رواية خيوط القدر الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سارة المصري – تحميل الرواية pdf

رواية خيوط القدر الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سارة المصري
الفصل الثانى والثلاثون
“ اتفضل يا دكتور عمر ”
قالتها الممرضة الخاصة بالطبيبة هويدا التى تعالج ياسمين وهى تفتح الباب له ، وصل عمر الى هويدا التى وقفت لتصافحه بابتسامة هادئة وهى تشير له بالجلوس .
وبعد صمت دام لحظات قال عمر ” دكتورة انا قلقان على ياسمين جدا ”
ابتسمت هويدا قائلة ” ليه ؟؟“
زفر قائلا ” مكنش المفروض اسيبها كدة مرة واحدة ..انا سمعت كلامك وقولتيلى ان ده فى مصلحتها بس انا شايف ان حالتها بقت اصعب على طول قلقانة وانا مش قادر اشوفها كدة وانا مانع نفسى انى اسمعها ”
أخذت هويدا نفسا عميقا وهى تخلع نظارتها قائلة ” دكتور عمر خلينا نتفق ..انت عاوز ايه …عاوز ياسمين كمجرد زوجه طبيعيه ولا ياسمين كانسانة ”
تطلع اليها عمر فى عدم فهم فواصلت هويدا ” ياسمين مشكلتها مش معاك بس ..ياسمين مشكلتها مع كل الناس ومع اى تعامل طبيعى ..الصدمات الى اتعرضتلها فى عمر صغير افقدتها الثقة فى كل حاجة وفى اى حد خلاها تنطوى على نفسها وتحاوط روحها بسور عالى عشان تحمى بيه نفسها ..بس مع ظهورك كل حاجة اتغيرت ولاسف مش للاحسن زى ما انت متصور ”
تراجع عمر فى مقعده فى دهشة وهو يقول ” ازاى ؟؟“
فتحت هويدا ملف امامها وهى تقول ” ياسمين بعد سنين طويلة قدرت تلاقى حد يجبرها انها تثق فيه وده احساس عمرها ما جربته ومع ثقتها دى رمت كل خوفها وانت بقاتلها السور الجديد اللى بتستخبى وراه ..مفيش قرار هيا اللى بقت تاخده انت بتاخدلها كل قراراتها وترتبلها حياتها فاكتفت بيك عن التعامل مع اى شخص تانى ”
تنفس عمر فى عمق قائلا ” بس ياسمين مش بس وثقت فيا لوحدى …دى وثقت فى ندى وزمايل ليها و..“ رفعت هويدا كفها قائلة ” يا دكتور افهمنى …مفيش بنى ادم طبيعى مش يتعامل غير فى اللى بيثق فيهم وبس ..لازم الانسان يتعامل مع كل الناس الكويس والوحش ..لازم يكون ليها شخصيتها اللى تقدر تميز بيها الناس وتواجه الناس من غير خوف وجودك جنبها فى كل مكان وفى كل موقف مخليها مستسلمة بسهولة ومبتواجهش معتمدة عليك انت حتى فى مشاكلها معاك ..من جواها جزء واثق انك محتمل كل حاجة فمستسلمة بمنتهى السهولة لخوفها ووسواسها المرضى ..ده طبعا غير حبها الكبير ليك اللى طول الوقت ضاغط عليها ومزود خوفها واحساسها بالذنب انها مش قادرة تسعدك ”
عض عمر شفتيه قائلا وهو يفكر فى تمعن ” حضرتك استاذة فى تخصصك وده شىء لاخلاف عليه ..انا كل اللى انا عاوزه ان ياسمين تبقى كويسة ومستعد اعمل اى حاجة تطلبيها منى مادام شايفاها فى مصلحتها ”
ابتسمت هويدا وهى تشبك اصابعها قائلة ” هايل يا دكتور …يبقى هنكمل زى ما احنا ..وايا كان مش عايزاك تضعف وكل ما كنت بعيد اكتر كل ما ده ساعدها ”
هز عمر رأسه محاولا ان يتفهم هذا وان يقنع نفسه بان ابتعاده عنها هو الوسيلة لمساعدتها ، فماذا فعل قربه منها عام كامل ، ليس هناك حل سوى ان ينفذ ما طلبته هويدا ربما كان الامل الاخير لمساعدتها
*****************************************************************
” منك لله يا ادهم يا الفى ..منك لله ” قالها الرائد حسام فى ارهاق واضح وهو يحاول منع النوم من التسلل الى عينيه بصعوبة ، ابتسم ادهم وقد بدا فى نشاط واضح وكانه استيقظ من نومه لتوه وهو ينظر الى وجه حسام ويعود الى كتابة تقريره قائلا ” عايز ايه يا حسام مالك ”
اخذ حسام يدلك رقبته فى الم وهو يقول ” مالى ؟؟…لا ابدا بقالك شهرين مطلع عينا وبقالنا اسبوع محدش روح بيته ويومين مشوفناش النوم ومطبقين ”
اشار ادهم بقلمه فى سعادة قائلا ” بس وصلنا ”
تاوه حسام قائلا ” وصلنا لايه ..انت متخيل ان حد هيسمحلك باللى انت ناوى عليه ده ؟؟“
رد ادهم دون ان يرفع عينه من الورق ” اللوا مختار ادانى كل الصلاحيات ”
قال حسام بابتسامة ساخرة ” وهيسحبها منك تانى باذن الله مجرد ما تفتح بقك وتقوله على اللى ناوى عليه ”
نظر ادهم الى حسام وزفر فى ملل“ تصدق بالله ده انت لو من العصابة نفسها مش هتكسر مقاديفى بالشكل ده ”
هز حسام رأسه قائلا ” انا مش فاهم انت ليه تغامر فى حاجة زى دى ..انت قبضت على اكبر تجار مخدرات فى البلد واتصبت مرتين وكنت هتروح فيها …واترقيت اهو يا سيدى وبقيت اصغر مقدم شرطة فى مصر …عاوز ايه تانى ؟؟“
نهض ادهم قائلا ” عاوز نشتغل صح يا حسام وعلى فكرة انا متحمل المسئولية كاملة من الاول واللوا مختار هو اللى اصر تشترك معايا ..لو عايز تعتذر براحتك ”
نهض حسام ليرد على ادهم لولا ان دخل اللواء مختار بقامته الرياضية فأديا له التحية قبل ان يجلس خلف مكتبه قائلا ” ايه آخر الاخبار ”
ابتسم ادهم قبل ان يقدم تقربره للواء مختار الذى ما ان انتهى من قرائته حتى اتسعت عيناه فى ذهول قائلا ” ادهم ..انت عارف معنى اللى بتقوله ده ايه ؟؟؟“
رد حسام بسرعة قائلا ” قولتله يا فندم والله بس تقول ايه بقا راسه ناشفة ”
نظر له ادهم فى غضب وعاد الى مختار قائلا“ عارف يا فندم ومتاكد بنسبة مية فى المية من كل اللى وصلتله بعد مجهود طول الشهر اللى فات ..الراجل ده هوا الراس الكبرة اللى مغرق السوق كله بالمخدرات من سنين واستخبى فى حصانة مجلس الشعب والمشاريع الخيرية عشان يدارى على نشاطه هوا وابنه ”
لوح مختار بكفيه قائلا ” بس محسن بركات شخصية عامة يا ادهم وليها وزنها ولوفيه اى غلطة فالداخلية كلها هيبقا وضعها صعب ”
قال ادهم بعد ان اغمض عينيه لحظة ” التقرير اللى انا قدمته لحضرتك يا فندم بيقول بما لايدع مجال للشك ان محسن بركات متورط ومن زمان اوى وفى التقرير كمان وصف تفصيلى للوكر بتاعه وبتاع ابنه وبالصور ”
قرا ادهم التردد فى عينى مختار فواصل ” حضرتك ادتنى ثقتك من البداية والحمد لله كنت قدها فياريت ثقتك فيا تستمر ”
تعلقت عينى ادهم وكذلك حسام باللواء مختار الذى عقد حاجبيه فى تفكير عميق وهو يسترجع بذهنه كل ما قام به ادهم من مهام ناجحه منذ التحاقه بالادارة والكفاءة التى اصبح يحظى بها وقوة الادلة التى قدمها قبل ان يتنهد وينظر الى ادهم بابتسامة قائلا ” هتتجذ الاجراءات الازمة لرفع الحصانة عن محسن بركات فى سرية تامة ” وصمت لحظة قبل ان يشير بسباته قائلا ” وفى اللحظة المناسبة ” نفذ“
***********************************************************
مسحت ندى دمعه سقطت من عينيها بغته وهى تجلس فى الشرفة الخاصة فى شقة اخيها ، اسبوع قد مر دون ان تراه ولم يفكر حتى فى السؤال عنها ، ذلك الذى كان فى الماضى يلاحقها عشرات المرات دون ملل ولكن لماذا تتعجب فقد اصبحت هناك اخرى يلاحقها ويوليها كل اهتمامه وحبه ، اما هى فأبقاها فقط ارضاءا لضميره او رغبه فيها لم تنتهى بعد ، لم تكن تعرف ان ادهم فى هذا الوقت مشغول بكل ذرة فى عقله فى مهمته المصيريه وعلى الرغم من ذلك فلم ينساها لحظة فهاتفها الذى نسيته مغلقا ولم يستطع الوصول اليها وظن انها كعادتها ترفض سماع صوته او الحديث معه جعله يتصل بمحمد الذى كان يطمانه على احوالها بشكل دائم وشعر بالغضب حين علم انها تركت القصر منذ يومين الى شقة اخيها دون حتى ان تفكر فى اخباره ، شعرت بيد اخيها تربت على كتفها وهو يضع امامها كوبا من النيسكافيه المفضل قائلا ” النيسكافيه بتاعك يا نودا ..عملتهولك بايدى ”
ابتسمت وهى تنظر اليه فى شحوب ، جلس عمر امامها قائلا ” مش عاوزة تحكيلى ”
ضيقت ندى عينيها للحظات تتامله وقالت ” على ايه ؟؟“
ابتسم عمر قائلا ” على اللى بينك وبين ادهم ”
ازدردت ندى ريقها فى توتر وخفضت رأسها لتلاشى نظرات اخيها قائلة فواصل عمر وهو يرفع وجهها بسبابته ” ندى …انتى اختى حبيبتى واغلى حاجة عندى فى الحياة ..والحزن اللى فى عينيكى ده كله مش هتقدرى تخبيه عنى على طول ”
ضغطت ندى على شفتها السفلى تقاوم دموعها فعمر اقرب الناس اليها ، تريد ان ترمى رأسها على صدره وتشكو له كل ما حدث ولما لا ؟؟، رددتها فى نفسها الم ينتهى كل شىء ، الم ينفذ ادهم كل ما اراده ، رفعت رأسها الى اخيها واخبرته بالقصة كلها والمؤامرة التى تعرضت لها ولكنها لم تخبره ابدا بالقسوة المفرطة التى لاقتها من ادهم ، خشيت ان يخسر صديقه بسبببها ، كان عمر يستمع اليها فى صدمة ويضمها الى صدره كلما انتفضت من البكاء وهى تتذكر ما حدث وحين انتهت صمت عمر للحظات وقال بعدها فى حنان ” كل ده يحصلك يا ندى وانا معرفش بيه ”
هزت ندى رأسها وهى تمسح عينيها وتقول ” مكنش ينفع يا عمر مكنش ينفع ”
نهض عمر من مكانه قائلا ” بس ادهم معذور يا ندى ”
رفعت ندى عينيها اليه فى استنكار فواصل ” اللعبة اللى اتلعبت عليه تخلى اى حد يصدق وانتى كمان خبيتى عليه من الاول ومسيبتيش اى فرصة قدامك انه يصدقك ” واضاف وهو يستند بكوعيه على سياج الشرفة ” انتو الاتنين غلطو بس ..“ واضاف فى عتاب واضح ” انتى غلطتى اكتر ” وتنهد مضيفا ” على كل حال اهو عرف الحقيقة ”
هتفت فى الم ” بعد ايه ؟؟“
هز عمر كتفيه قائلا ” لازم تاخديله عذره فى اللى عمله ..انا نفسى لو مكانه كنت عملت اكتر من كدة ..انا نفسى اخوكى اهو واكتر حد فاهمك فى الدنيا لو وقتها كان اتبعتلى فيديو زى ده انا مش عارف كنت هعمل ايه ”
قالت ندى فى مرارة ” وانا استحملت كل ده وكنت مستنية اللحظة دى بفارغ الصبر اللحظة اللى يعرف فيها برائتى ..كنت خلاص هنسى كل حاجة وهبدا معاه من جديد ..بس للاسف ..مش هقدر اعيش معاه لحظة وفى قلبه واحدة تانية ”
عقد عمر حاجبيه قائلا ” واحدة تانية …مستحيل ”
نهضت ندى وهى تواصل فى الم ” انا شوفت وسمعت كل حاجة بنفسى ” وقصت له كل شىء عن سلمى فابتسم عمر قائلا ” انتى غريبة اوى ياندى ”
رفعت ندى حاجبها وقالت ” بقولك سمعت وشوفت كل حاجة بنفسى ”
رد وهو يمسك بكتفيها ” وهوا سمع وشاف كل حاجة بنفسه ..سمع وشاف اللى اكتر من اللى انتى شوفتيه وسمعتيه .يبقا كان معاه حق بقا لما ما يصدقكيش وبعدين انتى سمعتى ايه …سمعتيها بتقوله بحبك ومشيتى من غير ما تسمعى رده عليها ..وبعدين واحدة عرضت حياتها للخطر عشانه كان لازم وطبيعى اول حاجة يعملها لما يقوم انه يروح يطمن عليها ”
نظرت اليه ندى فى تمعن وهى تتفحص حديثه الذى يبدو مقنعا ولكنها حاولت ان تبعد هذا عن راسها وقالت ” وانشغاله طول الفترة اللى فاتت ..ده حتى معرفش انى سبت البيت ”
رد عمر وهو يرفع حاجبيه ويخفضهما ” جوزك ظابط يا ندى وانتى عارفة طبيعة شغله كويس …وبعدين تلفون سيادتك فين ؟؟“
بدت البلاهة على وجه ندى من هذا السؤال فابتسم عمر قائلا ” تليفونك مقفول من اسبوع وهوا كلمنى من شوية لما عرف من محمد انك سبتى البيت وواضح انه عنده مامورية مهمة ..يعنى هوا كان بيطمن عليكى كل يوم حتى وهوا فى عز المعمعة اللى هوا فيها ”
لم تدر ندى مالذى شعرت به فى هذه الحظة ولكنها لم تشا ان تجزم بحبه لها خافت على قلبها من صدمة جديدة فقال عمر وهو يضمه فى حنان ” ادهم بيحبك يا ندى وفوق ما تتخيلى …لو مكنش حبك مكنتش اتجوزك ابدا ..كان طلقك وخلاص من الاول ..لكن حتى انتقامه كان جزء كبير منه بيحركة حبه ليكى ..بلاش الشك ياندى يخرب اجمل حاجة بينكو ”
” عمر ..ندى ..تعالو بسرعة ”
نظر عمر الى ندى فى دهشة واخذ بيدها الى حيث وقفت ياسمين امام التلفاز وهى تشير باصبعها ” بصو ”
اتسعت حدقتيهما فى ذهول مما يريانه وظهرت على شفتى ندى ابتسامة افتقدتها منذ عام كامل ابتسامة حب وفخر فى الوقت ذاته .
*******************************************************************
ادى ادهم التحية العسكرية فى صرامة للواء مختار الذى اقترب مربتا على كتفه قائلا ”بقيت ولا نجوم السينما يا ادهم ”
ابتسم ادهم فى حياء قائلا ” الناس بتحب تبالغ يافندم احنا بتعمل شغلنا بس ”
عقد اللواء مختار ذراعيه خلفه قائلا ” دى بقت قضية راى عام ..مين كان يصدق ان محسن بركات هو الراس الكبيرة اللى مغرقة البلد بالهيروين من اكتر من15 سنة ..الحق يتقال انت مسبتش ثغرة واحدة لولا هروب ابنه ” واضاف فى اسف ” القبض على ابنه متلبس كانت مهمة حسام للاسف ”
عقد ادهم حاجبيه وهو يقول ” حسام عمل مهمته على اكمل وجه يا فندم وانا لو مكانه مكنتش هعمل اكتر من اللى عمله ..التهمة اتثبتت على ابنه خلاص وهيتحاكم غيابى ..القبض عليه مسألة وقت مش اكتر ”
نظر له اللواء مختار قائلا ” خد بالك من نفسك يا ادهم ..الاشكال دى بتحب الانتقام ”
ابتسم ادهم وهز كتفيه فى لامبالاة قائلا ” حقهم يا فندم ..خليهم يحاولو ” لم يعطى ادهم اى اهتمام لما حذره منه اللواء مختار وما سبق ان هدده به محسن بركات لم يكن يعلم ماذا يعنى ان يفقد محسن كل ما بناه خلال خمسة عشر عاما على يده ولم يعلم ابدا ان ابنه الفار لم يعد له امل فى الحياة سوى ان ينتقم منه .
*********************************************************
أخذ ادهم نفسا عميقا وهو يدخل الى غرفة ندى كانه يريد ان يملا صدره برائحتها التى ظلت عالقة بالمكان وكانت أكثر رأفة به من صاحبتها التى تركته ، غاضبا منها بشدة وعاشقا لها بجنون يريد ان يصفعها لتصدقه وان يضمها الى صدره لتشعر بلامان الذى افقدها اياه بيده ، لم يعد يحتمل ان يرى رفضها له فى عينيها ، يريدها ان تقترب من جديد ليغرقها فى فنون عشقه وينسيها ماتذوقته على يده من مرارة انتقامه ولكنها ذهبت ولم تعد تطيق النظر الى وجهه ، ذهبت الى اخيها دون ان تعيره ادنى اهتمام او تفكر فى سبب غيابه وهى تعلم طبيعة مهنته الخطرة ، فهل توقفت عن حبه بالفعل ؟؟؟،
جلس على طرف الفراش وهو يمرر يده على وسادتها وكانه يلامس خصيلات شعرها الناعمة ، وضع رأسه حيث كانت تضع راسها ولا يعرف كم مر من الوقت وهو على وضعه هذا ، الا انه شعر برائحتها تزداد قوة وتملا انفه فدفعته الى ان يفتح عينيه ليجدها امامه تبتسم ابتسامتها القديمة التى عشقها ، ابتسامة جعلته يظن انها لازال غارقا فى احلامه فعاد ليغمض عينيه من جديد فنادته بصوت رقيق ” ادهم ” فتح عينيه ونهض ليتاملها لحظات فى شوق وحب وبصعوبة منع نفسه من ضمها الى صدره وشهق وهو يقول فى نبرة عاتبة ” حمدلله ع السلامة انت..“ قاطعته قائلة وهو تضع سبابتها على شفتيه وتنظر الى عينيه مباشرة ” ادهم انت لسة بتحبنى ؟؟“
نظر اليها فى دهشة متفاجئا من السؤال ، لقد ظن ان عتابها ولومها لم ينتهى بعد بسؤال كهذا ولكنه قال فى حنان ” انتى بتسألينى ؟؟“
هزت رأسها وهى تقول ” عاوزة اسمعها منك ” ”
وضع كفها بين راحتيه وضغطهما فى قوة وقبل ان ينطق شعر بحركة غريبة فترك يدها واتجه الى الشرفة فى حذر فوجد سيارتين تقتحمان القصر وتزيحا حارسيه فى وحشية وتقتحم البوابة الى الحديقة ، عاد ادهم بسرعة الى ندى وامسك كتفيها قائلا ” ندى ..انا محبتش فى حياتى غيرك ولا حبيت حد قدك وهفضل احبك لاخر نفس فيا ” واقترب منها وقبلها بعاطفة قوية بدت لها كانه يودعها فارتعدت قليلا وبعد ان ابعدها عنه
قالت فى خوف وهى ترهف السمع وتتشبث به ” فى ايه يا ادهم ..ايه اللى بيحصل ؟؟“
اخرج ادهم مسدسه ومسدس ندى ايضا وهو يجذبها من يدها قائلا ” مفيش وقت ..هتقفى ورا ضهرى واحنا بنعدى الممر للاوضة التانية دى واوعى تتحركى فاهمانى ”
لم يترك لها ادهم فرصة للتفكير هو يعلم انهم يسعون للانتقام منه باى طريقة وعليه ان يخرج ندى من القصر بسرعة ويبقى هو حتى لا يعرضها للخطر لو فر معها واشتبك معهم وحده ، لذا قرر بسرعة ان يهربها ويبقى هو ، فتح الباب ببطء وبصر عبر السياج الخشبى للسلم رجلين فى الطابق السفلى ، ارتعدت ندى وهى تتشبث به فقال فى خفوت ” متخافيش امسكى فيا جامد ”
هزت راسها فأخذ نفسا عميقا ، حياته لاتهمه على الاطلاق فى هذه اللحظة بقدر ما يهتم بالايمسها هى مجرد خدش ، انطلق عبر الممر وهويطلق نيران مسدسيه فى غزارة اصابت الشخصين واصابته هو فى ذراعه الايسر ولكنه كتم المه ووصل بها الى الغرفة المقابلة ، حاولت ان تصرخ وهى ترى اصابته ولكنه كتم فمها ونظر الى عم محمد الذى وقف فى توتر قائلا ” فى ايه يا ادهم بيه ”
ضغط ادهم يده المصابة وهو يقول ” مفيش وقت للكلام …انت هتاخد ندى دلوقتى وكل الخدم وعارف هتهرب بيهم منين ” هتفت ندى فى هلع ” وانت ؟؟..مستحيل نمشى ونسيبك ”
انطلقت رصاصة باتجاه الباب فصرخ ادهم فى محمد ” بسرعة يا عم محمد ..خدها بالعافية ” وفى اللحظة التى فتح فيها محمد باب آخر للغرفة وقيد حركة ندى بقوة وهى تحاول التملص منه كانت اللحظة التى اقتحم فيها احد المسلحين الغرفة وتبادل الرصاص مع ادهم الذى كان اسرع منه ، حمل محمد ندى حملا وهى تصرخ وتنتحب بشدة وتتوسل اليه ان يتركها مع ادهم ، فربها عم محمد من خلال ممر سرى فى القصر اقامه والد ادهم قديما ، ولم تشعر ندى بنفسها الا وهى تركب سيارة بجوار عم محمد ولا تدرى كيف وصلت اليها ولا كيف خرجت من القصر ، كل ما كان يدور بذهنها ادهم فقط ،ادهم الذى كان درعا لها ليحمها من الرصاص ، تذكرت كل لحظاتها معه وكل ذكرى ولحظة جميلة حملت ابتسامة او لمسة او نظرة ، لن تحتمل فقدانه ابدا ، صرخت فى محمد فجاة ” وقف العربية ..نزلنى ”
لم يعرها محمد اهتماما وهو يبتعد وروحها تخرج مع كل انش تبتعد به عن القصر الذى يلقى حبييها فيه مصيره الان ، لم تحتمل اكثر امسكت بعجلة القيادة وحركتها فى جنون وعشوائية فاضطر محمد ان يقف مجبرا للحظة فرت فيها ندى منه فهبط خلفها ليحضرها وركض وراءها فانحنت فجأة وهى تاخذ حفنة تراب قذفتها فى عينيه ليبتعد عنها ، فصرخ الرجل فى الم وتراجع وهو يحاول ان يلحقها ولكن محال رؤيته تضاءل وانطلقت ندى تجرى من جديد عائدة الى القصر بكل ما اوتيت من سرعة ، عقلها لم يكن له وجود فقط حبها لادهم هو ما كان يحركها ، انه يموت وهى تريد ان تشاركه مصيره ايا كان ، ظلت تجرى غير مبالية بسقوطها عدة مرات ولا بنبضات قلبها التى كادت تمزق صدرها ، ولا على سرعة انفاسها التى اوشكت على التوقف ، وجدت نفسها اقرب الى احدى ابواب القصر الجانبية ، فانطلقت تعدو وتعدو لتدخله غير مبالية باى شىء ، وفى اللحظة التى دخلت القصر فيها لم يكن لادهم وجود ، ظلت تناديه فى جنون وتبحث عنه غير مبالية بالاجساد الملقاة ارضا ولا تدرى ان فى اللحظة التى تركت فيها القصر مع محمد بدا هو صراعه فلم يعد امامه سوى الاشتباك معهم لابعادهم عن الممر السرى باى ثمن ، واستخدم كل ما تعلمه من حيل وخداع ليتغلب على كثرتهم واصاب العديد منهم ، واصيب بدوره برصاصة فى كتفه واخرى فى فى فخده غير اصابة ذراعه ، وحين اطمان انه انتهى منهم ، خرج ليستقل سيارته ، ليغادر القصر ولكن ما ان وصل الى بوابة القصر الامامية حتى تفاجىء بعصام الهارب بين خمسة من رجاله مسلحين ينزلوه غصبا من السيارة ، كان قد فقد جل قوته وطاقته فى هذا القتال وعلم ان هذه ربما كانت النهاية فلم يعد له قدرة على المقاومة اطلاقا ، قال عصام فى شماتة ” كنت عامل حسابى لكل حاجة واستنتك تجيلى خلصان كدة ”
نظر له ادهم وقال فى سخرية ” مش هتفلت بعملتك ابدا ”
رفع عصام مسدسه الى رأس ادهم قائلا ” بس هخلص عليك ..حياتك هيا تمن اللى عملته فى ابويا ”
وفجاة نظر عصام الى خلف ادهم وضحك قائلا ” ساعات الدنيا بتدى الواحد اكتر من اللى هوا عايزه …“
نظر ادهم الى حيث ينظر عصام فوجد ندى تدخل القصر من احد ابوابه الجانبية وتركض بشدة دون ان تنتبه لهم ، التفت له ادهم فى غضب قائلا ” لو لمست شعرة منها مش هتلاقى حد يرحمك منى ”
قهقه عصام قائلا فى سخرية ” ده انت بتحبها بقا ..غريبة مع انها مراتك ..لو كنت اعرف كنت استغلتها من الاول ”
وعاد ليضحك من جديد ” انا كنت ناوى بعد ما اخلص عليك افجر القصر كله ..وفيه قنبلة زرعناها جوة بمجرد ما ادوس ع الزرار ده دقيقة واحدة والنار مش هتسيب فيه حته ”
واشار بجهاز فى يده قائلا ” تخيل بقا حبيبة قلبك جوة هتموت قدام عينيك وانت مش عارف تعملها حاجة ”
وبالفعل ضغط الزر فصرخ ادهم ” لااااا ”
واستعاد فجاة كل نشاطه وحيويته وهو يتمنى ان تطول الدقيقة ، حياة حبيته مرتبطة بكل لحظة تمر ، نسى كل الامه وتحرك كل جزء فيه ليوجه ركلة او لكمة ، لم يشعر ابدا باى الم يوجه اليه ، اخذ يصرخ باسمها علها تسمعه دون جدوى ، كان يريد ان يصل اليها باى ثمن ، لن تموت على هذا النحو البشع ابدا وليس امام عينيه ، سمع عصام وهو يصرخ فى شماتة ” خلاص يا حضرة الظابط ، ودوى صوت الانفجار واشتعلت النيران وتوقف ادهم فجاة حتى عن التنفس وصرخ بكل لوعة والم الدنيا كلها يعتصره ” ندى ” ، كانت اصعب لحظات حياته ، ارتمى ارضا واستسلم تماما لموته ، لن يمكنه تحمل هذا الوجع ابدا ، اما عصام فعاد اليه وهو يحمل مسدسه ويصوبه الى رأسه قائلا ” انت انتهيت ” لم يقاوم ادهم مطلقا ، وترك الرصاصة لتنطلق الى هدفها وهو يراقب تلك النيران التى تلتهم حبيته دون رحمة ، دوت صوت الرصاصة واظلمت الدنيا كلها من حوله .
