Uncategorized

رواية قارئة الفنجان الفصل التاسع 9 بقلم مني لطفي – تحميل الرواية pdf


                              

قارئة الفنجان

+

                              

الفصل (9)

+

                              

بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)

+

                              

يرقد مستندا بظهره الى الوسادة من خلفه فيما ترتسم على وجهه ابتسامة شاردة وهو يتذكر وجهها الفاتن وهو يحمل تعبيرا طفوليّا حانقا!!!!!!… كاد يقهقه بصوت عال وهو يتذكر نظراتها الساخطة ودمدمتها بهمس غير مسموع من بين شفتيها الكرزتين وهو يكاد يقسم أنها كانت تنعته بشتى أنواع السباب المعروف والمجهول..

+

                              

تنهد بعمق بينما عبارتها النزقة تتردد في أذنيه والتي ألقتها عليه في غفلة عن والديها اللذان انشغلا في تتبع نشرة الأخبار والتي أخبر والدها أن سماعها شيء مقدس بالنسبة له فيما هو لا يأبه بما حدث في يومه أو بما سيجدّ من أحداث في غده، إذ هتفت به بحنق غاضب وبصوت خافت لم يسمعه سواه:

+

                              

– أقدر أعرف أنت بتعمل هنا إيه؟.. وإيه بالظبط سبب تشريفك لينا بزيارتك دي؟.. 

+

                              

أجابها بخفوت مشابه بينما ارتفع طرف شفته العليا في شبح ابتسامة ساخرة:

+

                              

– أظن أنا قلت السبب، عشان أطمن على زميلة ليا!!.. مش انت زميلة ليا في الشغل ولا إيه؟… وتعبت فعلا وجبنالك الدكتور؟!!!

+

                              

ندى من بين أسنانه اللؤلؤية الصغيرة المطبقة بسخط:

+

                              

– فيك الخير والله، تقتل القتيل وتمشي في جنازته صحيح!!.. 

+

                              

لتتسع عينيها بعدها وقد ارتاعت من أن يكون قد أفصح لوالديها بتعبها:

+

                              

– اوعى تكون اتذاكيت وقلت لهم؟.. هما ميعرفوش حاجة على فكرة، كل اللي يعرفوه انه كان عندي شوية برد وخلاص راحوا لحالهم الحمد لله..

+

                              

يوسف بنظرة عابثة وهو يميل ناحيتها فيما يرمق والديها بطرف عينه ليرى أنهما لا يزالان يتابعان نشرة الاخبار:

+

                              

– اطمني يا كدابة هانم، كل اللي قلته انك ما جيتيش حضرت تصوير الاعلان انهرده زي ما وعدتي، ولما سألت عرفت انك ما روحتيش الشركة أساسا، ووالدتك تكفلت أنها تبلغني بـ.. – وتابع بسخرية – شوية البرد اللي جالك دا في عز الصيف دول!!!..

+

                              

هتفت ندى باعتراض حنق منى بين شفتيها المطبقتين:

+

                              

– أولا أنا ما وعدتش اني هحضر تصوير الاعلان، حضرتك اللي أمرت!!.. وأنا مش بشتغل عندك عشان تؤمر وتنهي على كيفك، وعامة يا ريت زيارتك دي ما تتكررش تاني.. شكر الله سعيكم يا سيدي!!..

+

                              

يوسف بدهشة:

+

                              

– شكر الله سعيكم؟.. هو أنا جاي أعزِّي؟…

+

                              

ندى بنفاذ صبر واضح:

+

                              

– تعزِّي، تهنِّي مش مهم!!.. المهم أنه يا ريت تنسى عنوان البيت هنا خاااااالص!!..

+

                              

يوسف بأسف مصطنع:

+

          

                

– معقول دا حسن الضيافة عندكم؟.. يعني بدل ما تشكريني اني جيت عشان أطمن عليكي تطرديني بس بالزوق؟.. 

+

تنهد بأسى زائف وهو يردف متصنعا الحزن:

+

– بس يا ترى عز الدين بيه ولّا كريمة هانم لو عرفوا ان بنتهم بتطرد ضيف عندهم هيكون رد فعلهم إيه؟..

+

لتفتح عينيها على وسعهما وتحدق فيه بانشداه تام فيما هو قد رسم الجدية التامة على وجهه بينما داخله يكتم ضحكة قوية تكاد تفضحه، همست بذهول وصدمة:

+

– انت.. انت بتقول إيه؟.. انت بتهددني انك هتقول لبابا وماما؟..

+

رفع يوسف كتفيه وأنزلهما في إشارة الى لا مبالاته وأجاب ببساطة:

+

– مش دي الحقيقية؟.. هتبلّى عليكي يعني؟..

+

قبضت ندى أصابع يدها اليمنى وهي تتمنى أن تهوى بها على فمه الحازم لتطمس ابتسامته الساخرة تلك فيما تمتمت شفتيها بعدة كلمات ليعلق يوسف باستفزاز:

+

– بيتهيألي اني اتشتمت دلوقتي؟.. 

+

ندى بجدية تامة وهي تنظر أمامها وبكل وضوح:

+

–  أكيد!.. ودا أقل واجب بصراحة!!!!!!

+

أفلتت منه ضحكة عابثة سرعان ما كتمها ليتظاهر بالسعال مما لفت انتباه والديها اللذان سألاه عمّا به وكان هذا ايذانا بانتهاء حوارهما الساخر الهامس، لتبتعد ندى تماما عن الاشتراك في أية أحاديث تدور بينهم مكتفية بالادلاء ببعض التعليقات الخفيفة حينما يوجّه اليها السؤال، فيما اختار يوسف ألا يثقل عليها هذه المرة، وتركها بحريتها متعمدا ألا يوجّه اليها أية حديث مباشر، تاركا لها مساحة من الحرية والتي ستتقلص بالتدريج حتى تؤمن تماما بأن وجوده في حياتها أمر مفروغ منه، وقد عاهد نفسه على ذلك!!..

+

كان يبتسم شاردا في تذكر تفاصيل ذلك اللقاء والذي خرج منه بنتيجة هامة للغاية، ألا وهي أن والدة ندى ستكون أقوى حليف له، فهي قد لمست اعجابه الواضح بابنتها والذي تقصّد اظهاره وبكل وضوح لجسّ النبض، ليتأكد أن أمها تتحرق شوقا الى اليوم الذي تراها فيه عروس فاتنة بجانب عريسها، فلم يفتها النظرات المختلسة التي كانت ترمقه بها والدتها طيلة الجلسة والتي تظاهر بعدم انتباهه اليها، فكانت تنظر اليه بطرف عينها وابتسامة رجاء تداعب وجهها وهي تنقل عينيها الى وحيدتها التي جلست والتجهّم يعلو وجهها وبقوة لتنهرها والدتها بنظرات عاتبة ولكن الأخرى تصرّ على تزمّتها وتجهّمها الواضح، وكأنها ترسل اليه برسالة معناها “إياك والاقتراب!!!”…، ولكنها لا تعلم بأنه سيقترب ويقترب حتى يصبح أقرب أليها من أنفاسها!!!…

1

رفع علبة السجائر ليسحب بأسنانه طرف سيجارة  ثم يشعلها بقداحته الذهبية قبل أن يلقي بالأخيرة جانبا، ويمجّ نفسا عميقا مغمضما عينيه وسؤال وحيد يدور في ذهنه”متى وكيف أصبحت قطر الندى بمثل هذه الأهمية بالنسبة إليه؟”…

+

        

          

                

ليجيب بنفسه على سؤاله هذا في صمت “منذ احتوتها ذراعيّ وضممتها إليّ، لأستنشق عبير أنفاسها، ويدق قلبي مدويًّا كقرع الطبول حتى كاد يقفز خارجا من صدري فيما أكاد أتحرق شوقا لزرعها داخل ضلوعي، وكأني بها ضلعا مني فقدته ثم عاد إليّ ثانية!!..

+

منذ أبصرتها وهي ترقد في سلام ووجهها ساكن كالأميرة النائمة التي تنتظر أميرها ليوقظها بقبلة، وكم حاولت منع نفسي عن اختلاس تلك القبلة ولكن لتتفتت مقاومتي المزعومة تلك وتتهشم كالفتات ما إن همست بتلك الكلمة التي وددت أن أخنقها لتبتلعها في جوفها ثانية (حبيبي!!!).. لم تكن تلك الكلمة بالذات من فعلت فيّا الأفاعيل ولكنه الاسم الذي تلاها، ما جعلني أشعر بحرارة ذائبة تكاد تصهر داخلي، ورفض صارخ أن يقترب أي اسم آخر بتلك الكلمة بالنسبة لها، وأقسمت لحظتها أن اسمي أنا من ستهذي بها في نومها وصحوها، ألم تصبح هي هاجسي في كل وقت وحين؟.. ليس بصوتها وحده وانما بصورتها أيضا، بعبق أنفاسها الذي لا يزال عالقا بذهني، أكاد أشعر أنني أشمّه في كل حين، فأنا لا أعلم تماما ماهيّة الحب، ولكن ما أشعر به بداخلي أعتقد أنه يتخطّاه بمراحل، وكأنني قد أحببتها في زمان آخر وما إن تقابلنا حتى عرفتها روحي قبل أن أعيها أنا، لتغرق مدلهة في حبها حتى أذنيها، ولكن… لن أكون وحدي، أقسم يا ندايا العطِر أنك ستكونين لي وبارادتك أنت ورغبتك، وأن قلبك الماسيّ هذا سيصبح ملكا لي وحدي، وسأوشمه باسمي… يوسف طاهر!!!!…

+

لمعت عيناه ببريق العزم قبل أن ينحني ليطفأ سيجارته المشتعلة في المطفأة الكريستال أمامه، حينما تعالى صوت حذاء ذو كعب مرتفع خارج غرفته، فقطب قليلا وسرعان ما انفكت تقطيبته وهو يرى مايسة وهي تدلف اليه بابتسامة مشّعة، ليلعن في صمت غبائه الذي جعله يأتي الى هذه الشقة بدلا من الذهاب الى شقة والديه كدأبه في الفترة السابقة، زفر بضيق مكتوم في حين اقتربت منه وهي تتمايل في مشيتها يمينا ويسارا فتتحرك أردافها بوضوح، خاصة وأن ثوبها يلتصق بثناياها كجلد ثان لها ويبرز مفاتنها بصورة فجّة..

+

سارت حتى اقتربت منه ثم مالت عليه لتنحسر فتحة ثوبها العليا كاشفة عن نحرها كاملا ومقدمة نهديها بينما همست له بصوت لعوب بشفتيها المطليتين بلون كرزي داكن:

+

– وحشتني!!…

+

ثم رفعت أصابعها تداعب خصلاته الأبنوسية بابتسامة امرأة تعلم تماما مدى جاذبيتها، ولكنه فاجئها بسحب يدها بعيدا عن شعره، وقال ببرود شديد ودون أن يكلف نفسه عناء النظر اليها:

+

– ايه اللي جابك؟.. أنا مش قلت لك ما تجيش هنا تاني؟..

+

نظرت اليه قليلا بتركيز قبل أن تعتدل واقفة وتقول ببساطة مزيفة:

+

– وحشتني، وانت بئالك مدة طويلة أوي مش بتسأل، وبعدين..

+

سكتت قليلا لتتارع بعدها بتأنٍّ:

+

        

          

                

– جوزي وقلقت عليه، ومن حقي أني أشوفه….. آآآآآآآه….

+

ما ان تفوهت بكلماتها حتى سرعان ما انقض يوسف على ذراعها يقبض عليه بكل قوة، لتطلق صيحة ألم، فيما جذبها ناحيته فمالت عليه بينما هتف بها بحدة وغضب:

+

– جوز مين؟.. احنا هنلعب على بعض؟.. ما انتي عارفة اللي فيها، أحنا مش فضيناها سيرة وخلصنا؟!!!!

+

حاولت مايسة جذب ذراعها من قبضته بفشل لتصيح ناقمة:

+

– سيب دراعي، انت اتجننت؟!!… 

+

ليقفز يوسف واقفا ويدنو بوجهه ناحيتها هادرا من بين أسنانه المطبقة بغضب ناري فيما قبضته تشتد وبقوة عليها حتى كادت تشكّ أن مرفقها سينخلع من مكانه:

+

– انت اللي اتجننتي؟.. انتي ازاي تكلميني بالطريقة دي؟.. فاكرة نفسك مين؟..

+

نجحت مايسة أخيرا في فك حصار ذر اعها من قبضته ووقفت أمامه تصرخ فيه بغضب قوي:

+

– أنا مايسة الشرقاوي، وأظن انت عارف كويس أوي عيلتي تبقى مين؟..

+

هتف فيها يوسف بسخرية شديدة:

+

– طز!!!!!.. انت فاكرة نفسك من عيلة فعلا؟.. تحبي أقولك انتي مين فعلا؟…

+

لم ينتظر سماع جوابها وأردف وهو يشير اليها بينما اعتلى وجهه تعبير اشمئزاز واضح:

+

– انت واحدة رخيصة، من الآخر بتاعت مزاج وبس!!.. وعيلتك اللي انتي فرحانه بيها أوي دي أنتي أول واحدة هتكوني السبب انهم يخسروا اسمهم وسمعتهم لو عرفوا بنتهم العزيزة بتهبب إيه بالظبط من وراهم، اوعي تفتكري انك قدرت تضحكي عليا.. لا  يا هانم.. أنا وانت عارفين كويس أوي اللي بيننا دا اسمه إيه… مزاج.. بس بشكل شرعي شوية، حتى شرعيته مش أكيدة، فلمِّي الدور بقه واتكلي من هنا أحسن لك، أنا لغاية دلوقتي ماسك نفسي كويس أوي، لكن ما أَضمنش لو زودتي ممكن أعمل إيه، جواز وقطعنا الورقة ورميت عليكي اليمين، اللي بيننا شغل وبس، هتزودي فيها عقدك هيتلغي ومن بكرة، انتي مش خضرة الشريفة ولا أنا سقيتك حاجة أصفرا وسلبتك أعز ما تملكي، أنا يمكن رقم 20 في لستة طويلة عريضة انتي عارفاها كويس أوي، يوسف طاهر مش بيتجوز وخلاص، صدقيني اني عندي فايل كامل بكل حاجة حصلت لك، حتى الحاجات اللي انتي نسياها، تاريخك الاسود كله عندي، فيا تشوفي شغلك وبس وتشيلي أي حاجة تانية من بالك يا إما صورة من الفايل دا هيكون عند السيد الوالد بكرة الصبح، وأنت عارفة وأنا عارف كويس هو ممكن يعمل إيه؟!!!!!!!!!

+

شحبت مايسة حتى كاد وجهها يحاكي وجوه الموتى وترنحت في وقفتها لتستند على المقعد بجوارها قبل أن تقول بتلعثم:

+

– انت.. انت بتقول إيه؟..

+

نظر اليها يوسف بتمعّن واضعا يديه في جيبيه قبل أن يجيبها بمنتهى البرود:

+

– اللي سمعتيه، أظن انه بابي ميعرفش  بنته الوحيدة بتعمل إيه في مصر؟.. اللي أعرفه انه باباكي مقيم حاليا في لندن، المكتب الرئيسي لشركته هناك، وأنه مامتك سيدة مجتمعات من الطبقة المخملية، أنت اتخرجت من الجامعة، مريت بكم قصة حب فاشلين، حاسيتي بالملل، فقلتي تنزلي مصر، عجبتك لعبة الموديلز بعد ما صاحبتي فاتن شهاب أشهر موديلز هنا، وعرفتك على أصحاب شركات دعاية كتير ورجال أعمال، اللي أكيد كانوا مهتمين بجمالك أكتر من اهتمامهم بأنك تنفعي موديلز دعاية ولا لأ!!.. وكالعادة، ونتيجة للحرية الزيادة، ابتديتي تدخلي في علاقات هنا كمان في مصر، يعني من الآخر أنا مش أول بختك… تقريبا كان ولد زميلك في المدرسة هناك، وطبعا بابي ومامي ميعرفوش حاجة، فيا حبيبتي بلاش الفيلم اللي بتعمليه عليّا دا، احنا الاتنين عارفين كويس أوي علاقتنا دي كانت ليه، وخلاص، فنيتو.. يعني انتهت!!..

+

        

          

                

تقدمت منه بخطوات بطيئة حتى وقفت أمامه ثم رفعت وجهها ونظرت اليه مليًّا قبل أن تقول بصوت مغلف بحزن غريب:

+

– ممكن أسألك سؤال؟..

+

أومأ بالايجاب فواصلت:

+

– ليه؟..

+

قطب مكررا سؤالها بحيرة:

+

– ليه؟!!!!

+

أعادت قائلة:

+

– ليه اتجوزتني؟.. أنت عارف زي ما أنا عارفة أنك من يوم ما كتبنا ورقة الجواز العرفي ما حطيتش عليّا صباع واحد!!.. يبقى ليه؟…

+

زفر يوسف بقوة قبل أن يقول بغلظة:

+

– عادي.. ما كانش ليا مزاج، مش مشكلة يعني، المهم اننا خلاص، ما عادش فيه أي شيء يربطنا الا عقد الشغل وبس، ويا ريت تفهمي دا كويّس أوي، والبيت دا تنسيه نهائي!!!!…

+

فتحت مايسة حقيبتها اليدوية المعلقة على ذراعها وتناولت منها مفتاحا صغيرا مدته إليه وهي تقول بشبح ابتسامة:

+

– ماشي يا جو، اللي بيننا فعلا شغل وبس، وشكرا على كل حاجة تانية…

+

ثم استدارت لتنصرف فيما زفر يوسف باختناق فهي على حق، فهو لم يستطع أن يضع اصبعا واحدا عليها، فكلما اقترب منها تراءى له وجه ندى ليبتعد كالملدوغ من فوره، فمنذ أن دخلت ندى الى حياته بعينيها العنبريتين وكأنها قد ألقت عليه بتعويذة سحرية جعلته يزهد في أي أنثى غيرها!!!… 

+

جلس يوسف على المقعد يتابع انصراف مايسة بعينين لا تريان سوى وجه ندى أمامها بينما لمعت عينا مايسة ببريق شرٍّ مخيف، ان كان انتبه إليه يوسف لكان تدارك تلك الكارثة التي ستدكّ حياته دكَّا!!!!!!…  

+

************************

+

**في وقت سابق من اليوم وتحديدا بمنزل رنا**

+

رفعت شوكتها الى فمها لتنزلها بعدها وهي تمضغ الطعام بشكل آلي، فيما انشغلت عيناها بمراقبة والدتها وذلك الجار الجديد والذي وللمصادفة البحتة ظهر أنه يقطن في المبنى المجاور لهما في هذا المجمع السكني الشهير، لقد فقدت حماسها فجأة والذي كان يسري في عروقها طوال فترة تجهيزها للطعام وهي تدعو الله في نفسها أن يعجب والدتها الحبيبة، وكم ترقبت لحظة رؤيتها لوجهها الحبيب وهو يطل عليها من بين جموع المسافرين، ليتحول فرحها لرؤيتها الى توجس وريبة من هذا الـ.. شاهين!!.. خاصة وقد تحاشت والدتها أي أسئلة خاصة به من لحظة انفرادهما وحتى قدومه حاملا لعلبة شوكولاتة فاخرة قد اشتراها خصيصا لها عندما علم من والدتها أنها تهوى هذا النوع من الشوكولاتة الفاخرة!!…

+

وكزة خفيفة أيقظتها من شرودها تبعها همس ندى التي حمدت الله على قدومها فلم تكن لتحتمل هذا الجو المثقل بوجوده وهذه الشكوك تحوم فوق رأسها، همست ندى بصوت منخفض:

+

– إيه يا روني؟.. مش بتاكلي ليه؟.. كُلي يا حبيبتي وما تخليش حاجة تنغص عليكي فرحتك برجوع طنط فريدة بالسلامة، ما تخاليهاش تلاحظ انك متضايقة.. أنا عارفة اللي بيدور في دماغك كويس أوي، بس ممكن جدا تطلع كلها أوهام.. وبكرة تقولي ندى قالت..

+

        

          

                

تركت رنا شوكتها وزفرت بضيق هامسة بسخرية:

+

– أوهام؟!!!… شوفي طريقة نظراته ليها وانتي تعرفي أنها مش أوهام، أنا مش مولودة امبارح يا ندى، أول مرة ماما تتهرب مني بالطريقة دي، وبعدين من امتى وفيه راجل غريب بيدخل البيت؟.. ولما واجهتها بكدا قالت لي خالك رشاد جاي!!!!.. تخيّلي!!.. أونكل رشاد ابن خال ماما واللي بئالو أكتر من سنة ما دخلش بيتنا جاي عشان يسلم عليها من السفر؟!!.. وقبل معاده بوقت بسيط اتصل يعتذر انه جات له حالة ولادة مستعجلة وانه داخل العمليات وهييجي بعد ما يخلص، فاضطرينا نتغدى من غيره، بعد ما ماما أصرّت على – وأشارت الى شاهين المنخرط في حديث جانبي مع فريدة من طرف خفي – أنه مايمشيش لما عرفت أنه أونكل رشاد هيتأخر..

+

ندى بصوت منخفض:

+

– ما أنت عارفة أنه أونكل رشاد طول وقته مشغول بين المستشفى والعيادة والجامعة، وطنط تهاني مراته مش بتقصّر بصراحة، وبعدين أنتم عازمينه على الغدا مش العشا، ولو استنى أونكل رشاد يبقى ممكن سحور كمان!!!

+

زفرت رنا بيأس وهمست باعتراض:

+

– ومن أمتى وأونكل رشاد بييجي لنا لوحده من غير طنط تهاني؟.. وبعدين تعزه ليه من الأساس؟.. أنا مش…

+

ندى وهي توكزها بمرفقها بينما عيناها تراقبان فريدة التي تبتسم لشيء قاله شاهين:

+

– هششش.. خلاص، هياخدوا بالهم..

+

لتشيح رنا بيدها بعدم اهتمام ثم ترفع كوب الماء بجوارها لترتشف قليلا منه، وتعيده مكانها فيعلو وقتها صوت شاهين يقول بابتسامته المعهودة:

+

– الأكل تحفة يا رنا، تسلم إيدك، أنا بصراحة مش عادتي أني آكل كتير كدا، لكن ما قدرتش أقاوم طعامته..

+

رنا بابتسامة لم تصل الى عينيها:

+

– شكرا يا دوكتور..

+

شاهين بضحكة صغيرة جعلت ندى تعترف بأنه يمتلك جاذبية رجولية قوية:

+

– لا دكتور إيه بقه؟.. قوليلي أونكل.. احنا بقينا جيران خلاص..

+

وسكت مطالعا والدتها قبل أن يردف بلهجة حانية فيما تخضب وجه فريدة خجلا وهربت بعينيها من نظراته المحبة:

+

– وأن شاء الله نكون أقرب من الجيران كمان، وقريب أووي…

+

قطبت رنا في ريبة ومالت على أذن ندى تهمس بغضب:

+

– شوفتي بيبص لها إزاي؟…

+

قاطعتها ندى تنهرها بصوت منخفض:

+

– هشششش.. خلاص، مش وقته الكلام دا دلوقتي، لما يبقى يمشي ابقي افهمي من طنط معنى كلامه إيه… 

+

ثم نظرت اليها بتحذير مردفة:

+

– واوعي تفاتحيها قودامي، لما أمشي أنا وهو اتكلمي معها بس بالراحة وهدوء، مامتك مش صغيرة يا رنا.. في الأول والآخر دي والدتك اوعي تنسي كدا وانتي بتتكلمي معها.

+

        

          

                

زفرت رنا بيأس وأومأت برأسها بنعم وهي تعيد انتباهها الى صحنها تلاعب ما فيه من طعام بشوكتها بعينين زائغتين..

+

لاحقا وبعد أن انصرف كلًّا من ندى وشاهين، اهتمت سعدية برفع الأطباق بعد أن قدمت لهما الشاي في الشرفة المطلة على الحديقة المحيطة بالمبنى، رفعت فريدة فنجانها ترتشف من عدة قطرات قبل أن تعيده مكانه وهي تقول بابتسامة:

+

– يا سلام.. مافيش أحلى من بيت الواحد فعلا، مهما لفيت وسافرت يفضل بيتي هو أكتر مكان برتاح فيه وبحس فيه بالدفا والأمان..

+

جلست رنا على المقعد الخيزران المجاور لوالدتها وقالت بهدوء يخالف الانفعالات التي تمور بداخلها:

+

– عندك حق يا ماما، البيت هو المكان الوحيد اللي بيرتاح فيه الواحد مننا، وبيقعد على راحته خالص، من غير تحفظ، خصوصا عندنا هنا في الكومبَوْند، الناس كلها في حالها، بصراحة هدوء وراحة ومكان جميل ما فيش بعد كدا، ولا جار يزعجك ولا جارة تقلّ راحتك ولا حاجة..

+

نظرت اليها فريدة بنصف عين ثم اعتدلت تواجهها وهي تتحدث بجدية:

+

– مالك يا رنا؟..

+

رنا بنصف ابتسامة:

+

– هيكون مالي يعني يا ماما؟.. فرحانه أنه حضرتك رجعت بالسلامة طبعا..

+

فريدة بنظرة ثاقبة:

+

– رنا حبيبتي.. انتي بنتي، يعني حافظاكي كويس أوي، ممكن بقه ومن غير لف ودوران تقوليلي مالك؟.. تلميحك بالكلام وطريقتك وحتى سلامك لضيوفك وهما مش ماشيين مش رنا بنتي خالص!!!..

+

رنا وهي تنظر الى والدتها ببرود:

+

– ضيوفي ولا حضرتك تقصدي حد معين من الضيوف؟!!!

+

قطبت فريدة وهتفت باستنكار:

+

– جرالك إيه يا رنا؟.. إيه النغمة الجديدة اللي بتكلميني بيها دي؟…

+

وجدت رنا أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم بالتفتت بكليتها الى والدتها وهتفت بحنق:

+

– تقدري حضرتك تقوليلي يبقى مين الدكتور شاهين دا بالظبط عشان تعزميه عندنا على الغدا؟.. وكمان أونكل رشاد كان هييجي لولا انه اتعطّل في شغله؟.. حتى شكلكم وانتم خارجين مع بعض من المطار…

+

هتفت بها فريدة تقاطعها في حدة:

+

– مالو شكلنا يا رنا؟.. انته تغلطي فيا يا رنا؟..

+

زفرت رنا بتعب ونهضت لتميل على والدتها تقبلها وهي تعتذر قائلة:

+

– يا ماما والله ما قصدي حاجة وحشة، لكن أنا استغربت، ما حضرتك بتسافري مؤتمرات كتير وبشوف زمايل ليك كتير، انم اده بالذات أنا ما ارتحتش له خالص، من أول لحظة شوفته فيها، سامحيني يا ماما، حضرتك عارفة انك مش أمي وبس.. لأ.. وأختي كمان وصاحبتي، يا ماما بصراحة كدا نظراته مش مريحة!!…

+

        

          

                

تنهدت فريدة بعمق ثم قالت وهي تربت على ذراعي ابنتها الملتفتان حول عنقها:

+

– يا رنا يا حبيبتي أونكل شاهين انسان غاية في الاحترام، وأنا مش فاهمة إيه اللي مضايقك؟.. أنا عرفت بالصدفة واحنا في الطيارة قبل ما ننزل انه ساكن معنا في نفس الكومبوند والأغرب في العمارة اللي جنبنا دي..

+

وأشارت الى مبنى ملاصق لبنايتهما ثم تابعت:

+

– كان ذوقيّا أني أعزم عليه أننا نروّحه وخصوصا أن لاقيت ندى معاكي، ولما جات سيرة الغدا عيب أني ما أعزمش عليه، إيه المريب في الموضوع بقه؟..

+

وقفت رنا وقالت وهي تنظر الى شعر والدتها النحاسي والذي خالطه بضعة شعيرات بيضاء:

+

– طيب تقدري حضرتك تقوليلي إيه سبب أنه أونكل رشاد كان هييجي؟.. ولوحده ليه؟..

+

زفرت فريدة بيأس، فما كانت تخشاه قد حدث، فذكاء ابنتها لن يغيب عنه ربط هذه الأحداث ببعضها البعض، وها هي تنهال عليها بالأسئلة ولا يزال الشك يراودها فكيف الحال إذا ما صارحتها بالحقيقة؟.. ولكن… من الواضح أنها لا بد لها من أن تفصح لرنا عن اسبب الحقيقي لاهتمام شاهين بها، فالأخير قد أسرّ إليها قبيل ذهابه أن رنا ترمقه بنظرات مرتابة وأنه لا يريد أن يترك لديها انطباعا سيئ، فلا بد لها من مواجهتها فهو لا يطلب أمرا محرّما أو ممنوعا، كما أنها ناضجة كفاية لتعلم أنه يحق لوالدتها أن تقضي الباقي من حياتها كما تريد وترغب فهي لن تستمر بجوارها طوال العمر..

+

أجابت فريدة بتأن كمن يمشي على حبل مشدود:

+

– أنتي عارفة أنه ماينفعش راجل يدخل عندنا وما فيش راجل في البيت، وعشان كدا قلت لأونكل رشاد..

+

عاجلتها رنا:

+

– لكن أونكل رشاد ما جاش..

+

فريدة بصبر:

+

– يعني كنت أطرده يا رنا؟.. أنتي عارفة أنه أونكل رشاد دكتور نسا ووارد جدا ييجي له ولادة مفاجئة، ودا اللي حصل فعلا، الراجل كان جه فعلا، وبعدين أنا شايفه أنه كان في غاية اللباقة والاحترام، إيه اللي مضايقك منه أنا مش فاهمه؟..

+

رنا وقد قررت أن الصراحة هي أنسب وسيلة للتأكد من صحة ظنونها من عدمه:

+

– ماما.. بصراحة كدا، أنا… – وسكتت لا تعلم كيف تنطق ما تشعر به جليّاً واضحا لتقرر المتابعة شاحذة كل قواها بعدها – أنا عندي احساس أنه الدكتور شاهين مش مجرد زميل لحضرتك وبس…

+

نهضت فريدة ببطء تواجه ابنتها التي واصلت:

+

– ولا… ولا جار وبس…

+

تنشقت فريدة نفسا عميقا قبل أن تطالع ابنتها وقد قررت بدورها أنها لن تهرب من مواجهة ابنتها، والآن أفضل من لاحقا على الأقل كي تعرف على أي أرض صلبة تقف، لتقول بحزم:

+

        

          

                

– رنا… الدكتور شاهين.. عاوز… عاوز….

+

وسكتت وقد أدركت صعوبة ما تحاول النطق به لترفع عنها ابنتها الحرج وهي تتابع بدلا منه في جمود تام:

+

– عاوز يتقدم لك.. صح؟!!!!…

+

نظرت اليها فريدة لوهلة قصيرة قبل أن تجيبها بزفرة عميقة:

+

– أيوة يا رنا، شاهين عاوز يتجوزني…

+

تقدمت منها رنا وهي تسألها عاقدة ما بين حاجبيها في توجس:

+

– مش المهم هو عاوز إيه، المهم… أنتي عاوزة إيه؟…

+

لتقف أمامها تماما مردفة بيأس:

+

– عاوزة إيه يا ماما!!!.. موافقة تتجوزيه؟..

+

هزّت فريدة برأسها يمينا ويسارا قبل أن ترفع عينيها تطالعها برجاء مجيبة:

+

– افهميني يا رنا، الأمور ما تتاخدش بالشكل دا..

+

قطبت رنا قبل أن تهتف باستنكار وقد داهمها شعور غير مريح من جواب أمها، فهي لم تنفي أنها ترفض عرض هذا الـ.. شاهين:

+

– أومال بأي شكل يا دكتورة فريدة؟.. ماما حضرتك عودتيني دايما على الصراحة فما تزعليش مني.. اللي أنا حاسّاه دلوقتي من كلامك انك بتفكري.. وطالما بتفكري يبقى الموضوع بيحتمل الموافقة أو الرفض، مع أنه ما يحتملش في رأيي الا شيء واحد بس…

+

سألتها فريدة بلا تعبير:

+

– وإيه هو الشيء دا يا ترى؟..

+

رنا بجدية تامة:

+

– الرفض!!!..

+

فريدة ببرود صقيعي:

+

– ليه؟..

+

شهقت رنا وقد فوجئت بسؤال أمها وهتفت باستهجان:

+

– ليه.. إيه يا ماما؟..

+

كررت فريدة بجمود:

+

– ليه الرفض دا الجواب المنطقي بالنسبة لك؟.. مع أنه المنطق بيقول أنه لازم أفكر، والعقل بيقول أني… أوافق!!!!

+

نطقت فريدة بآخر كلمة لها وهي تسلط عينيها على ابنتها التي شحب وجهها تماما قبل أن تتحدث بتلعثم تام:

+

– تتـ.. تو… توافقي!!!!

+

أومأت فريدة بالايجاب قائلة بهدوء مدروس:

+

– لو فكرنا من الناحية العملية هنلاقي أنه الدكتور شاهين بيني وبينه حاجات مشتركة كتير، يعني طبيعة عملنا، العمر هو أكبر مني بخمس سنين ودا شيء ممتاز، حياة كل واحد مننا الخاصة، هو ابنه الوحيد مهاجر مع أسرته وعايش هنا لوحده، وانتي على وشّ جواز يعني بردوه عيش لوحدي، فلو فكرنا بالعقل هنلاقي أنه الدكتور شاهين فرصة ممتازة المفروض ما أضيّعهاش..

+

رنا بوجوم وهي تسرح بعينيها في الفراغ:

+

– معنى كدا انك موافقة؟.. أو ممكن جدا توافقي، طالما هتفكري يبقى عندك احتمال انك تقبلي، لأنه لو حضرتك رافضة المبدأ نفسه كنت رفضتي عرضه في وقتها!!..

+

        

          

                

زفرت فريدة بتعب ثم أجابت وهي تشير الى المقعد بجوارها تدعو ابنتها الى الجلوس:

+

– تعالي يا رنا يا حبيبتي، اقعدي جنبي وخلينا نتكلم بهدوء، ممكن؟..

+

وكالمنوّمة جلست رنا بدون كلام وهي شاردة أمامها في حين طوقت أمها بذراعها كتفي ابنتها ومالت عليها قائلة في حنوّ:

+

– اللي عايزاكي تكوني متأكدة منه يا حبيبتي أني عمري ما هعمل حاجة غصب عنك، ولازم أنت تكوني موافقة قبل منِّي، ولو – وسكتت لهنيهة تسحب نفسا عميقا قبل أن تواصل شاحذة همتها مخرسة أي صوت يشجب ما تنوي الإدلاء به  بداخلها – ولو عندك مانع يبقى خلاص.. ولا كأن فيه حاجة حصلت!!..

+

التفتت رنا اليها تطالعها بذهول هامسة بأسى:

+

– بالسهولة دي يا أمي؟.. أنا مش طوبة يا ماما مش بتحس بيكي ولا أنا أنانية لدرجة ما يهمنيش الا اللي انا عاوزاه وبس.. لأ… الموضوع مش سهل زي ما حضرتك فاكرة!!!

+

رفعت فريدة ذراعها تضع يدها فوق عينيها وهتفت بقنوط:

+

– أومال إيه بس يا رنا؟.. تعبتيني يا بنتي، أنتي لا منك موافقة على أني أفكر حتى ولا منك رافضة أني أرفض الموضوع كله!!.. أعمل إيه؟.. 

+

ثم أزاحت يدها من فوق عينيها ونظرت اليها تطالعها برجاء مردفة بهمس:

+

– إيه اللي يرضيكي يا رنا وأنا أعمله، لأني تعبت!!.. فعلا.. تعبت!!!…

+

وكأن تساؤل والدتها الأخير كان هو القشة التي قصمت ظهر البعير إذ سرعان ما صاحت وقد تشققت قشرة تماسكها الواهية وهتفت ودموعها تغرق وجهها:

+

– عايزة تعرفي إيه اللي يرضيني بالظبط يا ماما؟.. 

+

نظرت اليها والدتها على حالة الانهيار التي تراها عليها لأول مرة فيما واصلت رنا بصوت متقطع باكي:

+

– اللي يرضيني أني أرجع وسطكم أنتي وبابا من تاني، عاوزة نرجع نعيش احنا التلاتة سوا زي الأول!!!…

+

ليشحب وجه فريدة فيما واصلت رنا بابتسامة حزينة وسط دموعها المنهمرة:

+

– تصدقي أني كتير أوي قبل ما أنام بدعي ربنا أنه كل اللي أنا عايشاه فيه دا يطلع حلم ولما أصحى ألاقيكي أنتي وبابا معايا من تاني؟.. ألاقيكي بتصحيني عشان اتأخرت على المدرسة وبعد ما تخرجي من الأودة يدخل بابا أتحايل عليه فيقولي هسيبك خمساية، نلاقيكي طبيتي علينا مرة واحدة وانت بتزعقي اني هتأخر على المدرسة وبتلوميه على دلعه ليا؟..

+

دمعت عينا فريدة بدورها وهي تشرد في الأيام التي تحكيها ابنتها فيما تابعت رنا بابتسامة ساهمة:

+

– ولما زميلتي في المدرسة تعزمني على عيد ميلادها وترفضي هو ما يقدرش يشوفني زعلانه ويتحايل عليكي لغاية ما توافقي، وفي أيام الامتحانات لما بيلاقيني مش قادرة أذاكر من قلقي، ياخدني ويدخل معايا سنيما ونتغدى بره وانتي تصرخي وتقوليله دي في اعدادية يعني شهادة هتبوظها كدا يقولك بابتسامته الحنينة ما تخافيش بنتي دي تربيتك انتي يا فريدة، عمرها ما هتقصّر رقبتنا أبدا، بس لازم فاصل اعلاني عشان تعرف تواصل، وفي الآخر توافقي وانتي بتنفخي وتخرجي معنا وندخل سنيما ونطلع نتغدى بره، بس للأسف… الخروجة كتير بتقلب نكد… – ابتسمت ابتسامة ساخرة صغيرة فيما غلف صوتها نبرة مرارة واضحة وهي تتابع – يعني.. لو الجرسون ابتسم مثلا وانت بتقوليى له طلبك يقعد ينفخ، ولو حصل وشوفنا زميل ليكي وقرّب مننا عشان يسلم عليكي وعلينا طبعا، على قلبة البوز اللي بتحصل، والكوميدي انه ممكن جدا زميلك دا يكون معاه مراته وولاده وتكون حاضرة السلام كمان!!… وطبعا القاعده تقلب بنكد، ولما نروّ؛ نبتدي الجزء التاني بقه، انتي لازم تسيبي شغلك، وانه بيتك وبنتك وجوزك محتاجين لك بشكل كامل، وطبعا حضرتك تضايقي، وتنقلب الليلة اللي ابتدت بضحك وفرح تنتهي بحزن وخناق…. وكل واحد فيكم ينساني خالص وتنشغلوا بخناقتكم وكل واحد فيكم ييجيب اللوم على التاني، وما تاخدوش بالكم من اللي اتسحّبت ودخلت أودتها تقفلها عليها وتحط راسها على المخدة ودموعها نازلة في سكوت وتايهة مش واخدة بالها أنه الأودة ضلمة وما فيهاش بصيص نور، وصوتكم كل مدى بيبعد، عارفة يا ماما كان بيحصل لها ايه بعد كدا؟..

+

        

          

                

نظرت اليها فريدة في تساؤل صامت بعينين تسبحان بدموع الندم والحسرة فيما أجابت رنا بأسى يقطع نياط القلوب فيما دموعها تنهمر كالمطر زخّاتٍ.. زخّات:

+

– كانت بتحضن نفسها وتتكور زي الجنين، والحاجة المدهشة أنه ما في مرة أكون فيها تعبانة أوي كدا إلا وألاقي ندى بتكلمني!.. كأن قلبها حاسس، عشان كدا ندى مش بس صاحبتي وأختي لأ.. ندى توأم عمري، احنا الاتنين جرّبنا مرارة الفقد.. هي في فراقها لمعتز الله يرحمه ودا شيء ما كان ليها يد فيه، وأنا.. في فراق أبويا وأمي.. ودا شيء بالتأكيد ليهم يد فيه!!!!!!!!!..

+

ونهضت بعد أن أنهت مصارحتها المؤلمة لكليهما والتي تأجلت طيلة اثنتي عشر عاما منصرفة فيما راقبت فريدة انصرافها بعينين لا تريان من غلالة الدموع الكثيفة التي تغشاها، وقبل اختفاء رنا نهائيا من أمامها قامت فريدة وهي تنادي ابنتها بصوت باك متكسّر:

+

– رنا….

+

وقفت رنا مكانها فتقدمت منها فريدة واستدارت حتى وقفت أمامها ورفعت يديها تحيط بهما وجه ابنتها الشديد الاحمرار وهي تقول من بين نهنهات بكائها الحار:

+

– أنا.. أنا آسفة يا رنا، سامحيني يا بنتي، بس والله العظيم الشيء الوحيد اللي أنا وعبد العزيز عمرنا ما اختلفنا عليه هو حبنا ليكي، يمكن.. يمكن حياتنا ما اتكتب لها انها تكمل واحنا مع بعض، مش هحاول أبرأ نفسي وأقولك أنه باباكي يتحمّل جزء كبير من المسئولية، يعني – حركت كتفيها بتعب متابعة – يمكن كان المفروض أكون صبورة أكتر من كدا، بس يا بنتي كل واحد مننا له حد معين، تمام زي الكوباية كل ما تمليها تاخد لغاية ما توصل لحدّها بتكُب كل اللي جوّاها بعد كدا.. ودا اللي حصل لي، وما انكرش بردو أنه حاول معايا كتير وكان رافض تماما موضوع الطلاق بس أنا مقدرتش، رنا حبيبتي.. مش معنى أني وبابا اتطلقنا يبقى خلاص.. لأ.. بيني وبين بابا ذكريات وأيام جميلة، عمرها ما تتنسي..

+

رنا بمرارة:

+

– وحب؟!!!

 فريدة بتأكيد تام:

+

– أكيد.. وحب!!.. حب شديد، كان نتيجته غيرة أشد!!.. عشان كدا صممت اننا نسيب بعض ولسّه كل واحد فينا محتفظ بذكريات حلوة للتاني، لأننا لو كنا استمرينا مع بعض كان مع الوقت الحب دا هيتحول لطوق يخنقنا، ما رضيتش أشيل جوايا منه ذكريات أليمة، وانفصلنا في هدوء، وكان شرطي انك تعيشي معايا، لأنك بنتي اللي مقدرش أعيش بعيد عنها ولو ليوم واحد، حاول كتير مش هنكر أننا نرجع لبعض لكن كان قلبي لسه موجوع، لأنه على قدر المحبة بيكون الألم، وقرر هو انه يكمل حياته مع واحدة ست تملى الفراغ اللي عايش فيه خصوصا وأنه كان لوحده خالص، أنتي معايا ومش بيشوفك الا في الاجازة، واتجوز وخلّف بدل الطفل اتنين، وحياته مشيت.. أنا تفكيري في شاهين مش طمع في الجواز.. لأ.. خوف من بكرة، أنا عديت الخمسين سنة، وانت في غمضة عين هييجي ابن الحلال اللي يستاهل جوهرة زيّك وياخدك وتبعدي عني، وقتها أنا هعمل إيه؟.. وهرجع وأقولك أني مش ممكن أعمل حاجة انت رفضاها، وعشان تكوني مطمنة أنا هرفض شاهين، ومش هفت حلك سيرة الموضوع دا تاني أبدا..

1

        

          

                

رنا بأسى:

+

– وتفتكري أنه دا يرضيني؟.. عارفة يا ماما.. أنتي حاطيتيني في اختبار صعب وقاسي أوي… بقيت بين نارين… نار أني أوافق وأشوفك وأنتِ خلاص بتكملي حياتك مع واحد تاني، ونار أنك ترفضي وأعيش بإحساس بالذنب أني كنت السبب في رفضك لفرصة ممكن تكون أكتر من ممتازة ليكي لو فكرنا فيها بالعقل.. وأنا هكون صريحة مع حضرتك.. أنا لغاية دلوقتي جوايا أمل صغير أننا نرجع نعيش احنا التلاتة مع بعض زي الأول!!!!

+

شهقت فريدة عاليا وأبعدت يديها عن وجه ابنتها وهي تنهرها هاتفة بذهول:

+

– رنا!!!.. أنت بتقولي إيه؟.. باباكي اتجوز وعنده عيال من مراته الجديدة، يعني خلاص.. مينفعش، هو اختار حياة جديدة أنا ماليش مكان فيها، لكن انتي هتفضلي بنته مهما كان..

+

رنا باستماتة ورجاء يائس:

+

– حتى لو كانت حياته الجديدة دي عذاب ليه؟..

+

قطبت فريدة وهتفت فيها باستهجان:

+

– رنا.. دي أمور مالكيش دعوة بيها…

+

ابتعدت رنا الى الخلف بضعة خطوات وهي تصيح عاليا بمرارة واضحة:

+

– أمور إيه اللي ماليش دعوة بيها؟.. بابا تعبان جدا ودا شيء واضح لأي حد، عمره ما حس معها بالسعادة، واللي سكّته عليها علاء وسمر، مش عاوز يكرر غلطته معهم تاني، قالي كفاية عليه احساسه بالذنب أنه اتخلى عنّا يا ماما… واللي بيعزيه أنه عارف أني في أمان معاك، لكن مراته مش حاسس بالأمان على عياله معها وهي معاه فما بالك لو انفصلوا بقه، هو بنفسه اللي قالي كدا…

+

فريدة بحزم:

+

– رنا… ممكن تقفلي الكلام في الموضوع دا؟.. خلاص.. باباكي وربنا يهدي له الحال، وحكاية أونكل شاهين انسيها أنا هرفض وانتيهنا!!..

+

لتقف رنا أمامها تجابهها بجدية:

+

– وغير شاهين؟..

+

دنت منها والدتها تكرر مقطبة في ريبة:

+

– وغير شاهين؟.. قصدك إيه؟..

+

رنا بحزم:

+

– قصدي أنه ممكن يكون فيه غيره كتير، لأنه كان فيه أساسا قبله ياما، وحضرتك لسه صغيرة، يعني عمرك مناسب لأي واحد في ظروف مشابهة لظروفك، وجميلة، وأستاذة جامعة، مكتفية ماديّا، يعني من الآخر عروسة لقطة للي في ظروف زي ظروف أونكل شاهين..

+

قاطعتها فريدة وهي تهتف بتعب:

+

– تعبتيني يا رنا، انتي عاوزة إيه بالظبط؟.. إيه اللي يريّحك؟..

+

رنا بغموض:

+

– ولو قلت لك على اللي يريّحني هتوافقي عليه؟..

+

فريدة بتوجس:

+

– طالما هترتاحي يبقى إيه المانع، بس أعرفه الأول..

+

رنا بحسم:

+

        

          

                

– اللي أنا عاوزاه أنك ترجعي لبابا، واللي يريحني أننا نرجع نعيش احنا التلاتة مع بعض في بيت واحد من جديد!!!!!!!!!..

+

لتشهق فريدة بغير تصديق هاتفة بصدمة:

+

– إيه؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!….

+

رنا ببرود:

+

– اللي حضرتك سمعتيه.. هو دا اللي يريحني.. فياريت توافقي..

+

فريدة بصرامة:

+

– تبقي اتجننت رسمي؟. أنا مش ممكن أخرب بيت حد – رفعت يدها تأمرها بالصمت حين لاحظت أنها تهمّ بمقاطعتها وأردفت بحزم شديد – مش معنى أننا أصحاب وبنتكلم بكل صراحة ووضوح انك تتخطي حدودك أكتر من كدا،وقبل فلسفة كدابة… ابابكي من لحظة طلاقنا أصبح رجل غريب بالنسبة لي، يعني أنا لو وافقتك على الجنان اللي انتي بتقوليه دا معنى كدا أني بسعى في خراب واحدة ما أذتنيش في حاجة، حتى لما اتجوزته هو كان طليقي مش جوزي، ولو على حياته اللي مش مرتاح فيها هقولك هو اللي اختارها، واللي اختار شيء يستحمل تبعاته للآخر.. فانسي خالص الجنان دا… أنا داخله أريّح شوية، من ساعة ما رجعت من السفر ما فصلتش..

+

واستدارت تستعد للتوجه الى غرفتها حين علا صوت رنا من خلفها تقول في برود:

+

– تمام.. زي ما حضرتك عاوزة، وأنا كمان من حقي أني أختار شريك حياتي زي ما أنا عاوزة… ولو عاوزة توافقي على الدكتور شاهين براحتك.. دي حياتك بردو وأنت أدرى بيها!!!

+

سكنت فريدة في مكانها للحظات قليلة قبل أن تستدير لتواجه ابنتها وهي تتساءل بعقدة جبين عميقة:

+

– شريك حياتك؟.. أنت جالك عريس يا رنا وأنا مسافرة؟..

+

رنا عاقدة ذراعيها تطالع أمها بغموض:

+

– العريس موجود من زمان، بس أنا اللي كنت برفض.. أنما خلاص.. حضرتك عندك حق، كل واحد فيكم انت وبابا ابتدى حياة بعيدة عن التاني أنا اللي لسّه بدور في فلك حياتكم القديمة ولازم أطلع من الدايرة ويبقى لي حياتي أنا المستقلة..

+

دنت منها فريدة وهي تتساءل في قلق فيما لا تدري لما ينبئها قلبها أن الاجابة لن تعجبها اطلاقا وتدعو الله ألا يكون ما طرأ ببالها صحيحا فوقتها تكون صغيرتها تلقي بيديها الى التهلكة لا محالة:

+

– ممكن أعرف مين العريس؟..

+

أسدلت رنا ذراعيها بجانبها وأجابت ببساطة:

+

– كريم… أخو طنط عفاف.. مرات بابا!!!!!!!

1

لتهتف والدتها بصدمة قوية:

+

– مين؟… كريم!!!!!!!!

+

رنا ببرود صقيعي وهي تهز كتفيها بلا مبالاة:

+

– مش شايفه أي داعي لاستغراب حضرتك، أنتي عارفة أنه طلبني أكتر من مرة..

+

قاطعتها والدة تصرخ بعنف:

+

        

          

                

– وكنتي بترفضيه في كل مرة!!.. دا غير أنه انسان فاشل وعاطل عايش على الفلوس اللي بتديهالو أخته شوية وأهله شوية، وأهم حاجة انك مش بتحبيه…

+

رنا بلا مبالاة:

+

– مش مهم، كل دا ممكن يتغير، ولو على الحب.. حضرتك وبابا كنتم بتحبوا بعض ومع ذلك انفصلتوا، يعني الحب ما كانش ضمان لاستمرار جوازكم، وندى.. اخدت إيه من حبها لمعتز الله يرحمه؟.. فراق ووجع وألم ورهنت نفسها لذكرياتها معاه وبتضيّع أحلى أيام عمرها من بين إيديها، يعني في الحالتين الحب ما نفعش أصحابه في حاجة، ولو على موضوع الشغل فأنا هشترط عليه أنه يشتغل ويبقى عنده دخل ثابت قبل ما نعمل أي حاجة رسمي…

+

فريدة بصدمة من تفكير ابنتها:

+

– بقه دا رأيك يا رنا؟.. يا بنتي كل اتنين ولهم ظروفهم، أنا وباباكي عمرنا ما كرهنا بعض، طلاقنا كان ضرورة عشان نحافظ على الاقل على علاقة الاحترام اللي بيننا وبين بعض، وندى ومعتز كان أمر الله اللي محدش يقدر يعترض عليه، انتى ليه مصرة تدمري نفسك..

+

رنا بجمود:

+

– حضرتك قلتي لكل واحد حياته، وأنا فعلا ابتديت أفكر أني ممكن جدا أبدأ مع كريم، ومش شايفه أي مانع أنى أخوض التجربة..

+

قطعت فريدة الخطوات الفاصلة بينهما سريعا وقبضت بيديها على مرفقي رنا وهتفت فيها وهي تهزها بقوة:

+

– يبقى اتجننت رسمي، وأنا لا يمكن أسيبك تدمري نفسك وحياتك بكل غباء، وبقول لك من الأول أهو.. أنا مش موافقة ولا يمكن أوافق، ومتأكدة أنه دا رأي باباكي كمان، فحطي عقلك في راسك كدا وبلاش جنان…

+

رنا بعناد شديد:

+

– وأنا آسفة يا ماما، دي حياتي أنا، وأظن أني مش صغيرة أنا واحدة عندي 28 سنة وأقدر أوزن الأمور كويس أوي..

+

صرخت فريدة وهي تكاد تجن:

+

– أنت عاوزة تجنيننني يا رنا؟.. بقه كريم دا أنتي مقتنعة بيه ولو واحد ع الالف؟.. 

+

ثم ضيقت عينيها وتابعت بنظرة قوية:

+

– أنت قصدك إيه باللي أنت هتعمليه دا؟.. عاوزة تعاقبيني عشان رفضت الجنان الي انتي قلتيه؟..

+

رنا وهي تحرك كتفيها بخفة وبمنتهى البساطة:

+

– ولا عقاب ولا حاجة يا ماما، ليه بتسميها كدا؟.. حضرتك قلتيها.. بابا بقه عنده حياة تانية وحضرتك من حقك يبقى لك أنت كمان حياة تانية، وأنا كمان المفروض أني أبص لنفسي بقه..

+

صرخت والدتها تقاطعها:

+

– مع كريم؟.. مالقيتيش غيره يا رنا؟..

+

رنا ببرود:

+

– وفيها إيه؟.. مش يمكن حاله يتصلح على إيدي؟..

+

أوشكت فريدة على الصراخ غضبا وغيظا وخوفا على هذه المجنونة التي لا تعلم الى أي هاوية تسير بقديمها وعينين مفتوحتين، سحبت نفسا عميقا ثم قالت محاولة تمالك نفسها:

+

        

          

                

– من الآخر يا رنا.. أنتي عاوزة إيه بالظبط؟..

+

رنا بهدوء:

+

– ترجعي لبابا!!!… نعيش احنا التلاتة سوا، الشرع محلل له أربعة، وزي ما هو مش عاوز يغلط نفس غلطته في حقي مع أخواتي حقي أنا كمان أعيش معاه ومع أمي زيّهم تمام!!!…

+

فريدة ببهوت:

+

– انتي.. انتي بتقولي إيه؟..

+

رنا بحزم لا يقبل النقاش:

+

– اللي حضرتك سمعتيه، نرجع احنا التلاتة نعيش سوا، انتو نسيتوا فرد مهم أوي عايش معكم لما انفصلتوا زمان، ودا للأسف غلط كبير أوي في حقي، لأني مش طوبة ولا كرسي تقرروا مصيرها من غير ما تسألوها ولا تشرحوا لها، وجِه الوقت اللي تصلحوا فيه الغلط دا، وأنا متأكدة أنه بابا نفسه في كدا انهرده قبل بكرة..

+

فريدة بتوجس:

+

– ولو رفضت؟..

+

رنا بهزة كتف لامبالية:

+

– براحتك حضرتك، عيشي حياتك زي ما حضرتك عاوزة، وبابا عنده حياته هو كمان، وأنا من حقي بردو أني أعيش حياتي زي ما أنا عاوزة…

+

فريدة باستفهام وريبة:

+

– مع كريم؟..

+

أومأت رنا ببساطة مؤكدة:

+

– أيوة.. مع كريم!!!

 سكتت فريدة مذهولة فيما همّت رنا بالانصراف قبل أن تلتفت الى والدتها تقول بهدوء لا تشعر بأدنى قدر ضئيل منه:

+

– يا ريت يا ماما وانتي بتفكري في موضوع الدكتور شاهين تفكري في الموضوع اللي قلت لك عليه، لأني مصممة أعيش حياتي بطريقتي.. حتى لو غلط!!!!!!!!

+

– انتي بتقولي إيه يا رنا؟.. انتي قلتي كدا لطنط فريدة؟..

+

أجابت رنا صديقتها ندى والتي هاتفتها منذ قليل تسب وتلعن في ذاك اليوسف الذي فاجئها بزيارة غي متوقعة لها في منزلها، لتكون المفاجأة من نصيبها هي وهي تلمس انهيار رنا الواضح في الهاتف وكأنها ما أن سمعت صوت صديقتها حتى أطلقت لنفسها العنان، قالت رنا من بين شهقات بكائها:

+

– أنا.. أنا مش عارفة أنا قلت لها الكلام دا إزاي؟.. بس أنا تعبت بجد يا ندى.. تعبت!!!

+

شعرت ندى بخوف أمسك بتلابيب قلبها على توأمها الروحي لما تراها عليه ولأول مرة من ضعف وانهيار لم تمر بها حتى في أقسى الظروف التي اجتازتها ومن أبرزها انفصال والديها وزواج والدها بأخرى تضمر لها الكراهية السوداء والحقد الأعمى، هتفت ندى بقلق شديد:

+

– طيب اهدي يا رنا، اهدي يا حبيبتي، وأنا مسافة السكة وهكون عندك..

+

رنا بصوت متقطع:

+

– ما.. ماتتعبيش نفـ.. نفسك يا ندى، هيحـ.. هيحصل لي إيه يعني؟.. وبعد.. وبعدين ماله كريم؟.. ما بقيتش فارقة خلاص.. لأني مش فارقة مع.. مع حد..

+

        

          

                

قطبت ندى وهتفت بها في هلع فرنا مقدمة على شفا انهيار نفسي حاد:

+

– رنا اسمعيني.. انتي قوية يا رنا… وكلنا جنبك بنحبك، باباكي ومامتك وأنا.. نسيتيني يا رنا؟.. دا أنتي اللي بتقويني..

+

رنا بصوت خافت ضعيف:

+

– مش قادرة يا ندى.. تعبت.. تعبت…

+

همت ندى بالرد عليها حين قاطعها نغمة تلقيها لمحادثة هاتفية أخرى، كانت قد سمعتها في وقت لاحق ولكنها لم تستقبلها، لتقطب وهي ترى الاسم يضيء أمامها، فقالت بأمر لرنا:

+

– ثواني يا رنا.. اوعي تقفلي..

+

واستقبلت المكالمة الثانية لتهتف بلهفة ما أن سمعت صوت محدثها:

+

– أنور معلهش مش هقدر أتكلم معاك.. مضطرة أقفل عشان لازم أروح لرنا حالا!!!!!!!

+

أنور بتقطيبة عميقة ونبرة قلق وتوجس:

+

– تروحي لرنا؟… دلوقتي؟.. الساعة 10 بالليل!!!!

+

ندى بلهفة محمومة وقد بدأت بالفعل في التفتيش في غرفة الثياب الملحقة بغرفتها عن ثياب لها استعدادا للذهاب الى رنا:

+

– مش وقت ليه خالص يا أنور.. اقفل أنت دلوقتي وأنا هبقى أكلمك..

+

أنور بتصميم قوي:

+

– لا.. هتقوليلي دلوقتي، إيه اللي يخليكي تنزلي في وقت زي دا؟.. أكيد فيه حاجة.. صح؟..

+

زفرت ندى بيأس وهي تجيبه بقنوط:

+

– أقولك إيه بس يا أنور، أول مرة أشوف رنا في حالة انهيار كدا، حتى لما باباها ومامتها اتطلقوا ما كانتش كدا، دي طنط عفاف على كرهها ليها وكلامها اللي زي السم عمرها ما وصلتها للحالة دي أبدا!!… هنزل أروح لها مش هقدر أسيبها كدا..

+

أنور بلهجة باترة:

+

– طيب اجهزي على ما آجيلك.. خمس دقايق وهرن لك تنزليلي، وابقي قولي لعمي عز وخالتي كريمة عشان ما يقلقوش عليكي وانتي نازلة لوحدك في وقت زي دا، عرفيهم أني معاكي.. 

+

لم تكد تمر عشر دقائق إلا وكان أنور يدق على هاتفها لتوافيه الى الاسفل، فعرجت في طريقها على غرفة والديها وطرقت الباب فهي تعلم أم والدها يسهر على قراءة كتاب ما فيما والدتها تهوى صنع المفارش اليدوية، دلفت اليهما وأخبرتهما ببضع كلمات أن رن تشعر بتوعك مفاجئ وأنها ستذهب اليها بصحبة أنور فاطمئنا بالفعل لعدم ذهابها بمفردها في هذا الوقت من الليل وحمّلاها تحيتهما لرنا ووالدتها ودعواتهما بالشفاء لرنا، لتركض بعدها ندى الى الأسفل لتلحق بأنور الذي أحرق هاتفها اتصالات وما أن صعدت الى السيارة وأغلقت الباب خلفها حتى هتف أنور بنزق:

+

– إيه.. كل دا بتلبسي وتستأذني من عمي…

+

ولم يترك لها الفرصة للاجابة لينطلق بسيارته على أقصى سرعة فيما جاوبته ندى بعدها:

+

        

          

                

– يا بني والله ما اتأخرت… يدوب على ما قلت لهم… المهم انا هكلم طنط فريدة أشوف رنا لأني كلمتها وأنا نازلة ما ردتش على موبايلها..

+

ضغطت بضعة أرقام لتسمع صوت فريدة وهو يجيبها مغلف برنة حزن واضحة، بعد بضعة كلمات بسيطة سألتها ندى عن رنا لتتجه فريدة الى غرفة الاخيرة وتطرقها عدة مرات ولكن ما من مجيب فأدارت المقبض ودخلت وما هي إلا ثوان حتى سمعت ندى صرخة فريدة واضحة حتى أنها وصلت أسماع أنور الذي نظر الى الهاتف في يد ندى بذعر فيما هتفت ندى بهلع:

+

– يا طنط.. فيه إيه اللي حصل؟.. ألو.. يا طنط..

+

لتسمع بعد ثوان خالتهم ساعات صوت فريدة وهو يقول بلهفة شديدة:

+

– الحقيني يا ندى يا بنتي.. رنا مش بترد عليّا ومش عاوزة تفوق خالص!!!

 ندى بحسم:

+

– مسافة السكة يا طنط، هنجيب دكتور ونيجي على طول..

+

لم ينتظر أنور انتهاء المكالمة فما ان سمع بصرخة فريدة حتى كان قد استقر رأيه على الإتيان بالطبيب، ليهاتف طبيب العائلة يخبره بعدة كلمات مقتضبة أنه سيمر عليه لاصطحابه لفحص حالة طارئة، وفي أثناء ذلك ورده اتصال هاتفي من يوسف فألغاه، فهو ليس في مزاج يسمح بتبادل الحديث، ولكن يوسف أصر، فاضطر لتلقي المكالمة بعد الاتصال الثالث، وما أن فتح الخط حتى انهال عليه يوسف حانقا:

+

– انت يا بني آدم انت بتكنسل عليّا؟.. ايه اللي حصل؟..

+

زفر أنور بضيق وقال بحزم استغرب له يوسف للغاية فليس من عادة أنور مخاطبته بتلك الجدية المخلوطة بالحزم:

+

– جو.. مش طالبة خالص دلوقتي…

+

جو بعناد شديد وقد صمم على معرف ما سبب التغيير الذي طرأ على صديقه:

+

– أنور في كلمة ونص.. انت فين ومش بترد ليه؟.

+

أنور بجمود وعيناه مسلطتان على الطريق أمامه:

+

– أنا رايح أجيب الدكتور عشان ندى قالت لي.. ألو… ألو….

+

وأبعد الهاتف عن أنه يسترق النظر اليه ليتمتم بلعنة من بين شفتيه:

+

– يوووه.. الشبكة واقعه هنا، مش هخلص منه أنا عارف، دلوقتي يفتكر أني قفلت في وشّه قصد!!.

+

وزفر بحنق ليلقي بالهاتف جانبا، فيما انشغلت ندى بالدعاء لصديقتها…

+

وصلا برفقة الطبيب الى منزل رنا ليدق أنور جرس الباب وما هي الا لحظات وفتحت سعدية الخادمة الباب، فاندفعا الى الداخل يتبعهما الطبيب بينما سألتها ندى عن رنا، ولم تكد تنهي سؤالها حتى أبصرا طبيبا يسير باتجاههما يرافقه رجل طويل ذو وسامة ملحوظة والذي لم يكن سوى شاهين والذي عرفته ندى فورا، ليلقي عليها لسلام، فيما صافح الطبيب شاكرا، والتفت الى ندى قائلا بابتسامة:

+

        

          

                

– تعبت نفسك يا ندى، أنا جبت لها الدكتور والحمد لله طمنّا…

+

ليقاطعه أنور بخشونة وهو ينظر اليه بريبة وحدة:

+

– معلهش حضرتك تبقى مين بالظبط؟.

+

وكزته ندى بمرفقها فهذا ليس وقت غيرة البتة ولا أسئلة سخيفة، ولكن شاهين لم ينتبه للعداوة الظاهرة على أنور وأجاب:

+

– كنت بكلم فريدة بالصدفة أطمن عليهم اتفاجئت بيها منهارة من العياط وفهمت انه رنا مغمى عليها، ولحسن الحظ جاري دكتور فجبته يكشف عليها…

+

ندى بقلق:

+

– وقال ايه الدكتور؟.

+

شاهين بهدوء:

+

– انفعال عصبي، واضح انها واقعة تحت ضغط نفسي رهيب، الدكتور قال تنام كويس، وتبعد عن أي انفعالات وهي هتكون كويسة ان شاء الله..

+

الطبيب المرافق لأنور وندى:

+

– طيب أعتقد أنا كدا أستأذن يا أستاذ أنور أنت والآنسة ندى؟..

+

أنور بتصميم:

+

– لا يا دكتور، معلهش حضرتك هتكشف على رنا.. يعني عشان نطمئن أكتر..

+

وبالفعل سبقته ندى التي طرقت الباب ودخلت بمفردها أولا وما هي الا ثوان وسمحت للطبيب بالدخول والذي أخبرهم بنفس تشخيص الطبيب الأول ما أن خرج، فشكروه وطلب أنور له تاكسي العاصمة ليعيده الى منزله، وقبل أن يتفوه أنور بسؤاله الذي يقض مضجعه وهو لماذا؟.. فاجئهم رنين جرس الباب لتفتح سعدية، وما ان ظهرت شخصية الطارق حتى شهقت ندى بذهول فيما حدق أنور بغير تصديق، فأمامهما كان يقف يوسف برفقة طبيب… ثالث!!!!!!!…

+

ما أن لمح يوسف ندى حتى هرع اليها وهو يهتف:

+

– خير يا ندى… فيه إيه؟..

+

قطبت ندى وقد ارتابت لصوته الملهوف، فيما قاطعه أنور بذهول:

+

– انت عرفت منين ان أنا هنا؟…

+

نظر اليه يوسف بلوم وأجابه بسخرية:

+

– البركة في الست الوالدة، كلمتها أسألها عليك بعد الخط ما اتقطع وغلبت أكلمك يقول لي مغلق… وهي اللي أدتني العنوان هنا…

+

ندى باستفهام وتوجّس:

+

–  وانت جيت عشان كدا؟.. ليه يعني؟.. وطالما كلمت طنط فاتيما يبقى اكيد عرفت أنه مش أنا اللي تعبانه..

+

يوسف بزفرة راحة حاول كتمها فحبيبته ها هي تقف أمامه لم يصبها أي سوء كما كان يظن:

+

– أنا كل اللي سمعته من البيه دا… ندى ودكتور، وخالتك قالت لي راح لندى وقالت حاجة عن تعب ورنا بس أنا ما ركزتش، افتكرت أنك تعبتي وانتي عند رنا، وبعدين انتي ايه اللي تاعبك اني جيت؟.. كنت جيت لكم بيتكم يعني؟.. تصدقي اللي يشوف مقابلة عز بيه وكريمة هانم ما يصدقش أبدا انك بنتهم!!!

+

        

          

                

ندى بغيظ مكتوم:

+

– وليه يعني ان شاء الله؟..

+

يوسف ببرود وهو يختلس النظر اليها بينما عيناه ترغبان في التهام صفحة وجهها:

+

– كرم الضيافة يا أستاذة!!!.. انتي ما شوفتيش نفسك قابلتيني ازاي؟؟..

+

ندى بتحد:

+

– والله الضيوف تستأذن قبل ما تيجي.. مش تطب من غير معاد!!..

+

هتف يوسف بحنق:

+

– تصدقي انك واحدة مستفزة؟!!.. لكن بسيطة يا ندى…. تتعلمي من أول وجديد..

+

ندى بحنق:

+

– هو إيه دا بقه اللي هتعلمه ان شاء الله؟..

+

همّ يوسف بالكلام ليقاطعهما أنور هاتفا بحدة:

+

– باااااااااااااااااااااااااس!!!!!!!!!!!!!!!!..

+

ليصمت الاثنان على مضض في حين زفر انور بحنق ليتدخل شاهين في الحديث لأول مرة منذ حضور يوسف رغبة منه لتغيير جو التوتر السائد:

+

– شكرا لاهتمامك يا بني… بس احنا فعلا جبنا لها اتنين دكاترة…

+

أنور وهو لا يدري لما لا يستطيع هضم هذا الرجل الواقف أمامه، فقد يكون لأنه يشعر أن الأخير متحاذق أكثر من اللازم؟.. ليقول أنور بفظاظة:

+

– ومالو لما يكشف عليها كمان دكتور.. أقله نطمن عليها..

+

وبالفعل رافقت ندى الطبيب والذي أخبرهم بنفس تشخيص الطبيبين السابقين، وما أن همّ شاهين بأن يعرض عليهم الانتقال لغرفة الجلوس ففريدة تلازم ابنتها وتبدو في واد آخر، فأراد أن يعرض عليهم الذهاب الى غرفة الجلوس عوضا عن وقفتهم بجوار باب المنزل، حتى تعالى رنين جرس الباب بالحاح شديد هذه المرة فاسرعت سعدية لفتح الباب وكانت المفاجأة…. عبد العزيز ومعه… طبيب راااااابع!!!!!!!!!!..

6

اتجه من فوره الى ندى وأنور دون أن ينتبه الى يوسف أو شاهين وسأل أنور بلهفة:

+

– ها يا أنور طمني.. رنا عاملة إيه دلوقتي يا بني؟..

+

أنور بهدوء يريد طمأنته:

+

– اطمن يا عمي، شوية تعب ويروحوا لحالهم ان شاء الله، الدكتور قال تاكل كويس وتنام كويس وبلاش شغل جامد الفترة دي…

+

عبد العزيز بقلق أبويّ:

+

– خير.. خير.. كل اللي ييجي من ربنا خير أكيد….

+

مالت ندى على أنور تهمس اليه وهي تميل بفمها الى اليمين حيث يقف بجانبها:

+

– انت قلت له ازاي؟..

+

أنور بهمس مشابه:

+

– كلمني أول ما قفلت معاكي، وغلطت في الكلام معه وقلت له أني هروح أجيب دكتور لرنا معاكي فصمم انه هو كمان هيجيب دكتور وييجي…

+

        

          

                

ليقاطعهما صوت يوسف وهو يميل على أذن أنور من الناحية الأخرى هامسا بشراسة من بين أسنانه المطبقة:

+

– امشي بعيد عن ندى!!.. مالك لازق فيها كدا ليه؟.. لا ومش بس كدا… وشوشة قودام أبو رنا وقودام الدكتور… اتفضل لمّ نفسك بدل ما ألمّك أنا!!!…

+

كان عبد العزيز قد انتبه الى شاهين ليمد يده للسلام عليه قائلا وهو يتفحص هيئة الأخير:

+

– أهلا وسهلا.. معلهش ما أخدتش بالي كنت مشغول على رنا..

+

شاهين بدبلوماسية تامة:

+

– رنا تستاهل فعلا أي حد ينشغل بها، شخصية في منتهى الجمال، ربنا يخليهالك يارب..

+

شعر عبد العزيز بالفخر ليقول بعدها:

+

– شكرا.. انما حضرتك مين؟.. ما اتشرفناش؟..

+

لتجيب ندى بتردد بسيط:

+

– دا الدكتور شاهين.. زميل طنط فريدة..

+

ليعلو صوت خرج ثابتا بالرغم من ضعفه يقول:

+

– وعريسها يا بابا!!!!!!

 ليلتفت الجميع الى رنا التي وقفت تهتز قليلا في وقفتها فيما تسندها سعدية، بينما وقفت فريدة بالقرب منها حيث كانت تسندها من الجهة الأخرى ولكنها ما أن سمعت ما قالته ابنتها حتى اصيبت بالذهول التااااااااااام، وكتمت شهقة صدمة واضعة يدها على فمها، فيما كان الخرس والجمود من نصيب عبد العزيز الذي سرعان ما حرك رأسه مرارا وتكرارا من اليسار الى اليمين كي يجلي عقله وهو يردد في نفسه:

+

– عريس لفريدة!!!!!!!!

1

وقبل أن يتساءل قاطعهم صوت رنين جرس الباب ليسارع شاهين هذه المرة بفتح الباب فيدلف آخر شخص توقعوا رؤيته، دخل بضوضاء كبيرة كعادته دائما، ليسير اتجاهها بعد أن أغلق شاهين الباب ووقف أمام رنا يقول بابتسامة عميقة:

+

– أنا ما صدقتش نفسي لما كلمتيني.. صدقيني يا حبيبتي.. مش هتندمي أبدا أبدا أبدا….

+

سارت ندى الى رنا في حين وقف أنور يكبت بصعوبة غضبه المتفجر في أوردته من هذا الوقح الذي ينادي رنا بـ “حبيبته” دون مراعاة لتواجد والدها في المكان، همست ندى لرنا تسألها:

+

– انت كلمتيه أمتى دا؟..

+

رنا بصوت ضعيف:

+

– قبل ما تكلميني أنتي على طول وأحكي لك على اللي حصل، من الآخر أنا هحطهم قودام الأمر الواقع.. ويا يسلموا.. يا سلّم أنا أنه أي حاجة تحصل لي بعد كدا مش هتبقى فارقة كتير…

+

هدر عبد العزيز بحدة وقد وجد في كريم متنفس لغضبه:

+

– أقدر أعرف انت هنا بتعمل إيه؟..

+

ليسير كريم حتى وقف بجوار رنا بعد ان ابتعدت سعدية عنها وهتف بحبور وهو يشير الى نفسه بغرور والى رنا بنصر:

+

– ازاي يا عمي ما أجيش وفي وقت زي دا؟.. عاوزني أسيب خطيبتي تعبانه وما أسألش عليها؟..

+

الجميع وقف فاغرا فاه والذهول يطغى على ملامحهم ليفيق عبد العزيز متسائلا بغير تصديق:

+

– ها؟.. خطيبتك!!!!

+

كريم بظفر:

+

– أيه انتو متعرفوش ولا إيه؟.. رنا من شوية بس لسّه مكلماني  وقالت لي أسعد خبر في الدنيا.. انها وافقت على خطوبتنا… لكن أنا حاسيت من صوتها انها تعبانة شوية وعشان كدا جيت على طول ومعايا الدكتور!!.

2

وأشار الى الطبيب المرافق له الواقف بمحاذاة الآخر الذي قدم مع عبد العزيز، وبينما رنا تقف في وهن شديد نظرت الى أمها مليا قبل أن تنقل نظراتها الى والدها لتقول في هدوء شديد:

+

– بارك لماما يا بابا… الدكتور.. سوري.. أونكل شاهين خطبها…

+

عبد العزيز بصدمة جمدته:

+

– خطبها!!!..

+

لتردف رنا وكأنها لم تسمعه:

+

– وباركوا لي أنا كمان.. أنا وافقت على كريم، ويا ريت يبقى جوازي أنا وماما في ليلة واحدة عشان مافيش واحدة فينا تسيب التانية لوحدها!!!!!!!!!..

+

ليهتف كريم منتشيا وهو يقبض يده اليمنى ويحركها بقوة الى الاعلى والاسفل عدة مرات:

+

– ييييس.. ييييس.. …Yes, Yes 

+

في حين تبادل الآخرون النظرات فيما بينهم، ما بين مصدومة وأخرى مذهولة وثانية غير مصدقة وثالثة مجروحة وبعمق، فيما منهم من أقسم بأغلظ الأيمان أن رنا أبدا لن تكون لسواه… وأنها بما فعلته فقد أحضرت شياطينه كلها… ولنرى كيف ستصرفها، فقديما قالوا “اللي حضّر العفريت… يّصرفه”!!!!!!!!!…

+

                                – يتبع-

+





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى