رواية قلب من جليد الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم غادة علي – تحميل الرواية pdf

يقف في وسط الحفله في ببدلته الزرقاء لعلمه مؤخرا بحبها لذلك اللون..نظر لساعته للمره المئه او ربما المئه وواحد في نفس ذات الدقيقتين ..لا يطيق صبرا لرؤيتها..حاول ان ينحي افكاره جانبا وهو ينظر لانس الواقف بجانب الباب تارك كل شئ وراءه وينتظرها فقط ..مسكين ذاك ال “انس” فسطوة عمه قد سرت عليه ..والله وحده اعلم ..من بعده سيتذوق الم تلك السطوه
+
فجأه افكاره كلها تشتت ..كما تشتت دقات قلبه برؤيتها..فهاهي اتت بفستانها الذي ظل طويلا يعمل عليه ..حتي يراها به…تخيلها كثيرا..لكن تخيلاته الان لا تمتلك الا ان تنحني لواقعها المذهل
+
بدون شعور اقترب منها ..لتتقابل الاعين وتُكتم الانفاس ..لياخذ يدها وينحني مقبلا اياها ببطئ ودون شعور بمن حوله..فهاهي امامه بذاك الفستان النبيذي اللون الذي طالما اشعره انه فستان زفاف ..فهو يضيق علي صدرها حتي يصل الي خصرها ويبدأ بالاتساع بطبقاته المتعدده المنفوشه حول ساقيها ..وذراعاها العريتان الي من كمان قصيران تهدلا علي كتفيها باغراء..فهي كانت كعروس حقا ..بشفتيها المطليتان بلون نبيذي قان ..وشعيراتها الشقراء المموجه..وعيناها..واهٌ من عيناها اللتان حددتاها بكحل شديد السواد..ليظهر جمالهما اكثر ..ويذوب قلبه بحبها اكثر واكثر
+
اضواء الكاميرات انهالت عليهما بكثره ..فاضطر لازاحه عينيه عنها ..ويقف بجانبها حتي يجيبان علي اساله الاعلامين المتطفله
+
ليسمع احد الاعلامين وهو يسالها باهتمام “الفستان ده من صميمك ؟؟”
+
لتبتسم بخجل قائله “بصراحه لا ..الفستان دا من تصميم ..بشمهندس عمر الراوي”
+
لتتجه الميكرفونات ناحيه عمر ليساله الاعلامي قائلا “الفستان ده كان معمول مخصوص بتوصيه من البشمهندسه اسيا ..ولا كانت صفقه “
+
ليجيب عمر بهدوء “الفستان ده كان معمول مفاجاه خاصه جدا لاسيا عشان تحضر بيه الحفله انهارده ..وهيا مكنتش تعرف اصلا”
+
نظرت اسيا لجانب وجهه بتامل ..وكانت المره الاولي لها التي لا تستطيع التحكم بنظراتها العاشقه تجاهه ..
+
بعد المزيد من اسأله الاعلامين التي لا تنتهي ..وقف عمر علي المنصه ليعلن رسميا عن بدا الحفل قائلا”دلوقتي بس اقدر ابدأ الحفله..واسمحولي اني هفتتح الحفله..برقصه بسيطه جدا..مع..البشمهندسه اسيا”
+
تفاجا اسيا بطلبه ودبت حمره الخجل بوجنتاها..ليمد يده لها ..لتضع يدها بيده ..وتصعد معه عي المنصه ..وتبدأ رقصتهم وسط الموسيقي واضواء كاميرات الاعلامين ..
+
نظر لها بابتسامه عاشقه قائلا”شكلك جميل اوي انهارده “
+
لتنظر له بارتباك قائله”وانت كمان ..احم البدله لونها حلو اوي “
لينظرلها بحب قائلا”دا انتي اللي حلوه اوي “
+
لتشيح بوجهها قائلا”ميرسي عالفستنان “
+
ليجيبها بابتسامه قائلا”تؤ ميرسي انتي ..انك محليه الفستان”
+
نظرت له دون حديث ..فقط ابتسامه صغيره ..تحاول الاستمتاع قدر الامكان …محاوله تجاهل الم قلبها التي لا تعلم له سببا
+
* * * * *
استنتدت علي الطاوله التي يجلس عليها اصدقاءها بتعب..فهي حقا قد انهكت الليله من المجاملات ..والابتسامه المصتنعه..والصفقات التي ربحتها اليوم ..فهاهي تكمل حلم والدها الذي لم يكمله..
+
التفتت تنظر للمنصه الذي صعد عليها صقرر الراوي كما التفت الجميع..بدأت نبضات قلبها بالتسارع..فامظهر صقر لا يبشر اطلاقا ..فهي موقنه تماما انه سيفجر قنبله ..ستكون هي اول المتضررين منها ..وقد كان..حيث سمعت صقر يتكلم ببروده وسلطته المهيبه قائلا”انا حبيت اني استغل الجمع دا ..عشان نفرح سوا”
+
ثم تلكأ قليلا وهو ينظر لها بخبث مكملا”انهارده قررت اعلن خطوبه حفيدي عمر الراوي ..ب..ببنت اخويا منه الراوي”
+
لم تهتز منها شعره ..لم ترمش بعينيها حتي ..فهي حقا لم تصدق..رغم رؤيتها لتصفيق الجميع الا انها لا تصدق..رغم انها رأته يصعد علي المنصه بجانب تلك ال”منه”..الا انها حقا لا تصدق ..حتي بعد رؤيتها له يلبسها خاتم خطوبته ..وبعد ما رأت دبلته التي البسته اياها تمع بين اضواء الكاميرات
+
التقت عيناها به ..لتجده ينظر اليها باسف ..بندم ..لم يكن لها سوي صفعه افاقتها من خيالاتها الي واقعها الاليم ..ظلت تنظر له للحظات ..غير قادره علي ابعاد نظرها عنه ..كما انها غير قادره علي السيطره علي ذاك الالم بقلبها ..اخذت نفس مرتجف تحاول علها توقف الالم ..علها تسيطر علي ذلك الاختناق الذي انتابها ..شعرت بكف تضغط علي يدها بقوه ..لتلتفت الي صاحبها ..ولم يكن الا سيف ..سيف عمر الراوي ..
+
نظرت امامها مره اخري وهي تري تقدم عمر ومنه التي نظرت اليها متشفيه ..فتشعر باقتراب كل من ادهم ونهال وانس وحتي مليكه ..كانهم حاميتها ..كانهم درعا يمنع عنها الالم..لكن ما لا يعلموه ان الالم قد نفذ الي قلبها وانتهي الامر
+
شعرت بمنه وهي تقول لها “ايه يا اسيا مش هتباركلنا ؟”
+
لتتكلم اسيا بصوت ارادته باردا”طبعا..مبروك “
+
لتجيب منه بتشفي بينما تتعلق بيد عمر اكثر”ميرسي ليكي يا اسيا ..بصراحه انا جيتك مخصوص انا وعموري عشان اشكرك قدام الكل”
+
اغمضت اسيا عينيها بالم وهي تسمع منها لفظ(عموري)..لكنها تغاضت عن الالم وهي تقو “تشكريني!!..علي ايه؟؟!”
+
تتكلم منه بتشفي وابتسامه مستهينه تظهر علي شفتيها”انك رجعتيني انا وعمر لبعض ..اصل زي ما انتي عارفه ..انا وعمر كنا سوا برا ومخطوبين ..واتخانقنا زي اي اتنين مخطوبين ما بيتخانقوا..بس عمر كان زعلان شويه ..فا سافر وجه علي مصر ..بصراحه كنت مرعوبه ان واحده تعجبه كدا ولا كدا ..فينساني ويتجوزوا ..بس الحمدلله ربنا وقعوا فيكي انتي!!”
+
لتعقد اسيا ما بين حاجبيها في عدم فهم ..لتتكلم نهال باندفاع قائله “يعني ايه فيها؟”
+
لتجيب منه بنفس الابتسامه”يعني سوري في اللي هقوله..معاقه”
+
لتشهق اسيا بالم ..ثم تتكلم بعنف قائله “انتي..ا..”
+
لتقاطعها منه قائله”انا عمر حكالي كل حاجه يا اسيا..عشان كده جيت اشكرك ..او اشكر حظي.لأانك لو واحده يعني مش معاقه ..كان ممكن يكون فيه حاجه رسمي ..بس الحمدلله انك معاقه “
+
نظرت اسيا لعمر بعيون متهمه ..متالمه ..لتستمع الي سيف وهو يقول”لو كان فيه حد معاق هنا ..هو انتي ..بس انتي معاقه في دماغك وافكارك..و..”
+
ليقاطعه عمر بغضب قائلا “سيف عيب كده”
+
لهتف سيف بنفس الغضب “العيب مش عليا يا بابا ..اعيب عالهانم اللي عماله تهين اسيا بكل قله ادب ..وعليك انك ساكتلها ..بس احب اقولك يا انسه منه ..ان اسيا دي احسن واجمل واشيك منك مييت مره والا مكنتيش جيتي هنا دلوقتي عشان تغظيها بكلامك دا ..بس اللي متعرفيهوش ..انك مجرد حشره في طابور طويل من اللي بيكرهو اسيا ..او بمعني ادق مش عارفين يوصلولها “
1
صمت قليلا يحاول اخذ انفاسه بينما يري صدمتهم ..لكنه لم يبال بهم ..فكل ما يهمه الان هي..ليكمل قائلا”ومادام يا بابا انت مقدرتش تحافظ علي كرامه حد من معازيمك ..يبقي تسمحلي نخرج من هنا ..يلا يا اسيا “
1
* * * *
تقف علي رصيف البحر..تنظر لسواده الحالك بامواجه المتلاطه..كانت تقف هنا منذ اقل من سنتين علي عكازيها ..تظن انها تحطمت..تظن انها تالمت ..لكن ان كان مامضي يعد الما ..مالذي تشعر به الان ..ان كانت حطام ..فالان ماهي ..
+
شعرت باحد يقف بجانبها ..ما لبثت ان اتاها صوت ادهم اخيها وهو يقول “اسيا انتي كويسه؟”
+
لم تنظر له ..بل ثبتت نظراتها علي البحر امامها وهي تهمس بصوت مسموع قائله “لأ”
+
عقد ادهم ما بين حاجبيه قائله”لا ايه؟”
+
لتصرخ فجأه قائله “لا مش كويسه يا ادهم ..لا مش كويسه ومش قادره اكون كويسه يا ادهم”
+
ليتكلم ادهم بحنان قائلا”اهدي يا اسيا ..كل حاجه هتعدي انشاءالله “
+
لتصرخ بعنف ونحيبها يعلو”مفيش حاجه بتعدي ..مفيش حاجه بتهدي..انا موجووعه يا ادهم موجوعه “
+
ثم تحرك يديها بعشوائيه وهي تواصل صراخها الموجع “لييه يا ادهم ..انا عملتله ايه ياداهم عشان ينتقم مني كده ..انا عملتلهم ايييييه”
+
ثم بكت بانهيار “انا عملت ايه فيهم عشان يوجعوني كده “
+
ثم ضربت بقدمها المصابه الارض بقوه ..مره تلو الاخري ونحيبها يعلو ..والالم لا يسكن ..بل يزيد ..لتصرخ بقوه
+
فجأه شعرت بالسواد يلفها..لم تقاوم ككل مره ..بل فتحت ذراعيها تستقبله بهدوء..عله يكون الموت فيريحها من الالم حولها..
+


