Uncategorized
رواية انت وحدك الامل الفصل الثاني 2 بقلم ملك عبدالله – تحميل الرواية pdf

رواية انت وحدك الامل الفصل الثاني 2 بقلم ملك عبدالله
ههرب والله… ههرب يا سلـيم!
هي عارفة إن برحيل سليم حياتها هتتقلب، ومش هتنكر إنها مغصوبة معاه
لكن وجوده كان بيطمنها، كان بيحسّسها بالأمان.
هروبها قبل كده كان علشان هو مش موجود، وبغيابه تاني أكيد العذاب هيبدأ من جديد.
قرب منها ماسكها بعصبية وصوته جاف وهو بيقول:
_ إنتِ طلّعتي تافهة أوي بس متقلقيش أنا هعرّفِك كويس لو متربّيتيش كويس أنا أربيكي أدفـ. نك! أدفـ. نك مكانك لو سمعت بس إنك حاولتي تهربي والله كلامي هيتنفّذ وإنتِ عارفة.
سابها وخرج.
وهي فضلت واقفة، بتحاول تستوعب كل كلمة طلعت منه.
هي خايفة ومن خوفها بتتصرف غلط، بس ليه ما حاولش يفهمها ليه نهرها واتعصب عليها بالشكل ده؟
سافر وهي كانت متأكدة إن حياتها المأساوية هتبدأ من اللحظة دي.
تاني يوم الصبح، على السابعة بالظبط الباب اتخبط خبط شــديد قامت مفزوعة، قلبها بيجري، وعنيها بتدوّر حواليها تحاول تلِمّ الأصوات اللي بتتخبط في دماغها.
وفجأة ميزت صوت حماتها صريخ حـاد، ونبرة كلها تسلّط.
قامت بسرعة تفتح، ولسه آثار النوم لاصقة في ملامحها.
_ إنتِ لسه نايمة يا ضنايا؟!
لأ يا بنت سالم، الحال ده مايصحّش أنا لو جيت خبطت عليك تاني، ابقي قولي على نفسك يا رحمن يا رحيم
من الفجر تكوني تحت وقايمة على شُغلك!
وقفت قدّامها زي المتهمة، والست مكملة من غير ما تاخد نَفَس:
_ قومي وانزلي دلوقتي فيه شوية بط وفراخ تحت، تروّحي تبيعيهم وتيجي على الساعة تمانية ومعاكي الفطار.
تحضّري الفطار
وبعدها التلات أدوار دول كلهُم ترويق ومسّيح
ولما تخلصي، تنزلي تعملي الغدا وتغسّلي المواعين.
وبعدين تطيري على بيت عمتك—أخت جوزِك—البِت لسه والدة من شهرين ومش قادرة تشتغل.
تروّقي لها البيت وتنضّفيه وتحضّري الغدا وترجعي هنا بسرعة عشان محتاجة أكوي العبايات بتاعتي.
يلا يا بت واقفة ليه ولا قعدتك الفترة دي نسيتك كنتي بتعملي إيه؟
هو الواد سليم اللي خايب، مش زي حبيبي عدنان الله يرحمه كان يعرف يربِّيكي كويس
من الفجر ألاقيكي نازلة
ده إنتي لو كنتي بتشتغلي زي الخلق، ما كنتيش لقيتي وقت تنامي أصلاً!
اسمعي يا بنت سالم من النهارده الشغل هيبقى زي ما كان وأَشَدّ.
ومافيش كلمة لأ، ولا عندي عيان، ولا تعبانة، ولا رجلي واجعاني.
مش جديد عليها العذاب قضت سنة كاملة من تاني يوم جوازها وهي تحت رحمتهم.
اتعودت على الشغل والتعب من بيت أبوها، ورغم إنهم من عيلة غنية، عمرهم ما عاملوها كإنسانة كانت دايمًا الجارية اللي لازم تسمع وتطيع.
كانت فاكرة إن الجواز حتى لو غصب هيكون هدنة، هتتنفس، أو يمكن تلاقي حتة أمان
لكن الحقيقة كانت أوجع بكتير.
اتصدمت بواقع أظلم
معاملة قاسية من جوزها وأهله،
ضـرب خنـاق زعيـق وإهانة من غير أي قيمة.
اتحولت لحد مهمّش، كأنها مش موجودة
وجعها كبر وروحها بقت أضعف
ورغم كل ده كانت بتحاول تقاوم، يمكن تلقى حد ينتشلها من الغرق ده، أو يمكن ربنا يكتب لها خلاص يليق بقلبها
من غير كلل ولا ملل، فضلت روح تكمّل كل شغلها، عارفة إن لو قصّرت لحظة بس مصيرها هيكون أبشع مما تتخيّل
الأيام كانت بتمشي تقيلة، بطيئة، كأنها بترفض تعدّي عليها بالرحمة.
تعبت لحد إن القوة بقت بتتسرّب من جسمها يوم بعد يوم؛ شغل قاسي أكل قليل وإغماءات بدأت تبقى جزء من يومها.
والمؤلم أكتر إن ماحدّش حس بيها، بالعكس كل ما تنهار يزودوا عليها، كأن هدفهم الأول والأخير إنهم ينهوا حياتها، ببطء وببرود.
شهر كامل وهي بتعيد نفس اليوم، نفس الوجع، نفس السجن.
كانت فاكرة إن سليـم هيظهر بعد أسبوعين يمسح غيابها يوقف العذاب.
لكن هو كمل في البُعد، وكمل في الجفاء.
سليـم! أملها الوحيد من يوم ما اتجوزت.
كانت فاكرة إنها هتتحمى فيه هيكون ليها السند الحائط اللي تقف عليه لو الدنيا قست.
هو بس اللي ماكنش يعرف الحقيقة فاكرها بتبعد لأنها بتكرهه، فاكر إن هروبها عناد.
لكن الحقيقة؟
هي كانت مرعوبة
كانت بتموت من جوه يوم عن يوم
نفسيتها اتكسرت جسمها اتبهدل لدرجة إنها بقت تتمنى الموت بأي شكل، المهم ترتاح
سليم مش شبه أي حد في حياتها
مش زيهم ولا بربع قسوتهم
راجل بمعنى الكلمة، لو اشتكت له هيقلب الدنيا فوق دماغهم.
بس الخوف… الخوف كان بيخرسها.
هددوها ألف مرة خصوصًا أبوها.
• عارفة يا بنت سعاد لو أخو جوزك بس شم خبر، هـد. بحِك وادفـ. نك بـ/دم بارد. مش عدنان ولا حماتك اللي تخافي منهم أبوكي سالم الحجازي هو اللي يرعبك إنتِ هتعيشي مذلولة وتموتي مذلولة ماعنديش بنت تقول لأ فاهمة؟
افتكرت تهديداته، فانهارت من جديد.
تعبت من كل حاجة.
حياتها بتنهار وهي واقفة مكانها خايفة تتحرك خايفة تنطق خايفة تستنجد بيه رغم إنها أكتر واحدة عارفة إن سليـم مختلف عنهم وعن عاداتهم وعن قسوتهم كلهم.
ومع كل ده لسه ممنوعة تتكلم
ممنوعة تشتكي
ممنوعة تحاول
وإلا يكون الموت أبسط عقاب.
يوم جديد وكان مختلف بكل المقاييس.
هتبدأ الحقائق تظهر، والأمل يظهر هيصيب ناس، ومؤكد إن الأمل هيختفي من ناس تانية.
كانت نايمة بعمق، ولأول مرة ترتاح في نومها بالشكل ده
فاقت بكل راحة، استغربت إزاي فايقة بدري وبدون تعب
بصت على الساعة، ووقفت مش قادرة تصدق:
_ يا نهار أبيض! الساعة عشرة! إزاي… إزاي نمت لحد دلوقتي؟
أكيد هتموتني مش بعيد تقتلني
إيه أعمل أنزل ولا إيه؟
لا، أكيد هأنزل أمري لله.
قامت بسرعة، لبست إسدالها وركضت على باب البيت تفتحه
لكن انصدمت
سمعت نبرة صوت تعرفها كويس
نبرة هزت كيانها كلها:
_ راحة فين؟
لفتت بصدمة سليـم! واقف أمامها
فجأة فهمت ليه نامت من دون أن تعنفها حماتها أو تحاول كسر الباب ضحكت باستهزاء لما لاحظت أن الكل بيخاف منه.
سليم عزت الزيات، الابن الأكبر لعائلة الزيات حمل مسؤولية نفسه منذ صغره، بعيدًا عن عائلته التي كان عملها حرامًا وتجارة بأموال الناس استقل بحياته وبنى شركته في محافظة القاهرة، مؤسسًا وجوده هناك، وكان بيزور أهله وأمه بين فترة وأخرى فقط.
لكن القدر كان ترتبيه غير، توفي أخوه إثر طلقة من الحكومة أثناء محاولتها الإمساك به، وهو يحاول الهرب بسبب قضيته في تهريب الآثار اضطر إن يعود ليتفاجأ بأنه مُجبَر على الزواج من أرملة أخيه.
من عادات عائلتهم، لم يكن مسموحًا لها بالعودة إلى بيت والدها مرة أخرى وكان الضغط من أهل روح شديد، وخاصة من والدها، اللي كان مستعد لهدم كل شيء في عائلة الزيات لضمان مكان لابنته هناك، والسيطرة على كل ممتلكاتهم.
– ساكتة ليه؟ ردّي كنتِ نازلة فين؟
ردّت بصدمة، ولسه المسافة ثابتة بينهم
مسافة محدش فيهم قدر أو حاول يتخطّاها.
– تحت كنت نازلة عند مامتك.
مرّر كف إيده على دقنه وهو بيهز راسه بهدوء غريب:
– اممم سألت أمي إذا خرجتي طول الفترة دي ولا لأ قالت لأ.
تعرفي لو كانت قالت غير كده؟
كويس إنك متعرفيش.
كملت خطواتها بالعافية جسمها كله بيصرخ تعَب، وبتحاول تقاوم انهيارها قدّامه.
ولما وقفت قصاده، رفعت عينيها عليه ببرود
برود يخوّف، بس تحت البرود ده وجع، قهر، وانكسار كانت بتحاول تخبيه.
الأمل اللي كانت ماسكا فيه… اتبخر.
– بكرهك يا سليـم
طلعت إنسان سيّئ زيهم.
متختلفش عنهم في أي حاجة
اتمنيت تكون مختلف
بس طلعت أبشع يا سليم.
يتبع…

