريب وقال وهو يشير بيده ” سيبونا لوحدنا ”
نظر الجميع الى بعضهم فى دهشة قبل ان يتجه احمد الى الباب ليغلقه فى سعادة غريبة ، فقد تمنى ان يدفع حياته فى سبيل تلك اللحظة التى يرى فيها ادهم على هذا الوضع ، لم يشعر بخوف بل بلذة غريبة وقال باستفزاز ” حقك تعمل اللى انت عايزه ..انا لو مكانك مش هتردد ابدا ..دوس ع الزناد يلا انا مش هقاومك نهائى ” ورفع كفيه فى استسلام وهو يواصل ” انا خلاص عملت اللى انا عايزه ”
توجه ادهم اليه ولكمه من جديد قائلا ” مش هرحمك يا حقير ..مش هرحمك ..طول عمرك واطى ” ابتسم فى سخرية قائلا رغم الم اللكمة ” وبالنسبة للمدام ..ندى هانم اللى محتجتش منى اكتر من كلمتين حلوين عشان ترميك على طول دراعها ”
لم يحتمل ادهم المزيد فرفع صمام الامان وكاد يطلق رصاصته لولا ان دخل ايمن فى تلك اللحظة وامسك بيده صارخا ” ادهم لا ” واحتضن اخاه وهو يمسك بمعصمه فى قوة ويقول“ متوديش نفسك فى داهية عشان كلب زى ده ”
واصل احمد فى برود ” مسألتش نفسك هيا رجعتلك ليه ؟؟..ليه مطلبتش الطلاق ..ده لانها اكتشفت انها مجرد جزء من لعبة وانها متسواش اى حاجة عندى ..فهتروح بقا لمين غير للعاشق الولهان الللى مستعد يتنازل حتى عن كرامته عشانها ..أه فعلا حبتها زمان ..بس دلوقتى اكتشفت انى كنت غلطان واحدة زى دى الواحد ازاى يامنلها فى بيته ..خليهالك يا ادهم باشا .متلزمنيش ”
كاد ادهم ان يتخلص من قبضه اخيه بسهولة وهو يكيل لاحمد كل السباب الذى لم ينطق به فى حياته ، لولا ان احاط به ثلاثة من حرس ايمن الخاص لاحكام السيطرة عليه ، اتجه ايمن الى احمد وامسك بقميصه فى غضب صارخا ” انت فيه حاجة حصلت بينكو ”
نظر احمد الى يد ايمن وقهقه فى سخرية وهو ينظر الى ادهم قائلا ” انت لسة متأكدش ”، توقف ادهم عن مقاومة حرس ايمن وحدق فى احمد قائلا فى شراسة مشوبة بذهول وصدمة وترقب ” مستحيل ندى تسلم نفسها ليك مستحيل ..انت خدرتها واستغليت ثقتها فيك وغدرت بيها …ندى مش ممكن تكون كدة مش ممكن ” ورفع ادهم مسدسه من جديد ليطلق النيران عليه لولا ان عاد ايمن ليمسك بيده لتنطلق رصاصته مهشمة احدى التحف فى مكتب احمد ، صرخ ايمن فى اخيه ” فوق يا ادهم ..فوق ..هتضيع عمرك وحياتك عشان ده ..“ كان ادهم قد وصل الى قمة الانهاك العصبى الذى لم يصل اليه فى حياته ، فاخفض سلاحه فى تعب وهو يلهث بشدة
ترك ايمن اخاه واتجه الى احمد قائلا فى سخط ” لو فاكر انك هتقدر تهددنا بالفيديو ده تبقا عبيط ..انا باشارة واحدة منى انسفك من على وش الارض ”
ضحك احمد فى استهتار قائلا ” انا خلاص عملت اللى انا عايزه ..هاردلك يا ايمن باشا ونتقابل فى جولة تانية ”
امسك ايمن بياقة قميصه وهو يهتف فى غضب ” هدفعك تمن اللى عملته ده غالى ” واخرج من جيبه اسطوانة وطرحها فى وجهه قائلا ” ده لو عشان بس فكرت تستغل اللى معاك ..صفقتك المشبوهة بصور ومستندات توديك اللومان عشر سنين على الاقل …البادى اظلم بقا ”
وقبل ان يغادر ادهم المكان مع اخيه تحرر من قبضة الحرس اخيرا ولكم احمد من جديد وهو يصرخ قبل ان يبصق على وجهه ” فعلا خسارة اضيع نفسى عشان واحد زبالة زيك ”
********************************************************فتح ادهم باب السيارة الخاصة بايمن والذى اقله بها الى القصر وامسك بذراعه قائلا قبل ان ينزل منها ” ادهم كل حاجة تتحل بالعقل بلاش جنان ”
تنهد ادهم وحاول ان يبدو هادئا حتى لايتبعه شقيقه الى القصر وقال ” متخافش اكيد مش هقتلها ”
تنهد ايمن وصمت للحظات قبل ان يقول ” طلقها يا ادهم ”
التفت له ادهم قائلا باستنكار ” بالسهولة دى ”
واصل ادهم وهو يميل اليه ” دلوقتى بس عرفت ليه احمد سليم بيعمل كل ده ..ليه حاول يقتلك زمان وليه حاول يضربنا فى السوق ..كل ده عشانها ” واضاف فى حذر ” مبقاش فيه مبرر تخليها على ذمتك بعد اللى شوفته بعينك ..الله اعلم حصل بينهم ايه وهيا فى الوضع اللى شوفناه ده”
طالعه ادهم بنظرة طويلة لقد خسر تحديه بحب ندى امام الجميع لطالما حاول ايمن اقناعه بألا ينجرف بمشاعره معها وهو لم يكن يسمع سوى لقلبه الذى يراها اجدر نساء الارض بكل دقة فيه،فتح الباب وذهب دون ان ينطق بكلمة واحدة .
وفى غرفتها جلست ندى تقرا احدى الروايات الرومانسية وتبتسم فى حزن مع كل احداثها وتتذكر ان قصتها مع ادهم كانت اكثر رقة منها وان ادهم فعل من اجلها مالم يفعله بطل فى رواية من قبل ، كم تمنت لو عاد كل شىء كما كان ، فجأة ركل ادهم الباب بعنف واتجه اليها بسرعة حتى قبل ان تاخذ فرصتها فى الذهول لدخوله على هذا النحو ، سقط الكتاب من يدها وهو يجذبها من شعرها فى قوة ونبرات صوته تحرق اعصابها وهو يهتف ” ايه اللى حصل بينك وبين الحقير ده ؟؟“
اتسعت حدقتى ندى من حديثه وطريقته فلم تتخيل يوما ان تلقى منه هذا فصفعها فى قوة لتسقط ارضا وهى تتحسس خدها ، جذبها من جديد حتى كاد يقتلع شعرها من جذوره غير آبه بتاوهاتها بين يديه ودفعها الى الفراش ، اتجه الى حاسوب قريب وبعد لحظات رات ندى على شاشته ما كاد ان يفقدها وعيها ، اقتربت من شاشة الحاسوب اكثر واكثر وهى تضع كفيها على جانبى وجهها فى ذعر ودهشة وبعدها صرخت فى جنون ” لا ..لا ..مستحيل ..دى مش انا ..مش انا ” وتشبثت بذراعه فى صدمة لا تقل عن صدمته ، فركل الحاسوب بقدمه ، وصفعها من جديد وهو يصرخ بها ” انطقى ..ايه اللى حصل بينك وبينه ..البيه اللى امنتيله ووثقتى فيه صورك وانتى شاربة زفت على دماغك ” ، سدت ندى اذنيها وهى تردد ” مستحيل ..مستحيل ..مشربتش حاجة ..دى مش انا ” ، جذبها من شعرها من جديد وهو يصرخ ” انتى متستاهليش ذرة حب واحدة حبتهالك …انتى مستاهليش غير ده ”
دفعها على الفراش ، كان فى حالة صدمة وحنق وغضب ، كان شخصا آخر لم يعرفه فى حياته ، أخذ يوجه لها الصفعات وهو لا يشعر بالمها ولا يلتفت اليه ، عقله توقف تماما عن التفكير ، ولم يشعر بعدها بما يفعله بنفسه وبها ، مارس حقه كزوج معها لاول مرة بكل عنف وهى لم تقاومه مطلقا ، كتمت صرخاتها بداخلها واستسلمت له تماما ، ارادت ان تبرىء نفسها حتى وان كان الثمن حياتها .
**********************************************
تاوهت ندى فى الم وهى تتحسس الصفعات التى كالها اليها ادهم ووصل صوتها رغم محاولتها كتمانه اليه وهو يجلس على طرف الفراش يغلق ازرار قميصه ويستوعب كل ما فعله بها وندم حقيقى يسرى بداخله على قسوته المفرطة معها ، ولكن عادت صورتها وهى تتراقص فى الفيديو وكلمات احمد الموجعة تنحى كل مشاعر الندم بداخله جانبا وتقدم مشاعر الانتقام فقط ، حتى وان لم يحدث شىء بينهما كفاها انها اوصلته الى هذا الموقف ، كفى انها سمحت لغيره ان يرى جسدها هكذا ، كفى انها سمحت لاحمد ان ينتهك حرمة اشياء لا تخص مخلوق سواه هو من حرم على نفسه حتى ان يمس يدها الا بحساب ياتى هذا الوغد و..، ” ليه كدة يا ادهم ” وصل اليه صوتها الضعيف فلم يلتقت اليها فواصلت فى نبرة باكية ممزقة تماما ” انت عارف انى عمرى ما كنت همنعك ..حتى لو ده كان مجرد محاولة عشان تتاكد انك اول واحد ”
نهض فى حدة واستدار لها وتجاهل بصعوبة المه وهو يراها هكذا لاحول لها ولا قوة واطبق انتقامه عليها بكلماته الاذعة اكثر وهو يقول ” اتأكد من ايه ..“ واضاف بابتسامة ساخرة ” العمليات اللى من النوع ده بقت بتعمل اكتر من كدة ”
شهقت فى صدمة واغمضت عينيها فى الم اعتصر كل خلجة من خلجاتها قائلة ” هيا حصلت ..بتتهمنى فى شرفى كمان ؟؟“
قاوم ندمه بصعوبة وقال فى قسوة بالغة ” شرف ؟؟…بعد كل اللى شوفته وسمعته لسة بتتكلمى عن الشرف ؟؟..انتى دبحتينى فاهمة يعنى ايه دبحتينى “
غطت وجهها بيدها وقالت ” مكنتش اعرف انك بالقسوة دى ابدا ”
فقال فى صدق وهو ينظر الى جسدها الذى اثخنه بالجروح والكدمات ” ولا انا ..عمرى ما كنت اتخيل انى اكون بالقسوة دى خصوصا معاكى ”
سمع صوت نحيبها المكتوم فتألم فؤاده الا ان نار غضبه كانت كافية بكى جرحه على الفور فواصل ” مش هسيبك غير لما ادوقك قد الوجع اللى اتوجعته مليون مرة ” وشعر بانه سيفقد سيطرته على نفسه امام دموعها وجراحها فتراجع على الفور وترك غرفتها وهو يصفق الباب خلفه فى عنف ويلعن حبها فى صدره ، يريد ان يقتلها وان يضمها اليه يريد ان يسجنها ويعذبها وان يمسح دموعها ويطمئنها يلعنها ويلعن نفسه ويلعن حبه لها الذى يعذبه مع كل مرة يحاول فقط ان يؤذيها ، تتزايد ضربات قلبه وتضرب صدره فى عنف وكانها تعنفه على ما فعله بها ، اما هى فاخذت تتحسس جراح جسدها بيدها ، وتاوهت بشدة من جراحات اعمق تنزف بغزارة من قلبها ، يجرحها اكثر ان اقرب مخلوق على وجه الارض الى قلبها هو من تسبب بها ، وضعت يديها على اذنها تسدها وهى تتخيله لازال يقف امامها يتهمها فى شرفها ويقسو عليها بلا حدود ، لقد قرران يحيل هذا القصر الى معتقل يمارس فيه انتقامه منها كما يحلو له ، ولم يعد لديها اى ارادة فى تبرئة نفسها بعد اليوم فقد فقدت الامل فى كل شىء .
**********************************************************************
فتحت ياسمين الباب على عمر فوجدته جالسا فى غرفة المكتب يطالع احد المراجع واصبحت تلك عادته منذ شهر تقريبا ، يقضى اغلب وقته بعد العمل فى مطالعة الكتب وقل حديثه مع ياسمين تماما التى قررت ان تتحدث اليه تلك اللليلة ولو رغما عنه ، رفع نظره اليها ليواجهها وماهى الا لحظات حتى عاد ينظر فى كتابه ثانية وهو يقول ” فى حاجة يا ياسمين ” نظرت الى الكتاب الذى يقرا فيه وقالت ” كنت فاكراك بتذاكر عشان الماستر ..بس واضح ان عندك وقت اهو وبتقرا روايات كمان ”
اغلق عمر الكتاب والقاه على المكتب وهو يقول ” انتى عايزة ايه يا ياسمين ”
استندت الى المكتب بكفيها وقالت ” زهقت ..صح ..لازم تكون زهقت ..ده الللى قولتهولك من الاول ”
نهض عمر وقال فى تافف ” انتى عايزة تتخانقى وخلاص ” واشاح بوجهه للحظات قبل ان يواجهها من جديد قائلا ” ياسمين انتى مش عاوزة تساعدى نفسك …انا قولتلك قبل كدة تقبلى للموضوع مش معناه ان الوضع ده صح او انك مش محتاجة تتعالجى ”
لوحت ياسمين بكفيها قائلة ” هتقولى اروح تانى لدكتور مجانين ؟؟“
تنهد عمر فى غيظ قائلا ” عيب لما دكتورة زيك تقول على دكتور نفسانى دكتور مجانين ..سيبتى ايه للجهلة ”
هتفت ياسمين فى حنق ” انت شايفنى مريضة ؟؟“
زفر فى ضيق ولم يرد فواصلت ياسمين ” خلاص ريح نفسك من ده كله ”
هز رأسه وهو يزيحها فى رفق من امامه قائلا ” ده مش اسلوب مناقشة ” وهم ان يغادر الغرفة قبل ان اوقفته ياسمين بعبارتها ” طلقنى ياعمر ”
التفت لها فى ذهول فواصلت ” لما تطلقنى دلوقتى احسن ما تطلقنى بعد يوم او شهر اوسنة ..مش هتستحملنى العمر كله ”
صمت عمر لحظات تاملها فيها قبل ان يمسك بكتفيها ويهزها فى قوة قائلا ” الهروب هوا اسلوبك المفضل..عمرك ما فكرتى تواجهى مشاكلك …بتهربى حتى من نفسك جوة نفسك …فكرى مرة واحدة بس تواجهى …مرة واحدة بس عشانك انتى مش عشان اى حد ” ترك كتفيها وتراجع حتى وصل الى الباب والتفت اليها من جديد ليضيف ” واه على فكرة انا مش هطلقك ابدا ومش هسيبك وهفضل واقف جنبك حتى لو غصب عنك ”
واغلق الباب خلفه وابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيها وهى تتحسس موضع يده على كتفيها ، حاولت دفعه دفعا وهو كالعادة متمسك بها الى مالا نهاية ورغم مرور شهور على زواجهما الذى لم يتغير فيه اى شىء فى وضعهما لم تستطع ان تتزحزح عن مكانها فى قلبه .
تنهدت فى عمق وهى تفكر ان تاخذ تلك الخطوة فلن تخسر شيئا ابدا ، رفعت هاتفها واتصلت برقم سجله عمر لها وهى تقول ” مساء الخير عيادة دكتورة هويدا ..لو سمحت كنت عاوز احجز عندكو يا ريت تقولى المواعيد ”
**************************************************************************
طرقت احسان احدى خدم القصر باب غرفة ندى التى سمحت لها بالدخول وقد جلست عى طرف الفراش معطيه اياها ظهرها فقالت احسان ” ندى هانم …ادهم بيه بيقول لحضرتك انه مستنيكى تحت لو كنتى جاهزة ”
بدت ندى شاردة تماما وهى تضع كفها فى حجرها فاقتربت احسان خطوتين وقالت ” ندى هانم ..حضرتك سامعانى ؟؟“
هزت ندى راسها قبل ان تنهض قائلة ” انا جاهزة ” وتبعت احسان الى حيث انتظرها ادهم امام سيارته ، راقبها وهى تقترب وقد بدت جميلة بالفعل بعد ان اخذت زينتها وارتدت ثوبا من اللون الاسود اعطته هى رونقا خاصا ، اتجه ادهم الى كرسى القيادة واخذت هى المقعد المجاور له ، زفرت فى ضيق وهو ينطلق بالسيارة وقالت دون ان تنظر اليه ” مكنش له لزمة انى اروح معاك …ايمن هيتضايق من وجودى ”
امتقع وجهه فى سخرية قائلا ” مجرد شكليات هيستحملها غصب عنه ”
لم تتفوه بكلمة ولم تجادله استندت برأسها الى النافذة تسترجع كل ماحدث بينهما فى تلك الشهور السبع الماضية ، لقد رأت ادهم آخر غير الذى عرفته واحبته ، لقد سجنها وآلمها بكل طريقة ولم يترك شيئا ليضايقها الا وفعله ، ولقد تحملت وتحملت حتى اصبحت تنتظر معه كل لحظة الطريقة الجديدة التى سوف يعاقبها بها ، كانت تتسائل لماذا لايطلقها رغم ضغوط ايمن عليه ، كانت تعزى نفسها ربما تبقى اطلالا من مشاعره جعلته يحاول ان يحتفظ بها ، ” مش هنفضل واقفين هنا طول الليل ” قطع افكارها بجملته تلك ، فتعجبت الى انها لم تنتبه انهما قد وصلا اخيرا وهو يقف امام سيارته دون حتى ان يعرض بفتح الباب لها ، سارت الى جواره حتى وصلا الى القاعة التى من المفترض ان يقام بها حفل الزفاف ، وجد ادهم اخاه وقد وقف مع بعض رجال الاعمال اتجه اليه ووكزه فى كتفه قائلا ” مبروك ياعريس ”
استدار له ايمن واحتضنه فى حرارة قائلا ” الله يبارك فيك يا ادهم ” وتلاشت ابتسامته تدريجيا حين وجد ندى الى جواره تمد يدها اليه لتصافحه قائلة ” مبروك يا ايمن ”
صافحها ايمن فى برود قائلا بابتسامة مصطنعة ” متشكر ”
تجاهلت ندى ذلك فهى تعرف موقف ايمن منها ، كان ايمن لايصدق فلسفة اخيه الغريبة فى الابقاء على ندى بعد كل مافعلته ، كان يثق ان اخاه لازال يحبها ويخدع نفسه بالابقاء عليها لاسباب اخرى ، وحبه لها كان نقطة بالغة الضعف يراها فى شخصيته ، لقد كلفته ندى انتقاما عنيفا من احمد جعله يخسر كل شىء ، ويشهر افلاسه ، وبعدها بأيام سمع عن اصابته فى حادث افقده السير تماما .
جلست ندى على طاولة جمعتها بامها ورنا وهبة ابنتى خالها اما ادهم فقد انشغل مع اخيه باستقبال المدعويين وحين مر من امام طاولتهم نادته رنا فى لهفة اثارت حتق ندى وهى تتابعها تذهب اليه ، لاحظ ادهم هذا فتمادى كعادته فى التمادى فى اى شىء يضايقها ، بل ان رنا حين طلبت منه ان يشاركها رقصة فى الزفاف لم يعترض تماما ، وهذا لم يثير حنق ندى وحدها بل امها ايضا ، التى طالعتها فى دهشة وتعجبت من صمتها وهدوئها غير المعتاد ، اما رنا فقالت لادهم بهمس بعد ان القت نظرة على ندى ” مراتك عمالة تبصلنا والغيرة هتفط من عينيها ”
تجاهل ادهم جملتها وان تلذذ بنظرة الغيرة فى عينى ندى
قالت رنا وهى تضيق عينيها ” انت فيه حاجة بينك وبين ندى صح ؟؟“
قطب ادهم حاجبيه وهو يقول ” ليه بتقولى كدة ؟؟“
تنهدت رنا قائلة ” نظراتك ..معاملتك ..كل حاجة متغيرة ”
ابتسم ادهم قائلا ” انتى مركزة معانا اوى للدرجادى ؟؟“
هزت رأسها قائلة ” كنت دايما ببصلك وانت بتبصلها او بتكلمها واتمنى انى اكون انا مكانها ..بس دلوقتى حاسة ان فيه حاجة متغيرة …مش حاسة نظراتك بتاعة زمان ”
وواصلت وهى تهمس فى اذنه ” وانت كمان بتحاول تغيظها وترقص معايا ”
رفع ادهم حاجبيه وخفضهما دون ان يرد فواصلت رنا ” وانا موافقة انك تستغلنى عشان تضايقها حتى لو عاوز تتجوزنى عليها انا موافقة ”
حدق ادهم بها فى دهشة قائلا ” لللدرجادى بتكرهيها يارنا ”
ابتسمت وقالت فى الم ” للدرجادى بحبك وبتمنى اى فرصة تخلينى قريبة منك حتى لو كان استغلال منك مش اكتر ”
تنهد ادهم وهو ينزل ذراعيها من على كتفه قائلا ” انا مش حقير كدة …وعمرى ما هستغل مشاعرك بالشكل ده ..وانا اسف لانى فعلا استغليتك فى الرقصة دى ..“ واضاف وهو يبتعد ” حاولى تنسينى يارنا …صدقينى انتى مبهورة بحاجات ظاهرية لكن ما بتحبنيش زى ما انتى متخيلة ومع الوقت هتعرفى ده ”
تركها وعيناه تتعلق بفتاة قادمة كانت سلمى ، ترتدى ثوبا رقيقا مثلها وشعرها الذهبى يتالق فى نعومة حتى منتصف ظهرها ، وامام طاولة ندى التقى بها ، وتعلقت عينى ندى بزوجها تطالع انفعالاته ، واستنكرت تلك السعادة الواضحة فى عينيه ، فمن تكون تلك الدخيلة ؟؟، اقترب ليصافحها فى مرح قائلا ” سلمى ..كنت هزعل لو مجتيش ”
صافحته وهى تقول فى هدوء ” ازيك يا ادهم ..مبروك لاخوك ” حين تلقت سلمى دعوة ادهم للحفل ، كان الامر منتهيا بالنسبة لها ، فقد قررت الا تذهب والا تعلق نفسها بها اكثر ، الا ان شوقها اليه غافلها وخدعها وجعلها تكذب على روحها بحجج واهية لتقول ان بامكانها اعتبار ادهم مجرد صديق او اخ ، ولكن حين راته تاكدت انها كاذبة بارعة ، للحظات طويلة ظلت ندى تتامل وجه سلمى الجميل وتراقب نظرات ادهم لها وحديثهما الذى لا يصل لها منه شيء مع الموسيقى الصاخبة ، وكاى انثى استطاعت ندى بكل سهولة قراءة حب بل عشق سلمى لادهم فى عيينها ، ونظرات ادهم اليها لم ترحها اطلاقا ، فهى لاتشبه نظراته الى رنا التى كان يراقصها من قليل ، بل نظرات كانت تخشى ان تجد بها تفسير للقسوة المفرطة التى اصبح ادهم يتعامل بها معها ، فجاة استدار ادهم وسلمى بنظراتهما اليها فتوقعت ان ادهم يخبرها انها زوجته ، ولم يخف على ندى نظرات سلمى المتفحصة لها قبل ان تقترب منها والى جوارها ادهم وهو يقول ” دكتورة سلمى ” واشار الى ندى قائلا ” ندى ” ضايق ندى انه لم يعرفها على انها زوجته ، وارادت ان تضيفها هى ولكنها تراجعت فى اللحظة الاخيرة ، ومدت اطراف اناملها تصافح غريمتها الجديدة ، غريمة لا تقل جمالا عنها ابدا ، غريمة يحمل لها ادهم فى نظراته شيئا لم يحمله لاى انثى من قبل ، اما سلمى فتفحصت ندى بدورها وانبهرت بجمالها الاخاذ وتمنت لو طالت الدقائق او اصبحتا صديقتين لتقترب منها اكثر فقط لتعرف اى فتاة هى تلك التى اختارها ادهم ليعطيها مشاعره وحياته فهى على يقين ان جمالها الاخاذ هذا ليس كافيا ابدا لسلب لب رجل مثل ادهم ، النظرات طالت بينهما كثيرا ، ورغم الابتسامة التى ارتسمت على شفتى كل منهما الا ان هناك نارا من الشك كانت تلفح قلب ندى ونارا من الحيرة تلفح قلب سلمى ، حيرتها من نفسها قبل كل شىء ، حين كان يخبرها احد ان الحب احيانا يسلب الارادة كانت تضحك وتناظر طويلا وما ان جاء الدور عليها فشلت فى تطبيق ابسط قواعدها .
حفل الزفاف كان رائعا جدا ومنظما للغاية وحضره العديد من الشخصيات الهامة ، ندى لم تغادر مقعدها طيلة الحفل ، جلست الى جوار امها التى اصابها الذهول من التغير المفاجىء الواضح على ابنتها وكأن طفلتها قد شاخت فجاة ، حاولت ان تتحدث معها ولكنها هربت والموسيقى الصاخبة ساعدتها فى ادعاءها انها لاتسمعها بوضوح ، ومع ضحكات وابتسامات مزيفة اعتادت عليها طيلة الفترة الماضية وصارت جزءا من حياتها مرت الليلة بسلام .
عاد ادهم وندى الى القصر ، كان ما راته اكبر من ان تتحمله ، انها تحتمل عذابه وسجنه او حتى ان يقتلها بيده وحين رقص مع رنا لا غاظتها كل شىء الا تلك النظرة التى كان ينظرها لسلمى والتى عنت لها الكثير ، لم تبالى بشىء وذهبت الى غرفته دون حتى ان تبدل ملابسها ودخلت اليه دون حتى ان تطرق الباب ، نظر لها من اعلى لاسف للحظات ثم قال فى تافف ” عايزة ايه ”
اعتادت طريقته تلك فلم تعد تؤذيها واقتربت منه قائلة فى الم ” لحد امتى ؟؟“
رمقها بدهشة قائلا ” هوايه اللى لحد امتى ؟؟…“
اقتربت منه وعضت على شفتيها لتمنع دموعها من الانحدار قائلة ” اللى احنا فيه …ليه سايبنى على ذمتك لحد دلوقتى ومطلقطنيش ”
مال اليها قائلا فى صرامة ” عاوزانى اطلقك ”
ازدردت ريقها قائلة ” انت عملت كل اللى انت عاوزه ..عاقبتنى بكل الطرق ..حبستنى وضربتنى كسرت كبريائى وكرامتى ..عاملتنى على انى جارية تجيلها وقت ماتكون عاوز….“ واشاحت بوجهها فى الم دون ان تكمل عبارتها وعادت تنظر الى عينيه مواصلة ” وانا استحملت كل ده واوعى تكون فاكر انى كملت معاك غصب عنى ..كان فيه مليون طريقة اهرب بيها منك …كان ممكن اقول لعمر واخلف وعدى معاك وكان هيصدقنى ولو مصدقنيش مكنش هيرضى ابدا بوضعى ده معاك ..كل ده استحملته عشان بحبك وكان عندى امل صغير انك تكون لسة شايلى مشاعر جواك ..انت ليه مطلقطنيش واوعى تقول ان انتقامك منتهاش ان انتقمت بكل طريقة ”
اقتربت منه وامسكت بذراعه قائلة فى توسل ” انت ليه ما طلقطنيش يا ادهم ؟؟“
نظر الى عينيها وراى الحب ساطعا فى عينيها كالشمس ، ولكن …تلك الكلمة التى تمحو دائما ما قبلها ، كرامته الجريحة التى تقف حائلا دائما ببنهما كلما حاول ان يغفر او ينسى ، اشاح بوجهه وتراجع خطوات وهو يقول ” عارفة مطلقطكيش ليه ” التفتت اليه بكل جوارحها ولكن رده كان قاسيا واقسى بكثير مما تخيلت ، كل يوم يفاجئها بطريقة جديدة ومميزة فى العقاب ، اما آن لعذابها معه ان ينتهى ؟؟




