رواية ما وراء الصمت معتز وفرح كاملة جميع الفصول – روايات سعودية جريئة pdf

فرح، أرجوكي، دقيقة واحدة بس،
وبعدها لو عايزة تمشي… امشي.
كانت هتقول لأ،
بس في صوت جواها قالها اسمعيه.
وافقت، وقالت بصوت متعب:
– تمام، خمس دقايق بس.
الليل كان هادي، والهوى خفيف بيعدي من الشباك كأنه شاهد على كل اللي حصل في الأيام اللي فاتت.
فرح كانت قاعدة على الكرسي، قدامها كباية شاي بردت من كتر ما فكرت،
والقلب من جواها متلخبط، نصه لسه واجع، والنص التاني مشتاق.
ولما سمعت الخبط على الباب، قلبها وقع،
حست بيه من قبل ما تشوفه،
وياسين كان واقف، بنفس النظرة اللي فيها خوف وشوق في آن واحد.
قال بهدوء وهو داخل:
– ينفع أدخل؟ ولا لسه في حظر تجول عليّ هنا؟
ردّت ببرود خفيف وهي بتحاول تمسك نفسها:
– ادخل، بس خلينا نخلصها بسرعة.
قال بنغمة هادية:
– مش هدخل وانتِ لسة زعلانة؟
ردّت ببرود مصطنع:
–قولتلك ادخل… بس متطولش.
دخل وساب الباب مقفول وراه،
وقف قدامها وقال وهو بيحاول يضحك:
– هو أنا بقيت ضيف تقيل كده؟
قالت وهي بتحاول تمسك نفسها:
– على حسب… جاي تعمل إيه؟
ضحك، وقال وهو بيقفل الباب وواقف في نص الأوضة:
– هو أنا جاي أتحاكم ولا جاي أتكلم؟
قالت وهي بتبص بعيد عنه:
– على حسب بردو هتقول إيه.
– هقول اللي لازم يتقال من زمان.
فرح برخامة:
_عاوز تقول ايه يا ياسين؟
ياسين بحب:
_عاوز اقول انها وقفت عليكي ومكملتش ولا هتكمل غير بيكي.
وقعد على الكرسي اللي قدامها، ونظرها ثبتت على الأرض.
قال بنبرة كلها وجع مكبوت:
– أنا سبتك تفكري براحتك، ما حبيتش أضغط عليكي…
بس انتي عارفة إنك ما عندكيش غير حلين.
بصت له بحدة وقالت:
– وحضرتك اللي هتختارلي؟
قال بابتسامة فيها مرارة:
– لا، انتي اللي هتقولي بنفسك، بس هقولك الحلين.
الأول إنك موافقة،
والتاني…
غمز لها بعينه وقال بنغمة خفيفة رغم الحزن اللي في صوته:
– إنك موافقة برضه.
قالت بعند، رغم إن صوتها كان بيرتعش:
– ولو ما وافقتش يا سي ياسين؟ هتعمل إيه يعني؟
هز راسه وهو بيضحك بخفة،
وبعدها قال بصوت هادي، فيه نغمة وجع:
– ولا حاجه يا عيون ياسين…
مد إيده ببطء وطلع المسدس من جيبه،
ابتسم ابتسامة باهتة وهو بيقول:
– وحياة ربنا يا فرح، أنا عايز أسمع الكلمة دي دلوقت… كلمة موافقة، قبل ما أفرّغ الرصاصة دي في دماغي أنا قبل دماغك.
اتسعت عينيها بخضة، بس قبل ما تتكلم، هو كمل بنفس النبرة:
– أنا بجد مش قادر أعيش لو سمعتك بتقولي إنك خلاص مش عايزاني.
اتنفس بسرعة، قرب منها خطوة، وقال بارتباك حقيقي المرة دي:
– انطقي يا فرح… قوليها.
عينيها اتسعت، قلبها اتشل،
الدموع نزلت من غير صوت،
قالت وهي بتحاول تهدي الموقف:
– هدي أعصابك يا مجنون، ما هو أنا موافقة،
وانا أقدر أقول لأ لياسين؟!
ضحك ضحكة صغيرة، وعيونه دمعت،
رجّع المسدس مكانه وقال:
– عارفة؟ أنا عمري ما كنت أتخيل إننا نوصل لكده…
بس الظاهر إن الحب اللي بدأ بخناق،
لازم يعدّي على وجع قبل ما يستقر.
قعد على الكرسي اللي قصادها وقال بجدية:
– بصي يا فرح، أنا عارف إني وجعتك،
بس والله ما كنتش أقصد.
أنا يمكن غلطت في الطريقة،
بس والله ما كانش في قلبي غيرك.
قالت وهي بتكتم غُصّتها:
– وجعتني يا ياسين وجعتني موت،
أنا كنت بحارب الدنيا عشاني وعشانك،
بس انت كنت بتحاربني أنا!
نزل راسه لحظة، وقال بصوت واطي:
– أنا كنت بحميكي يا بنت الناس،
مش بحاربك.
– تحميني بإيه؟ بالإهانة؟ بالكلام اللي كسرني؟
رفع عينه وبص فيها وقال:
– كان لازم أقول كده عشان أقدر أوصل لحقيقة الموضوع اللي شغال عليه.
قعدت تبص له بعيونها اللي فيها دموع وغضب:
– ومافكرتش إن قلبي هيتكسر؟
مافكرتش إني ممكن أصدق فعلاً إنك بطّلت تحبني؟
قرب منها بخطوة وقال بحزن:
– كنت عارف إنك هتتوجعي،
بس والله ما كنت متخيل إن الوجع هيبقى كده.
كنت كل يوم بشوفك في بالي بتعيطي،
وبحس إن قلبي بيتقطع.
هي سكتت لحظة، صوتها نزل خفيف وهي تقول:
– أنا كنت خلاص… فقدت الأمل فيك.
قرب منها وقال بصوت منخفض:
– فرح… عايز أقولك حاجة.
بصت له وقالت:
– قول.
قال بصدق، وصوته بدأ يهتز من كتر المشاعر:
– وحياة ربنا عمري ما كنت أتمنى أزعلك ولا أوجعك، أنا يمكن اتظلمت في نظرك، بس وجعك وجعني… كنت حاسس إن الوجع اللي فيك فيه أنا، وكل مرة عينيكي كانت بتدمع، كنت بحس إن أنا السبب، وإن قلبي بيتقطع.
– أنا غلطت في طريقة حمايتي ليكي، بس كنت بخاف عليكي أكتر من نفسي… كنت بعمل اللي أقدر عليه عشان ما توصليش للأذى اللي أنا فيه.
– بس ما كنتش عارف إن الخوف ساعات ممكن يوجّع أكتر من الخطر نفسه.
بصت له، والدموع بدأت تتلمع في عينيها، وقالت بهدوء:
– أنا عارفة… عارفة يا ياسين إن أنا غلطانة. بس والله العظيم كنت موجوعة قوي، وتعبانة ومش عارفة أفكر.
– كنت حاسة إن كل حاجة بتنهار حواليّا، وإنك بقيت جزء من الوجع مش السند.
– لما رحت لمعتز… هو اللي خلاني أفوق. قعد يتكلم معايا، وقال لي على حاجات كتير ما كنتش واخدة بالي منها. وقتها بس فهمت إنك كنت بتحاول تحميني مش تكسّرني.
قرب منها خطوة صغيرة، وقال بابتسامة حزينة:
– هو بس اللي خلاكي تفهمي، مش كفاية اللي بينا يا فرح؟
قالتها بخجل وهي تبص للأرض:
– اللي بينا عمره ما كان قليل… بس أنا كنت عمياء ساعتها.
قرب منها وقال بحب:
– مش مهم اللي حصل… المهم إنك قدامي دلوقتي، وإن الكلمة اللي قلتها لسه في ودني… موافقة.
وبعدين رفع حواجبه وقال وهو يضحك بخفة:
– معتز؟ معتز حبيبي ده طلع فهّام أوي!
– أيوه، هو اللي فتح عيني على حاجات أنا ما كنتش شايفاها.
– يعني معتز اللي رجعني؟
– هو اللي خلاني أراجع نفسي.
قرب منها أكتر وقال وهو يغمز بعينه:
– يبقى لازم أشكره لما أشوفه، وأقوله: شكراً يا عم معتز، رجّعتلي قلبي!
ضحكت غصب عنها، دموعها نزلت وهي بتقول:
– ياسين انت غلس.
– غلس؟ ده أنا اتغلس عليا بحياتي كلها،
ده أنا كنت بموت كل يوم وانتي بعيد.
قعد جمبها وقال بهدوء:
– بصي يا فرح،
أنا ما جيتش أبرر، أنا جيت أشرح.
ما كنتش أقدر أسيب الناس دي تأذيكي،
بس دلوقتي… خلاص.
أنا عايزك تعرفي إني عمري ما كنت هشوف نفسي من غيرك.
بصت له بعينين كلها وجع ولسه فيها كرامة،
وقالت بصوت مكسور:
– الكلام ده جميل، بس اللي اتكسر جوايا صعب يتصلح بسهولة.
ابتسم ابتسامة حزينة وقال:
– يبقى نبدأ من الأول،
أنا مستعد أرمم اللي اتكسر بإيدي.
بس متسيبيش قلبي لوحده تاني.
قالت بخفة دم باهتة:
– بس المره الجاية لو هتجيب مسدس،
اعرف إن اللي هيضرب الرصاص أنا.
ضحك وقال وهو يلمس جبينها بخفة:
– ماشي يا ست البلطجية… بس خلينا نبدأ صفحة جديدة،
صفحة ما فيهاش دموع… فيها ضحك وراحة.
ردّت وهي تبتسم بخجل:
– لو تقدر تخليني أضحك بعد كل ده،
يبقى فعلاً انت ياسين اللي عرفته زمان.
– وأهو راجع أهو… راجعلك يا دكتورة، بس المره دي مش همشي تاني
سكتوا، والنظرة اللي بينهم كانت كفاية تكمل باقي الكلام.
الوجع لسه موجود، بس الحب رجع يدق،
بطريقة بسيطة، من قلبين تعبوا واتصلحوا ببعض.
————————–
سكتوا شوية بعد الضحك،
الجو هدي،
وبين الضحكة والسكوت،
فرح بصت لياسين وقالت له بنبرة فيها صدق ووجع،
– عارف يا ياسين… الوجع علّمني حاجات كتير.
بصلها بهدوء، وقال وهو بيقرب منها شويه:
– زي إيه يا فرح؟
تنهدت وقالت وهي عينيها على الأرض:
– اتعلمت إن الحب مش كفاية في العلاقة.
فيه حاجات أهم منه…
التفاهم، والراحة، والحنية، والتقدير.
لو الحاجات دي مش موجودة، يبقى الحب ملوش معنى.
كنت فاكرة إن الحب لوحده هيخلينا نكمل،
بس اكتشفت إننا محتاجين نكون راحة لبعض مش وجع.
سكت لحظة، وهي كملت كلامها بنغمة هادية:
– اتعلمت كمان إن الوجع مش دايم،
هو بس بييجي يعلمنا.
كل خسارة علمتني حاجة،
وكل خيبة قوتني أكتر.
اللي وجعني زمان، النهاردة بيخليني أفهم نفسي.
مفيش تجربة عدت من غير معنى،
حتى اللي وجعتني كانت سبب إني أبقى أقوى،
ويمكن أنضج، وأفهم يعني إيه أختار صح.
ياسين كان ساكت، عيونه مركزة فيها،
وهي كملت بصوت فيه دفء:
– اتعلمت إن القلوب بيوت،
والخطاوي نصيب…
ربنا يقدرنا نختار لقلوبنا سكان دايمين،
مش ناس تيجي وتمشي وتسيب فراغ.
وأنا بدعي دايمًا إن ربنا يرزقنا خطوات فيها خير ولطف،
ويخلّي أقدارنا حنينة على قلوبنا.
ابتسم ياسين بخفة وقال:
– كلامك وجعني على قد ما ريّحني.
ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت:
– وعرفت كمان إن اللي بيفهم حقيقة قلبك،
هو اللي يستاهل تكمّل معاه،
مش اللي يحكمك من تصرفاتك.
اللي يهدّيك وقت غضبك،
ما يلومكش على اللي عملته غصب عنك،
اللي يفضل شايفك حلو حتى وإنت في أسوأ حالاتك.
رفعت عينيها له وقالت بهدوء:
– أنا مش بدور على حب جديد يا ياسين،
أنا بدور على أمان…
ولو لقيته فيك، يبقى وجعي ما راحش هدر.
سكت لحظة، قرب منها بخطوة صغيرة،
صوته نزل ووشه بقى قريب منها جدًا وهو يقول:
– وإنتِ لقيتي الأمان ده فيا يا فرح؟
اتنفسّت بهدوء، وقالت وهي تبصله في عينيه:
– لسه بتعلم ألاقيه.
ابتسم ياسين ابتسامة صغيرة، فيها راحة وشوق وندم في نفس الوقت.
قعد قصادها وقال بهدوء:
– يمكن اتأخرت عليك يا فرح… بس كنت لازم أخلص كل حاجة الأول.
ردّت وهي ملامحها فيها وجع مكبوت:
– وخلصت ولا لسه؟
– خلصت، بس أنا اللي اتكسر في النص.
سكتت ثواني، وبصت بعيد وقالت:
– أنا كمان اتكسرت يا ياسين، اتكسرت وانت سايبني أواجه كل حاجة لوحدي.
قرب منها وقال:
– كنت بحاول أحميكي، مش أوجعك.
– بس النتيجة واحدة.
سكت لحظة، وبصّ لها بعيون مجروحة وقال:
– الفرق إن المرة دي، أنا عارف إني لو خسرتك تاني، مش هقدر أصلّح ولا حتى نفسي.
اتنهدت وقالت بهدوء:
– أنا خلاص مش بدور على الكلام، ولا الوعود، أنا بدور على راحة بالي.
اللي فات وجّعني قوي، وأنا مش عايزه أعيش في خوف كل مرة أفتح فيها قلبي.
قرب منها أكتر وقال:
وأنا مش عايزك تخافي مني تاني.
أنا جاي أبدأ من أول وجديد، بصدق المرة دي مش بشغل.
ضحكت ضحكة صغيرة وقالت وهي تبصله بطرف عينها:
–غريبة قوي يا ياسين، زمان كنت بخاف أصدقك… دلوقتي بخاف ما أصدقكش.
ضحك بخفة وقال:
– يبقى لسه في أمل.
قعدوا ساكتين لحظة، والصمت بينهم كان أهدى من أي كلام.
بعدين هي قالت وهي شبه سرحانة:
– تعرف يا ياسين، إن الحب لوحده مش كفاية، وإن الوجع مش دايم، بس بيعلمك.
وإن مفيش تجربة بتيجي عبث، حتى اللي بتكسرنا بتكمّلنا.
بصّ لها بتركيز وقال:
طب و اتعلمتِ إيه عني أنا؟
– اتعلمت إنك وجعتني… بس وجعك خلاني أفهم أنا مين، وأختار عايزه إيه.
ويمكن كمان خلاني أحبّك صح.
سكت لحظة، وبعدها غمّز لها بعينه وقال وهو بيضحك:
– طيب كويس… على الأقل الوجع كان له فايدة.
ضحكت وقالت له:
– يا راجل دا انت حتى في لحظات المصارحة لازم تهرّج!
– ماهو لو هرجتِش، تبقي مش فرح اللي أنا بحبها.
ضحكوا سوا، والضحكة كانت أول مرة تبقى نقية بعد وجع طويل.
نظراتهم اختلفت… فيها حنين ورضا وابتداء جديد.
ما كانوش محتاجين يقولوا نبدأ من جديد كانوا فعلاً ابتدوا.
شوايه ويا ياسين قال بهدوء:
انا عملك مفجأة؟
ضحكت فرح وهي تقول بخفة:
– إنت واضح إنك ناوي تخليني أعيّط من كتر المفاجآت النهارده.
رد ياسين وهو ماسك الموبايل في إيده وابتسامة شيطانية مرسومة على وشه:
– ما هو بدل ما نفضل نحدد معاد الخطوبة ونلف وندور، نحدد ميعاد كتب الكتاب على طول ونخلص.
فرح شهقت وقالت:
– يا راجل، إنت بتتكلم بجد؟!
قالها وهو بيهزر بعينه:
– طب وشّي باين عليه هزار؟
ضحكت وقالت له:
– يا مجنون، استنى كده إنت بتعمل إيه بالموبايل ده؟
قالها وهو بيبتسم بثقة:
– استني بس يا ست العرايس، هرن على الواد أخوكي الجديد… معتز.
ما هو خلاص بقى واحد من العيلة، ولازم ياخد الخبر رسمي مني.
– يا نهارك أبيض، هتجنني يا ياسين!
ضحك وقال:
– هو أنا طبيعي أصلاً عشان أجننك تاني؟
وضغط على الاتصال وهو بيقول بخفة:
– ألو، يا معتز… عامل إيه يا ابو نسب؟ آه، ما تتفاجئش، أنا عند الحاجة منيرة.
عايزك تيجي ضروري… لا، ما تقلقش، مش في خناقة ولا حاجة، ده في موضوع حلو.
فرح حطت إيدها على وشها وقالت له بخجل:
– إنت ناوي تفضحنا ولا إيه؟
ردّ عليها وهو بيضحك:
– أهو كله على سنّة الله ورسوله يا بنت الناس، ما فيش حاجه غلط.
بعد حوالي نص ساعة، معتز دخل عليهم وهو مبتسم، أول ما شافهم قال:
– واضح إن في اجتماع طارئ!
ضحك ياسين وقال:
– فعلاً، اجتماع مهم جدًا… بص يا سيدي، إحنا كنا بنتكلم في موضوع كتب الكتاب.
قلنا بدل ما نستنى كتير، نحدده بعد شهر ونص بالكتير كده.
معتز بص ليهم وقال بابتسامة:
– جميل جدًا، ربنا يتمملكم على خير.
وبعدين سكت لحظة وقال بخجل بسيط:
– بس أنا كمان عندي موضوع صغير كده يا ياسين.
– قول يا سيدي، خير؟
قالها معتز وهو بيبص للأرض:
– بصراحة أنا… أنا معجب بنور بنت خالتك، وبفكر أتقدم لها رسمي.
فرح فتحت بقها من الدهشة، وبصت لياسين اللي قام يضحك ويقول وهو يربت على كتف معتز:
– يا راجل! إنت كده بتصاهرني رسمي؟ يعني هتبقى أخو مراتي!
وجوز اختي كمان ده انت غتت؟
معتز ضحك وقال:
– يشرّفني والله يا ياسين.
رد ياسين وهو بيضحك بخفة دم:
– بس اسمع… أنا ما ليش في الكلام ده، الرأي رأيها هي،
بس لو وافقت، ساعتها هتبقى أخويا رسمي يا معتز.
ضحك معتز وقال:
– ده شرف ليا يا صاحبي.
ضحكت فرح بخجل وهي تقول:
– واضح إن العيلة دي داخلة على أفراح متتالية.
رد ياسين بسرعة:
– أهو كده الكلام اللي يفتح النفس، يا عروسة!
———————
تاني يوم، كان معتز واقف قدام بيت نور، قلبه بيدق كأنه أول مرة يشوفها.
دق الباب بخفة، ولما فتحت له كانت، ملامحها هادية بس جواها ألف فكرة.
قال بهدوء:
– ممكن أقعد معاكي عشر دقايق؟
سكتت لحظة، وبعدين فتحت الباب وقالت:
– اتفضل يا معتز.
قعدوا في الصالة، الجو كان ساكت إلا من صوت دقات الساعة.
بص لها، وبصوته اللي فيه وجع أكتر من أي مرة، قال:
– بصي يا نور… قبل أي كلام، أنا عارف كل اللي حصل وعارف إني غلطت، غلطت جامد.
أنا ما استاهلش فرصه مع واحدة بريئة ونضيفة زيك، بس ربنا بيقول ‘إن الله يغفر الذنوب جميعا’،
وأنا صدقيني ندمان ندم عمري ما حسّيته قبل كده.
كل يوم كنت بصحى وأقول لنفسي أنا ليه كنت كده؟! ليه أذيّت الناس اللي كانوا شايفين فيا خير؟
أنا اتغيرت يا نور، مش عشان أرجعلك، لأ، عشان أنا ما بقيتش طايق نفسي القديمة.
كنت تايه، ومليان غباوة وغلطة في غلطة، بس دلوقتي أنا شايف…
شايف إن في حاجات مينفعش تتكرر، وفي ناس لو راحت، صعب تتعوّض.
كان بيتكلم وهو بيبص في الأرض، وصوته بيتكسر كل شوية.
نور كانت ساكتة، عينيها بترمش ببطء كأنها بتحاول تفكر مش تحكم.
وبعدين رفعت راسها وبصت له وقالت بهدوء:
– بُص يا معتز، اللي حصل غلط، أيوه… بس في الآخر كلنا بنغلط.
الإنسان بيتعلم طول عمره، ويمكن يموت وهو لسه بيتعلم.
بس اللي يفرّق بين الغلطان واللي بيتغير… الندم، والنية الصافية.
وأنا شايفة في كلامك ندم حقيقي.
سكتت لحظة وبعدين قالت وهي بتبتسم بخفة:
– بس خليني أقولك أنا بحب الراجل اللي بيبقى واقع وغرقان في حب البنت اللي بيحبها،
اللي مش بيتكسف يعبرلها عن مشاعره، لا بيخاف ولا بيتمنظر.
بحب الراجل اللي مش بيعمل فيها سوبر مان، لأ،
اللي بيكون بيبي بوي وسوفت معاها هي وبس،
اللي يحكيلها عن تروماته، عن وجعه، ويعيّط في حضنها من غير ما يحس إن ده ضعف.
اللي مش بيخبي ورا كلمة “أنا راجل والرجالة مبتعيطش”.
اللي يخليها تحس إنها أمانه الوحيدة في الدنيا،
ما يخليش قلبها لحظة واحدة يتهز أو يشك إنها مش كفاية.
وفي نفس الوقت، يكون الراجل الناضج… العاقل… التقيل.
اللي يعرف يحل، ويصلّح، ويقف قدام المشاكل بدل ما يهرب منها.
اللي واثق في نفسه، وجدع، وجنتلمان كده زي الرجالة الجد.
اللي كلمته سيف، ولو قال وعد، يوفيه.
معتز كان سامعها بكل حواسه، وكأنه أول مرة يسمع حد يوصفه باللي نفسه يبقى عليه.
قالها بصوت واطي:
– تحبي أكون كل ده عشانك يا نور.
ابتسمت وقالت بهدوء:
– مش عشاني يا معتز… عشان نفسك الأول.
أنا لسه هصلي استخارة، وأرد عليك.
بس اللي أنا متأكده منه… إنك لو بقيت الشخص اللي بتتكلم عنه،
مش هتكون خسرت أي حاجة، حتى لو أنا مش كنت نصيبك.
سكت، وبص لها بعينين فيها دمعة محبوسة وقال:
– كفاية إنك سمعتي.
قامت بهدوء، وقالت وهي بتفتح الباب:
– ربنا يختارلك الخير يا معتز… وليّا كمان.
خرج وهو حاسس إن قلبه اتقلب، بس المرة دي مش من الوجع…
من الإحساس إن يمكن يكون لسه فيه أمل يتصلّح.
———————
عدّى ثلاث أسابيع كأنهم نسمة خفيفة عدّت على الكل، بس كانت مليانة تفاصيل كتير.
فرح كانت غرقانة وسط تجهيزات الجهاز وتحضيرات كتب الكتاب، ما بين اختيار الفستان، والدهب، والتفاصيل الصغيرة اللي بتحب تتحكم فيها بنفسها. البيت كله كان في حالة حركة مستمرة، ضحك ودوشة وقلق جميل كده، اللي بيكون قبل الفرح.
وياسين ما كانش أقل انشغال، بس فرق بسيط… هو كان عايش على سحابة من الفرحة. بين الشغل وبين مكالماته مع فرح، وبين كل لحظة بيعد فيها الأيام اللي فاضلة. كانوا بيشوفوا بعض تقريبًا كل يوم، ولو ما شافوش بعض لازم مكالمة طويلة قبل النوم، كل واحد يحكي للتاني عن اليوم اللي عدّى.
الخناق البسيط اللي بينهم ما اختفاش، بس بقى له طعم حلو… بقى نوع من المزاح اللي بيخلّي الأيام أخف وأجمل.
نور كمان كانت عايشة فترة جديدة، بعد ما اتخطبت لمعتز رسميًا. العلاقة بقت هادية وواضحة، فيها نضج وراحة أكتر من أي وقت قبل كده. الكل بدأ يشوف التغيّر فيهم، وازاي بقى في طاقة حلوة في البيت، خصوصًا لما بقوا الأربعة مع بعض.
الأسابيع عدّت كأنها لحظة، وكل يوم بيقربهم أكتر من اليوم اللي مستنينه.
وبين الشغل والتجهيز والضحك، بقى الوقت يمشي بسرعة غريبة، لحد ما الكل بدأ يحس بالرهبة الجميلة اللي قبل الفرحة الكبيرة.
وأخيرًا… بعد كل التعب والانتظار، بعد كل يوم كان فيه خطوة ناحية البداية الجديدة،
جِه اليوم اللي كانوا مستنيينه.
يوم كتب الكتاب.
القاعه كلها فرح، الزغاريد ماليه المكان، والعيون كلها عليهما.
الشيخ قال الكلمه اللي قلبها استناها من زمان:
“بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.”
الكل بيصفق، وفرح عنيها بتدمع من الفرحه.
وفجأه ياسين وقف وقدم لها اربع خواتم وقال بصوت عالي: ماتت بعيني كل النساء..
حين وجدتك آميرتي !
أنتِ وحدك أربعين وليس أربعة.
و مسك المايك، وبصّ لها وهو مبتسم بنص ضحكه نص دموع، وقال:
أنا كنت دايمًا بحلم باليوم ده…
واليوم جه، بس ما ينفعش يعدي كده وخلاص، لازم أقول كلمتين للعالم كله عنك يا فرح.
القاعة سكتت، والكل بيبص له،
قرب منها شويه وقال بصوته اللي دايمًا بيهزّ قلبها:
عاوزين يعرفوا حبيتك ليه؟
ييجوا يشوفوا القمر اللي سلامه بعينيه مش بكفوفه،
ويشوفوا ازاي راجل زيي بيكون متثبت قدامك،
ازاي بيحس إنه مجمع حظ الدنيا كلها في ضحكتك،
ازاي الوقت معاكي بيجري،
الساعه تبقى دقيقه، واليوم من غيرك يعدي سنين.
ضحكت وهي مكسوفه، والدموع في عينيها، فكمّل وهو بيقرب أكتر:
وعليكي قبول… ربنا يديمه،
بتخشي قلوب الناس في سكوت،
شايله كاريزما نص الدنيا،
وعارفه تخلي الواحد مبسوط.
أجمل واحده بتعمل قصه،
وأشيك واحده بتكمّلها،
أول نسخه وآخر نسخه،
ولو مثلتي يا فرح، فملكيش دوبلير.
ضحك الجمهور، وصوت الزغاريد رجع يملأ القاعه،
وهو نزل المايك، وبصّ لها وقال بهدوء يخلي القلب يتهز:
أنا بحبك يا فرح…
والحمد لله إن ربنا كتبك ليا.
ومسكها من إيدها، سحبها في حضن واسع وسط تصفيق الناس كلها،
لفّها لفه كأن الدنيا كلها بتدور حواليهم، وهي بتضحك ودموعها بتنزل من الفرحه.
والتصوير شغال،
واللحظه دي كانت أول لحظه ليهم كجوزين،
بس كانت كأنها أول نبضة لقلب واحد ❤️
—————————
مرت الأيام، والحكاية خلصت…
بس الحقيقة؟ مفيش حاجة فعلاً بتخلص.
الحياة مكملة، والوجع عمره ما بينتهي، يمكن بيهدى شوية…
بس بيفضل هناك، جوا القلب، كعلامة على اللي مرّينا بيه.
فرح وياسين اتجوزوا، واتخانقوا، واتصالحوا، وعيطوا، وضحكوا.
اكتشفوا إن الحب مش نهاية الرواية زي ما الناس فاكرة…
ده بدايتها الحقيقية.
اتعلموا إن الأيام الحلوة بتعدي أسرع من رمشة عين،
وإن الوجع هو اللي بيعلّم ويخلّي البني آدم يعرف قيمة الضحكة بعده.
اتعلموا إن مفيش بيت بيعيش على كلام حلو بس،
ولا في علاقة بتفضل بنفس الشغف لو مفيش نضج واحتواء.
وإن الخناق مش دايمًا نهاية…
ساعات بيكون طريقة تانية للحب، بس لسه ما اتقنتش.
الحياة مش وردي زي الروايات،
ولا سودة زي الكوابيس.
هي بين الاتنين… بتوجّع وتفرّح،
بتبعد وتقرب، وبتكسر وتبني من جديد.
يمكن ياسين وفرح؟
فضلوا سوا، مش لأنهم ما اتعبوش،
لكن لأنهم اختاروا يكملوا.
اختاروا الحب كل يوم من جديد،
حتى في الأيام اللي كانوا مش قادرين يحبوا فيها نفسهم.
أما معتز ونور، فكانوا الدليل إن الغلط مش نهاية،
وإن التوبة مش مجرد كلام،
التغيير الحقيقي بيبان في الفعل.
وإن اللي ربنا بيجمعه دايمًا بيكون بعد امتحان كبير،
عشان كل واحد فيهم يستحق التاني بجد، مش مجرد صدفة.
في الآخر، اكتشفوا كلهم إن الحب لوحده عمره ما يكفي…
لازم صبر، وصدق، ووجع يتعاش لحد ما القلب يتعلّم يعني إيه حب حقيقي.
وإن الحماية من غير تفاهم ممكن توجع أكتر من الخطر نفسه،
وإن اللي بيحب بجد مش بيهرب لما الدنيا توجع…
بيكمّل ويلمّ اللي اتكسر بإيده.
الحب الحقيقي مش إنك تلاقي شخص يكملك،
لكن إنك تلاقي حد يساندك وإنت ناقص،
ويشوف فيك النسخة اللي إنت نفسك مش شايفها.
الحب مش وعد ما يتكسرش،
هو وعد يتكسر ويتصلّح بإيدين نفس الشخص.
وفي الآخر، مفيش نهاية سعيدة بالمعنى اللي الناس بتدور عليه،
في دايمًا بداية جديدة بعد كل وجع،
طالما في قلبين لسه بيختاروا بعض،
وطالما الوجع ما قتلهمش… علمهم.
تمت بحمدلله
خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇


