رواية خيوط القدر الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf

رواية خيوط القدر الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم سارة المصري
الفصل الخامس والعشرون
اسبوع قد مر وندى على حالها مع ادهم ، لم تره ولم تسمع صوته ولم تعرف ما الذى ينوى فعله اكثر من ذلك ، فغيابه عنها بهذه الطريقة كان عقابا كافيا بالنسبة اليها ، فبعد ان كانت تراه بشكل يومى وتسمع صوته مرات ومرات عبر الهاتف ، حرمت من كل ذلك دفعة واحدة ، وحين تحاول الاتصال به لايجبها ، اما ياسمين وعمر فحاولا البقاء الى جوارها او اخذها الى شقة ياسمين على الاقل ولكنها رفضت ورفض عمر بدوره تركها وحدها فاضطرت ندى ان تستعين بياسمين للضغط عليه فما كانت ياسمين لتوافقها ابدا وهى تعرف حالتها ولكن توسلات ندى المستمرة اجبرتها حتى لا يلحظ عمر شيئا فلم تعد قادرة على تمثيل دور العروس التى تنهمك فى اعداد حفل زفافها ، استجاب عمر لها فى النهاية على امل انها لم يتبقى لها سوى ايام وتنتقل الى بيت الزوجية على كل حال وهناك امراة تقيم مع ندى فى الشقة ارسلها ادهم لخدمتها ، وقد تحدث مع ادهم بالفعل وطلب منه ان يحدد موعدا للزفاف ليضع حدا لوضع ندى هذا .
اما ندى فبمجرد ان تركها عمر وياسمين حتى فقدت السيطرة على نفسها تماما ، كانت تريد ان تراه وبأى طريقة ، كادت ان تحترق شوقا وهى تحاول السيطرة على نفسها طيلة اسبوعين كاملين ، كانت كالمذنب الذى ينتظر تنفيذ حكم الاعدام فيه ، اتخذت قرارها وهى تعلم كيف سيكون عاقبته ولكنها لم تهتم ، ذهبت اليه فى عمله بعد ان علمت من عمر انه عاد اليه منذ يومين ، وعلى باب مكتبه حاولت الدخول دون استئذان فمنعها الشرطى من ذلك فدفعته بقوة لا تعرف من اين اتتها ودفعت الباب لتدخل وتجد ادهم جالسا على مكتبه يطالع بعض الاوراق ، ازدرد الشرطى ريقه وقال فى توتر ” اسف ياباشا والله هى الل…“
رمقه ادهم بنظرة صارمة وقال ” برة ”
ادى الشرطى التحية العسكرية وانصرف وهو يغلق الباب خلفه ، طالع ادهم ندى للحظات ثم قال فى غضب ” انتى اتجننتى …انا قولتلك ايه ؟“
قالت ودمعة تسيل على وجنتها من جفافه الذى لم تعتد عليه ابدا ” جاية اعرف ناوى على ايه بالظبط …ناوى تنفذ فيا حكم الاعدام امتى ؟؟“
نهض وهو يقول فى غضب ” انتى مش من حقك تعرفى اى حاجة ولا حتى تسألى ”
رفعت ذراعيها قائلة ” بس من حق المجرم انه يدافع عن نفسه يا حضرة الظابط ”
لاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يقول ” تدافعى عن نفسك ؟؟…ليكى عين تتكلمى اصلا ”
ودفعها حتى الصقها فى الحائط ووضع رقبتها بين سبابته ابهامه ونظر الى عينيها واقترب من وجهها بشدة حتى شعرت بانفاسه وهو يقول بالم ودمعة حبيسة تلمع فى عينه ” ليه يا ندى ؟؟؟….ليه الحب ده كله تقابليه بالخيانة ..ليه ؟؟“
قالت وهى تلامس اصابعه على رقبتها ” انا مخنتكش والله العظيم ابدا ”
ترك رقبتها وتراجع قائلا ” واتفاقك مع الحيوان ده عليا بتسميه ايه …بتحبيه كنتى قوليلى وانا كنت نهيت كل حاجة وسيتك تروحيله ..لكن معقول تحبيه لدرجة انك تتفقى معاه ازاى تدمرو حياتى”
أخذت ندى تلوح بكفيها ودموعها تنساب قائلة ” محصلش يا ادهم ..ده واحد حقير وكدب عليك …”
اعطاها ظهره حتى لا تلحظ المرارة فى عينيه وهو يقول ” ومين قالك انه اتكلم معايا اصلا ..للاسف وصلت لكل حاجة بنفسى ”
اقتربت منه ووقفت امامه قائلة فى توسل وهى تضع يدها على صدرها ” عشان خاطرى يا ادهم ادينى فرصة ادافع عن نفسى ”
مال اليها قائلا فى غضب ” انتى مبقالكيش خاطر عندى فاهمة ولا لا ..ملكيش خاطر ولا اى اهمية ”
أغمضت عينيها فى الم وقالت ” بلاش عشان خاطرى ..اعتبرنى مجرم عندك واديله فرصته فى الكلام ”
نظر لها ادهم نظرة طويلة وتمنى لو لديها دليل لبرائتها ، مجرد دليل واحد ، تمنى لو كان كل ذلك كابوس ، تمنى لو حدثت معجرة ومحت كل ما حدث ، فقال وهو يعود ليجلس على كرسيه ” ماشى هسمعك بس من غير دموع التماسيح دى ”
تجاوزت ندى المها من عبارته ، وتذكرت ماذا كان يفعل من قبل لمجرد نظرة حزن فى عينيها ولكنها واصلت وقصت له كل شىء منذ ان عرفت احمد وحتى هذه اللحظة التى يتحدثان فيها ، كانت تعرف انها اخطات فى التوقيت ، وتحدثت بعد ان ضاعت كل ثقته فيها ولم تعد لديها اى فرصة ليصدقها ، كان وجهه جامدا لا يحمل اى انفعال وبعد ان انتهت صمت لحظات وقال ” خلاص خلصتى كل اللى عندك ”
نهض من على كرسيه ومال اليها قائلا ” ده بقا اللى خيالك الواسع قدر يوصلو طول الاسبوعين الللى فاتو ” انتفضت قائلة ” والله العظيم ..“
اوقفها باشارة من كفه وقال ” وانتى لما تحلفى هصدقك …ولو افترضنا ان كل اللى انتى قولتيه حقيقى رغم انى متاكد انه كله كلام فاضى ..فاهمة ان ده ممكن يديكى العذر فى اللى حصل واللى انتى حطتينى فيه ”
اخفضت ندى رأسها وهى تعلم انه على حق فصرخ فيها ” ما تردى ”
امسك ذراعها وضغط عليه مواصلا فى ثورة ” انا وانتى كنا مرتبطين لما ظهر فى حياتك من جديد ومع ذلك كملتى معاه ..كان ممكن تقوليلى وقتها وكنا هننهى كل حاجة بينا باحترام بس لعبتكو الحقيرة عجتكو …حتى الصور اللى اتبعتت لخالك اتاكدت انها حقيقية …يعنى كنتى بتخرجى وتتفسحى معاه واحنا مخطوبين ..”
هنا نطقت ندى وقالت ” ادهم وقتها انا كنت مقررة انهى كل حاجة بينا فعلا بس والدتك توفت وأجلت الموضوع …وكنت خدت قرارى انى هبعد عنكو انتو الاتنين بس مقدرتش …عشان حبيتك يا ادهم وقررت انى ابدا حياتى معاك بعيد عنه وعن اى حاجة ”
قال ادهم وهو يدفعها فى عنف ” ولما شوفتيه بعد كدة مقولتليش على كل حاجة ليه ”
ردت ندى وهى تتحسس ذراعها من الالم ” خفت اخسرك ودى كانت غلطتى ”
استند بيده الى المكتب وهو يقول فى مرارة ضاحكا ” والابشع خلتينى اوصلك بنفسى لبيته ”
اسرعت ندى لتقف امامه قائلة ” مرام مراته تبقى صاحبتى زى ما قولتلك ”
عاد ليضحك من جديد فى الم مواصلا ” صدفة مبتحصلش غير فى الافلام العربى البايخة ومحدش بيصدقها كمان ”
ادركت ندى ان فرصتها قد ضاعت تماما فى ان يصدقها ادهم فى حرف واحد وان الشعرة التى تحدثت عنها مع ياسمين لا وجود لها من الاساس فقالت وهى تشبك اصابعها فى توتر ” ادهم انا معترفة انى غلطانة …بس ده كان غباء وقلة عقل منى ..بس انا والله ما خنتك ..والله ما حبيت حد غيرك ”
التفت لها ادهم وقال فى مرارة ” حبتينى !!…وانا بعد الحب اللى حبتهولك كان ايه المقابل ..كنتى انتى السكينة اللى اتغرزت فى قلبى بمنتهى الغدر …فكرتى فى احساسى وانا بشوفك بتركبى العربية جنبه ..فكرتى فى احساسى وانا شايفه فى الصور ماسك ايدك وبيقرب منك ..فكرتى فى احساسى وانا بجيبك من قلب بيته وانتى واقفة فى اوضة نومه تسرحى شعرك ..انا لما ايدى بس كانت بتلمس ايدك بالغلط كنت بحس ان الدنيا كلها ملكى كنت متحفظ فى كل تصرفاتى معاكى وحتى النظرة ليكى كانت بحدود ..كنت عايش احلم باللحظة اللى ربنا يجمعنا فيها وانتى فى لحظة ادتينى امل ورجعتى هديتى كل حاجة فوق دماغى ..وهدفعك التمن غالى يا ندى ..والله لدفعك تمن كل لحظة وجع عشتها بسببك ”
قالت ندى من بين دموعها المنسابة ” هتطلقنى يا ادهم؟؟“
وضع يده فى جيبه وهو يستعيد ملامحه الصارمة قائلا ” ده اللى انتى عاوزاه واللى هوا عاوزه مش كدة ” واضاف وهو يقترب منها قائلا فى برود ” اوعى تكونى فاكرة انى باقى عليكى ..او انك حاجة ليها قيمة اصلا بالنسبالى ..انا مرضتش اعرف حد باللى حصل مش عشانك …اوعى تكونى بتفكرى كدة ..انا بس محبتش اظهر بصورة المغفل اللى واحدة زيك ضحكت عليه ..وعشان كدة هنكمل التمثيليه للاخر ”
واشار بسبابته مواصلا فى لهجة جمعت بين الازدراء والصرامة ” اسمعى..احنا فرحنا الاسبوع الجاى …هتخرجى من هنا تطلعى كل طاقتك التمثيلية وتعملى نفسك فرحانة وتمثلى دور العروسة اللى فرحها بعد اسبوع وحذار ان فى حد يلاحظ ان فيه حاجة مش مظبوطة ” ، كانت تريد ان تصرخ فيه فى هذه اللحظة ، ولكن تبعثرت مشاعرها فى هذه اللحظة بين الحزن لانه لم يصدقها ، والسعادة لانه لم يبعدها ، والراحة لانها تدرك انها بالفعل تستحق عقابه وستتركه يفعل ما يحلو له عله يستطيع ان يغفر لها ، كم تمنت لو سامحها ، كم تمنت هذا حتى لو خنقها بين يديه واخبرها فى اللحظة الاخيرة انه يحبها وسامحها ، لقد ادركت انها تحبه بقدر لم تكن تعرف انها تمتلكه ، حبا قادرا على تجاوز القسوة والالم والعذاب ، وفجاة خطر على بالها امر قد يكون دليلا على برائتها فرفعت رأسها الى ادهم قائلة ” انا عندى دليل لبرائتى وهجيبه هنا لحد عندك ..مرام مراته هجيبها واخليها تحكيلك على كل حاجة ”
*************************************************************
ازدردت ندى قطرات من قهوتها السادة التى طبتها من النادل ، لتلهى نفسها بمرارتها عن مرارة ايامها ووضعها وعن اللحظات التى ظنت انها طالت وهى فى انتظار مرام املها الاخير فى تخفيف عقوبة ادهم لها ، ولكن كيف ستخبر مرام بالامر ؟؟، كيف ستخبرها بانها كانت السبب فى كل هذه التعاسة التى عاشتها ، كيف ستسطيع ان تصرح لها بحقيقة زوجها وما فعله ، قطع افكارها صوت مرام وهى تجلس امامها قائلة ” اخيرا يا ندى ..قررتى تردى عليا وتقابلينى ”
رمقتها ندى بابتسامة حزينة وقالت ” انا آسفة يا مرام …الفترة اللى فاتت كانت صعبة اوى ”
قالت مرام وهى تسند ذقنها الى كفيها المتشابكين ” يااااه ..وايه اللى فكرك بيا كدة ؟؟“
لاحظت ندى نبرة مرام العاتبة فظنت انها قد تضايقت من اهمالها لها الفترة الماضية ، فماذ لو علمت اذن بكل شىء ، قالت ندى محاولة ان تنفذ الى الامر مباشرة ” مرام قبل اى حاجة لازم تعرفى ان حياتى ومستقبلى واقفين على كلمة واحدة منك ”
رفعت مرام حاجبها قائلة ” منى انا ؟؟“
اخفضت ندى عينها وقالت وهى تلوح بكفيها فى حيرة ” مش عارفة ابدا منين ولا ازاى ”
ابتسمت مرام ومالت اليها قائلة ” من الاول يا ندى ..من اول ما عرفتى جوزى من تلات سنين ”
رفعت ندى عينيها اليها وهى تحملق بها فى ذهول ولم تستطع النطق ،
عادت مرام بظهرها الى الكرسى وقالت وهى تعقد ساعديها ” مستغربة ليه ؟؟…انتى فضلتى عايشة بينى وبينه تلات سنين كاملين ..انتى اللى كان بينادى عليكى وهوا نايم ..انتى اللى كان بيغلط فى اسمى بيها مليون مرة …انتى اللى صورتها لسة فى محفظته لحد دلوقتى ..انتى اللى اول ما جينا هنا كنتى اول حاجة فكر يدور عليها ” واضافت فى سخرية ” وانا عملت زيه باظبط ”
حاولت ندى تخطى دهشتها فقالت وهى تلهث ” انتى دورتى عليا انتى كمان ؟؟؟“
تنهدت مرام وقالت ” كنت عايزة اعرف اللى شغلت باله طول الوقت ده عاملة ازاى ؟؟…ايه اللى فيها زيادة عنى ..راقبته لحد ما راحلك الشغل وروحت الجيم اللى انتى بتروحيه ..الصدفة فعلا هى مجرد انك لحقتينى من المشاية لما وقعت ”
قطبت مرام حاجبيها وقالت فى حقد ” قربت منك وحكتلك على كل مشاكلى ..حاولت احسسك بالذنب بكل طريقة عشان تبعدى عن حياتنا ومبعدتيش ”
طرقت ندى الطاولة بقبضتها وقالت ” مكنتش اعرف انه جوزك ..مكنتش اعرف انه متجوز اصلا ”
زمرت مرام شفتيها وهى وهى تعبث بسلسالها الفضى قائلة ” ومكنتيش تعرفى برضه انك مخطوبة ”
اقتربت ندى من الطاولة واستندت بكوعها عليها قائلة ” اللى بينى وبينه كان شغل وبس …عمرى ما سمحتلو يتمادى معايا ”
ضحكت مرام وقالت فى استفزاز ” كان ممكن تسيبى الشغل لحد من زمالك …كان ممكن تعتذرى عنه خالص لو لزم الامر …لكن انتى استغليتى الفرصة عشان تكون موجودة جنبه بعيد عن اى شبهة ” واضافت وهى تشير بسبابتها ” والصور اللى اتبعتت لخالك اكبر دليل انك اتماديتى معاه ”
تراجعت ندى فى صدمة وقالت صور …انتى اللى ..“
لم تواصل فمرام واصلت الحديث عنها قائلة ” حبيت اديكى تحذير اخير فبعت الصور لخالك مش لخطيبك قولت يمكن لو عرفت انه متجوز تبعد عنه وتشوف حياتها قلت اعرفك بنفسى عشان ميكونش ليكى اى عذر عندى بعدها ”
واضافت بايتسامة ساخرة ” بس مفيش فايدة …اللى فيكى فيكى ..قابلتيه برضه وسلمتيه الفيلا بنفسك ”
نظرت ندى الى مرام وكانها تراها للمرة الاولى ، ليست هذه مرام الرقيقة الطيبة ، عقلها مسمم وغير قابل للانصات تماما فهتفت فى ياس ” انتى مش فاهمة حاجة ..مش فاهمة حاجة ..مش فاهمة جوزك كان بيعمل ايه عشان يجبرنى اشوفه ”
رفعت مرام حاجبيها فى سخرية وقالت ” يجبرك !!!“ وتنهدت وهى تضيف ” انا فاهمة كل حاجة وعارفة انتى عايزانى ليه وللاسف ياندى مش هقدر اساعدك“
قالت ندى فى لهجة جمعت بين الالم والتوسل ” ليييه ؟؟…..انا كل اللى هطلبه منك انك تقوليله انك كنتى صاحبتى ..ولما جيت البيت جتلك انتى و…“
قاطعتها مرام وهى ترفع كفها قائلة ” مش هقول حاجة ولو سألنى هقول عمرى ما شوفتك ”
واضافت فى حقد ” دوقى شوية عذاب من اللى انا شوفته بسببك ..مكرهتش حد فى حياتى قد ما كرهتك ”
ضغطت ندى على اسنانها حتى لا تبكى وهى تقول ” وليه بتحملينى المسئولية وجوزك ايه؟؟….ملاك ..جوزك خطفنى واقنع ادهم انى متفقة معاه عشان انتقم منه ”
قالت مرام فى برود وهى تمرر يدها فى شعرها ” جوزى مش ملاك ..جوزى ممكن يكون ابليس نفسه …بس بحبه بعشقه …وعلى قد ما حبيته على قد ما كرهتك ..هوا انتقملى منك بايده ودوقك كل اللى دوقته بسببك ..هوا ده العدل ”
سالت دموع ندى وقالت فى ضعف ” انا مش قادرة اصدق ..انتى مريضة زيه ..بتحاسبينى انا وتنتقمى منى لانه مقدرش يحبك ”
واضافت وهى تلتقط حقيبتها لتنهض ” بس تعرفى انتو فعلا تستاهلو بعض ”
وانهار امل ندى الاخير فى انقااذ علاقتها بادهم ، مرام هى الاخرى كانت جزء من المؤامرة ، جزء اضاف لاحمد الكثير والكثير ، لم يعد لديها مخرج ، عليها ان تستلم لمصيرها الذى سيحدده لها ادهم ، انسحبت فى انهيار من امام مرام ، ولم تعبأ بعيون الناس التى تطالعها فى دهشة وشفقة ، صورة واحدة كانت فى بالها ، صورة ادهم وهو يكيل لها الاتهامات وهى عاجزة عن الرد وعاجزة عن شرح كل ماجال فى خاطرها من مشاعر وقتها ، لا احد سيفهم حالة التخبط التى كانت تعيشها ، ربما كان سيفهمها لو اخبرته فى الوقت المناسب ولكن ما فائدة الندم ، لقد فقدت كل شىء .
****************************************************
” مفيش فايدة يا ياسمين مفيش فايدة ”
قالتها ندى وهى تلقى نفسها بين ذراعيها فى انهيار ، اغلقت ياسمين باب الشقةو اخذتها الى الداخل وهى تقول ” مالك يا ندى ..اهدى حبيبتى …هقوم اجبلك كوباية مية ”
كانت حالة ندى صعبة للغاية ،عينيها متورمتين من البكاء وصوتها منهار تماما وانفاسها تتصاعد وتتصاعد وهى تضع يدها على صدرها كان قلبها سيتوقف ، تمزق قلب ياسمين عليها حين راتها على هذا الوضع وفجاة تذكرت ندى كلمة ادهم ” وخصوصا عمر اخوكى ” فامسكنت بذراع ياسمين قبل ان تنهض وقالت فى خوف ” هوا عمر هنا ؟؟“
طالعتها ياسمين وتعجبت من هذا الذعر ةقالت فى اشفاق وهى تربت على كتفها ” لا ياندى ..عمر تحت بيشترى شوية حاجات ”
تنفست ندى الصعداء واخذت تمسح دموعها وهى تقول ” يبقى لازم امشى قبل ما يرجع ..مينفعش يشوفنى كدة ”
أمسكت ياسمين بكتفها قائلة ” ندى انتى المفروض فرحك انتى وادهم بعد بكرة ..يعنى المفروض لو بينكو اى مشكلة تكون اتحلت ”
قالت ندى وهى تهزرأسها فى ياس ” محدش فيكو فاهم حاجة …وانا مقدرش احكى ..انا حسيت انى مخنوقة اوى وعايزة اعيط والدنيا كلها ضاقت عليا ..مبقاش من حقى اعيط فى حضن اخويا ولا حضن امى ”
شهقت ياسمن وهى تضم ندى قائلة ” للدرجادى ..لا يا ندى مش توصل لكدة ..محصلتش يحرمك من اهلك ايا كان اللى بينكو ”
افلتت ندى نفسها من بين ذراعى ياسمين وهى تقول فى دفاع عن ادهم ” الموضوع مش كدة ادهم عمره ما حرمنى ولا هيحرمنى منهم ..ادهم انبل انسان شوفته فى حياتى ..عمر ما حد حبنى وخاف عليا قده ..وانا عمرى ما حبيت حد قده ”
حاولت ياسمين ان تخفى دهشتها من عدم تناسق كلام ندى مع دموعها وحزنها فواصلت ندى فى مراره ” انا جرحته جرح عمره …جرح لو فضلت طول العمر اعتذرله عنه مش هكفيه …انا ضيعته ”
قالت ياسمين وهى تربت على كتفها لتهدأ ” لو مكنش سامحك هيتجوزك ليه ..اكيد سامحك وهيبدا معاكى من جديد ”
ايتسمت ندى فى الم وقالت ” عشان يعاقبنى بطريقة مش فاهماها ولا عارفاها ومعنديش غير انى استسلم لده يمكن بعد ما ينتقم يقدر يسامح ” تراجعت ياسمين وقالت فى اعتراض ” لا بقا …مش للدرجادى لو فى بينكو مشكلة وملهاش حل ولا قادرين تتفاهمو مع بعض ..يبقا تبعدو انما تسيبيه ينتقم ليه؟؟“
قالت ندى فى الم وهى تغمض عينيها ” عشان مش عاوزة ابعد عنه ..عاوزة افضل معاه حتى لو ده عقاب ليا بالنسبة ليه ..عايزاه ياخد حقه منى زى ما هوا عاوز ..يمكن يكون ده الامل الوحيد بعد كدة انه يرجعلى ”
مررت ياسمين يدها فى شعرها فى شرود وهى تقول ” مش قادرة اصدق ان ادهم يقدر يعاقبك او يزعل منك اصلا بسهولة ..كلنا عارفين اد ايه هوا بيحبك ” واضافت فى حذر وهى تنظر الى ندى ” الحاجة الوحيدة اللى اى راجل ميستحملهاش ولا بيسامح فيها وبيفكر بعدها ينتقم بكل طاقته هيا ..“ واغمضت عينيها بقوة وندمت على ما تفوهت به وعلمت ان ندى لن تسامحها على حماقتها تلك ولكن ندى قالت وهى تنهض امام ياسمين ” الخيانة ” فاتسعت حدقتى ياسمين وارتعدت شفتيها وهى تقول |“ خيانة ..معقول انتى خنتى ادهم ؟؟“
وضعت ندى كفيها امامها فى دفاع وهى تقول ” لا لا ..عمرى ما خنته ابدا ”
واضافت وهى تجلس فى تعب ” انا خبيت عليه وكدبت وكل كدبى جه فوق دماغى …مبقاش ليا فرصة عنده انه يصدقنى ” وضعفت ندى والقت بحمولها الى ياسمين وقصت لها كل شىء ، فارتمت ياسمين على المقعد جوارها وقالت وهى تضع يدها على رأس ندى فى رقة ” ندى ..انتى عارفة لو ادهم فعلا مصدق كدة ده يبقا ايه ؟؟….الراجل ممكن يقتل لو اتخان …وادهم قرر يقتلك يا ندى بس بالحيا ”
امسكت ندى كفى ياسمين قائلة ” يعنى انتى مصدقانى يا ياسمين ..مصدقة اللى قولتهولك ”
قالت ياسمين فى عطف ” اكيد مصدقاكى ..“ وواصلت فى حزن ” بس صعب ادهم يصدق لان هو اللى انجرح وهوا اللى اتصدم ..هوا اللى جوة الحكاية وعايشها مش براها وبيسمعها ..بس ممكن لو حد تانى كلمه ..يعنى لو عمر ج…“ قاطعتها ندى وقالت فى توسل وهى تقبض على كفيها اكثر ” لا يا ياسمين لا ..ارجوكى متخلنيش اندم انى حكيتلك ..الا عمر ..مش عاوزة ادهم يكرهنى اكتر من كدة ”
امسكت ياسمين بكتفيها قائلة ” مش هتتحملى انتقامه يا ندى ..مفيش انتقام اصعب من انتقام قلب اتجرح واتخان صدقينى ”
اعطتها ظهرها وهى تقول فى لوعة ” عارفة انى مش هستحمل …بس مبقاش عندى امل اثبت بيه برائتى ..فهسيبه ينتقم براحته جايز بعد ده كله يهدى ويقدر يسامحنى ” ، وقبل ان ترد ياسمين ، فتح عمر الباب والتفتت له ندى واقترب هو منها ممسكا بكتفيها قائلا فى مرح ” يا اهلا بالعروسة ” ، جاهدت ندى لتبتسم وهى تحاول ان تشيح بنظرها فى اتجاه آخر قائلة ” ازيك يا عمر ”
كان عمر يستشعر بحزن عميق فى عينيها ويتعجب من محاولتها المستمرة لاخفائه ، رفع وجهها بسبابته وقال بعد ان نظر الى عينيها التى انطفا بريقها قائلا ” انتى كنتى بتعيطى ؟؟“
شعرت ندى بالخطر وانها ان بقيت لحظة واحدة اكثر سترتمى بين ذراعى اخيها وتخبره بكل شىء فهى تمنع نفسها من هذا بصعوبة ، لم تحتج اليه فى عمرها كله بقدر ما احتاجته فى هذه اللحظات ، ولكنها استعادت كلمات ادهم من جديد فازدردت ريقها وبذلت جهدا خرافيا لتبدو طبيعية وهى تقول بضحكة مفتعلة ” اعيط ليه بقا …انا بس منمتش بقالى يومين ..ما انت لسة قايل اهو عروسة بقا ”
لم يرد عمر وظل ينظر الى عينيها فى تمعن غير مصدق لما تدعيه ، سحابة الحزن توشى بكل شىء تحاول ندى ادعاء عدم وجوده ، اما هى فلم تحتمل البقاء اكثر فحملت حقيبتها واخذت نفسا عميقا وهى تعطى عمر ظهرها قائلة فى مرح مفتعل ” انا همشى بقا …فرحى بعد بكرة ومش فاضيلكو ”
وقبل ان تذهب امسك عمر ذراعها فارتجفت وهو يقول ” انتى كويسة يا ندى ؟؟“
كانت على وشك الانفجار ، فليرحمها اذن ، ايكون هو الآخر سوطا للعذاب دون ان يدرى او اختبارا للتحمل ، ازدردت ريقها بصعوبة وافلتت ذراعها منه وهى تقول متجهة للباب كانها تفر منه ” طبعا كويسة ..هتجوز الراجل اللى بحبه وهبقا اسعد انسانة فى الدنيا ”
وفتحت الباب وخرجت ودموعها تسبقها ، وحين اغلقت الباب التفت عمر الى ياسمين قائلا وهو يهز رأسه وينظر الى الباب المغلق من جديد ” فيها حاجة مش طبيعية ”
دهشت ياسمين لذلك فندى بالنسبة اليها نجحت فى اخفاء توترها فقالت فى قلق ” حاجة زى ايه ؟؟“
قال عمر فى حيرة ” ندى مش سعيدة …ومش لاقى لده مبرر للاسف ..المفروض انها هتتجوز ادهم اللى بتحبه وبيحبها ورغم ده كله حاسس انها ” ، قال فى حزن وهو يغمض عينيه ” بتموت ”
***************************************************
جلس ادهم على مكتبه يطالع الصور التى تجمعه بندى على هاتفه ويمحوها واحدة تلو الاخرى ، كان يدقق النظر بكل صورة قبل ان يمحوها كانه يودعها ، كل صورة معها حملت ذكرى ، حملت نظرة حب ، شوق لهفة ، كل صورة كانت تذكره كم احبها وكم خدعته ، كل صورة كانت تذكره بكذب كل كلمة حب خرجت منها ، كانت كاذبة ، تلك الكلمات التى جعلته يحلق من السعادة كانت جزء من مؤامرة ، لماذا فعلت به هذا ؟؟، كيف يحبها وهى بهذه الحقارة ، لقد حاول ان يجد لها ولو مبررا واحدا ، حاول قلبه المهووس بحبها ان يلتمس لها عذرا رغم جرحه ولكن بدات مشاعر الحب بداخله تتلاشى وتتلاشى امام هذا الغضب العارم والرغبة فى الانتقام الذى حل به ، تمنى لو احبته حقا ليعذبها بمشاعرها كما عذبته هى بمشاعره ، تمنى لو احبته ليعذبها بالهجر والفراق فالم المشاعر يدركه جيدا ولا يضاهيه اى الم ، لذا فهو لم يفكرفى طلاقها ، لم يفكر ابدا ان يعطيها حريتها هكذا بسهولة قبل ان ينتقم منها بالطريقة التى تحلو له ، عاود النظر الى الصور من جديد وهو يصرخ فيها ” ليه ياندى ، ليه ؟؟، ، كم تمنى لو وجدت اى دليل يقنعه ، تمنى لو صدقت فى امر مرام زوجه احمد ، تمنى لو كان لديها اى دليل غير كلماتها الواهنة ، وبينما يقلب فى الصور ظهر رقم سلمى ففتح المكالمة على الفور“ ايوة يا سلمى ….ايه مال صوتك …طيب اهدى ..انا جايلك فورا متخفيش ”


